| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 2 / 11 / 2024 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
قانون رئاسة الاقليم الذي يمهد للحرب الاهلية
سعد السعيدي
(موقع الناس)في الاعلام وتحديدا من موقع العالم الجديد بتاريخ 23 من هذا الشهر قد اطلعنا على خبر انتهاء انتخابات برلمان الاقليم. وهي قد ادت الى عدم حصول أي طرف سياسي على النسبة التي تمكنه من تشكيل الحكومة لوحده. ومع هذه بداية ازمة تتمثل بآلية انتخاب رئيس الإقليم، وباية اغلبية سيتم حسمها. واظهر الخبر جدلا من بعض الاكراد ممن توهم بكونه خبيرا قانونيا بان ما ينطبق على رئاسة الجمهورية، ينطبق على رئاسة الاقليم، حيث سيحتاج الاخير إلى أغلبية الثلثين. بينما جادل متوهم آخر بان مواد قانون رئاسة الإقليم هي ما يحدد آلية انتخاب الرئيس.
كنا قد كتبنا في السابق عدة مقالات حول الاقليم وعن ضرورة تشريع قانون بشأنه لازالة الغموض حوله في الدستور، احداها بعد فشل محاولة الانفصال. وكانت هذه المقالات في معظمها تدور حول الخطل في العلاقة مع الدولة الاتحادية حسب ما يستنتج من مواد الدستور. ولم نطرح في تلك المقالات امر منصب رئيس الاقليم وقانونه الذي سنقوم به هنا. فهذا القانون هو احد تجليات خطل العلاقة مع الدولة الاتحادية.
نعيد هنا تأكيد ما قلناه في كل مقالاتنا السابقة من إن استحداث رئيس للاقليم هو امر غير مقبول. ونضيف عليه بكونه يعتبر استهتارا بالدولة وبالدستور الاتحادي. إذ لا يمكن ان يوجد في اي بلد رئيسين يكونان بصلاحيات متضاربة ودون تحديد اولوية اي منهما على الآخر. وهذه الرئاسة قد استحدثت العام 2005 في نفس عام كتابة الدستور العراقي. والامر كان واضحا من انه كان يهدف من الاستفادة من المادة (117) الدستورية المتعلقة بالاقليم الكردي والقائلة باعترافها بقوانين الاخير الصادرة منذ العام 1992. وهو لا يكون إلا تلاعبا وعملا بالتالي غير قانوني وكان يتوجب رفضه. إذ ان تشريع القانون بعد اصدار الدستور الاتحادي كان سيفقده الغطاء القانوني الضروري. ورئيس البلد هو رئيس الجمهورية المذكور في الدستور ولا من رئيس آخر غيره، وحيث لن يقبل العراقيون بآخر غير مذكور في الدستور تكون علاقته بهم متوترة. كذلك فبعد فشل محاولة الانقلاب على الدستور والدولة المعروفة باسم محاولة الانفصال الفاشلة جمد الاكراد هذه الرئاسة لسنتين قبل ان يعيدوا العمل بها مرة اخرى. وهذا يعني انه لا يوجد اجماع داخل الاقليم على ضرورة وجودها. وانه من الواضح بان هذا التجميد ما كان ليحصل اصلا لو ان مثل هذا الاجماع كان موجودا. ويبدو امر رئاسة الاقليم مع هذا التجميد وكأنها مجرد العوبة حسب مزاج هذا وذاك. وهي على هذا لابد من إلغائها. فالمناصب والقوانين لا تستحدث ولا تشرع وفقا للامزجة. ايضا يكون هنا واضحا من ان رئيس الاقليم يقوم في الحقيقة بتقليد رئيس النظام الدكتاتوري السابق الذي كانت له قواتا عسكرية تحت تصرفه الشخصي. وهو امر ليس من الديمقراطية من شيء حيث ايضا لا نفهم سبب استرجاع نفس هذا التصرف في الدستور الجديد مع وضع قوات عسكرية تحت التصرف المباشر لرئيس الوزراء الاتحادي.
وقد ذهبنا للبحث في الكوكل عن تفاصيل قانون الرئاسة الكردي هذا. إذ اننا قد تعلمنا عدم الثقة بالاكراد والارتياب باية مزاعم يطلقونها. وكان ارتيابنا في محله. فلدى التدقيق في مواد القانون عثرنا على بند مثير للسخرية يوضح خطل العلاقة الآنفة ويفسر كيف تتجاوز قوات الاقليم لحدوده وخروجها منه عدة مرات لاحتلال المحافظات الاتحادية. هذا البند هو المادة (11) من قانون الرئاسة هذا. فهذا البند يقول بان من ضمن صلاحيات رئيس الاقليم هو تحريك قوات البيشمركة الى خارج حدود الاقليم. وطبعا لما يحتوي مثل هذا القانون على مثل هذه البنود فانه لن يذكر الدولة الاتحادية ولا علاقته بها بحرف، ولا عن كون الاقليم جزء من العراق. فهو يؤسس لتجاوز الاقليم على الدولة الاتحادية والتغول عليها مثلما رأينا في السابق. ويتوضح من كل هذا بان رئاسة الاقليم قد ابتكرها مسعود البرزاني لتوفير غطاء قانوني مدعوم بالدستور لرغباته في الاستحواذ على اية اراضي تحتوي على النفط او اية ثروات اخرى خارج اقليمه. وهذه الاراضي هي ما رتب له في الدستور تحت عنوان اراض متنازع عليها مع المادة (140) المضافة الى نص الدستور سرا وبشكل غير مشروع دون اعلام العراقيين بالامر. ورغبات البرزاني هذه تتماشى ويا للصدفة مع اية اجندات يطلب داعميه من خارج الحدود تنفيذها منه. عجبا لم نسمع من الاكراد الآنفين ممن توهم من كونه خبيرا في القانون شيئا عن هذه الامور غير المشروعة ؟
إن قانونا بهذا الشكل يجعله غير مشروع بالمطلق وعدائي يهدف لاشعال حروب اهلية في البلد. وهو بهذا لا يمكن قبوله كقانون في العراق الاتحادي ويتوجب الغاؤه. نتعجب الصمت حوله وعدم كشف امره من اي كان من نواب المجلس الاتحادي ولا من السياسيين الذين حكموا في العراق منذ ذلك العام. بعد هذا التجاوز مع هذا القانون ينبغي اجراء تدقيق لكل قوانين الاقليم وقوانين مؤسساته من قبل مجلس النواب الاتحادي للتأكد من مشروعيتها وعدم تجاوزها على الدستور ولا تهدد السلم الاهلي ولتكون بالتالي مقبولة وقابلة للتطبيق. فالقوانين توجد لاجل تنظيم العلاقة بين المؤسسات المختلفة على اساس الانتماء للوطن الواحد، لا لخلق خلافات مما يمكن ان يؤدي الى توترات سياسية وحروب اهلية. والقوانين التي لا تحصل على القبول الاتحادي تشطب فورا او تحال الى المحكمة الاتحادية للبت فيها مثل المادة (11) الآنفة.
ختاما نطالب بالاحالة الى القضاء للتحقيق معه كل من تواطأ وصمت عن هذا القانون وبنوده وكذب وضلل العراقيين بشأنه. ويشمل هذا جميع اعضاء مجلس النواب الاتحادي ورؤوساء الجمهورية ورؤوساء الحكومات ورؤوساء السلطة القضائية ورؤوساء الاحزاب المختلفة ممن رام بهذه الاساليب تحقيق مآرب خاصة على حساب المصلحة الوطنية وصولا الى المجلس الحالي واولياء الشأن من السياسيين الحاليين. فالصمت عن تجاوز مثل هذا يعتير تآمرا على العراقيين وحنث باليمين الدستورية وربما ايضا الخيانة العظمى.