|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  18  / 10 / 2019                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

ما البديل عن مجالس المحافظات ؟

سعد السعيدي
(موقع الناس)

توضيح : جرى الانتهاء من كتابة هذه المقالة قبل قرار مجلس النواب بتجميد عمل مجالس المحافظات.

من المقرر ان تجرى في العام القادم الانتخابات المنتظرة حول مجالس المحافظات. والمجالس الحالية هي منتهية الولاية منذ سنتين كونها انتخبت العام 2013.

للتذكير لم تؤسس هذه المجالس او الحكومات المحلية لخدمة العراقيين او لغاية اكتمال النظام الديمقراطي. إنما للتمهيد لتفكيك العراق وتقسيمه الى كيانات صغيرة او اقاليم. فقد خصص في الدستور فصلا كاملا يوضح فيه كيفية تكوين اقليم من محافظة او اكثر. وفي هذا الفصل جرى تحديد كيفية انتخاب ادارات المجالس وحقوق وامتيازات اعضائها بالتوازي مع تحديد اهداف انشائها لتتماشى مع اهداف انشاء الاقليم. ولضرورات التهيئة لتفكيك نظام الدولة الاداري المركزي اضيفت العوبة اللامركزية.

كان يجب قبل التهيئة لانتخابات مجالس المحافظات طرح الاسئلة حول البديل عنها اولا. إذ قد لمس المواطنون انعدام فائدتها منذ وقت طويل. والتظاهرات الشعبية المستمرة منذ سنوات في المحافظات هي خير دليل. فإن رغب المواطنون بمقاطعة انتخاباتها وهو حق لهم فمن الضروري ان يكون الامر مع تهيئة البديل. فالمقاطعة لن تلغي هذه المجالس ، لكن إن جرت اعتباطا فقد تكون نتيجتها كتلك النيابية التي جرت العام الماضي والتي اعطتنا مجلس النواب الحالي المستنسخ تقريبا عن السابق.

ربما يكون احد الاسئلة هو كيفية الحصول على مجلس محافظة مثالي مع كل هذا التاريخ غير الايجابي. فمن غير الممكن الاستمرار مع مجالس المحافظات بشكلها الحالي المؤسس اصلا لاقامة الاقاليم وتقسيم البلد. وهذه الفكرة التي كانت اساس قانون المحافظات قد فشلت بشكل ذريع وهي التي انتجت هذه المجالس الفاشلة. لذلك يجب التفكير باعادة تشكيلها مع اعادة تحديد اهدافها قبل اجراء انتخاباتها. فإن اردنا تطبيق الديمقراطية كما يجب فلا بد من سؤال مواطني المحافظات عما يريدونه من مجالس محافظاتهم. وما يريده المواطنون حتى الآن هي التشغيل والخدمات والتنمية الاقتصادية. فهي مما لم يروا لها من اثر. إذ بدلا من خدمة سكان المحافظة تحول هدف المرشحين للوصول الى مجالس المحافظات الى سباق للحصول على المغانم بطريق امتيازاته. ومع الصلاحيات الكبيرة الممنوحة لهذه المجالس والتي استغلت للابتعاد عن السكان تحولت هذه الى مصدر لتكوين الثروات الشخصية في استنساخ للفساد الضارب في مجلس النواب.

كذلك فمع اعادة تحديد اهداف هذه المجالس يجب إلغاء العوبة اللامركزية. إذ جرى في الدستور تعمد عدم تحديد الصلاحيات المراد نقلها للمحافظات. وترك الامر للتأويل الشخصي لرؤوساء الوزارات. ولا يريد اي من السياسيين اثارة الموضوع وتسليط الانتباه عليه حيث يفضل الجميع التزام الصمت. وبدلا من نقل الصلاحيات الاتحادية الى مجالس المحافظات بشكل فوضوي ربما يكون الافضل من ضمن التعديلات المزمعة وضع فرض رقابة المجالس على تطبيق القوانين الاتحادية المتعلقة بالتشغيل وتوفير الخدمات والتنمية الاقتصادية. ويكون هذا متوازيا مع تقليل اعداد اعضاء المجالس الحالية بالنظر لفترة عملهم الفعلية مع الغاء امتيازاتهم وتخفيض سقف رواتبهم الى النصف على الاقل. من المهم طبعا مشاركة المواطنين في تقرير كل هذه التعديلات وما يرونه مناسبا بشكل حر وعلني ، لا كما تجري الامور حاليا بعيدا عنهم في الظلام.

لكن ربما يريد المواطنون الحل الاسهل وهو إلغاء هذه المجالس ويكونون في هذا ايضا محقون. والغاؤها هو ما كان يطالب به الكثيرين منذ زمن ليس بالقصير. إذ ان الفساد والمحسوبية قد استفحلا في هذه المجالس ولم تعد وسيلة لتحقيق مصالح المواطنين فصارت تعمل بلا هدف. وكما في الحالة السابقة يجب التفكير هنا ايضا بالبديل. ويكون هذا مثلا بانشاء دائرة او ادارة لمتابعة تنفيذ كل ما يتعلق بامور الخدمات وفرص العمل وتنمية الاقتصاد المحلي ينسب اليه موظفون اتحاديون من الوزارات المعنية ، ويديرهم محافظ معين من الدولة. ولا ازيد علما طبعا بان اعادة تشكيل هذه المجالس يستوجب القيام بتعديل قانون المحافظات بتشريع من مجلس النواب.

ان الحل هو بيد العراقيين في ما يتعلق بتحديد مصير هذه المجالس. وهو ما يجب ان يجري بنقاش علني في مجلس النواب عملا بفقرة الدستور القائلة بكون الشعب هو مصدر السلطات. فالوقت ثمين ومن غير الممكن الانتظار الى ما لا نهاية مع الاستمرار بنفس التجارب الفاشلة كما ترينا الاحداث هذه الايام.

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter