| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 17 / 4 / 2022 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
حول تشريع قانون العلم العراقي
سعد السعيدي
(موقع الناس)العلم العراقي هو ذاك العلم الذي يرمز الى الدولة العراقية كما هو معروف. وهو ككل الاشياء الاخرى المتعلقة بالبلد كان يجب ان يكون له قانون خاص به يثبت وجوده وشكله ويمنع التلاعب به مثلما كان الحال في العهود السابقة. وقانونه الذي لم يشرع بعد هو ما ذكرت المادة (12) من الدستور بوجوب تشريعه.
قبل الدخول في امر التشريع الذي قطعا سيجري بعدة جلسات نيابية لا بد من العودة الى تفاصيل مهمة بشأنه. فالعلم الحالي قد جرى الاتفاق عليه بعد عدد لا متناه من الجلسات النيابية بين الاعوام 2004 و2008. وخلال تلك الجلسات قد عرضت عدة افكار للعلم الجديد ساهم بها الكثيرين حتى من خارج مجلس النواب. ولم يجر الاتفاق على شكل العلم الحالي الذي سمي بالمؤقت ولمدة عام فقط إلا بعد جدل وتعسر كثيرين. وهذا الاتفاق الذي يتذكره غالبية العراقيين هو ان يكون العلم الحالي نفس علم النظام السابق مع لفظ الجلالة الذي اضافه رئيس النظام السابق لكن مع حذف النجوم. وهذه الاخيرة كانت السمة الرئيسية للعلم العراقي منذ فترة الحكم العارفي في منتصف ستينات القرن الماضي. بمعنى ان العلم الحالي لم يأت نتيجة جهد قام به اشخاص ذوي حكمة واخلاص. بل اتى نتيجة تسوية قام بها السياسيين الذين فشلوا في الاتفاق على صيغة اخرى جديدة للعلم فلجأوا الى تعديل طفيف على علم النظام السابق، حيث لم يكن اي من هؤلاء ملما باي شيء ولا عليما ولا حتى مهتما بالامر حقيقة. بل كان شديد الجهل حيث كان كل همه هو تحويل الدولة ومواردها الى ما يتمناه دون الاخذ باي اعتبار آخر. نضيف الى هذا بوجوب تشريع قانون العلم بعد حذف تسمية المكونات في الدستور والتي ذكرناها في المقالة السابقة، كيلا يؤخذ بها لدى تشريع القانون كونها ترمز للطائفية وتثير التمييز والتقسيم.
يريد غالبية العراقيين دولة عصرية تستجيب لمتطلبات الحياة من دون فرض لآراء ولا لتوجهات فئة معينة على الجميع. فهذه الآراء والتوجهات هي التي اعطتنا علم لفظ الجلالة الحالي. ونضيف القول بان العراقيين وعلى عكس ما فرض عليهم في الفترة السابقة لحظة الاتفاق على العلم الحالي، متفقون الآن بل ويطالبون هم وقواهم الناشئة وبعد التجارب التي عاشوها وما زالوا على وجوب فصل وابعاد الدين عن الدولة وسياستها.
ان الاساءة الكبرى الى الدين تكون لدى حشره في السياسة. وهي قناعة صارت في العراق مفروغا منها. فالدين هو خيار وتوجه شخصي، لا من مقتضيات السياسة ولا يجب ان يكون. فليس من وظائف الدين فرض اية آراء قسرا على الناس بالتوازي مع ادعاء فرضه ايضا كدين للدولة. والاساءة الاخرى له هي في تحويله الى اداة لخدمة مصالح هذا وذاك، وهو ما لا يمكن ان يكون. فهذا يؤدي دائما لان يصبح اداة لاثارة الانقسام والبغضاء.
لكل هذه الاسباب نرى بضرورة تعديل العلم الحالي وذلك بحذف لفظ الجلالة عنه واستبداله باي شيء آخر لدى تشريع قانونه. هذا التشريع الذي اشارت المادة (12) من الدستور على وجوب القيام به. فليس العلم الذي هو رمزا سياسيا هو المكان اللائق لهذا اللفظ، وما كان يجب ان يكون.