| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 15 / 6 / 2022 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
فاكت جَك او تدقيق سيرة المرشح الصدري لرئاسة الوزراء
سعد السعيدي
(موقع الناس)قبل ثلاثة اشهر نشر جعفر الصدر السفير العراقي في لندن والمرشح لتبوؤ منصب رئاسة الوزراء برنامجه لادارة الدولة بدعم من ابن عمه رئيس التيار الصدري. هذا البرنامج الذي قال عنه انه سيطبقه حال وصوله الى رئاسة الوزراء.
في الحقيقة يستطيع ايا كان ان يدّعي ما يشاء. لكننا في حالة الآنف كحال كل من يريد الوصول الى رئاسة الوزراء نريد نحن كشعب ضمانات قوية قبل منحه ثقتنا. وذلك لتبوؤ المنصب ليس فقط مع ما رأيناه من مرارات ابن عمه منذ بداية هذا العهد المنحط وحتى هذه اللحظة. إنما ايضا لاننا لا نريد رؤية تكرار قدوم اشخاصا غير مؤهلين يكونون عادة ادواتا بيد من اتى بهم. ونعيد التذكير بان تاريخ المرشح هو ما يضمن مصداقيته ومصداقية برنامجه السياسي بالتالي.
لننظر الآن في سيرة هذا المرشح المنشورة على موقع السفارة العراقية في لندن والتي وضعناها اسفل المقالة. نضع جانبا التفاصيل عن حياته ونذهب للنظر في ثلاثة اخرى استرعت انتباهنا في هذه السيرة. الاول هو شغله لوظيفة مستشار رئيس الجمهورية العام 2009. والثاني هو فوزه بعضوية مجلس النواب للدورة 2010. والثالث هو حول عجائب مناصبه الحكومية اللاحقة..
نبدأ بالتفصيل الثاني المتعلق بعضويته في مجلس النواب. هذه العضوية كانت قصيرة لم تمتد لاكثر من سنة قدم استقالته بعدها. ما اثار انتباهنا هنا هو سبب الاستقالة. فهو مفيد لتحديد شخصية هذا المرشح. إذ قد ورد في الاخبار بان السبب الذي اعلنه هو تردي الخدمات !! وهي كما يرى حجة مثيرة للسخرية. فهل كان عضو مجلس النواب هذا متظاهرا في الشوارع او ناشطا مدنيا ليتذمر منددا بتردي الخدمات ؟ لماذا لم يعمل من موقعه لاستجواب المسؤولين وتقديم الحلول ومراقبة تنفيذها ؟ قطعا لن نعرف الاجابة حيث ان العمل النيابي كان وما زال مكانا للتحصل على الاموال والامتيازات والنفوذ، لا لخدمة البلد. وطبعا فمن ملاحظة مستوى الخدمات السائدة في البلد منذ سقوط النظام السابق وحتى لحظة كتابة هذه السطور يمكن بسهولة الاستنتاج بان النائب الهمام لم يقم بالحد الادنى في سبيل معالجة هذه الظاهرة. ومع هذه الاستقالة السريعة يمكننا ان نستنتج ايضا بان الاستخفاف بالعمل النيابي لم يكن وليد اليوم. وهو لا يمكن اعتباره إلا استخفافا لاحقا بالناخبين وضحك عليهم. وهذه هي ظاهرة غير مقبولة يتوجب القضاء عليها. بيد ان الذنب يقع اولا واخيرا على الناخبين الذين يمنحون اصواتهم لمن هب ودب دون التدقيق في نواياه وإن كان يستحق ايصاله الى مجلس النواب ام لا. فالاستقالة السريعة وبلا سبب مقنع هي خيانة لثقة الناخب.
قبل النظر في عجائب مناصب هذا المرشح الحكومية، نمر اولا على الثغرة الزمنية الممتدة لفترة تسع سنوات الواقعة بين استقالته من مجلس النواب حتى تبوؤه منصبا في الخارجية العراقية. هذه الفترة الزمنية الطويلة التي قضاها دارسا في لبنان لم يعرف له خلالها اي نشاط سياسي وابتعد تماما عن الشأن العام. وهو مما لا يمكن ان يحسب لشخص يريد تبوؤ منصبا قياديا ومهما في الدولة، اول واهم ما يشترط فيه هو الخبرة الادارية والسياسية. اما مناصبه الحكومية فقد استرعى انتباهنا عجائب تنقله السريع فيها بعد عودته الميمونة من سنوات الدراسة التسع. إذ انه ابتدأ بمنصب رئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية في وزارة الخارجية لبضعة شهور من نيسان 2019 الى تشرين الاول 2019. ثم عين بعدها سفيرا فوق العادة في السفارة العراقية لدى المملكة المتحدة منذ تشرين الاول 2019. بعد هذا ببضعة شهور ايضا اصبح لا ندري كيف ولا وفق اية قوانين ممثلا دائما لجمهورية العراق لدى المنظمة البحرية الدولية منذ شباط 2020 ! عملية النقل بالتقفيز السريع هذه التي تبدو وكأنها فترة تدريب اكثر منها فترة خدمة لا يمكن إلا ان تدفعنا للشك والارتياب في الاهداف المخطط لهذا الشخص ان يحققها مستقبلا.
نأتي الآن الى التفصيل الاول والاهم في سيرة هذا المرشح والذي تركناه الى النهاية. وهو ذلك المتعلق بتبوئه العام 2009 منصب مستشار رئيس الجمهورية لمدة عام قبل انتقاله الى مجلس النواب.
من الواضح بان جعفر الصدر لم يبتديء حياته السياسية كمستشار لرئيس الجمهورية جلال الطالباني بمؤهلاته هو، إنما بمؤهلات ميليشيات ابن عمه !! وقطعا كان المسؤول عن تدريبه وتعليمه ومتابعته الصدري الآخر امير الكناني الذي كتبنا عنه سابقا. بهذا لنا الحق بالتساؤل عن صمت جعفر الصدر هذا طوال فترة استشارته القصيرة على التواطؤ الكردي المتمثل بتمرير بضائع التهريب من ايران بطريق اقليمهم ؟ اليس هذا نفاقا تجاه بلده وارتكابا لجريمة التآمر على مصالحه ناهيك عن الحنث باليمين الدستورية ؟ ومعروف بان جلال الطالباني قد وصل الى منصبه الرئاسي بطريق الاستثمار الايراني به وبحزبه منذ تسعينات القرن الماضي حيث كانوا يمدون ميليشياته بالسلاح والمشورة العسكرية ضد مسعود البرزاني. وهذا الدعم هو ما سهل دخول بيشمركة الاتحاد اربيل في آب العام 1996 بعد معارك مع البرزانيين مع تطوراتها اللاحقة المعروفة. وبسماحه لمرور بضائعهم المهربة يرد الطالباني بذلك لهم الجميل.
ولا نعرف بالضبط مقدار الراتب الذي كان يستلمه الرئيس الطالباني مما كان يجب ان يتناسب مع منصبه التشريفي ولا مقدار نثرياته. فاموال العراق السائبة التي تفتقر للقوانين المنظمة كانت ملكا صرفا لكل من هب ودب من السياسيين. لكننا من خلال البحث والتقصي توصلنا الى بضعة اشارات حول الراتب. من هذه ما كشفه عدنان المفتي رئيس برلمان الاقليم العام 2009 عن ان الحزبين الكرديين الحاكمين كانا يستحوذان لنفسيهما معا على ما مقداره 30 مليون دولار شهريا من مخصصات الاقليم. وفي نفس السنة كشف الصحفي الامريكي مايكل روبن في مقالة ترجمتها ونشرتها صحيفة هاولاتي الكردية عن ثروة الرئيس الطالباني، حيث قال انها تبلغ 400 مليون دولار. وهو ما يناقض كلام الاخير عندما ادعى بان راتبه هو 8000 دولار شهريا. وهو إن صح يكون مبلغا هائلا واستخفافا بالناس لدى مقارنته بمعدل رواتب موظفي البلد التي ربما لم تكن تتجاوز الدولارين في تلك الفترة. ايضا قد انتشرت في تلك السنة على الانترنت فيديوات تعرض موكب الطالباني الرئاسي باعداد سياراته الهائل غير الجنود الذين كانوا يحرسون الطريق !! وهو ما يمثل هدرا آخر غير مقبول للمال العام. اما اعداد مستشاريه فكانوا يبلغون حسب كلامه 18 فقط وراتب الواحد هو الفا دولار شهريا. وهو رقم ايضا هائل. ولم نذهب للبحث في رواتب ونثريات وحمايات نواب الرئيس اللذين كانا عادل عبد المهدي وغازي عجيل الياور. لذلك سيبلغ مجموع تكاليف الرئاسة 44 الف دولار شهريا على الاقل عدا رواتب نوابه ونثرياتهم ورواتب الحماية. وهو لا يمثل إلا نهبا للميزانية من قبل الرئيس الطالباني وحاشيته، ناتج الاستثمار الايراني لا الشعبي به. اي ان هذا الرئيس كان مفروضا من قوى خارجية وبدعم منها، لا من اهل البلد. كل هذه الامور كانت تحدث امام مرشحنا هذا مستشار الرئيس ولم نجد له اعتراضا واحدا على اي منها. بينما يريدنا الآن ان نصدق البرنامج الذي قدمه للنهوض بالدولة ومحاربة الفساد.
ولا نذكر باحد موظفي الرؤوساء الاكراد الدائميين وهو الاخواني نصير العاني رئيس ديوان الرئاسة منذ العام 2007. فهو من المعجبين بالمجموعة الارهابية صنيعة الاتراك المسماة بالجيش السوري الحر. إذ انه قد زين برايتهم صدر صفحته على الفيس بوك في احدى المرات. كذلك فعلى حزبه نفسه توجد ملفات فساد وارهاب وهو ما يطرح اسئلة كبيرة بشأن رئيس الديوان وبشأن من عيّنه عنده. بهذا التذكير يكون المرشح الحالي جعفر الصدر والمستشار وقتها مجاورا لرئيس الديوان الرئاسي هذا ايضا دون ان يعترض عليه. فلما كان هذا هو تصرفه في السابق كيف سيريدنا ان نثق باقواله في برنامجه فيما يكرره فيه ويسميه مشروع بناء الدولة ؟
وفيما يتعلق بابنة الرئيس فؤاد معصوم مما كشفناه ايضا من مقالة اخرى سابقة فهي متهمة بتجاوزات مالية لدى شغلها منصب وزيرة الاتصالات في حكومة ابراهيم الجعفري. إذ قالت هيئة النزاهة العام 2009 بان الرئيس جلال الطالباني قد رفض تنفيذ امر قبض صادر بحق الوزيرة جوان معصوم بعد ان طلب والدها منه التدخل لحل الموضوع خارج القضاء. وذلك بعد ان كانت هيئة النزاهة قد امرت بالقبض عليها بقضايا فساد مالي واداري. هل كان هذا الرفض الرئاسي هو من نتاج استشارات هذا المرشح ؟
بعد هذا التدقيق في سيرة المرشح الصدري لرئاسة الوزراء ننتقل الى اسئلة اخرى ليست اقل اهمية. لنا ان نسأل كم جنسية يمتلك هذا المرشح ؟ عجبا لم يتجشم احد طرح هذا السؤال عليه وتجنب هو اثارته ولو اننا نعرف الجواب مسبقا. كذلك هل هو ممن يمكن الثقة به وهو الذي لا نعرف مقدار خبرته السياسية ؟ والاهم هل سيكون طوال الوقت تحت سلطة ابن عمه الصدري صاحب الميليشيات ليؤدي له الخدمات هو حصرا وهل سيفرض برنامجه علينا مستظلا بتلك الميليشيات ؟ وهل سيستقوي علينا بها هي وقبعاتها الملونة إن اختلفنا معه على اي شيء ام انه سيستأنس بسوابق رئيس مجلس القضاء في اصدار مذكرات الدولة البوليسية ؟ إذ لم نسمع منه شيئا حول الجلبة التي حصلت مؤخرا مع احد البرامج المتلفزة والتي كان بطلها الاخير وكأن الامر لا يعنيه من شيء. وطبعا فعندما سيستقوي بهذه الميليشيات ويتخادم معها فانه سيتساهل مع مجرميها ولصوصها، ويكون كل كلامه عن بناء الدولة والتشريع مضحكا وبلا قيمة.
نعيد التذكير بما قلناه في السابق بانه كان يجب ترسيخ مبدأ ان يكون المرشح لتبوؤ مناصب قيادة الدولة واعضائها من ضمن الفائزين في الانتخابات. فهذا الفوز ليس فقط معناه احترام وتكريس ارادة الشعب والناخب لكونهم مصدر السلطات، إنما ايضا وهو مما ليس اقل اهمية ليكون المرشح ذو مصداقية مع قاعدة شعبية تكون ساندة لتاريخه الشخصي. هذا التاريخ الذي يضمن مصداقيته ومصداقية برنامجه السياسي. لا ايا كان حسب مزاج التوافق والتسوية او الاغلبية. ومثال الكاظمي ومن سبقه امامنا. لكن إن فضّل الشعب النوم والتخاذل امام الميليشيات فلن تكون النتائج إلا وفق هذا التفضيل.
رابط ومحتوى السيرة الذاتية:
السفير محمد جعفر الصدر – سفير جمهورية العراق لدى المملكة المتحدة...
تاريخ الميلاد: 7 ايلول 1970
محل الولادة: العراق – النجف الأشرف
المناصب والوظائف التي شغلها:
ممثلا دائما لجمهورية العراق لدى المنظمة البحرية الدولية IMO منذ شباط 2020.
سفيرا فوق العادة لسفارة جمهورية العراق لدى المملكة المتحدة منذ تشرين الاول 2019.
سفيرا في وزارة خارجية العراق - رئيس دائرة المنظمات والمؤتمرات الدولية، نيسان 2019- تشرين الاول 2019.
فائز بعضوية مجلس النواب للدورة 2010.
مستشار لفخامة رئيس جمهورية العراق 2009.
التحصيل العلمي:
ماجستير في علم الاجتماع اختصاص في علم المعرفة، الجامعة اللبنانية 2018.
الشهادة الجامعية في علم الاجتماع العام – الجامعة اللبنانية 2011.
الدراسات الدينية في النجف الاشرف وقم 1995-2007.