| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الثلاثاء 14 / 12 / 2021 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
الدعوى القضائية ضد الامريكيين بشأن تسليم الاسلحة العام 2014
سعد السعيدي
(موقع الناس)في حزيران العام 2014 بعد سقوط الموصل واحتلال ارهابيي داعش لحوالي ثلث البلد كرر العراق وقتها طلبه الى الامريكيين لتلبية ما اتفق عليه معهم. وهذا كان هو توريد الاسلحة المشتراة منهم كطائرات ال اف 16 ومروحيات الاباتشي للحاجة اليها في دعم الجهد الحربي في مواجهة الارهاب. وكان الرد الامريكي على لسان الرئيس اوباما وقتها هو الرفض. وقد تذرع الامريكيون بالانهيار الأمني الحاصل في البلد.
لم يكن هذا العمل فقط تنصلا من الامريكيين عن التزاماتهم ويكشف عن القيمة الحقيقية لاتفاقيات التسليح المعقودة معهم، بل وانه يعتبر ايضا تواطؤا وتآمرا امريكيا واضحا مع الارهابيين.
يعرف الجميع كيف آلت الامور بعدها حيث تمكن العراق من الحصول على اسلحة من مناشيء اخرى ساعدته في تحرير اراضيه.
بسبب هذا التنصل الامريكي يتوجب اطلاق دعوى قضائية ضدهم لدى المحكمة الجنائية الدولية. وموضوع الدعوى هو محاولة الامريكيين التأثير على قرار البلد المستقل بطريق عرقلة حربه ضد الارهاب. وذلك بحجب توريد او تسليم اسلحة دفعت اثمانها، وتكون بالنتيجة عائدة للعراق بالكامل. ومحاولة التأثير هذه في هذا الشكل الذي جرى ترقى الى التآمر واعتداء على السيادة. والقانون الدولي يعتبر اية عرقلة في امور محاربة الجريمة العابرة للحدود مثل جرائم الارهاب بمثابة مشاركة فيها ومشاركة في الاعتداء. وهذا فضلا عن التآمر على سيادة الدول الذي يعتبر هو ايضا اعتداء.
وكان الامريكيون قد بدأوا مع ذلك بتسليم تلك الطائرات لكن فقط بعد سنة واحدة تماما من سقوط الموصل اي في العام 2015 وسط معارك التحرير كما يتذكر الجميع. اي وسط نفس الاوضاع التي تذرعوا بها في البداية لعدم تسليمها. وهو ما يسقط حجتهم التي اوردوها لمنع التسليم في المقام الاول. وكان قد جرى التوقيع على شراء هذه الطائرات العام 2011 واكتمل تدريب طياريها عليها في السنة التالية حيث كان يتوقع بدء التسليم. إلا ان الامريكيين كانوا يماطلون في التسليم لدى كل مطالبة بها حتى وصلنا الى حزيران الآنف. ثم قد بدأوا بالتسليم الفعلي فقط بعدما رأوا دولا اخرى مثل روسيا قد قامت بتجهيز العراق باسلحة مماثلة وتقدمه في تحرير اراضيه بمعيتها. وهذا التحرير كان آخر ما يريد الامريكيون رؤية حدوثه بمعزل عن تأثيرهم. وبما انهم كانوا يرومون في الحقيقة الابتزاز من خلال برنامج التسليح هذا، فقد غيروا رأيهم وبادروا الى تسليم الطائرات، لكن مع تنصلهم الكامل عن تسليم الاباتشي. فمن خلال الطائرات كانوا سيستطيعون ممارسة الابتزاز بطريق تأخير توريد عتادها مثلا او قطع غيارها. الامر الذي لم يكونوا يستطيعون القيام به من خلال الاستمرار بتأخير تسليمها. ولما تكون هذه الطائرات ملك المشتري من لحظة استلامهم لاثمانها بالكامل، يكون التنصل عن تسليمها بمثابة سرقة في وضح النهار علاوة عن هز الثقة الموضوعة بهم وبسلاحهم.
هذا العمل الذي ارتكبه الامريكيون يشير بشكل لا يقبل الشك الى انهم ليسوا اصدقاء ولا حلفاء في المعركة ضد الارهاب ولا في اي شيء آخر غيرها. فهذا الارهاب قد خلقوه هم بانفسهم كما تعرف الكرة الارضية باجمعها. ولن يغير من الامر شيئا ابتزازات وتخويف دولتهم الآفلة.
ليس مهما ربما معرفة نوع العقوبة التي ستنزل على المشكو منه في حال حصول المشتكي على حكم في هذه القضية لصالحه. فالعبرة في مثل هذه القرارات القضائية الدولية هي ليست بهذه بقدر وضع التصرفات الدولية للدولة المعنية في حيز الاهتمام العالمي والاشعار بسوء استخدامها لنفوذها خصوصا عندما تكون دولة عظمى لها تأثير كبير كالولايات المتحدة. إذ ان اكبر ما يخشاه الامريكيون في حال ليس فقط صدور قرار قضائي ضدهم ، ولا حتى الاعلان عن اطلاق الدعوى هو الدعاية السلبية التي يمكن ان تخرج ضدهم هم وسلاحهم للعلن، مع احتمال وضع بلدهم ايضا في قائمة الدول المارقة في اعين العالم. وهو ما سيؤدي ربما الى كسر الحاجز امام دول اخرى لاطلاق دعاوى مشابهة ضدها. وهو ما يعني ثلم هيبتها الدولية ومعها تفتت قوة التأثير العالمي.