| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 24 / 3 / 2023 د. سالم رموضه كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
جامعة حضرموت – من وحي البداياتد. سالم رموضه *
(موقع الناس)حظى مشروع جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا وكانت هذه هي التسمية الأساسية للمشروع باهتمام بالغ من قبل جميع أبناء محافظة حضرموت في الداخل والمهجر, إذ قدّر الجميع ضرورة إنشاء الجامعة لأسباب عديدة أهمها بعد المحافظة عن المراكز المدينية صنعاء وعدن وكذلك نظراً للكثافة السكانية فيها والتي عكست نفسها في زيادة مخرجات الثانوية العامة التي لا توجد لها مقاعد دراسية جامعية كافية سواء في داخل الجمهورية أو في خارجها. وبناءً على ذلك تم تشكيل لجنة متابعة شعبية برئاسة محافظ المحافظة حينها الأخ العميد صالح عباد الخولاني في بدايات التسعينيات, ضمّت في قوامها عدداً من المسؤولين والمختصّين في المحافظة وبعض رجال الأعمال والشخصيات الاجتماعية. كان من ضمن مهام اللجنة حجز أرضية واسعة للجامعة في مدينة المكلا عاصمة المحافظة ومتابعة إجراءات التأسيس اللازمة على المستويين الرسمي والشعبي واستصدار قرار الإنشاء من رئاسة الجمهورية. نوقش المشروع باستفاضة في ندوات ولقاءات عديدة عُقدت في المكلا وصنعاء وعدن, خاصة في مقر الغرفة التجارية بالمكلا وكذلك في جمعية حضرموت الخيرية الاجتماعية في كل من صنعاء وعدن, وهي الجمعيات التي يجتمع في مقرّاتها النخب الحضرمية من كافة الأطياف السياسية والفكرية وأساتذة الجامعة والمعنيون بالشأن الحضرمي. وتتويجاً لهذه الجهود الشعبية, وعلى توجيهات الحكومة أصدر الأخ وزير التعليم العالي والبحث العلمي حينها المرحوم الدكتور أحمد سالم القاضي القرار رقم (79) لسنة 1992 قضى بتشكيل لجنة علمية متخصصة من أساتذة لهم خبرة كبيرة في التعليم العالي, مهمتها تحديد الهوية العلمية للجامعة من خلال دراسة الخصوصيات البيئية لمنطقة المشروع والأنشطة الاقتصادية فيها مع وضع التصورات الأولية لعناصر ومتطلبات الجامعة الأكاديمية والإدارية. تحدّدت مكونات الجامعة الأكاديمية وتصميماتها في المخطط العام للحرم الجامعي في شكل مجموعات متجانسة ومتقاربة من الكليات كالتالي:
المجموعة الأولى تضم كلية الهندسة والتكنولوجيا, كلية النفط والمعادن, كلية العلوم, وكلية الزراعة.
المجموعة الثانية تضم كلية الطب البشري, كلية طب الأسنان, كلية الصيدلة, وكلية التمريض.
المجموعة الثالثة تضم كلية الآداب, كلية العلوم الإدارية, كلية العلوم التربوية, وكلية الحقوق والشريعة.
وما لبث أن صدر القرار الجمهوري رقم (45) لعام 1993م بإنشاء الجامعة, ولهذا تحتفل الجامعة هذا العام بمرور (30) عام على إنشائها, كما صدر القرار الجمهوري رقم (150) لعام 1995م بتعيين الأستاذ الدكتور علي هود باعبّاد رئيساً لها. كان أمام رئيس الجامعة المعيّن مسؤولية كبيرة وتحدٍّ أكبر لاجتيازه, فكيف له أن يبدأ العملية التعليمية ولمّا تُبنى بعد على أرض الواقع أية كلية مستقلّة ولم تتوفر لديه أي ميزانية تشغيلية للجامعة, ولكن بمساندة ودعم الأخ المحافظ ورئاسة جامعة عدن تذلّلت كثير من الصعاب, ذلك أن جامعة عدن قد افتتحت في وقت مُبكّر كلية التربية العليا عام 1974م في المكلا وكان ينص القرار الجمهوري بإنشاء جامعة حضرموت أن يُلحق بها عند افتتاحها مؤسسات التعليم العالي القائمة في محافظة حضرموت وهو الأمر الذي لم يتحقق منذ البداية لقناعات خاصة أرتأى الأخ المرحوم علي هود باعبّاد رئيس الجامعة صوابها. ومع ذلك فقد انضمت الكلية في مرحلة لاحقة بتوقيع اتفاقية رسمية بين رئاسة جامعة عدن وجامعة حضرموت في أول يناير من عام 1999م, وقّعها عن رئاسة جامعة عدن المرحوم الأستاذ الدكتور صالح علي باصرّة رئيس الجامعة حينها.
لا أود الحديث كثيراً عن تفاصيل الإجراءات الإدارية التي قام بها الأخ رئيس الجامعة وهي كثيرة ومتعدّدة وصعبة, وقد نجح فيها باقتدار نظراً لتجربته الإدارية السابقة وخبرته الأكاديمية في جامعة صنعاء ووزارة التربية والتعليم. كما كانت علاقاته الطيّبة مع المسؤولين هناك بمن فيهم من كان في قمّة السلطة التنفيذية للدولة دور كبير في تيسير مهمته ناهيكم أنه كان يتّسم بمهارات قيادية مع مهارات علاقات عامة واتصال ممتازة.
كانت أول خطوة متحمسة من قبل رئيس الجامعة أن يفتتح كليتين في الفصل الثاني من العام 1995/1996في مباني تعليمية مؤقتة, وبمواد عامة وهي بالتحديد الثقافة الإسلامية واللغة العربية واللغة الانجليزية, وتم الاستعانة بأساتذة أفاضل من كلية التربية بالمكلا لتدريسها, وكانت الكليتان هما:
- كلية الهندسة والتكنولوجيا
- كلية البنات وهي الكلية المستحدثة, إذ لم تكن ضمن الكليات المخطط لها في الحرم الجامعي.
ربما التغيير الآخر الجدري هو استبدال كلية الهندسة والبترول بدلاً عن كلية الهندسة والتكنولوجيا, علما بأن المبنى للكلية صُمّم على أساس التسمية الأولى في المشروع, وبالإمكان ملاحظة ذلك بسهولة لوجود أربعة أجنحة في المبنى في منطقة فلك وجناح خامس خاص بعمادة الكلية وهذه الأجنحة الأربعة هي للأقسام التالية:
- قسم الهندسة المدنية
- قسم الهندسة المعمارية
- قسم الهندسة الميكانيكية
- قسم الهندسة الكهربائية
والذي حصل أن تقاسم قسم الهندسة المدنية مع قسم الهندسة المعمارية في الجناح المخصص والمصمّم لقسم الهندسة المعمارية, وأُعطي قسم هندسة البترول الجناح المخصص والمصمّم لقسم الهندسة المدنية, وأُعطي قسم الهندسة الكيميائية الجناح المصمم لقسم الهندسة الميكانيكية, وأعطي الجناح المخصص والمصمم لقسم الهندسة الكهربائية لقسم الهندسة الالكترونية والاتصالات ثم حُشر فيه مؤخراً قسم هندسة الحاسوب. ولك أن تتصور كيف تتواءم وظائف المختبرات المصممة لتخصص محدد لتخصص آخر ربما لن يستفيد من مساحات قصد منها المصمم المعماري لتكون ملبية لتخصص محدد آخر. وواضح جداً اليوم أن كلية النفط والمعادن المخططة في المشروع تم الاستغناء عن إنشائها, طالما أُقتطع منها قسم الهندسة الكيميائية وقسم هندسة البترول ليكون ضمن قوام كلية الهندسة والبترول. ظلت هناك أقسام واعدة في الكلية المُستغنى عنها وهي قسم الهندسة الصناعية وقسم التعدين وقسم مصادر المياه والهيدرولوجي. ويبدو لي أنه ليس هناك أمل من افتتاح كلية مستقلة خاصة بالنفط والمعادن في المستقبل القريب.
وافتتحت كلية مستحدثة أخرى في العام الدراسي1997/1998م ليست في المخطط العام للكليات وهي كلية العلوم البيئية والتي تعدّل اسمها فيما بعد لكلية البيئة والأحياء البحرية, ولكني قد أبرر ذلك بأن كلية العلوم الكبيرة وهي أكبر كلية مخطط لها في جامعة حضرموت رغم إنه لم يتم بناؤها حتى اليوم تضم بعض التخصصات والأقسام التي لها علاقة مباشرة بكلية البيئة والأحياء البحرية وهم بالتحديد:
- العلوم الحياتية
- علوم البحار
- علوم البيئة والتلوّث
ودارت العجلة بانتظام بافتتاح كليات مختارة للجامعة في وادي حضرموت وهي كلية التربية وكلية العلوم التطبيقية وهذه الأخيرة كذلك لم تكن ضمن الكليات المخطط لها ولكني أرى أن للأخ المرحوم علي هود باعبّاد مبرره السليم بأن تكون نواة لكلية الزراعة ومنطقة الوادي أصلح مكان لها. كما امتدت جامعة حضرموت لتشمل كلية للتربية في كل من الغيضة وجزيرة سقطرى. واختصرت بعض كليات المخطط في شكل أقسام مثل كلية الحقوق والشريعة والتي ابتدأت كمادة عامة في كلية العلوم الإدارية وهي مقرر القانون التجاري, ثم تحولت إلى قسم في نفس الكلية, حتى تكونت مؤخراً كلية القانون في مجمّع آخر منفصل في منطقة فوّة في عام 2012م. وعلى العموم حصلت كثير من التطورات الإيجابية في الفترات الرئاسية الأخرى بعد انتهاء فترة الرئيس الأول والمؤسس, وتبدّل المخطط العام للكليات تبعاً لها ولا يجدي اليوم البتّة التدقيق في ذلك والجامعة تحتفل بعيدها الثلاثين.
والجدير بالذكر أن الجامعة استعانت بكادر تدريسي في بداية تأسيسها من جامعات السودان ومصر وسورية, ثم تم التركيز على الجامعات العراقية في شكل عقود فصلية أو سنوية. يكفي التدليل على ذلك بأن عمداء الكليات المؤسسين معظمهم من العراق وكمثال فقط فقد تعاقب على عمادة كلية الهندسة منذ إنشائها أكثر من ستة عمداء من جامعات العراق الرصينة خلال الفترة 1998/ 2005م, وعميدان من مصر خلال الفترة 2005/ 2009م, وتولّى الكادر الوطني المسؤولية بعد ذلك في كافة كليات جامعة حضرموت.
المكلا في 23 مارس 2023م
* نائب رئيس جامعة حضرموت السابق
ورئيس جامعة الأوائل الحديثة حالياً