الأحد 20/ 5 / 2007
ها هم تعالوا !
صباح محسن جاسم
أنبهرَ السيّاحُ :
تحمل قربتك الحامل
بالعصير
تعتمر قبعتك الكاسكيت الزرقاء
صدّارتك الصفراء الفاقعة
تلوذ ُ برأس المنصور
تستمريء ظلا يجبّ عنك الظهيرة
صوروك بشغف المكتشف
بهجة ً يضيفُ حضورُك
تعلموا منك تغزّلك/
نداءك الحلو
" سوس !"
تذوقوا كأسَك الشهدَ
أسرّوك بعيون عشيقتهم الشقراء
كلون ما تبيع
الرشفة الأولى عسلا
ما السر في طعم الرشفة اللاحقة؟!
تومئُ إلى صدرك :
"الرشفة الأخرى من هنا!"
تأوهوا لحزنك
منحوك وْرقهم
أعِدْته فدهشوا معاتبين
في صيفك التالي
لم تجد ما تستذري بظله
كنت الأقرب إلى كهرمانة
ما خانتك لغة ٌ
ترددوا فيما يشيرون إلى شرابك
فتعلموا أسمه الجديد
كان بلون الدم الرائب
تفكّهوا مرددين :
" تمر أندي !"
وتعلموا :
"كهرمانة َ"
صرت توضّحُ بانفعال:
"علي بابا .. علي بابا "
فيزدادون قهقهة ً
تشتمهم في سرك
ويتبسمون!
حين كُسرت الجرارُ
لم يكن فيها لصوص
بكت كهرمانة ُ تلوم :
"خُدعْتُ كل تلكم السنين!
حسرتي على الزيت المراق!"
كان اللصوص يجوبون الحواري
والأزقة .. يتبولون وسط الشوارع ِ
بغداد :
أين هم لصوصُ ماضيك الأربعين
من جاء بالجُددِ كي ينهبوك؟
ليتك تعود يا علي
ليقصّ عليك السّياح ما رأوا
حين طفحت دجلة ُ بالتماسيح
وعاد الفراتُ بهاروت وماروت
وجفت الِقربُ من شرابها الزلال
وملأ الدخانُ النوافذَ والوريد
الأولُ قد عرفناه ،
همّنا الطارقُ الجديد
بالأمس القريب:
طرْقٌ على البابِ وإيقاعٌ مريب!
"أينك يا علي
هاتِ لنا الشراب!"
.....................
صادروا شرابك الشمس
َنقـَدوك صدئ رصاصهم النحاس
كنا نعرف شرابك الكريم
وفقرك القديم
وغنى روحك المستديم
فدفعنا ثمن فراقك
كم مرة يقتلونك يا علي
ويعاودون الحجَّ من جديد؟
"باطل .."
كنتَ تقول
مرآتهم كنتَ
فعاجلوك
صَرَخـَت كِسَرُ المرايا
"ها هم تعالوا
مفترو سدنة العهد البليد!"
ها أنتَ ما زلت / وما يزالُ
قـُراحُك الأشقرُ
خِلا ً وَخلْ
وعطرك يعاودُ بهاءَه
ثمة َ ما يغزو الحدائقَ
يغفو بين الياسمين
يوسوسُ
" سوس .. سوس" !