| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

                                                                                     الأثنين 27/8/ 2012


 

الشهرستاني وأنا والـ 17%... بين الحقيقة وأوراق الضغط

صائب خليل  

أدهش الشهرستاني الجميع بمفاجأة تفجير قنبلة الـ 17% الموقوتة بين العرب والكرد. ورغم أنها سرقة واضحة وضوح الشمس، فأن ردود فعل السراق لم تكن هينة، فما يسلبه اللص يصبح مع الوقت غنيمة وملكاً "شرعياً"، يدافع عنه "صاحبه" بنفس قوة دفاعه عن بقية أملاكه، ويصبح المطالب بحقه، كمن يريد سلب النمر فريسته التي تعب عليها وقدم من اجلها الرشاوي.

وربما لم تدهش مفاجأة الشهرستاني أي شخص في العراق بقدر ما أدهشتني وأنا أقرأ تصريحه : "حصة كردستان ليست 17% وإنما 13% "!! وذهب إلى تحميل مجلس الوزراء والنواب مسؤوليتهما للعمل بالنسبة الجديدة. السبب في دهشتي أني لم أبق شيئاً لم أفعله خلال السنوات الماضية لأثير أهتمام أحد بهذه النقطة دون جدوى!

كما هو متوقع، إنهالت ردود الفعل من الجانب الكردي بشكل خاص، في هجوم منسق على التصريحات وصاحبها، واتهموه بشتى التهم والتهديدات التي طالته شخصياً، كما طالت البلد ككل.

المتحدث باسم التحالف الكردستاني مؤيد الطيب يقول: "ان دعوة الشهرستاني الى تخفيض نسبة حصة الاقليم من الموازنة الاتحادية ناتجة من عدائه للاقليم ، وهذا واضح من خلال اعتراضه على عقود النفط وموازنة الاقليم" ، داعياً لمحاسبة الشهرستاني. (1)

وهذا النائب حسن جهاد امين يقول :" الجهاز المركزي للاحصاء غير دقيق" و "يجب ان لا يغير اي شيء من الميزانية لانه سيخلق المشاكل ". وتابع "اي تغيير غير مقبول الى ان يكون هناك احصاء في كافة مناطق العراق".(2)

ووصفت عضو الكردستاني في اللجنة النيابية المالية نجيبة نجيب بيانات المركز الوطني للإحصاء بانها "غير دقيقة، وغير صحيحة"، لذا لا يمكن الاعتماد عليها في اقرار موازنة الاقليم. (3)

أما عضو اللجنة النيابية القانونية لطيف مصطفى امين، فذهب إلى أن :"الاقليم يأخذ 10.5% فقط من حصته في الموازنة ، والبقية تستقطع منه كحصة مشاركة الاقليم من نفقات الحكومة الاتحادية" و "الاقليم يعتقد بأنه يحصل على اقل من حصته" (!)، وطالب بإجراء الإحصاء السكاني، وتحدث عن المزايدات و البطولة والوطنية، و"استخدام ورقة قوت الشعب في الخلافات السياسية" و "تكرار تجارب البعث المقيتة" التي "توقظ في سكان الاقليم مواجع الماضي البغيض "، وحذر من "عواقب وخيمة لا تحمد عقباها على مستقبل البلد" ووصف الأمر بأنه "محاولة الانتقام من شعب بأكمله".(4)

وذهب البعض إلى أن "الهجوم أفضل دفاع، فقال النائب الكردستاني شريف سليمان:"هي الان تتجاوز 17% ، لذا ستكون لنا مطالبات اثناء مناقشة موازنة عام 2013 بزيادة حصة الاقليم".(5) وقال آخر أن قبول كردستان بالـ 17% "جاء إبداءً للمرونة لحين إجراء التعداد السكاني العام"(5.5) وتحدث البعض عن حصة 20% ! (6)

كذلك نال التحالف الكردستاني دعماً من أصدقاء المالكي "الألداء" مثل المجلس الأعلى، فامتدح فالح الساري كردستان وهاجم الشهرستاني ودعاه إلى الإهتمام بواجبه أولاً في ملفي الكهرباء والنفط (!)(7)

أما الجانب العربي الشعبي، فأستقبل الأمر بارتياح شديد لإقتناعه بأن كردستان تمارس الإبتزاز على الحكومة الإتحادية في كل شيء.

بالنسبة لي، بدأت القصة عام 2008 حين صوت البرلمان في اتفاق على حزمة من ثلاث نقاط، حصة الكرد منها كان تمرير هذه الـ 17% . وسرعان ما اكتشفت أنها لا تستند إلى أي شيء سوى أنها اتفاق عشوائي بين الكرد وبريمر ومجلس الحكم وأياد علاوي، وأنها تفوق كل الإحصاءات السابقة بشكل ملفت للنظر. وحينها (شباط 2008) أدركت أنها لصوصية واضحة وأنها ستكون قنبلة موقوته لن يسهل نزع فتيلها ولا مفر من أن تنفجر يوماً. فكتبت مقالتي " لا تدعوا جريمة البرلمان العراقي العنصرية تغور في ذاكرة العرب عن الكرد". (8)

وكان واضحاً أن النسبة الصحيحة هي أقل من 13% ، حتى في أخذ أعلى النسب المحتملة. لكن كردستان أصرت على الـ 17%، وتمكنت من فرضها، وأحتلفوا بذلك "الإنتصار" بشكل مدوِ!

وتكررت الإشارة إلى المشكلة التي لم تحل في الكثير من مقالاتي خلال السنوات الثلاث والنصف التي مرت منذ ذلك الحين، وكنت أذكر بأن هناك خطأ وابتزاز مازال سارياً. (وضعت تفاصيل مقالاتي في الملحق في الأسفل، لكي لا تعرقل سير المقالة).

ثم جاءت مقالتي الأخيرة في الموضوع، "كردستان تقر بأن للكردي في العراق ما لعربي ونصف"(21) (22 حزيران 2012)، والتي أوضحت بما لا يقبل الشك، وبالإستناد إلى أرقام كردستان نفسها أن النسبة إبتزازية، وأن الحصة الكردية بحساب الأرقام المقدمة من كردستان ليست سوى 12.6% ! واستندت المقالة على تقرير للجنة المالية النيابية لكردستان نشر في 12 حزيران 2012 في (آكانيوز) حيث قال رئيسها آراس حسين بوضوح تام، أن "عدد سكان اقليم كردستان يبلغ 4 ملايين و189 الف شخص، ويشكلون 12.6% من مجموع سكان العراق"!.(22)

كان كل شيء واضح وبسيط، إلا ربما نقطة صغيرة، هي محاولة مراوغة مفضوحة من السيد آراس وفريقه ومن كرر مقولته لاحقاً، حين استنتج من أرقامه بأن "ان ميزانية الاقليم للعام 2012 الحالي تبلغ 10.7% من الموازنة العامة للعراق"، محتسباً الموازنة الكلية بدون استقطاع المصاريف الإتحادية التي تستقطع من الجميع، ولا تحتسب في النسب! فالمصاريف الإتحادية تصرف على مؤسسات الدولة من رئاسة جمهورية إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب وغيرها، وكلها يستفيد منها الأكراد حسب نسبتهم، والمفروض أن ما يوزع على نسب السكان هو ما يبقى من الميزانية بعد ذلك الإستقطاع، وبالتالي فأن الكرد قد احتسبوا على أنهم 17% من السكان وليس 10.7%، كما يدعي آراس. هذا الحساب ينطبق تماماً مع ما جاء به الناطق باسم الحكومة علي الدباغ في تصريحه في ذلك الوقت فقال أن "حصة إقليم كردستان قد بلغت 12.6 ترليون دينار أي بنسبة 17% من مجموع النفقات التشغيلية ونفقات المشاريع الإستثمارية للموازنة العامة... بعد إستبعاد النفقات السيادية." (23)

ويمكن الرد أيضاً، بأنه لو كانت النسبة التي أعطيت لكردستان هي 10.7% فلماذا لم تحتجوا عليها؟ لماذا تحدثتم عن الزيادة التي حصلت عليها كردستان، ولم تشتكوا في التقرير من استلام ثلثي حصتكم؟ وإن رضيتم حينها على الـ 10.7%، فالشهرستاني يعرض عليكم زيادتها إلى 13% إذن، فلماذا أنتم منزعجون؟

أما عن كون أرقام وزارة التخطيط "ليست دقيقة" وأن الإحصاءات قديمة، فالسؤال: ماذا يفعل الناس عندما لا يكون عندهم إحصائية جديدة؟ أي شخص سيقول لك: "يعتمدون على إحصائية قديمة"..."يأخذون آخر إحصائية".. "يعتمدون معدل لإحصائيات سابقة"... فحتى لو كانت هذه "غير دقيقة" فهي تبقى أدق وأكثر إقناعاً من اتفاق لا يستند إلى أي شيء، سوى إتفاق مشبوه على رقم ما، وبشكل عشوائي لا تفسير له. ومن ناحية أخرى، إذا كان تقرير وزارة التخطيط العراقية "غير دقيق" فلنعتمد إذن على تقرير لجنة برلمان كردستان الجديد و"الدقيق" الذي يقول أن النسبة 12.6%، والذي تبرع الإحصاء والشهرستاني بجعلها 13% !

أما عن المطالبة بإحصاء للسكان أولاً، من قبل عموم الساسة الكرد، فيقول محمود عثمان : "ما دام لايوجد احصاء تعداد سكاني رسمي لايمكن لاحد ان يملك الارقام التي من الممكن الاعتماد عليها لتوزيع الموارد المالية".(24)

وقال المتحدث بأسم التحالف مؤيد طيب "نحن في اقليم كردستان سنوافق على تغيير نسبة حصة الاقليم في الموازنة الاتحادية بعد اجراء التعداد السكاني الشامل وظهور النتائج".(25)

ويبدو المطلب معقولاً، لكن يعلم الجميع، عرباً وكرد، أن الثقة معدومة، وأن سلطة حكومة الإقليم في كردستان، واختفاء سلطة الحكومة المركزية فيه، تعطي إمكانية تزوير أي تعداد بشكل كبير، وكل المؤشرات تقول أن تلك "الإمكانية" ستستغل بأقسى صورها. لذا ومهما كانت نتيجة الإحصاء، فلن يثق بها أحد. وإذا لم يكن أحداً "يملك الارقام التي من الممكن الاعتماد عليها"، لعدم وجود أساس قوي لها، فمن اين جاء رقم الـ 17% الذي لا اساس له اصلاً؟ وهل لو أن العرب تمكنوا من رشوة رئيس الحكومة ليعتبر (اعتباراً) النسبة 10% فقط، كان الأكراد سيقبلون بها، ويرفضون تغييرها لحين إحصاء جديد؟ وإن كان الساسة الكرد يستطيعون رفض نتائج "الجهاز المركزي للإحصاء" باعتبارها غير دقيقة، فما الذي سيمنعهم من رفض نتائج إحصاء السكان إن لم ترق لهم باعتبارها "غير دقيقة" أيضاً؟ وإن كانوا يتجاهلون تقريرهم البرلماني الذي يقول أنهم 12.6 % من سكان العراق، وكأنه غير موجود، فسيتجاهلون أي إحصاء وأي تقرير لا يريدونه!

من الواضح أن هذا الكلام عن "الدقة"، والـ 10.7%، كلام سخيف. فحين يقول لطيف مصطفى امين، وهو عضو اللجنة النيابية القانونية (!) أن "الاقليم يأخذ 10.5% فقط من حصته في الموازنة ، والبقية تستقطع منه كحصة مشاركة الاقليم من نفقات الحكومة الاتحادية" فكأنه يريد أن تتحمل بقية أجزاء العراق وحدها، كلفة الحكومة الإتحادية، وكأن الكرد ليسوا طرفاً في هذه "الحكومة الإتحادية"! إنه إحتيال مخجل، وليس سوى محاولة فاشلة لطمس الموضوع  بارقام لا معنى لها، بأمل أن تثير الغبار حول النسب، وتبدو السرقة كـ "إختلاف في وجهات النظر" و "ارقام متنازع عليها"! فحتى الأمم المتحدة المعروفة بتحيزها لكردستان بضغط أمريكي إسرائيلي، ومنذ تقسيم النفط مقابل الغذاء بشكل جائر، لم تستطع أن تتحيز بنسبة أعلى من 13%، فمن أين جاءت الـ 17%؟

كانت تلك مناقشتي قبل شهرين من الآن، وتوقعت أن تكون خاتمة لهذه المهزلة بعد أن اعترفت كردستان بها، ربما بدون أنتباه، لكن شيئا لم يتغير، وذهبت النداءات عبثاً.

إنني سعيد لأن القضية طرحت أخيراً، ولكني أشعر من حقي أن أتساءل: لماذا تم تأجيلها حتى الآن؟ وكيف صمد ذلك الإبتزاز سنيناً؟ وكيف صمد حتى أمام كشف كردستان نفسها، بأنهم 12.6% من السكان، ولم يتحرك الموضوع حتى تحدث عنه مسؤول؟ صحيح أن تأثير المسؤول في الكلام أكبر بكثير من تصريح صحفي مستقل، لكن لماذا لم يلتقط أي مسؤول كل تلك الإشارات حتى الآن لترى الحقيقة النور على يده ورغم وجود من يكتب عنها ويلح بذكرها؟ لنذكر أنه في القضية المفتعلة ضد الوزير السابق للكهرباء، أستند الشهرستاني نفسه إلى تقرير من لص دولي فار من العدالة ومحكوم بأكثر من 40 عاماً بالسجن، واهتم به بشكل شخصي، وقالوا وقتها أن التنبيه إلى الحقيقة يجب أن يتم الإهتمام به والتحقيق بشأنه بغض النظر عن مصدره، وهو كلام سليم تماماً، فلماذا لم يتذكر أحد تلك القاعدة الذهبية حين يثير الصحفيون الحقائق أيضاً؟ أيهما أهم، "ضرر إعتباري" أم سرقة تكلف الناس مليارات الدولارات، تتكرر كل عام؟ أم أن الحقائق لا يتم الإهتمام بها إلا حين يثيرها اللصوص؟ لدي العديد من القضايا التي ماتزال تنتظر أن يهتم بها أحد، فهل يجب على الصحفي في العراق الجديد أن يبحث عن لص ليوصلها إلى الحكومة لكي تهتم بها؟

هذا المقال ليس ضد الشهرستاني، بل العكس، فقد أسعدني الرجل بتحريكه الموضوع. وأشهد له أنه وقف لوحده بوجه لصوص كردستان في سعيهم لنهب نفط شعبهم بشكل خاص، وقد كتبت مرة "لو كان الشهرستاني كردياً ..."..لنصب الكرد له تمثالاً في كردستان ووضعوه إلى جانب ملا مصطفى البرزاني ومحمود الحفيد....ففي الحكومة العراقية يقف اليوم لوحده تقريباً في الدفاع عن شريان حياتهم ومستقبل أجيالهم" (26) لكن الشهرستاني لم ولن يحصل على ذلك التكريم الذي يستحقه من شعب كردستان بالذات. 

ولم يكتف التشكيل المشبوه المكون من سياسيي كردستان والشركات الغربية بنهب النفط الكردستاني بعقود مجحفة، بل سعى إلى الضغط من أجل تكرار ذلك على بقية نفط العراق، من خلال الدفع بقانون للنفط يضمن للشركات حصة كبيرة وسيطرة أكبر على الثروة ومقدراتها وقرارات إنتاجها. وهنا أيضاً وقف الشهرستاني وآخرين بوجه هذا الهجوم، وتمكنوا حتى الآن من الدفاع عن ثروتهم ورفض القانون سيء الصيت، الذي مازالت لجنة النفط والطاقة البرلمانية بقيادة عدنان الجنابي، المشبوهة التوجهات، تعمل جاهدة لإقراره. وهم الآن مشغولين بسرقة اخرى كبيرة هي خصخصة الكهرباء، بالتعاون مع حملة إعلامية وبرلمانية زورت حتى بيانات التصويت على البرلمان. وبعد أن خصصوا الكثير من جهدهم لتشويه سمعة الوزير الذي وقف بوجه الإستثمار اللصوصي الذي يعطي "المستثمرين" 21 مليار دولار على ما تستطيع الحكومة عمله بـ 800 مليون دولار فقط، أي أن الخصخصة ستكلف 15 مرة بقدر التنفيذ العام الذين سعوا لإفشاله، وهم يتهيأون الآن لاستجواب الشهرستاني ووزير الكهرباء بعد العيد ضمن الحملة لإقناع الناس بأن الكهرباء لا أمل فيها سوى الخصخصة.

نعود إلى موضوعنا: لقد وصف النائب ازاد أبو بكر إثارة موضوع الـ 17% بأنه "ورقة ضغط على الإقليم لتنفيذ بعض النقاط موضع الخلاف بين الإقليم والمركز." (27) وقال عثمان أن الموضوع "سياسي 100%" ودليله أن أحداً لم يطرح الموضوع منذ سنين! ويبدو كلام الرجلين معقولاً.

وأهم من ذلك بكثير كدليل، تصريح النائب عن التحالف الوطني هادي الياسري، حين يقول: "إن الحصة المالية لحكومة إقليم كردستان مرهونة بمدى التزام حكومة الإقليم بالاتفاقات المبرمة مع الحكومة العراقية"(!!) وهو ما يعني ان الحكومة ستتراجع عن اعتراضها على النسبة إن التزمت كردستان بالإتفاق! ولا يكتفي الياسري بهذا بل يقول صراحة بأن دعوة الشهرستاني لتخفيض حصة إقليم كردستان من الموازنة ... يأتي لعدم التزامها بتلك الاتفاقات ومنها تصدير النفط من داخل الإقليم وبدون علم الحكومة الاتحادية! (27)

يقال: الإعتراف سيد الأدلة. ومثلما حصلنا على "شاهد من أهلها" في قضية ابتزاز كردستان للنسبة من خلال تصريح رئيس لجنة المالية النيابية الكردستانية آراس حسين وتقريره، بأن نسبة سكان الإقليم هي 12.6%، فأن الياسري "يحرق فلم" الشهرستاني بتصريحاته الخطيرة!

لكن لا بد من الإشارة إلى ان هناك فرق ما بين الحالتين، فدليلنا على ابتزاز الكرد للنسبة، هو تقرير بالأرقام عن عدد سكان كردستان، ولا يستطيع الكرد أن يقولوا الآن أنه خطأ. أما كلام الياسري فهو "تفسيره" للأسباب التي دعت الشهرستاني إلى القيام بتصريحه. ويستطيع الشهرستاني طبعاً أن يرفض هذا التفسير وأن يثبت أنه سيستمر بالمطالبة بالتصحيح حتى إن رضخت كردستان للإتفاقات، وإلا فلن يصدقه أحد. ما هو واضح لدينا هو أن ابتزاز كردستان وتزويرهم نسبتهم بالرشوة والضغط، هي حقيقة عليها أدلة كافية، ولكن تلك الحقيقة، تحولت مثل غيرها بيد ساستنا إلى مجرد "ورقة ضغط"، أو "ملف" في حرب الملفات سيئة الصيت!

هذه قصة حقيقة الـ 17% الطويلة، قصة من المراوغات والكذب والإبتزاز والصمت ، وأتمنى أن تختتم على صدق، وإلا فلن تختتم، وبالنسبة لي سأبقى أثيرها بوجه كل محتال أو متخاذل لأي سبب كان. وهناك ما يبرر القلق على الخاتمة. فكلام هادي الياسري، ولا أظنه جاء به من بيته، بل من خلال ما يجري من أحاديث في الدهاليز السياسية الظلماء، يعني أن الحكومة تستخدم الموضوع بالفعل، "ملفاً" لإجبار المقابل على التراجع أمام طلباتها، وأنها ستتراجع عن تصحيح النسبة إن أدى التهديد عمله ووافقت كردستان على شروط الحكومة! ولا ندري كيف ستقنعنا الحكومة حينها أن قبول كردستان للشروط، غير عدد سكانها! أعجوبة أخرى جديدة، كمئات سبقتها، سيطلبون من المواطن أن يبتلعها ويسكت... ثم يطلبون منه أن يبقى عاقلاً!

لقد تمكنتم أيها السادة من تمرير الكثير من ما أساء ودمر هذا البلد، ولكن لكل شيء حدوده، وقد بدأت الناس تفتح أعينها على الأفاعي المتكاثرة حولها. إن من حاك مؤامرة الـ 17% القذرة، كان إنساناً وضيعاً يستهدف وضع قنبلة موقوته إضافية بين الشعبين، ومن وافق عليها متآمر أو مرتشِ أو مضطر، لكن استمرارها أمر مخجل ويدعو للغضب. أما ردود فعل كردستان على فضح الحقيقة فهو كما في مكاشفة أي أعتداء يقومون به، من النفط إلى الأراضي التي صارت محتلة في نينوى إلى مصادرة الكمارك وغيرها، هو نفس أسلوب الإحتلال الإسرائيلي ومدرسته: الإصرار ورفع مستوى التهديد والتحدي وفرض الأمر الواقع! هذه الـ 17% ليست فقط سرقة ولصوصية وابتزاز واضحة، وإنما هي أيضاً رمز إذلال وتمييز عنصري مهين وضحك على الذقون، يجعل أبناء قومية يأخذون مرة ونصف بقدر الطرف الآخر. إن عقد أي اتفاق بينكم لتمرير صفقة جديدة على حساب الحقيقة والناس، ستكون القشة التي تقصم ظهر البعير، وعندها لن يأسف على رحيلكم، حتى من كان أشد مناصريكم حماسة!

(( الملحق: مقالاتي حول الموضوع خلال السنوات الماضية))

كتبت مقالتي الأولى عن الموضوع في (شباط 2008) " لا تدعوا جريمة البرلمان العراقي العنصرية تغور في ذاكرة العرب عن الكرد". (8)

وجاء في المقالة أن النائب "اسامة النجيفي"، وكان في حينها يتخذ موقف الدفاع عن العرب، قال بعد تقديم ارقامه أن النسبة تبلغ  12.8 % . ويتفق هذا الرقم مع ما اورده أعضاء الكتلة الصدرية وحزب الدعوة حين رفضوا بشدة تخصيص الحصة القديمة لإقليم كردستان وطالبوا بتقليلها الى 13%، وهو الرقم الذي اقترحته الدائرة الإقتصادية في وزارة المالية اكثر من مرة، وأيضاً الرقم المعتمد في تطبيق مشروع النفط مقابل الغذاء، اما البطاقة التموينية فاعتمدت على نسبة 13.5%.
رأى حيدر العبادي رئيس اللجنة النيابية الاقتصادية أنه أخذٌ لحقوق الآخرين ومنحها للأكراد
.

وطبيعي دافع النواب الأكراد باستماتة عن الـ 17% وكأنها حقيقة واقعة، ولم يتزحزح أحد منهم عن ذلك سوى سامي الأتروشي الذي ألمح إلى (16%)، لكن الآخرين أصروا وحققوا "نصرهم" الكامل!

وبعد ذلك بشهرين (نيسان 2008) كتبت مقالة ساخرة - جادة تحت عنوان: "حل سريالي لمشكلة كركوك" جاء فيها ".... لماذا إذن رفضتم اعتماد إحصائيات سابقة لتقسيم الميزانية؟ احصائبة 1987 تقول ان نسبتكم كانت 11,5% , واحصائية 1965 تقول انكم كنتم 11%, وفي 1957 كنتم 10.9%، وتقول احصائية 1947 انكم كنتم 11,3%، فمن اين جاء علاوي بالـ 17% ؟"(9)

وفي مايس من نفس العام (2008) كتبت تحت عنوان "صديقي الذي قضى في بشتاشان، حلبجة العرب" التالي: "أن تجارباً سابقة تقول انه لا يوجد أي شيء يدعو إلى الثقة بالأرقام التي يعطيها هؤلاء الساسة." (10)

وفي تموز كتبت: "التصويت السري وكركوك - أيهما الهدف وأيهما الوسيلة؟":

" ربما تكون "القشة التي قصمت ظهر الثقة" إدعاؤهم بأن نسبتهم تمثل 17% بلا أي دليل وفرضهم هذه النسبة بالقوة على توزيع الخزانة بدلاً من نسبة 11% - 12% التي تشير اليها الإحصاءات السابقة، ورفض نسبة الـ 13% المعروضة بسخاء أو تهاون من قبل بقية الكتل وبدون أي مبرر أو سبب سوى أنهم تمكنوا قبل بضع سنوات من رشوة أياد علاوي ليوقع لهم على تلك النسبة." (11)

وفي الشهر التالي، في آب 2008، كتبت "ايها الكرد نشكو لكم قادتكم" جاء فيها:

"هل تستغربون إن تحدثت عن انعدام الثقة فيما يتعلق بالأعداد والنفوس في كركوك وفي أي شيء آخر، بعد فضيحة اتفاق ساستكم مع أياد علاوي على أعتبارهم 17% بدلاً من حوالي 12% التي تشير اليها أقرب الإحصاءات المتوفرة، ثم الإصرار على تلك النسبة المسروقة حين وجد ساستكم الأطراف الأخرى في موقف ضعيف يمكن ابتزازه؟"(12)

ولما لم تنفع الشكوى من القادة، شكونا مثقفي الشعب في شباط 2009 "أيها الكرد نشكو لكم مثقفيكم:1- فلم كردي في أمسية ثقافية!" وتساءلت:"كم مثقف كردي احتج على اللصوصية المفضوحة في وضح النهار للإبتزاز الذي قام به الكرد في الحكومة عندما اتفقوا مع اللص الكبير أياد علاوي على اعتبار اعتباطي برفع نسبة الكرد من 11% الى 17% في تفسيم الخزانة، وثم إصرارهم عليها في البرلمان بوقاحة متناهية واعتبار تلك الحادثة انتصار للكرد؟ إنتصار على من؟"(13)

ثم أشرت إلى تلك النقطة مرات عديدة. ففي العام التالي (نيسان 2010) في الجزء الثاني من سلسلة مقالاتي "علاوي، ذلك القطار الطويل من الفضائح" كتبت أن "عصابة القيادة الكردية" قد "استغلت فرصة وجود مرتش دنيء النفس على رأس الحكومة العراقية، فاتفقت معه على أعتبار عدد سكان المحافظات الكردية الثلاثة، يزيد بمقدار مرة ونصف عن النسبة التي حددتها آخر إحصاءات السكان في العراق!" مما جعل "ما يحصل عليه العراقي الكردي تعادل مرة ونصف ما يحصل عليه "أخيه" العراقي العربي"، من الخزينة وأصوات البرلمان وأشرت إلى أن السرقة ستذهب إلى جيوب اللصوص وليس المواطن الكردي، "فلا أحد يسرق من أجل شعبه." وحين "أمر" علاوي قائمته بالتصويت لصالح تمديد تلك السرقة، انسحب النائب وائل عبد اللطيف من قائمة العراقية. (14)

وفي حزيران 2010 كتبت تحت عنوان "المثل العراقي والسائرين وراء علاوي" ، أن علاوي "كان قد تآمر قبل بضعة أعوام مع قادة الكرد على حصة العرب من الميزانية".(15)

وفي تموز من نفس العام (2010)  أشرت في مقالة بعنوان "متى يسرق لصوص كردستان النفط، ومتى يصحو ضميرهم؟" إلى إبتزاز الـ 17% وأيضاً إلى سرقة أخرى حين أبرمت كردستان صفقة مع شركة كورية جنوبية لمبادلة النفط باعمال بناء تقدر قيمتها بنحو 12 مليار دولار!" والمفروض أن النفط لكل العراقيين. حينها توقع نيجرفان برزاني ان الحكومة "لن تعارض"، ولم تخيب "الحكومة" ظنه! (16)

وفي نفس العام (تشرين الثاني 2010) جاء في مقالتي: "هل سيحصل المالكي على الدعم المسؤول من مؤيديه في مهمته الصعبة؟" : "فدرالية كردستان تتعامل بلصوصية مع العراق وميزانية العراق" مشيراً إلى تهريب النفط واحتجاز الكمارك والنسبة الظالمة، (17)

وفي نيسان 2012 كررت الأمر في مقالة "الخلاف بين الإقليم والمركز، سياسي أم لصوصي؟ لنسأل الوثائق..." (18)

وفي هذا العام، ذكّرت بتلك الخدعة في مقالتي "ماهي "القضية الكردية" أيها "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية"؟" تساءلت فيها عن تلك الزيادة: "كيف حدث ذلك؟ هل تضاعف نشاط التكاثر للإقليم فجأة أم ماذا؟ "(19)

ثم في تموز (2012) أشرت إلى نفس النقطة في مقالة "التهديد بكشف الفساد – فساد" وقلت: "إذن لا توجد أخطاء، بل قائمة تنازلات، فعن ماذا ستكون؟ هل سيتنازل عن حق المركز في عقود النفط ويدخل العراق في إشكال جديد أكبر حيث ستطالب كل محافظة بأن توقع عقودها، أم سيقدم التحالف وعداً بالتغاضي عن النفط المهرب، أم سيتم تثبيت النسبة العنصرية الحقيرة حيث تحصل 12.6% من سكان العراق على 17% من الموارد والأصوات بالإبتزاز الصريح، أم لإستمرار السطو على أراضي الموصل، أم استمرار التغاضي عن سرقة موارد الكمارك أم استمرار استقبال كل المتآمرين في المنطقة من سمير جعجع ومتآمري الناتو على سوريا". (20)

 

26 آب 2012

 

(1) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21097

(2) http://www.assafirnews.net/index.php/2012-05-14-03-04-35/5010-------------13.html

(3) http://xendan.org/arabic/drejaA.aspx?Jmara=8135&Jor=1

(4) http://www.burathanews.com/news_article_166980.html

(5) http://www.ina-iraq.net/news/political/27449.html

(5.5) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21238

(6)  http://www.babil.info/printVersion.php?mid=37878

(7) http://xendan.org/arabic/drejaA.aspx?Jmara=8138&Jor=1

(8) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/18prl.htm

(9) http://www.yanabeealiraq.com/politic_folder/saab-kalil150408.htm

(10)  http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/2bsh.htm

(11) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/24krkuk.htm

(12) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/15krd.htm

(13) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/21krd.htm

(14) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/23alawi2.htm

(15) http://www.yanabeealiraq.com/articles_0410/s_kalil120610.htm

(16) http://www.yanabeealiraq.com/articles_0410/saeb-khalil230710.htm

(17) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/29p2.htm

(18) http://www.yanabeealiraq.com/article/sk/sk200412.html

(19) http://www.yanabeealiraq.com/article/sk/sk050512.html

(20) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/2p004.htm

(21) http://www.yanabeealiraq.com/article/sk/sk22061202.html

(22) http://www.aknews.com/ar/aknews/2/311910/

(23) http://alhurrya.com/?p=3653

(24) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21026

(25) http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21204

(26) http://al-nnas.com/ARTICLE/SKHalil/10oil.htm

(27) http://almirbad.com/news/view.aspx?cdate=23082012&id=6ccd4414-c958-45f6-990e-8ad821c1a1cc

 

 

free web counter