| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الأحد 24/2/ 2008

 

 دعوة للصدر لتجميد اخر سيلقى ترحيباً شعبياً عراقياً

صائب خليل

قرار السيد مقتدى الصدر بتمديد تجميد نشاط جيش المهدي لقي ارتياحاً من اعدائه الألداء من امريكان ومجلس اعلى. ارتياح محدود بتقديري لأن القرار يتيح لهم اقتناص الصدريين دون مجابهة، لكنهم سيواجهون مشكلة التبرير. لقد قرر التيار الصدري مجابهة حملات الإعتقالات التي طالت اكثر من 3000 من منتسبيه, بطريقة اخرى غير حمل السلاح، الا وهي الضغط السياسي والقانوني على الحكومة لمعاملة هؤلاء بشكل عادل، وكان بعض قياديه قد اشتكى ان الحكومة والأمريكان استفادا من قرار التجميد بتسهيل "صيد" المنتسبين، وعندما يتم اعلان براءتهم فأنهم لايطلقون وانما يسلمون الى سجون الجيش الأمريكي ليختفوا بعيداً عن طائلة اي قانون او مراقبة. ان هذه التضحيات التي يقدمها التيار الصدري من اجل تخفيف التوتر وازالة ذرائع العنف في العراق يجب ان تحتسب له من قبل العراقيين.

كما بينت سابقاً في سلسلة من المقالات فأن الغالبية الساحقة من الإعلام المشكوك بأمره في العراق موجه ضد التيار الصدري وايران من اخبار تنسب الى مجهولين واخرى ملفقة بالكامل وتعليقات على الأخبار موجهة ضدهما. هذه الحملة الإعلامية الواضحة المعالم ضد التيار الصدري تثير التساؤلات عن الهدف منها حيث انه ليس الوحيد الذي يمتلك ميليشيا وليس الوحيد الذي تدعمه ايران لكنه الوحيد الذي يقف من القوانين الأساسية موقفاً شعبياً وطنياً لايروق للأمريكان. وهذا يثير شكوكنا بالحملة الإعلامية التي تربط دون دليل، بشكل مقصود او بدون قصد، بين الأذى والمضايقات التي يرتكبها شباب التيار وغيرهم مع الناس وخاصة النساء, وبين حملات اغتيال النساء كتلك التي حدثت وتحدث في البصرة، ومن شأن اصدار بيان واضح بتحريم المضايقات تفويت الفرصة على من يستفيد من الربط بينها وبين جرائم القتل، وتسهيل تحديد المسؤوليات وكشف المجرمين الحقيقيين لكل جريمة على حدة. أن هذه الإتهامات تستعمل لتخفيف احتجاج الناس على الظلم الذي يلقاه اعضاء التيار من قبل الأمريكان والحكومة والذي وصل الى حد التعذيب الشديد الذي تم اثباته بوثائق وانتزاع اعترافات ملفقة لنشرها وتصوير اسلحة حكومية مرخصة على انها اسلحة ارهاب غير احراق البيوت وتهجير انصار التيار من المحافظات الجنوبية الى بغداد بغية تمرير فدرالية الجنوب الطائفية التي يقف التيار الصدري بوجهها بقوة. الجرائم التي تتستر الحكومة عليها ولولا التهديد الشديد من قبل التيار للحكومة مرات عديدة لما كشفت الحقائق التي كشفت، كما ان بعضها الأخر مازال خافياً. فقد اعلنت الحكومة انها القت القبض على المتسببين في شغب كربلاء, الذي اتهم الصدريون به، لكنها لم تعد الى الموضوع ولم تخبر الشعب عن هؤلاء المجرمين وعن نتائج التحقيقات معهم ومن كان يدفعهم الى ذلك الشغب.

لاشك عندي من خلال متابعاتي الإخبارية بوجود تلك الحملة وسعتها المخيفة، لكن بالتأكيد ليس كل ما يكتب عن ايران وجيش المهدي محض افتراء إعلامي، بل هناك جرائم حقيقية ترتكب، وهو ما عبر عنه السيد الصدر بشكل غير مباشر حين قال في تبرير تمديده: "لا أستطيع تحمل معاصي العاصين ولا جرم المجرمين ولا تقصير المقصرين".

وإذا كان السيد الصدر قد تخلص بقراره من إثم الجرائم التي ترتكب باسمه، فأن "المضايقات" التي لاتصل الى درجة الجريمة والتي يرتكبها منتسبوا جيش المهدي او التيار الصدري تستحق منه هي الأخرى وقفة وتتطلب حلاً، وارى في روح موقف السيد الصدر في التمديد، فرصة ذهبية لحلها.

في مهرجان للأفلام الوثائقية في هولندا شاهدت فلماً مؤلماً يقوم فيه الصدريون او جيش المهدي بإجلاء الغجر (الكاولية) من قريتهم في الديوانية وهدمها. كان المنظر مؤلماً استدر دموع وتعاطف المشاهدين وانا منهم. فرغم ان عمل هؤلاء الكاولية مرفوض اجتماعياً ودينياً (وهو كذلك حتى في اوروبا ويتعرضون الى مثل هذه المعاملة ا حياناً) فمن الصحيح ايضاً ان هؤلاء يستحقون حلاً معقولاً فهم كانوا لعقود طويلة ان لم يكن قروناً يعيشون على هذه الطريقة. لقد بين الفلم ان التيار حاول "ارشادهم" و"هدايتهم" وقد فقد هذا التيار بعض اعضائه جراء ذلك، قبل ان يتخذ قراره بتهجير هؤلاء، ومع ذلك فمثل هذه المشكلة لا تحل بهذه البساطة....لا تحل ببضعة ايام من الهداية والإرشاد، بل تحتاج الى جهد كبير وطويل يحتاج الى دولة ومؤسسات مستقرة وليس حماساً حزبياً قصير النفس.

وقبل فترة كتب لي احد أعز اصدقائي، اصدقاء الدراسة الجامعية، رسالة عنونها " ابنتي بين سندان الصدريين ومطرقة البدريين " وقال فيها انه نقل ابنته من جامعة الكوفة الى جامعة بابل بسبب مضايقات الصدريين للطالبات عموما بسبب او بأخر. قال "كانت تشتكي كثيرا من فرضهم لما يدور في ادمغتهم من أمور لا تمت الى الدين بصلة، ابسطها طردهم ابنتي وزميلتها من الكافتيريا التي كانوا يتناولون فيها السندويجات لكون تواجدهم داخل النادي مع الطلاب حرام رغم ان ابنتي وزميلتها كانتا ككل الطالبات دون استثناء محجبات لكن يبدو ان وجودهن لا زال عورة."
عن حادثة اخرى يكمل صاحبي: "لقد سألتني البارحة ان كانت مخطئة بلبس تنورة ترتفع عن مستوى قدمها بشبر واحد فقط وقالت بأن احد البدريين اهانها ورفع عليها مذكرة غياب لمدة ثلاثة ايام رغم اداءها للامتحانات الفصلية."

حين وعدته بمحاولة الكتابة اخبر ابنته فعاد يكتب عن رد فعلها وعن حادثة اخرى انتشر خبرها في الجامعة: " لقد اخافتها الفكرة وربما تخاف من رد فعل انتقامي. قبل ايام تجاوز احد البدريين في جامعة بابل كلية التربية الخاصة على طالب وخطيبته (ذكر صديقي اسمهما) بقوله انهما ادب سز وانت تعرف ما الذي تعنيه هذه الكلمة....وعندما اجابه حسن بانهما مخطوبان ويجلسان مع بعضهما امام الطلاب وليس في الظلمة استثير هذا واطلق في الهواء عيارات نارية وتطور الامر الى حين تدخل العميد وفض النزاع لكن بالكاد. انا اتألم كثيرا عندما انظر الى صورنا الجامعية في السبعينيات واقارن بهذه الايام الديمقراطية!"

"الصور الجامعية" التي تحدث عنها صديقي لم تكن اطلاقاً كما قد يتبادر الى الذهن "منفلتة" او "خارج العرف" او حتى "متحررة" فلقد كنا في جامعة الموصل، احدى اكثر جامعات العراق محافظة والتزاماً بالتقاليد وكذلك كان طلابها وطلبتها، لكن صديقي يحن الى البساطة والبراءة والملابس العادية التي كانت.
"الحادثتين تعتبران بسيطتين جدا من منظار الخسائر المادية لكنهما من منظار الحرية الفردية ومستقبل العراق المظلم تعتبران الما وخسارة..." كما كتب صديقي وهذا ما يجب ان يفهمه الصدريون والبدريون وغيرهم وآمل ان يفهموه ويفهموا ما يسببه للناس من مضايقة ومن كراهية لهم، دون ان يحثهم على اية "فضيلة". الطرق الخاطئة لاتثير الفضائل بل ردود الفعل المعاكسة.

لذا, وبتشجيع من قرار السيد الصدر بتمديد التجميد لجيش المهدي ومن هدي كلماته التي بينت السبب في ذلك فإني أدعوه هنا، وادعوا قيادات بقية التيارات الدينية، الى اصدرا توجيهاتهم بمنع كل المضايقات التي يقوم بها منتسبوا التيار الصدري للناس في تدخلهم الشخصي والمباشر في ملابسهم وتصرفاتهم واستعراض عضلاتهم واسلحتهم كما حدث بين البدري والخطيبين. ان مثل هذه الأمور كما ارى يجب ان تعالج من خلال مؤسسات حكومية مركزية وليس من قبل شلة من الشباب يقرر كل فرد فيها ما هو الصحيح وما هو الخطأ وكيف يجب معالجته وفق تربيته وثقافته وعقده النفسية. وإن كانت المؤسسات الحكومية ليست متوفرة في الوقت الحاضر فمن السليم تأجيل اية طموحات للتيار الصدري في هذا المجال لحين تكوين تلك المؤسسات واصدار قوانين واضحة تحدد المسموح وغير المسموح, وإلا فأن ترك الأمر لتصرفات كل من وجد لديه القوة اللازمة لإستعراض عضلاته لن تأتي إلا بنتيجة معاكسة وسمعة سلبية على التيار الذي ينتمي اليه تؤثر على قدرة ذلك التيار على المساهمة في معالجة المخاطر الكبيرة التي يمر بها الوطن في هذه اللحظة الحرجة.

ان التسيب الأخلاقي الذي حدث في العراق لم يأت نتيجة لباس الطالبات او حديث خطيب مع خطيبته انما جاء نتيجة الفقر والضياع الذي يمر به البلد والذي يفترض بالجميع المسارعة الى معالجته بدلاً من الإنشغال بالمسائل الصغيرة ومضايقة الناس متصوراً انه يكتسب رضا الله بها, وهو في الحقيقة لايرضي الا غروره الشخصي.
أن السمعة السيئة التي يتسبب بها هؤلاء الشباب للتيار الصدري لاتليق بالتيار الذي عودنا أجرأ المواقف الوطنية في اكثر المواضيع اهمية وحساسية كموقفه من الإحتلال وموقفه من قانون النفط وموقفه الرائع من فدرالية الجنوب والتزامه جانب الفقراء في مواقفه الإقتصادية وغيرها. هذه المواقف الكبيرة لايجوز السماح بتشويهها بتلك الحركات المتهورة ومضايقات الناس في امورهم الشخصية.

كلي امل ان يتفهم السيد الصدر والسادة في التيار، وكل حزب ديني تمارس من خلاله تلك الظواهر، دعوتي وان يصدروا بياناً يوقف تدخل المنتمين اليهم في المسائل الشخصية للناس، فإن كانت الظروف تستدعي حل جيش المهدي حين تكون محصلة وجوده سلبيةً فمن الأسهل والأجدر منع هذه الأعمال والظواهر ومردودها السلبي عام وشامل على الناس وعلى التيار الذي ينتمي اليه هؤلاء بشكل خاص. العراق بحاجة ماسة الى مواقفكم جهودكم وتضحياتكم ونأمل ان تصب تلك المواقف والجهود والتضحيات لصالح العراق وبشكل سليم يحضى بتأييد الناس وتفهمهم ولا تبذر في مضايقات تافهة يتم الحكم عليكم من خلالها بشكل سلبي مؤسف.



 


 

Counters