| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الأربعاء 1/10/ 2008



دعوة لرجال الدين المسلمين

صائب خليل

العيد صار مناسبة للصراع الإعلامي بين مختلف الطوائف حول صحة رؤية الهلال أكثر مما هو احتفال سعيد بمناسبة إكمال واجب ديني يرمز الى وحدة المسلمين. فما أن يأتي عيد حتى تشتعل حمى الفتاوي والإتهامات بين الشيعة والسنة، لكنها قد تسخن أيضاً داخل المذاهب نفسها وداخل البلدان نفسها كما حدث هذه السنة في المناقشة الساخنة في البحرين.

وفي حين احتفل لبنان والأردن واليمن والسودان وليبيا إضافة إلى دول الخليج بالعيد يوم الثلاثاء، أجلت مصر وسوريا وتونس والجزائر احتفالها إلى الأربعاء....وهناك آخرين قرروا أن يكون الخميس...الخ.

كان وسيبقى هذا الحال أمراً غير مفهومٍ على الإطلاق! يتساءل الناس: لماذا لايتمكن المسلمون من الإتفاق على هذا الأمر البسيط؟ أهو صعب إلى هذه الدرجة؟ لماذا يترك الأمر للصدفة والعشوائية فيعزّ على المسلمين أن يحتفلوا معاً؟

لكن الموضوع قد يكون أكبر من الصدفة والعشوائية. فحسب علمي، وعلم والدي الذي سألته ايضاً، فإنه لم يحدث مرة أن اتفق الشيعة والسنة على موعد أي عيد! سأفترض أن أبي قد أخطأ وأنه حدث بضعة مرات أن احتفل الطرفان معاً خلال أكثر من نصف قرن من الزمان، فهل يمكن تفسير ذلك بأنه صدفة عشوائية؟ لنحسب الأمر:

الخلاف بين الشيعة والسنة في العادة يكون حول يوم واحد فقط. إذن الإحتمالات الممكنة هي أما يبدأ الشيعة في اليوم الأول والسنة في اليوم التالي، أو بالعكس، أو يحتفل كلاهما في اليوم الأول أو يحتفلان في اليوم الثاني. وبما أن احتمالات وقوع كل واحدة من هذه الحالات متساوية، نستنتج أنه، حتى لو لم يكن هناك طريقة لتحديد اليوم، واكتفى كل منهما برمي قطعة نقود يقرر سقوطها يوم العيد لديه، فأن احتمال الإتفاق هو 50% مثلما هو احتمال الإختلاف. أي من المفروض، حتى إن قرر كل من المذهبان يوم العيد بطريقة مختلفة عن الآخر وعشوائية، فالمتوقع هو أن يتمتع ابناء المذهبين بنصف أعيادهم معاً، فكيف وقد قدم لهما دينهما طريقة موحدة لتحديد ذلك اليوم؟ هل يمكن لهذه الطريقة أن تعطي نسبة خطأ واختلاف تزيد على نسبتها عند العشوائية في الإختيار؟ مستحيل، إلا إذا كانت الطريقة قد اختيرت عن عمد من أجل الشقاق، وهذا فرض لا أساس له.

إذن فالتفسير الوحيد يا إخواني المسلمين أن المسؤولين عن تحديد يوم العيد من مجالس إفتاء وغيرها، يتعمدون خلق الإختلاف بيننا ويصنعونه صنعاً! فلا يمكن أن يكون الإختلاف دائماً بهذه الدرجة المطلقة بعامل الصدفة وحدها!
إنها خطة منهجية مسبقة تقرر أن يختلف المسلمون حتى في هذا، وفي حسابنا الرياضي أعلاه دليل قاطع لامجال لدحضه، وتهمة تعمد الخلاف ثابتة على هؤلاء الشيوخ والسادة، ولا أريد أن أدخل في دوافعها، فقد تكون خارجية وقد تكون لمصالح شخصية، أو كلا الدافعين معاً!

لكن هل جميع قادة ورموز المذاهب تعمل على تفرقة المسلمين؟ قرأت قبل عشرة أيام خبراً يقول بغير ذلك، ويبعث على الأمل: فقد أقيمت في الحضرة القادرية صلاة موحدة بين السنة وأبناء التيار الصدري من الشيعة الذين استجابوا للدعوة السنية. ولم تكن تلك هي الوحيدة, ومن المعروف أن السيد محمد صادق الصدر طالما أقام صلوات مشتركة بين الطائفتين. إذن فهناك من يعمل للوحدة ويدعو لها مثلما دعى الشيخ محمود العيساوي في تلك الصلاة الموحدة داعيا ان يكون ذلك التجمع (الصلاة الموحدة) منطلقاً وبداية لفتح افاق التعاون بين المسلمين، وأن ينشر من حضر الصلاة الدعوة لمن لم يحضرها.

وتأييداً لدعوة الشيخ العيساوي وكل رافض لشقاق الطائفية، أتوجه بالنداء إلى كل الرموز الدينية من الداعين إلى وحدة المسلمين ونبذ الفروق الطائفية بينهم، إلى حملة لإنهاء هذه النقطة المخجلة التي طال عمرها لدى المسلمين وأذاها لهم، نقطة العجز عن الإتفاق على أيام المناسبات الدينية. أدعو أن يقوم نفر من رموز وقادة كلا المذهبين الإسلاميين بالإستمرار بالصيام ابتداءً من شهر رمضان القادم، وعدم الإنقطاع عنه إلى إن يتم التوصل إلى آلية تؤمن توافق المسلمين في تعيين مناسباتهم معاً لتكون رمز جمع بدلاً من أن تكون رمز تفرقة بينهم. إن مثل هذه المجموعة التي يؤمل أن تتزايد في عددها وفي تأثيرها الإعلامي الضاغط على أصحاب القرار الديني وإحراجهم المرة تلو المرة وبأفكار جديدة وجهد إعلامي من القائمين على المشروع، حتى لا يعود بإمكان السادة والشيوخ المستفيدين من الإختلاف إلا الإنصياع للأمر في النهاية خشية افتضاح غاياتهم وعزلتهم، ووصمهم بإدامة تفرقة المسلمين.

ليس عسيراً تكوين لجنة معتمدة من جميع المراجع الدينية أو معظمها يوكل إليها البت في موضوع رؤية الهلال وإقرار بداية الأعياد وشهر رمضان، وتتم داخلها مناقشة المعطيات ويقرر الأمر بالتصويت، فإن تساوت الأصوات المختلفة، لجأت اللجنة إلى أية طريقة لحل الخلاف كالإستخارة أو غيرها. المهم أن تكون قادرة على اصدار قرار موحد في النهاية.

إن هذا الأمر لو تحقق فسيكون تطوراً مهما ً نحو وحدة المسلمين لم تشهده الساحة الإسلامية من قبل، وبادرة يوحي نجاحها بالمزيد من الإفكار لتقوية تلك الوحدة وإنهاء سيطرة الطائفية وتغيير نهج امتد قروناً طويلة كانت التفرقة خلالها هي الشيء الوحيد الذي يتزايد بين المسلمين.

لقد فعل غاندي مثل ذلك عندما رأى تفرقة خطيرة بين قومه، ونجح بالضغط على سادتهم للإتفاق، فهل بين المسلمين من يحبهم كحب غاندي لقومه، وله ما لغاندي من استعداد للتضحية من أجلهم؟ من سيكون له إذن شرف وأجر بداية هذه الدعوة بين المسلمين؟ إن اقتنعت بالفكرة، فأنا أدعوك يا قارئي ان ترسل هذه الدعوة لمن تثق بأنه مرشح جيد لإطلاقها بين المسلمين لعلها ترى النور على يديه.


1 تشرين الأول 2008
 

free web counter