| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عبدالأمير الربيعي

 

 

 

                                                                                  الجمعة 3/6/ 2011




الحركة الاحتجاجية في العراق.... وثقافة الاستبداد

نبيل عبد الأمير الربيعي

الأفكار مثل الحياة دائماً تتطور وتتبدل وتسمى افكاراً أولية وليست هنالك افكاراً نهائية , أي هي رهان فكري عند التعامل مع الظواهر الحياتية والسياسية.. لكن الاختلاف أمر طبيعي في الحياة وهي ظاهرة صحية حسب قول الرسول محمد بن عبد الله اختلاف امتي رحمة وقول الشاعر بودلير (أنا اختلف معك بالرأي ولكن مستعد أن أموت دفاعاً عن حقك) وهذا غير موجود في واقع مجتمعنا العراقي والعربي.

وقد صدر عن رئاسة الوزراء مشروع قانون التعبير عن الحرية والتظاهر وهذا المشروع فيه تهميش واضح ولم يأخذ رأي المنظمات والأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية , وهذه نظره استعلائية هي ليست غريبة عن السلطة وتجاهل منظمات المجتمع المدني , وهذا يعني ان الديمقراطية ومشروعها في العراق قد ذبح بسكين السلطة قبل الولادة. فقد تضمن هذا المشروع أن تأخذ الجهات ذات العلاقة بالتظاهر لتحقيق مطاليبه ومطاليب الجماهير من خدمات وسوء ادارة وفساد اداري ومالي قبل خمسة ايام من التظاهر الموافقة من الجهات الأمنية وتحديد الزمان والمكان للتظاهرة وتثبيت اسماء طالبي التظاهر ومن الممكن فتح اظابير لهم عند الجهات الامنية ليستدعوا مستقبلاً وهذا يتنافى مع ما ذكره الدستور لحرية الرأي والتظاهر.

وما حدث لمنظمي تظاهرات 25 شباط هو دليل لما نعتقدهُ من طرح هذا المشروع ومناقشتهُ مستقبلاً من قبل مجلس النواب والتصويت عليه, ولكن لو درست السلطات الاسباب الاساسية للحركة الاحتجاجية في العراق وسبب استمرارها كان من الأفضل توفير مطاليبهم لوئد هذه الاحتجاجات. ومن اسباب هذه الاحتجاجات هي نهج الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية المحاصصة وهي ام الكوارث وغياب الديمقراطية وتردي الأمن وتفشي الفساد وغياب الخدمات وتنكر بعض النواب لمطاليب ناخبيهم من افراد الشعب.

لقد وقفت الحكومة والمتنفذين موقف التصدي لهذه الاحتجاجات خشيتاً على الامتيازات التي تحققت لهم مما ادى الى تطويقها للحركة الاحتجاجية يوم25 شباط وهذا يعتبر العمي الايديولوجي والاحتقار للرأي والرأي الآخر مما يؤدي الى قمع اصوات المحتجين الذي نادت هذه الاصوات بإصلاح النظام وليس اسقاطه باعتبارهم قد انتخبوا من يمثلهم بالعملية السياسية.

لقد كفل الدستور التظاهرات السلمية للمحتجين ولكن السياسيين لايتهموا بما يطالب به المحتجين حفاظاً على الامتيازات والمكتسبات التي تحققت لهم وتنكرهم لكل الوعود المعسولة في عملية الحملات الانتخابية للناخبين , وقد اعطى سيادة رئيس الوزراء مهلة المئة يوم لتحقيق مطاليب المحتجين من ابناء الشعب ولكن هذه المئة يوم من غير الممكن اصلاح وتقديم الخدمات في جميع المجالات للشعب العراقي , ولكن قد اصدرت فتاوى بتحريم التظاهرات على السلطة وهذا تحذير لارادة الشعب والجماهير المحتجة وتحيزها مع السلطة ودعوة الناس الى الانحياز لتلك الفتاوى , و هذا يؤكد الاصطفاف مع المذهب السني الذي لا يجيز الخروج عن طاعة ولي الامر, ويوضح عملية التسييس واستخدام الوضع لأغراض ضيقة واهمال رجال الدين لارادة الشعب والمتظاهرين وتسويف دعواتهم باعذار ان الحكومة بداية تشكيلها , ولكن نقول ان الفترة قد مرت اكثر من عام على انتهاء العملية الانتخابية والحكومة لم تكمل تشكيل الوزاراة الأمنية مما صعد العمليات الانتحارية من قبل القاعدة وأزلام النظام السابق.

في أي بلاد وفي بلادنا هنالك ثقافتان تتصارعان بين ثقافة الخنوع وثقافة رفض الخنوع للسلطة, والاحتجاجات في المحافظات بالحقيقة تتجلّى لهذا الصراع وستظل بين ثقافة التخلف وثقافة التقدم والتنوير. من ثقافات التخلف هي الاجراءات التي اتخذت بحق اتحاد الادباء ومعهد الفنون الجميلة في بغداد ومنع سيرك البصرة من العروض ورفض عقد مهرجان بابل وبعض اعضاء مجلس محافظة واسط قد طالبنّ باتخاذ محرم يعين براتب للخروج لعملهنّ والمطالبة من بعض المسؤولين بمنع الاختلاط بين الجنسين في المدارس الابتدائية وقد تنعكس على طلبة الجامعات.
علينا ان لا ننسى ان القديم لا يتلاشى بسهوله لبزوغ الربيع وليس بالقريب وهذا وهّم بإزالتهُ سريعاُ وقد ظهرت ظاهراة الصراعات على السلطة والمال والنفوذ ولكن هذه الصراعات ستنتهي الى شيء فخري بين المتنفذين من مناصري المحاصصات الطائفية والأثنية والأزمات ومرشحيهم الى تفاقمات وصراعات على السلطة.

سمات الحركة الاحتجاجية:
لا يوجد بلد بمنأى عن حركة الاحتجاج وقد خلى عن وضع اقتصادي وسياسي ولكن كل بلد لهُ سماتهُ الخاصة وهنالك انصار الحكومات والاحزاب السابقة وقد تُرِكا طليقين لإعادة الاستبداد الى البلد مره أخرى. يعتبر الشباب هم الداينمو للحركة الاحتجاجية وشرعيتها وهم يفتحون ابواب الأمل , كذلك الطبقة الوسطى المثقفة ودور المرأه وهي النور التي تبدد الظلام وشرارة إندلاع اللهيب للتغيير. هذه الاحتجاجات قد اتخذت منحى تصاعدياً بعمق حيث شملت مختلف ارجاء البلاد والطوائف والمناطقية والقوميات.

لقد برزت القضايا المطلبية الاحتجاجية وصيغت شعاراتها بشكل واضح حيث كان إجماع وطني بفتح آفاق جديدة وأزمات معزولة ذات طابع فئوي الى طابع شامل وتطويرها الى حركة شعبية لتحقيق المطالب العادلة.
لقد عبر الشباب المحتج الى تحويل الأصابع البنفسجية الى أصابع اتهام للقوى الحاكمة و طرق ادارتها لسياسة البلد والنقص الحاد في الخدمات وجميع مرافق الحياة المعيشية.

هنالك آراء وطروحات تدور في الساحة العراقية بأن سبب هذه الاحتجاجات والانتفاضات في العراق والمنطقه العربية هي الشرارة الاولى التي اطلقها بو عزيزي ولكن هذا الانسان البسيط ليس سبباً لهذه التغيرات التي حدثت في المنطقة ولكن عامل مساعد للتغير كما هو حال التكنلوجيا من النّت والفيس بوك باعتباره سلاح ذو حدين ومن الخطأ استنساخ التجارب العربية وتطبيقها في العراق , ولكن دور الاحتجاجات والتظاهرات سبب لاصلاح وتغيير النظام , ومن العوامل المهمة للاحتجاجات هو الظلم الواقع بحق الشعوب العربية وتزايدها والصراع بين الطبقة الحاكمة المتنفذة والشعب المظلوم المسلوب الحقوق مما تؤدي هذه التراكمات الى قفزة نوعية في التغيير والتظاهر للمطالبة بالاصلاح او الاسقاط.


 



 

free web counter