| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عبدالأمير الربيعي

 

 

 

                                                                                  الأحد 2/10/ 2011




رحيل الشاعرعلي الشباني..... مجدد القصيدة الشعبية العراقية

نبيل عبد الأمير الربيعي

رحل الشاعر الديواني علي الشباني صباح يوم 2-1-2011 بعد إصابته بجلطة قلبية ثم الشلل , هذا المناضل اليساري الذي كان أصغر سجناء سجن الحلة المركزي في ستينات القرن الماضي , حيث سجن وهو لم يتجاوز السابعة عشر من عمره , بسبب طبع وتوزيع منشورات الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الديوانية , مما أدى بالحاكم العسكري وقتها بالسجن مدة عشرين عاماً عليه وقد أطلق سراحه عام ,1968 وظل أميناً لأفكاره وحزبه بعد الهجمة الشرسة من النظام السابق أبان مطلع الثمانينات , ظل يدعم الحركة الأنصارية المسلحة التي قادها الحزب الشيوعي العراقي بعد تخلي الحزب الحاكم عن التحالف , وكان بيت الراحل محطة لكل ملتحق بهذه الحركة , وساهم مادياً ومعنوياً لهم وبقي محباً للحزب ومبادئه حتى سقوط الدكتاتور , حيث أسهم بشكل فعال في الجانب الثقافي والأدبي وفي المناسبات الشعرية والمهرجانات الأدبية في مدينة الديوانية حتى أصبح رئيساً لاتحاد أدباء الديوانية , ولكن بعد إصابته بجلطة قلبية والشلل مما أدى إلى وفاته.
كان الراحل عصامياً فقد أكمل دراسته الإعدادية حتى حصل على الماجستير في اللغة العربية , قبل رحيله أصدر ديوانين , الأول (أيام الشمس) عن دار نينوى عام 2001 والثاني (هذا التراب المرً حبيبي) عن دار الرواد عام2010 , بالإضافة إلى ديوانين للشعر العربي الفصيح والكثير من المقالات والتحقيقات الصحفية .
كرس حياته للأدب والشعر حتى تحول إلى ضوء ونجمة لا تغيب أبداً عن سماء الشعر الشعبي , كانت قصائده مشبعة بطقس الجنوب العراقي الشعبي ممزوجاً بالعلاقة الحزينة لإنسان ذلك المكان , حيث حول الصورة الشعرية كما يذكر القاص سلام إبراهيم إلى :(رسم عميق يشي بتلك الروح المعذبة والغاوية للحزن إلى الأبد , روح العراقي في الجنوب) , قصيدة الشباني وهي تستلهم من روح وحياة نبضها فتجعل القصيدة في مناخ وحشتها وهي تنعت في كينونة الإنسان ووحشة العمر .
من قصائده التي أثرت في الشباب المحب للشعر الشعبي (وضوح أول) والتي تبدأ هكذا:

جزيت الشوگـ.. عابر ظلكّ الوحشة
صلاة الليل، والشوگـ اليودلي المناير للصبح ممشه

بهذا المفتتح الموحش يخاطب علي الشباني صديقه "طارق ياسين" ذلك الظل الموحش، لكنه أيضاً ذلك الملاذ وقت الشدة:

وإنتَ..حلاتك يا برد بالصيف
غريب إتطگـ برد بالصيف

وأيضاً رمزاً للخلاص:

يا شجرة التعوف الناس وتعرس..
فيايه الگامة المصلوب

لكن الشاعر وهو يخوض في تلك المساحة الغامضة السرية التي تشيد رموزها في صمت بين رجلين عراقيين شاعرين عاميين يحلمان بمدينة الحرية يمعن الحوار في الأسئلة، في البحث المستحيل عن ناصية الخلاص في عراق السبعين يهمس الشباني بإذن طارق:

بس وينه اليراوينه البخت مكتوب
بضلوعك
يطير مسافر بريح الشجر.. والماي عيب يتوب

يؤكد الشاعر قدرية الحزن والتعب في مستقبل الأيام وكـأن الشباني الشاعر الرائي حقاً لفداحة العيش في بقعة وادي الرافدين الدامية:

جزاك الشوگـ
وأنت مدهون وروحك حنين أتطوف
وشراعك حلم تعبان
ظل غافي، أظن هم يستحي من الشوف

يصل الشباني في قصيدته المهداة إلى طارق لخلاصة تعني فعلاً غور ذلك العذاب الذي تضور في جحيمه العراقي طوال ثلاثين سنة عقبت كتابة قصيدة "غريب"

مهموم الشجر من ينطفي ويه الصيف
لن شح المطر بالروح
لو هذا العمر.. فتشنا بيه مجروح
:
سولِف..
سولف الشرجي لبس روحي ومشه
سولف وغيمك لبس روحي ومشه
جاس البحر گلبي ومشه
جاس الهوا.. جاس الدمع
جاس الليالي الموحشة
سولف نزع ثوبه الشجر
سولف لبس روحه البحر
سولف ترس روحي قهر..
روحي قهر
روحي قهر
وإنت حبيبي الماي.
بس يمته تفك باب النهر
چم باب..
كل خطوة قفل.. چم باب
يا ليل السوالف والعذاب
چم باب، بالوحشه إلك.. جم باب
غريب وبالمدينة تروح.. روحي وما ترد وياي
سولف ما ترد وياي
إنت "بكثر الهوا والماي"
حبيبي وما ترد وياي
مو ماتت مدينتنا قهر
بس يمته تفك باب النهر
نهر
نهر
نخله حزينه هناك واگف بس إلك..
مرْ يا نهر
وأصبر على جرفك عطش
وأعبر على مايك عطش
وأصعد مطر
مر
مر
مر يا نهر.

هذا التعامل المرن مع حالات البشر يمنح قصيدة الشباني ذلك العمق التاريخي والشعوري الملتصق في الحاضر بذلك اللهاث الذي يجعل من القصيدة شاهداً على المشهد العراقي في لحظة الكتابة.

 



 

free web counter