|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  24 / 1 / 2016                          مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 
 



 كما داعش فإن الميليشيات الطائفية المسلحة هي حتف العراق القادم

مصطفى محمد غريب
(موقع الناس)

عادت الأعمال الإجرامية الطائفية لتتصدر عناوين وسائل الإعلام العراقية والعربية والعالمية وهذه الجرائم لا تختلف قيد أنملة عن جرائم داعش الإرهاب في تنفيذها ومخططاتها الرامية إلى حرق المزيد وقتل المزيد وتدمير المزيد للوصول إلى الحرب الأهلية الطائفية، إلا أن الفرق الوحيد بينهما أن داعش الإرهاب يقوم بالاختباء في المدن والقصبات التي لا يسيطر عليها ويعمل بشكل سري وخلاياه العاملة تقوم بتنفيذ الجرائم من تفجيرات واغتيالات أما خلاياه النائمة تنتظر الأوامر للاستيقاظ والتحرك في الساعة المحددة وتكلف بمهمات التفجير والاغتيال وغيرهما، أما الميليشيات الطائفية المسلحة فهي علنية وتعمل أمام مسمع وأنظار الحكومة العراقية والأجهزة الأمنية لا بل وتمارس أعمالها الإرهابية وكأنها أجهزة تابعة للمؤسسات الأمنية الرسمية ولا نعرف ـــــ إلى أين ستؤدي هذه الحالة المزرية بمصير العراق والشعب العراقي؟ وبخاصة أننا نرى تزايدها وتنوعها واستهتارها وممارساتها الإجرامية وهي تقتل المواطنين الأبرياء بدون إي دعوى سوى الدعوة الطائفية ولأنهم من مكون آخر غير مكونهم، وهؤلاء يمارسون التجاوز على حياة وحقوق المواطنين الذين يجابهون ضنك العيش وقلقهم المشروع على حياتهم وعائلاتهم من الاضطراب الأمني زيادة إلى التهديد المستمر على أموالهم ، وتنشط البعض من الميليشيات المسلحة بشكل مستمر في مجال الاقتحامات المسلحة بهدف الاختطاف وحتى السرقة وتنشر وسائل الإعلام في كل ساعة ويوم حوادث متنوعة من سرقات وتجاوزات من قبل مسلحين يرتدون في أكثر الأحيان الزي العسكري ويستخدمون سيارات سوداء مظللة وبعد إتمام مهماتهم ينصرفون أمام أنظار الناس وبعد ذلك تقوم قوة أمنية بتطويق مكان الحادثة لكن دون جدوى لأن هذه الميلشيات تكرر أعمالها الإرهابية وتقترف الجرائم بدون أي رادع، أما البعض من الأجهزة الأمنية في النهاية تقوم بتطويق أماكن الجريمة بدون أية نتائج مرضية، ويسأل المواطن ــــ إلى متى تستمر هذه الحالة؟.. لكن الإجابة تبقى غامضة ومبهمة لان هناك حالات غير قليلة هي أقسى وأفظع حيث تتصدر الجرائم الطائفية الأوضاع بشكل علني وتؤدي إلى عشرات الضحايا الذين لا ناقة ولا جمل لهم فيها، كل ذلك هو من ممارسات الميليشيات الطائفية المسلحة، والأنكى من كل ذلك إن هذه الميليشيات استغلت وتستغل الحشد الشعبي وتعمل تحت غطاء شبه رسمي ولمجرد توجيه أصابع الاتهام لأعمالها الخارجة عن القانون والأعراف بما فيها الدينية يقوم البعض من الذين يتصيدون بالمياه العكرة ليخلط الأوراق بدلاً من كشف الحقيقة وكشف من يستغل الحشد الشعبي وتوجهات المرجعية ،فهم يكرسون اتهاماتهم وكأن من يكشف هذه الأعمال الطائفية هو بالضد من الحشد الشعبي وبهذا يتسترون على المجرمين والطائفيين الذي يسعون لتأزم العلاقات بين المكونات العراقية وتفجير الأوضاع ودفع البلاد إلى أتون حرب لا تبقى ولا تذر يحترق فيها الأخضر واليابس وهم يجلسون على التل يتفرجون سعداء بما يحصل من إراقة الدماء وتخريب البلاد وفي الوقت نفسه يدعون بالوطنية والخوف على وحدة العراق وعدم التفريط به، ولو تابعنا ما جرى من جرائم طائفية في ديالى وقبلها في الحلة وقبلها في أماكن عديدة حتى بعد تحرير المناطق من داعش الإرهاب لأيقنا أن هناك من يندس ويستغل ويغطي نفسه بغطاء المرجعية بينما يقوم بأعمال منافية لتوجهاتها وأهداف تشكيل الحشد الشعبي البريء منهم كما هو الذئب بريء من دم يوسف، إن ما قامت به الميليشيات الطائفية في ديالى والمقدادية خاصة مكشوف وملموس ولا يمكن التستر عليه هذه الميلشيات التي تنضوي تحت مظلة ( الحشد الشعبي ) ارتكبت جرائم بشعة ودموية بالضد من مكون آخر بحجة داعش الإرهاب بما فيها " ذبح المواطنين بالسكاكين " وما يكشف زيف هؤلاء وتسترهم التحذير الذي أطلقه المرجع الشيعي الشيخ محمد يعقوبي احد المراجع الأربعة الكيار في مدينة النجف حيث أشار " من أجندات هدفها إشاعة الفوضى والقتل لحماية المفسدين ومساعدتهم على الاستمرار بفسادهم" وأضاف بيان للشيخ محمد اليعقوبي" ما نسمع بين فترة وأخرى عن مقتل قاضٍ أو مهندس أو غيره لرفضهم الرضوخ للإغراءات التي يفرضها أصحاب هذه الأجندات" ولو بحثنا عن أعداد القتلى وبخاصة العقول العلمية والثقافية والأكاديمية فسوف نصعق للأعداد ونصعق أكثر على عدم وجود أي مؤشر امني أعلن عن اعتقال ليس مجموعة من المسببين المجرمين فحسب بل واحد فقط قدم للقضاء والجهة التي تقف خلفه إن كانت حزبية أو ميليشيات طائفية أو حتى قوى إرهابية!!..

أما في قضية ديالى وأحداث قضاء المقدادية وعمليات التهجير وهدم الجوامع وهي بيوت الله كما يقال مثلما حال بيوت الله الأخرى وهذا فعل إجرامي لا يختلف عن جرائم هدم الحسينيات والمساجد والكنائس على يد الإرهاب وداعش أيضاً، وبهذا الصدد أكد عمار الحكيم رئيس المجلي الإسلامي الأعلى أن هذه الأحداث "ليس لها إلا الإدانة التي صدرت من المرجعية الدينية والقوى السياسية والمجتمعية"، وأضاف " إن حجم الرفض والاستنكار لما جرى في ديالى يبين مستوى الوعي الذي وصل له المواطن العراقي برفضه للفتنة الطائفية " لسنا بصدد الفتنة الطائفية التي كانت تقريباً قبل الاحتلال وعلى امتداد حقب تأسيس الدولة العراقية شبه معدومة، ولا بالضد من تصريحات عمار الحكيم الذي ينتقد الطائفية لكن في الوقت نفسه نجد لا تصريحاته ولا تصريحات غيرها أثرت في كبح هذه الظاهرة الجديدة التي توسعت بعد الاحتلال والسقوط حتى صارت آفة خطرة سوف تنتشر وتتوسع أكثر فأكثر إذا لم تتسارع القوى الوطنية والخيرة في الحد منها وكبحها ومحاصرتها لسد الثغرة التي تسمح بالنفاذ منها القوى الإرهابية وداعش وكل من يريد توسيعها وجعلها واقع يفرض بالقوة، لقد أدت الأحداث الموثقة في ديالى عموماً وفي المقدادية خاصة وفي تسجيلات واضحة مدى الاستهتار الطائفي من قبل الميلشيات الطائفية بحياة المواطنين الأبرياء ضاربين عرض الحائط توجهات القوى الوطنية والديمقراطية والمرجعيات الدينية وكيف يجري استغلال الحشد الشعبي ليكون غطاء للتخندق تحته ولتمرر التوجهات الطائفية البغيضة التي تتساوى من الجرائم الإرهابية التي يقوم بها داعش الإرهاب مما أدى إلى غضب في المرجعية وبخاصة السيد علي السيستاني ومعارضته " لاستمرار تفجير جوامع عائدة للسنة " كما طالب السيد السيستاني الحكومة العراقية بمنع وجود مسلحين خارج " إطار الدولة ومن أي طائفة كانت " وأشار الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجعية خلال خطبة الجمعة في كربلاء إلى " أن قضاء المقدادية بمحافظة ديالى قد شهد هذا الأسبوع أعمالا إرهابية بتفجير عدد من المساجد والمنازل (للسنة) " واعتبر هذه الجرائم جرائم تؤدي إلى التفرقة والإضرار بالسلم الأهلي، كما جرت ادانات واسعة من قبل الأمم المتحدة و منظمة أوروبية لحرية العراق ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات المدنية ولم تقف الادانات على ما ذكرنا فقط بل أن لويس روفائيل الأول ساكو بطريق كلدان العراق والعالم طالب الحكومة بحماية المواطنين مؤكداً إن "البطريركية الكلدانية في العالم تدين بشدة الاعتداءات المشينة التي طالت المساجد في المقدادية بمحافظة ديالى وتعدها انتهاكًا صارخاً ومهينًا لحرمة الدين وقيمه وأصحابه"، وأشار أن "هذه المعابد هي بيوت الرحمن واستهدافها هو استهداف من يُعْبَد فيها".

أن الحديث عن هذه الجرائم قد يطول ويتكرر وبخاصة أن مئات المثقفين والكتاب والأدباء والسياسيين الوطنين العراقيين وغير العراقيين كتبوا وفضحوا بشكل ملموس ومدعوم بالوثائق المادية جرائم الميليشيات الطائفية المسلحة التي تُتتهم إيران بدعمها لان البعض من مناطق محافظة ديالى محاذية لحدودها وهي تسعى إلى تغيير ديموغرافي " لتهجير السنة من مناطقهم " وهم يعدون بالملايين وهو تطهير عرقي وقومي وطائفي والخشية من أن تتحول هذه الظاهرة إلى ظاهرة شاملة وعند ذلك لا مناص من الحرب الطائفية وبخاصة إذا ما راجعنا الأعداد غير الطبيعية من ضحايا الاحتقان الطائفي وهي نتيجة سببها تقاعس الحكومة العراقية من مواجهة هذه الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران وغير إيران وتبدو أحيانا غير جادة إلا من بعض التهديدات والتصريحات الرنانة والاستنكارات التي لا تغني بشيء لان الميلشيات الطائفية المدعومة داخلياً وخارجياً سرعان ما تعود بأساليب جديدة بما فيها قضيا التجاوز على المال العام والمال الخاص، ومع ذلك فنحن على أمل أن يتحقق ما صرح به حيدر العبادي بعد زيارته المقدادية الثلاثاء 19 / 1 / 2016 وببيانه حيث قال" حمل السلاح خارج إطار الدولة لن نسمح به"، وأشار البيان " أي سلاح خارج هذا الإطار نعتبره سلاحاً لعصابات (داعش) الإرهابية ويحقق أهدافها" لعلنا نصبر "وللصبر حدود!".

.. إن غالبية أبناء الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية والديمقراطية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني تؤكد وتطالب بأن الأوان قد آن للحد والتخلص من السلاح والمسلحين والميلشيات والمافيا لان بقائهم بهذا الشكل المستهتر والمتحدي للقوانين وللدولة ولأكثرية الشعب العراقي بكل مكوناته، ومثلما هو حال داعش الإرهاب فان الميلشيات الطائفية ستكون حتف العراق القادم بدون شك أو تأويل.



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter