|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  11 / 8 / 2017                      مصطفى محمد غريب                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 
 



 كم من مرة صوت البرلمان على قانون الانتخابات الجائر؟!

مصطفى محمد غريب
(موقع الناس)

لقد كتبنا أكثر من مقال أكدنا فيه أن قانون الانتخابات التشريعية ومجالس المحافظات الحالي الذي تستخدمه القوى الكبيرة المتنفذة قانون غير عادل لا يخدم التوجه لبناء الدولة المدنية، وقد وضع لصالح هذه القوى ولسد الطريق أمام ممثلي الشعب الحقيقية كما بينت الأحداث والوقائع لكي تتمتع هذه القوى بالأكثرية المطلقة في البرلمان والاستحواذ على المناصب والمسؤوليات، والأعجب من العجيب لم يستفد هؤلاء من ( 14 ) عاماً من الفشل ولا من تجربة ما حل بالبلاد من فواجع وضحايا بشرية، ولا من الاستيلاء على المحافظات الغربية ثم القتال المرير الذي خاضته القوات المسلحة والبيشمركة والحشد الشعبي والعشائري لاستعادتها وأخيراً لإخراج داعش من الموصل، وبقى الإصرار على الهيمنة والوقوف بالضد من إي معارضة تذكر إن كان في البرلمان أو غير البرلمان ومثالنا الحي تصويته على قانون انتخابات مجالس المحافظات باعتماده سانت ليغو 1.9 الذي سيكون هدفه الإقصاء وعدم الاعتراف بالتعددية السياسية، ولو سألنا البرلمانيين الذين صوتوا بقبوله ــــ ألا هزتكم ولو شعرة عن ما حدث من ضحايا بشرية وخسائر مادية في الحرب ضد الإرهاب وداعش بالذات؟ لصمتوا صمت القبور.

ــــ لماذا لا يفكر هؤلاء مرة واحدة من هو المسؤول عن ما حدث في المناطق الغربية وعلى رأسها الموصل؟ ــــ ما ذنب الشهداء والضحايا في القوات المسلحة، ما ذنب المدنيين من القتلى والجرحى والمهجرين والمهاجرين؟ وهؤلاء المتنفذين يستخدمون الأسلوب نفسه في الإقصاء والهيمنة وبالضد من أي قوى ترفض المحاصصة الطائفية ونهجها منذ البداية ـــــ ماذا يراد من العراق أكثر من هذا الدمار والتخلف والتبعية ؟ ــــ ماذا يراد من الشعب العراقي أكثر من هذه المأساة المروعة؟ــــ ما ذنب العائلات التي فقدت مئات الآلاف بسبب الحرب والإرهاب وهم يرون البعض من القوى الكبيرة سائرة في غيها بحرمان مئات المواطنين من ممثليهم الحقيقيين في البرلمان ــــ ألا يكفي هؤلاء الثروات والمناصب والغنى غير المشروع وما كسبوه بأشكال غريبة من الأموال العامة ومن ممتلكات وقصور ودور وأراضي وما حصل عليه أبنائهم من مكاسب حتى الدراسة خارج العراق بينما يعم الطبقات الكادحة وأصحاب الدخل الضعيف الفقر والبطالة والتشرد والأمراض وتدني الخدمات من كهرباء التي أصبحت مضرب الأمثال والندرة والماء والعراق أبو المياه التي أخذت إيران وتركيا تلتفت لها لكي تحرمه منها.ــــ لماذا العداء لقانون انتخابي عادل بدلاً من قانون مجحف يصادر الحقوق وفق مواد يعترض عليها المواطنين والقوى الوطنية ما بين علمانيين ودينيين وقوميين وممثلي العديد من المكونات الأخرى.

نستطيع الإجابة لسهولتها وليست معقدة كما يصورها البعض، أنهم أعداء للديمقراطية والنائب هيثم الجبوري أكدها إن "أحزاب السلطة في مجلس النواب اتفقت فيما بينها بالاستحواذ على العملية السياسية وقتل الديمقراطية" ونقول أيضاً أنهم يخشون رؤية ممثلي الكادحين وأصحاب الدخل الضعيف والمثقفين أمامهم في البرلمان حتى لو لم يتجاوز عددهم أصابع اليد، ــــ ولماذ؟ لكي لا يقف احدهم ويسألهم ـــ لماذا هذا الخراب ؟ ولماذا هذا الفساد والطائفية؟ لكنهم يدعون فشل التعددية ويريدون معاقبتها بهذه الطريقة! ومثلما أشار رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي لطريق الشعب " أن هذا التوجه للكتل المتنفذة لم يكن خافياً علينا، فهذه القوى تريد الاستئثار بالسلطة، وهي غير راغبة في التعددية السياسية والمشاركة الفعلية في إدارة البلاد" وأشار السيد رائد فهمي متابعاً "إلى أن المتنفذين يلاقون الفشل في إدارة المحافظات خلال الدورة الحالية، على التعددية التي حصلت بصعود قوى ووجوه جديدة إلى مجالس المحافظات في الدورة الحالي" ــــ أيها السيد رائد فهمي متي اعترفوا بالفشل في إدارة البلاد منذ 14 عاما ؟.. فمن فشل إلى فشل ثم فشل وكلمة الانتصار ترقص كرقصة شرقية على شفاه الفاشلين " علمٌ فوقهُ نارُ " وتذكرنا بانتصارات صدام حسين المزعومة وهي تهز جيدها على السنة البعض بدون خجل بالترديد كالببغاء والعياذ بالله ! .. البرلمان العراقي اثبت انه فعلاً ليس بالسلطة التشريعية التي تهتم بمصالح الشعب بقدر اهتمامه بمصالح القوى المهيمنة على القرار السياسي وقادت البلاد منذ سقوط النظام الدكتاتوري، وأصبح واضحاً للجميع ليس في العراق فحسب بل العالم اجمع، فوسائل الإعلام العالمية تناولت وضع البرلمان وعمليات التزوير والتزييف وإقرار التعديلات الأخيرة بالازدراء والانتقادات الحادة واعتبرته برلماناً فاشلاً فقد أشارت واحدة منها الجريدة الإنكليزية ( الديلي ميل
Daily mail) وبالخط العريض على صفحتها "البرلمان العراقي أفشل مؤسسة في التاريخ الإنساني Iraqi Porliament is the worst institution in the history " لم تقتصر الانتقادات للبرلمان على القوى الوطنية والديمقراطية فقط بل أعلنت حتى منظمات سياسية دينية من داخل التحالف الوطني نفسه انتقادها لتصويت البرلمان الأخير، مثل كتلة الفضيلة والتيار الصدري الذي شارك في المظاهرات الصاخبة التي عمت العديد من المحافظات وفي مقدمتها العاصمة بغداد ورفع شعارات واضحة تدين الفساد وعملية التصويت وطالبت بعدم إقرارها، أما رئيس كتلة الفضيلة في البرلمان عمار طعمة فقد أعلن " عن أسفه "الشديد بشأن تكرار نفس الخطأ عندما صوت البرلمان على تمرير النظام الانتخابي غير المنصف المعتمد في توزيع المقاعد على الفائزين من خلال تصويته على سانت ليغو 1,9" أما زاهر العبادي النائب عن تيار الإصلاح فهو يتابع جمع التواقيع لإعادة التصويت على " المادة 12 من قانون انتخابات مجالس المحافظات المتعلقة بنسبة 1.9 في نظام سانت ليغو " وقال النائب زاهر العبادي أن "الأطراف التي صدعت رؤوسنا بالإصلاحات والحديث عنها واليوم أثبتت عكس ما رفعته من شعارات حين وضعت النسبة بهذا الشكل مما سيمنع الكتل الصغيرة من الحصول على مقاعد في مجالس الانتخابات المقبلة ويرسخ بقاء الكتل الكبيرة".، حتى السيد أياد علاوي رئيس ائتلاف الوطنية ورئيس الوزراء السابق أعلن موقفاً رافضاً لهذا التصويت وقد نشرت إيلاف نص تصريحه الذي قال فيه " لقد حذرنا مراراً وتكراراً من أن أي محاولة لإقرار قانون انتخابات لا يضمن العدالة والمساواة لجميع الكتل المشاركة ولا يستجيب لمطالب الحراك الجماهيري بتحقيق انتخابات نزيهة" ، وأنحى باللائمة على نهج المحاصصة السياسية والطائفية التي جرت العراق إلى ويلات يعانى منها حتى هذه اللحظة ، ومن يطلع على خطاب مقتدى الصدر يوم الجمعة وقوله " إقرار قانون انتخابات بصيغته الحالية موت لتطلعات الشعب بالإصلاح وحذر من تحول العراق إلى "سجن" ، أو ما قاله رئيس كتلة الوركاء النيابية جوزيف صليوا في حديث لـ السومرية نيوز، إن "بعض الكتل الكبيرة تصر على صياغة القوانين المهمة على مقاساتها وأهوائها، خاصة ما يتعلق منها بالانتخابات وإدارة الدولة"، ثم تأكيده إلى أن "تلك الأطراف تريد إسكات الأصوات المعارضة لها من خلال إبعادها عن حقها المشروع بالحصول على مقاعد برلمانية" ألا يعني كل ذلك (لم نذكر الكثير من القوى المعترضة ومنظمات المجتمع المدني بما فيهم عشرات الالاف الذين خرجوا في مظاهرات كبيرة في المحافظات أو بغداد) أن الإصلاح الذي أطلقه رئيس الوزراء حيدر العبادي أصبح حبرا على الورق ــــ فكيف يمكن إجراء إصلاحات جذرية بوجود هذا القانون أو المهيمنين على القرارات؟ وبوجود صراع لا مبدئي على السلطة لكن وفق اتفاق مبرم طبقي ضد ممثلي الشعب والوقوف بالضد من وجودهم في البرلمان؟ ، هذا الوقوف يتطلب اعتماد طريقة سانت ليغو 1.9 والتصويت على 21 مادة من قانون انتخابات مجالس المحافظات في احتساب الأصوات وهي بروفة ستؤدي إلى جعل قانون الانتخابات التشريعية برمته يتلاءم مع التوجه إلى الهيمنة المطلقة على البرلمان وتنفيذ هدف ( ولا واحد معارض كي يبقى البيت لمطيرة أطير بي ألف طيرة ) ، إذن مازال النهم والجشع للسيطرة والاستيلاء أكثر لتكون النسبة 100% وعند ذلك يقال ، انتصرنا على من يطالب بملاحقة الفساد وبالديمقراطية والدولة المدنية! والحديث قد يطول حول الفوائد الأخرى، لا نريد الخروج عن موضوعنا الرئيسي الذي يجب أن يبقى في قضية قانون الانتخابات فيما يخص البرلمان ومجالس المحافظات الذي يتطلب الوقوف ضده والنضال من قبل جميع القوى المدنية والوطنية والديمقراطية أن تقف ضد " نهج الاستبداد والمحاصصة " ونتفق مع ما طرحه رائد فهمي " ونحن نسعى، إلى منافسة ديمقراطية نزيهة، فلابد من توفير مستلزمات نزاهة العملية الانتخابية، ومنها تشكيل مفوضية مستقلة ونزيهة بعيد عن المحاصصة ولا يتحكم فيها نفوذ أحزاب السلطة" هذا هو الطريق الذي يجب أن يسلك وليس طريق الإقصاء والتهميش لممثلي الشعب وإعطاء مقاعدهم كما في السابق إلى أشخاص لم يحصلوا إلا على بعض من الأصوات لأنه نهج الطائفية والمحاصصة ووفق هذا القانون الانتخابي الجائر.

يجب أن يُرفض هذا التعديل ومنع إقراره لأنه بالضد من المصلحة الوطنية ودليل على جشع القوى الكبيرة وعدم احترامها لإرادة الجماهير والقوى الوطنية والمستقلة ومنظمات المجتمع المدني، فكم من مرة يسد البرلمان أذانه عن المطالب الحقوقية التي تتمثل بضرورة التصويت على تعديلات تلغى الشوائب المتعلقة بقانون الانتخابات التشريعية ومجالس المحافظات وان يكون القانون عادلاً يساوي الجميع وفق ما أشار له الدستور العراقي؟ كم من مرة ينكر البرلمان بأن أكثر من 80% من أعضائه لم ينالوا سوى أدنى الأصوات واستولوا على أصوات الآخرين غدرا ، ولهذا فهم لا يمثلون المواطنين الذين ادعوا وادعى رئيس البرلمان أنهم يمثلونهم؟ وقد أشارت جريدة طريق الشعب بقلم محررها في هذا الصدد " أما من يذهب من القادة السياسيين المتنفذين إلى حد الدعوة إلى عدم الإنصات إلى صوت المطالبات الشعبية ، فانه يتحمل مسؤولية الاستخفاف بهذه الإرادة الشعبية وما يمكن أن تجره من عناصر تأزم وتوتر مجتمعي"

نتحداهم - ليجربوا مرة واحدة قانون انتخابي تشريعي و لمجالس المحافظات عادل ومقبول وسيرى الأكثرية منهم وضعه ومكانته الجماهيرية المتدنية ؟ يجب أن يفقه كل من يريد أن لا يفقه حقيقة أن العراق يدمر بأيدي البعض ممن يدعي انه حريص عليه..



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter