|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  10 / 5 / 2015                          مصطفى محمد غريب                              كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



 هل تقسيم العراق هو الحل للأزمة السياسية والطائفية؟

مصطفى محمد غريب

لقد كَثر الكلام وجرى تداوله منذ بدء الأزمة السياسية والطائفية وأعقبته مئات الأقلام التي سطرت آلاف المقالات على أطنان الورق حول تقسيم العراق إلى دويلات ثلاث، وشبهت ظروفه بظروف اتفاقية سايس ـــ بيكو ( مع الفارق ) الذي كانت حسب استشارة قدمها الفرنسي جورج بيكو والإنكليزي ومارك سايس في الشهر 11/ 1915 ثم خرجت الاستشارة للنور لتكون في 5 / 1916 اتفاقية سايس ــ بيكو وبها جرى تقسيم المناطق إلى ثلاث مناطق نفوذ للدولتين البريطانية والفرنسية، هذا التشبيه الذي حدد التقسيم العراقي بثلاث مناطق أصبح هاجساً يومياً لأكثرية الشعب العراقي وقلقاً جارحاً للقوى السياسية الوطنية والديمقراطية وكل الشرفاء، إلا أن الذي غاب عن ذهنية البعض من قوى الإسلام السياسي صاحبة القرار والمهيمنة على السلطة أن السبب الذي دعى إلى هذا الوضع المتردي يتحمله البعض منهم لأنهم اعتمدوا النهج المحاصصي الطائفي والحزبي بدلاُ من النهج الوطني الذي يوحد ويفشل كل المخططات الهادفة للتقسيم وفي مقدمتها مشروع جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي اوباما أو ما قاله بخصوص تقسيم العراق بين الشيعة والسنة والكرد، واليوم يتكرر الكلام وتكتب المقالات وتطلق التصريحات على مسامع المواطنين والكثير من الساسة والمثقفين العراقيين بخصوص المشروع المقدم للكونغرس الأمريكي من قبل السيناتور مالك ثورنبيري والذي نص على تسليح الكرد (البيشمركة) والسنة " هكذا قيل " على أساس كونهما بلدين يحظيان بمساعدات مباشرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية مثلما حال الحكومة العراقية، هذا التوجه من قبل الكونغرس الأمريكي يعتبر بادرة خطرة على وحدة العراق وتدخلاً سافراً في شؤونه الداخلية، ولكن علينا معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت لاتخاذ مثل هذا القرار بعدما تردت الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وأصبحت جهات معينة تملك السلاح بكل أنواعه دون غيرها وبرضاء الحكومات العراقية المتعاقبة بداية من وزارة إبراهيم الجعفري، وهنا يحق لنا ولغيرنا أن نستفسر ونسأل.

- لا نعرف كيف جرى تسليح الميليشيات ومن أين جاءت هذه الأسلحة المختلفة الخفيفة والثقيلة؟ ـــ وهل هي تحت يد ودراية الدولة أو أنها مستقلة بالقرار والعمل؟ ــــ ولماذا تصمت الحكومة ولا تنبس بأي حرف حول هذا الكم من السلاح الذي يظهر علناً بيد الميليشيات أو أية أسماء تذكر؟ ـــــ وكيف يمكن أن تقوم البعض من الميليشيات بالاستعراض العلني وبأسلحتها حتى الثقيلة وبحماية الشرطة والأجهزة الأمنية؟ ــــ ولماذا هذه المراوغة والتأخر عن تسليح البعض من العشائر في الغربية لمحاربة داعش والإرهاب؟ أما ما قاله عضو مجلس محافظة الانبار فرحان محمد في حديث لـ الشرق الأوسط " إن الحكومة العراقية لم تجهز أبناء عشائر الانبار بالسلاح منذ سنة وأربعة أشهر، وبعدها قالت لنا اذهبوا لتسليح أنفسكم بأنفسكم، ولم تقم بشراء الأسلحة أو تجهيز أبناء العشائر بها "
وعقب فرحان محمد بأنهم ضد إي تدخل في الشؤون الداخلية إلا أن أهالي الانبار عانوا بعد النزوح إلى خارج مناطقهم وأكد موضحاً " وعدم تسليح أبناء العشائر، رحب أهالي الانبار بالمشروع الأمريكي لأجل تسليحهم وتحرير مدينتهم وعودة الأهالي من النازحين المشتتين في المدن إلى مدينتهم الانبار" ( بالمناسبة حول الحديث عن السلاح ) فقد تم الكشف عن سرقة مشجب السلاح العائد لرئيس الوزراء ويقدر السلاح كما أُعلن " بأن كمية الأسلحة المسروقة تعود لفرقة عسكرية تابعة لمجلس الوزراء وقد تم تهريبها على وجبات في سيارة مسؤول برئاسة الوزراء" وعلى ما يبدو من قول النائب حسين المالكي عن ائتلاف دولة القانون لوكالة كل العراق " أين " من أن مسؤول مشجب رئاسة الوزراء ( يحيى عبد الحمزة الطويرجاوي الذي هرب إلى جهة مجهولة بعد اكتشاف اختفاء عدد كبير من الأسلحة من المشجب ) قام بسرقة وتهريب السلاح حتى أصبح المشجب خالياً وأشار حسين المالكي " كان يقوم بتهريب السلاح على شكل وجبات " واستمر في توضيح الطريقة "كان يهرب كميات السلاح على وجبات قليلة تتم بسيارتين لهما نفس اللون يضع الأولى أمام مكتبه للتمويه بأنه موجود" وتابع أن "السلاح المسروق الآن لا احد يعرف مصيره أو وجود أي مستند يتعلق به فكلها مفقودة" وهنا يبرز سؤال محدد ـــ أين ذهبت كمية السلاح التي تعادل تسليح فرقة عسكرية وهي تقدر بالملايين من الدولارات؟" من عينه في هذه الوظيفة الحساسة والخطرة جداً والى من ينتمي من أحزاب الإسلام السياسي مسؤول مشجب السلاح التابع لمجلس الوزراء ؟.. هذا غيض من فيض ويقولون أن العراق يعيش أزمة مالية واقتصادية!!

- هناك العديد من المسميات المسلحة دخلت الحشد الشعبي بهيكلها العسكري التنظيمي وبقت تتحرك بأسمائها المعروفة وبحدودها التنظيمية وتعلن عن عملياتها العسكرية الخاصة في جميع الوسائل الإعلامية العراقية وغيرها، ألا يخالف ذلك توجهات المرجعية الدينية وتصريحات رئيس الوزراء حول بنية الحشد الشعب وضرورة خضوعه وقيادته من قبل الدولة والقائد العام للقوات المسلحة؟ وكيف سيجري التعامل معها وقد ازدادت تسلحاً وعدداً بعدما يتم القضاء على داعش؟!

هذه الاستفسارات والأسئلة وغيرها لا تغير من الموقف المتخذ الذي رفض قرار الكونغرس الأمريكي حول قضية التسلح بدون ضوابط وبعيداً عن ضوابط الدولة والحكومة العراقية، رفض السلاح بأي شكل كان إذ لم يكن تحت أنظار وموافقة الحكومة المركزية، فبدون ذلك سوف تعم الفوضى ويستعمل السلاح في مكان غير مكانه مثلما يحدث أحياناً من قبل الميليشيات، وبهذا نجد من الضروري أن يرفض إي سلاح لا توافق عليه الدولة وبعيداً عن المؤسسات الأمنية الشرطة والجيش وان يكون القائد العام للقوات المسلحة القائد والمشرف العام عليها، وان تسعى الحكومة إلى نزع السلاح من جميع الميليشيات أو تضعه تحت قيادة الحكومة العراقية.

هذه الإشكاليات وهذه التعقيدات اشرنا إليها منذ أن كانت في المهد ووضعنا النقاط على الحروف كما يقال عندما أكدنا أن مخاطر التقسيم تلوح في الأفق ولا يمكن الاستهانة بها وعددنا الأسباب والنتائج، إلا أن الذي حدث هو غلق الأذان أو عدم الالتفات للمخاطر واعتبرت عبارة عن مناكفات سياسية وإعلامية، على ما يبدو أن البعض أدرك متأخراً جداً مخاطر وأسباب التقسيم ومن هؤلاء النائب عن التحالف الوطني حيدر الفوادي حيث صرح للسومرية نيوز / بغداد الأربعاء 6 / 5 / 2015 أن "البلاد على أعتاب التقسيم نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد الناجمة عن الاختلافات السياسية في إدارة الدولة" ثم اتهم البعض من السياسيين باطنياً بالرشوة والخيانة وان لم يقل علناً وأكيد انه يعرفهم لكنه لم يذكر أسمائهم " بعض السياسيين ينتظرون اليوم اﻻول من كل شهر ليستلموا فاتورة كتب عليها مبالغ تقسيم العراق"، لقد وعينا قبل هذا الكلام أو غيره خطورة الموضوع وكنا نرى كيف تتطور الأمور سلبياً وتلعب أدوات واليات التقسيم لعبتها في الجانبين قوى الإرهاب والميليشيات الطائفية والبعض من السياسيين الرديئين فضلاً عن تراخى حكومة نوري المالكي وتشجيعها للتطاحن الطائفي والمَيل نحو المشروع الإيراني الذي من بوادره التدخل في الشؤون الداخلية إضافة إلى ما تقوم به بعضاً من القوى السياسية التي تناهض المشروع الإيراني بمشاريع عربية متحالفة ولها موقف من السياسة الإيرانية كالسعودية وقطر وغيرهما، هذه الصورة للوضع الداخلي وغيرها من الصور التي تتنوع في تبيان المشاكل والتعقيدات خلقت المبررات نحو التوجه لإقامة الأقاليم ليس على نطاق المحافظات الغربية فحسب إنما المحافظات الجنوبية ونذكر في المضمار المتطلبات بإنشاء إقليم البصرة أو إقليم الوسط... الخ الفكرة هذه لا تخالف الدستور لكنها تحتاج إلى الظروف الذاتية والموضوعية الملائمة، وفي هذه الحالة يكمن جوهرها بظهور مزالق تفكيك إدارة الدولة والتسريع لنزعة الانفصال واستقلالية القرار عن المركز.

المشروع الأمريكي لا يمكن أن يُمرر بهذه الطريقة فهو تدخل في الشأن الداخلي للعراق ويعد تجاوزاً على سيادته الوطنية ولا يمكن القبول به، ومع ذلك نحن نتفق مع جاء في تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي " نعم للدعم والإسناد من دون شروط " ومن دون تدخل خارجي وندعو الحكومة العراقية إلى التسريع في تسليح العشائر لمحاربة داعش وقوى الإرهاب وحسب التصريح الموما إليه "ندعو الحكومة العراقية إلى توفير كل المستلزمات الضرورية لإدارة معركة ناجحة ضد داعش، وكل أعداء العملية السياسية والقيام، في إطار الدولة وإشرافها وتوجيهها، بتسليح القوى والجهات الصادقة في تصديها لهذا الخطر الداهم وقطع الطريق عن مخططاته الإجرامية وأهدافه التدميرية".. إن القضاء على الإرهاب والقوى التي تريد خراب البلاد وتعطيل بناء الدولة المدنية يحتاج إلى تضافر جهود جميع الخيرين الذين يرون في الديمقراطية ونبذ الطائفية معيار للانتصار والنجاح.

سؤال صريح نريد الإجابة عنه ــــ هل التقسيم على الأبواب؟ .. ما رأيكم ؟؟؟؟؟؟؟.







 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter