|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  8  /  10 / 2024                       محمد جواد فارس                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

حسين سلطان صبي
مناضل وطني و شيوعي أصيل، من ذاك الزمان

محمد جواد فارس *
(موقع الناس)

[لقد كنت وطنيا قبل أن أكون شيوعيا ، وبعد أصبحت شيوعيا بدت أشعر بمسؤولية أكبر تجاه وطني وشعبي]
رد يوسف سلمان يوسف (فهد) أمام المحكمة
من مذكرات محامي الدفاع الشيوعي المحامي مكرم الطالباني

من كتاب [أوراق من حياة شيوعي حسين سلطان صبي 1920 -1992] إعداد : خالد حسين سلطان ، وخالد هو الإبن الخامس بين إخوانه لحسين سلطان ، واستاذ في أهم مدرسة في العاصمة بغداد بالاعدادية المركزية ، ومن الأساتذة الاكفاء في تدريس مادة الرياضيات الحديثة ، و نشط في تدريس الرياضيات ، وله أعمال سياسية و علمية ، كتب منها مجلدين عن شهداء الحركة الشيوعية العراقية ، وكتاب عن بلقيس شرارة الثائرة الصامتة ، و قد عمل معرض صور استذكارا لشهداء الحزب الشيوعي العراقي في شارع المتنبي على نهر دجلة في يوم ميلاد الحزب في 31 آذار ، تضمن كل قوافل الشهداء بدءاً من يوسف سلمان يوسف (فهد) مؤسس الحزب ورفاقه و حتى شهداء الدكتاتوريات اللاحقة ، و أصدر الطبعة الثانية من كتاب أوراق من حياة شيوعي حسين سلطان صبي ، علما بأن الطبعة الأولى صدرت عن دار كنعان في دمشق في اواسط التسعينات من القرن المنصرم وعن طريقي بطلب من باقر ابراهيم ٠

تعرفت على اسم حسين سلطان في عام 1957 , في حادث حدث في مدينة الحلة و بالضبط في محلتنا (المهدية) ، عندما كبس بيت حزبي للشيوعيين من قبل مديرية أمن الحلة ، كانوا في اجتماع حزبي لأعضاء منطقة الفرات الأوسط ، باقر ابراهيم و حسين سلطان و عدنان عباس و اخرين و انتشر خبر الحادث بين اوساط الناس في مدينة الحلة . و شاءت الاقدار و الصدف في الثمانينيات من القرن الماضي ، أن أذهب إلى إسعاف مريض ساكن في مخيم اليرموك و هو يعاني من ربو قصبي حاد متعدد النوبات ، وشاهدت البيت معتم لا تدخله الشمس و رطب ، مما تذكرت هذه الظروف غير الصحية لرفيق مسؤول و فهمت أنه مهمل و هذا قرار من (فوك) ، وتكرر لقاءنا في العيادة لقربها من سكنه يأتي الي و هو في حالة ضيق نفس شديد اعطيه الأوكسجين و العلاج اللازم له ، حتى يستقر وضعه ، و بقت علاقتنا الرفاقية قائمة في زيارات له ، حتى تنقله بعدد من المساكن في دمر البلد و من ثم في برزة البلد لحين سفره إلى براغ ٠

و اريد ان اكتب حول هذا الكتاب المتضمن عن حياة احد القادة في الحزب و هو من انحدار و انحياز للطبقة العاملة ، تضمن الكتاب في البدء الاهداء ما نصه [إلى كل شيوعي أصيل من شيوعي الديالكتيك و البروليتاريا ، من تلاميذ الشهداء الابطال فهد وحازم و صارم و سلام عادل و محمد حسين أبو العيس و حسن عوينة و الحيدري والعبلي من تلاميذ المرحومين حسين سلطان صبي و ناصر عبود وعبد الأمير عباس و محمد حسن مبارك ٠٠٠٠٠٠٠٠ ] ٠ وجاء في المقدمة :
هذا الكتاب هو محاولة لتوثيق جزء من تاريخ الحزب . رجل عمل في الوسط السياسي و الحركة الوطنية العراقية لأكثر من نصف قرن ٠ حاول كتابة وتسجيل مذكراته خلال السنوات الأخيرة من عمره و لكنها تبعثرت هنا و هناك وضاع القسم الأكبر منها بسبب عدم الاستقرار في مكان واحد و لكثرة التنقلات لظروف المنفى و العمل السري) ٠

حسين سلطان حمادي من ال صبي في النجف و الكوفة، ولد في مدينة النجف عام 1920 و هو عام الانتفاضة العراقية المعروفة بثورة العشرين، سكنت العائلة في مدينة الكوفة في عام 1922 و حتى عام 1946 وعندما عاد إلى النجف مارس عملة الذي بدأ به في الكوفة نساجا اي (حائك) ٠ و على ذكر هذه المهنة حدثني عن اختفائه في بيت الرفيق السيد هادي بحر العلوم في النجف و العائلة شيوعية داهم أمن النجف الدار بحثاً عنه ، و كان لديه مخبأ يختفي به عند الطوارئ ، وعندما جاء مفوض الأمن شاهد طفل من الأبناء و هو (جودي) يقف قرب المخبأ قال له مفوض الأمن روح من هنا اي أذهب ، الطفل كان جوابه عمو دخل هنا ، و عندما رفع الغطاء والخشب، وجد حسين سلطان قال له شو تعمل هنا حسين ؟ ، قال له أحوج فرفوري، كان أبو علي صاحب نكته في أحلك الظروف، و الثانية ذكرها لي قال عندما كبس بيت الاجتماع في محلتكم المهدية في الحلة كنت اتوجس ان هناك كمين ، وعندما أدخلت راسي و اذا باحدهم يسحبني من العقال وهو في رقبتي إلى الداخل ، قلت له (يواشك) اي على مهلك عرفنا يا حسين وهنا المقصود (الحسين ابن علي) شجابك للكوفة في معركة الطف في الكوفة ، مو يا حسين شجابك للحلة ؟ ٠ وفي أوراقه يكتب حسين سلطان عن سجن بغداد المركزي و سجن الكوت خلال عام 1949 - 1950 متحدثا عن المعاناة ويذكر كيف أن غرفة واحدة كانت تضم أكثر من خمسة وعشرين شخصا ورغم ذلك كنا نقيم ندوات سياسية ، مثلا مناقشة كراس [قضيتنا الوطنية للرفيق فهد] ٠ و يتذكر بهاء الدين نوري و زكي وطبان فكانوا على موعد في احد شوارع بغداد و كيف أن الأمن كان يترصدهم فطوقهم ولكن بهاء أطلق سيقانه للريح ، بينما زكي وطبان كسرت رجله ونقل إلى المستشفى ولكنه انهار وهو على سرير المعالجة ، و يسرد كيف أن حسن عوينة و محمد علي و اخرين حكموا بالسجن وليس الإعدام، ويتذكر من السجناء الدكتور حسين الوردي و ستار القيسي ، و يتحدث عن بدايات معارك السجناء السياسيين، منها عندما سقطت الوزارة و جاء بالمحامي حسين جميل وزيرا للعدلية وفي ذلك الوقت كان لدينا أضراب حول بعض المطاليب ، و يعتقد أن الإضراب لم يقتصر على سجن بغداد و إنما شمل أغلبية السجون ٠وفي ورقة أخرى من أوراقه يتحدث عن النفق و الهروب من سجن الحلة تحت عنوان [قصة قصيرة لحدث كبير ، قضية النفق و الهروب من سجن الحلة المركزي في عام 1967] كاتبا عنه ، و قعت عدة محاولات هروب من السجون و المواقف السياسية في العراق و اتخذت اشكالا متنوعة من الطرق والاساليب ٠ مثلا كسر شباك والهروب منه ، أو ثقب جدار و الخروج منه ، أو أغفال حارس و الانفلات منه او إستخدام مكياج و الخروج مع الناس القادمين للقاء بالمساجين، وهذا يتطلب عملا من داخل السجن للتضليل في عملية التعداد و لو لمرة واحدة ٠ وهناك نوع آخر من طرق الهروب ، وهو حفر الإنفاق - تحت الأرض - من داخل السجن إلى خارجه ٠وعن هذا الطريق حدث اول هروب جماعي من سجن الكوت عام 1951 و تلاه سجن بعقوبة في الخمسينات أيضا ٠ و اعقبه سجن الفضلية في الستينات و محاولة لم تكتمل من سجن نقرة السلمان ، واخيرا في سجن الحلة المركزي ٠ ان كل محاولة هروب تتطلب عملا في كثير من الدقة و ضبط الأعصاب و لكن حفر الإنفاق يتطلب الكثير من الدقة في رسم الخطة و ضبط الأعصاب عند المفاجأت، و الصبر وطول النفس في العمل و الاختيار الدقيق للعاملين في النفق ، ومتابعة سرية العمل ٠ وإتقان أساليب التضليل للاعداء و الأصدقاء معا بحيث تكون جميع الحركات والاعمال طبيعية ٠ ٠٠ اما موضوع نفق سجن الحلة المركزي عام 1967 و الهروب منه فلو لم يقع الانشقاق في ذات الفترة ، و المنظمة باقية على وحدتها السابقة، كان بالإمكان أخراج أكثر من مئة سجين خلال الليل و حتى الصباح دون أن يشعر احد بذلك ٠ الا ان الانشقاق غير الوضع تماما حيث فُقد الضبط و الالتزام في لحظة الهروب ٠ ويستطرد حسين سلطان بشرحه المسهب في عملية الهروب وما رافقها من صعوبات جمة يعطيه لدور الانشقاق الذي جرى و الصعوبات التي لم تكن بعيدة عن ضعف التنظيم المركزي انذاك و قيادته ٠ و كانت هذه المعلومات من ذاكرته بعد أن مضى عليها أكثر من عقدين من الزمن ، كما ارخ كتابتها في شباط عام 1987 ٠ و كتب اسماء السجناء و محكومياتهم ، ممن هربوا من سجن الحلة المركزي و منهم عدد غير قليل من محافظات العراق و ليس لديهم صورة عن جغرافية مدينة الحلة و ما لحقت بهم من صعوبات جمة ٠

انتقل إلى أحد أوراقه وما كتبه تحت عنوان (لينين و القيادة الجماعية) جاء فيه : هناك مفارقات تعكس مدلولات واضحة ، وضوح الشمس في رابعة النهار ، اللينينية ليست هي مفاهيم نظرية و حسب، بل هي أيضا مدرسة تطبيقية في الحياة ، كما هي في المسألة - و طريقة حلها - قد تكون المسألة صحيحة تماما ، الا ان طريقة حلها تشوه صحتها ، و العكس يحصل تماما ٠ لقد جاء في القرآن الكريم : (أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ٠ وقال انجلس وهو يخاطب العمال : تريدون تغيير المجتمع ، يلزم ذلك أن تكافحوا ما في أنفسكم ٠ ماذا تعني هذه الأقوال؟ تعني في حقيقة الأمر، أن هناك موانع في ذات النفوس تعيق التنفيذ العملي لبعض المفاهيم التي تتعارض و الرغبات الذاتية الموروثة ٠ و يبدو ان الفكر يسبق الطباع في المرونة ، حيث يقر شيء ، ولكن الطباع الموروثة تعيقه ٠ ومنذ بداية هذا القرن و إلى يومنا هذا لا يوجد ماركسي يعارض القيادة الجماعية، و لكن الكثير من الماركسيين اللينينين يعارضونها فعلا بطريقة مشروعة و نظامية ٠هكذا كانت وجهة نظر حسين سلطان مستفيدا من خلال دراسته للماركسية اللينينية لإعداد الكوادر الحزبية في الاتحاد السوفيتي و كذلك في بلغاريا الشعبية معظم القادة ، متسلح في الفلسفة و الاقتصاد السياسي و الحركة العمالية العالمية و الاشتراكية العلمية ٠

وحول القضية الفلسطينية جاء في أوراقه تحت عنوان (ما أشبه الليلة بالبارحة) :
(قد يعلم الجميع كيف تعرض حزبنا لانحراف انعزالي عن الحركة العربية في أعوام 47 - 48 وذلك بسبب النفوذ اليهودي داخل حزبنا في القيادة و الكادر ٠ بحيث أظهروا في ذلك الحين أن معظم المنظمات الصهيونية تقدمية أن 80% من الشعب اليهودي هو تقدمي صيغت هذه الأفكار مع مستلزمات الإقناع في كراس و نشر في حينه (ضوء على القضية الفلسطنية) أخيرا بعد فوات الأوان ، توضحت تلك التقدمية للشعب اليهودي لا في فلسطين بل عند معظم القادة الماركسيين في مختلف أرجاء الدنيا ٠و الان و حزبنا يتعرض لنفس خطر الانعزال و ذلك بسبب تكريد كافة أجهزة الحزب الأساسية ، وتحت نفس اللافتة التي اوقعتنا في الانعزال الأول و كأنه مكتوب على الشيوعيين العرب في العراق و حدهم أن يتنكروا لقوميتهم ، وأن يسيروا خلف هذه القومية او تلك ، و أن يكونوا اممين اقحاح إلى الحد الذي يعزلهم عن جماهير امتهم الواسعة (وهي تقاتل الامبريالية و إسرائيل) أن يلتصقوا أكثر فأكثر بالحليف مصطفى البارزاني الذي لا يعلم الا الله كم حليف عنده في السر العلن ومن اطراف متناقضة تماما)

ومن خلال ما كتبه ابو علي في هذه الورقة كأنه يستشرف المستقبل أيضا لما كان يجري انذاك ، و اليوم ما يجري في غزة والضفة و لبنان يؤكد أن الصهيونية و الامبريالية تعتدي على الشعب العربي الفلسطيني و اللبناني تحت شعار نظام شرق أوسط جديد !!!٠

لقد كتب حسين سلطان في أوراقه هذه ما يتذكره من خلال عقود في العمل الحزبي بدءاً من انتمائه إلى أن تبوأ مراكز قيادية في الفرات الأوسط و انتهاء بعضويته في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وفي الكتاب تضمن بند تحت عنوان [رفاق حسين سلطان يخلدون ذكراه] ومنهم باقر ابراهيم ، ثابت حبيب العاني ، د ٠ كاظم الموسوي ، صاحب الحكيم ، ناجي المحمد - ابو انجيلا ، صباح ديبس ، د. خالد السلام ، مجلة الحرية (الحبهة الديمقراطية) و اخيرا كتب خالد حسين سلطان بعنوان (نبذة عن حياة الفقيد محمد حسن مبارك (ابو هشام) و ابو هشام هو رفيقي في موقف شرطة الخيالة في الحلة (الويسية) "حتى انقلاب 17 تموز 1968 ، و اكتفيت في نقل بعض الاوراق و التعليق عليها ، و يبقى الكتاب ذو أهمية ليست قليلة لمن يهمه الاطلاع على تاريخ الحزب الشيوعي العراقي ، من اليساريين و الماركسيين و من المهتمين في اخذ عناوين أطاريح للحصول على الماستر أو الدكتوراء في التاريخ الحديث ، و الكتاب موجود في المكتبات ومنها مكتبة السدن في شارع المتنبي ، القيصرية ، و الكتاب من مطبوعات مكتبة السدن ٠


 

 * طبيب وكاتب
 

 

 

 

 


 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter