|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  16  / 2 / 2020                       محمد جواد فارس                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

سعدي الحلي الحنجرة النازفة

محمد جواد فارس *
(موقع الناس)

غريب هو وضعنا على كوكب الأرض ، كل منا يأتي في زيارة قصيرة ،
لا يعرف لماذا ولكن نشعر في بعض الأحيان بأن هناك غاية ، من الحياة اليومية نعرف بأن هناك شيء مؤكد وهو أن الانسان هنا من أجل الانسان الاخر وقبل شيء لأجل هؤلاء الذين سعادتنا تتوقف على سعادتهم وأبتساماتهم .
                                                                   ألبرت أنشتاين

عرض كتاب

صدر للكاتب رياض رمزي كتابه الجديد الموسوم (سعدي الحلي الحنجرة النازفة) ، اصدار دار السطور في بغداد ، تضمن هذا الكتاب 140 صفحة من الحجم الصغير ، واحتوى في طياته مقالات متعددة العناوين عن سعدي الحلي ونشاطه الفني في مجال الغناء الريفي المعروف في العراق وكان من ابرز المغنين في هذا الغناء داخل حسن وحضيري أبو عزيز و اخرين ، جاء في الصفحة الأولى للكتاب بعنوان (قل شيء يا سعدي فقد طوقتك الافاعي) يذكر فيها مات سعدي ولم يشاهد أو يسمع أحد مرٌ بكائه ، ما فائدة أغانيه بعد موته ؟ لهذا يقول صديقه الشاعر الحلي موفق محمد : نم يا سعدي أخذت حصتك الكاملة من العذاب والنميمة . يظل ذلك الساري التي أغانيه "توحد العراقيين " كما يقول موفق "كونوا عراقيين أولا" وهذه المقاطع الشعرية من ديوان موفق محمد والذي يحمل عنوان "سعدي الحلي ...في جنائنه " .

واختار كاتبنا بعض من الرسائل التي عثر عليها في بيت المطرب بعد وفاته كتبها أشخاص من أعمار شابة ,اقتبس ما جاء في الرسالة التي تحمل رقم خمسة ما يلي : السيد سعدي الحلي الله يحفظك . أجلس وحدي بالغرفة أجيب خيط و ابرة أخيط وأسمع اغانيك واتذكر زوجي الشاب اللي راح بالحرب . عندما عند ما اسمع اخوي يأتي للغرفة أقفل المسجل واخنك الصوت ، ابوية واخوية ، يقولون الأغاني حرام ، بعد من قتل زوجي وصرت ارملة ووحدي وبعز شبابي مو حرام ، الله يأخذ القصاص من الظلام ويخليك .

وفي مدخل ضروري معنون ، تحدث الكاتب عن شخصية سعدي الحلي الغنائية وما اكسبته الجماهيرية لدرجة كان بوسعه أن يكون نجما يتربع على الموقع الأول في الاحاديث والمزح اليومية مع ان جلٌ ما فعله هو الغناء ؟ كيف شق طريقه عنوة وصار الأكثر تداولا ربما بالمرتبة الثانية بعد حاكم البلاد ؟ .

ويذكر الكاتب في المقدمة عن المطرب الغنائي الريفي سعدي الحلي ، انه لا حاجة لكتابة شيء عن مكان ولادته ومثواه سوى ان سعدي حقق إنجازا فنيا رائعا بين من يتذوق الطرب والموسيقى . وفي عنوان اخر للكتاب : شيء عن السخرية والهزل بالا خر : يتحدث عن معالجة الازمات النفسية بأسلوب فكاهي كطريقة لبعثرة رد الفعل وتصريفه ، بأساليب هزلية وترتبط بفترات في حياة الشعوب تسودها الأزمات ، هدفها غير المعلن تكريس النظام القائم ، عن طريق تحرر مؤقت من الحقائق والأخلاق السائدة .

الآهات لدى المطربين العظام يقول الكاتب ليست صرخات حزن تجلب ، اغتماما مزاجا محبطا ، وجعا في القلب ، بل تجلب قسطا وافرا من انفراج يمد يده لكل حزين ليستمتع لشهقات النحيب ، ويستزيد من سماعها لأن النفس تبدأ بقبول السوانح النورانية ، عندما ينكسر إيقاع الرتابة . وهناك عناوين للكاتب منها سعدي الحلي ...في أي أرض ولد ، ومن أي مدينة جاء؟ أرض بابل والحلة يتحدث فيها عن مدينة بابل الاثرية وكذللك الحلة مدينة سعدي الذي يحمل باعتزاز اسم مدينته .

العراق بلد سعدي الحلي ، بلد الحضارات الأول ، سومر وأكد وبابل ذو تاريخ مجيد ، انه ملحمة كلكامش ، وقانون حمورابي ، ومكتبة أشور بانيبال ، ومن ذلك التاريخ استمد العراقيين نشاطهم في كافة المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية والفنية في الغناء والمسرح والفن التشكيلي وعملوا على تطويره وفق ما ينسجم مع سمة العصر وابدعوا فيه ، وفي زمننا الحديث علماء وفنانين كبار ، ووضعوا اللبنات الأساسية كل منهم في مجاله العلمي والادبي والفني ، من أمثال عبد الجبار عبد الله في مجال الانواء الجوية والفيزياء والعالم علي الوردي في علم الاجتماع ، ومصطفى جواد في اللغة العربية وعلي جواد الطاهر ومهدي المخزومي وكذلك يوسق عمر ومحمد القبنجي وناظم الغزالي وغيرهم ، أنهم بذلوا الجهد من اجل بناء مستقبل وضاء لطلبتهم وتقديم المساعدة لمن يحتاجها في كل المجالات .واعود للحديث عن كتاب رياض رمزي الكاتب المجد والباحث ، وله العديد من الكتب المنشورة والمقالات ، أغنى المكتبة العراقية والعربية فيها , اخرها كتابه موضع عرضنا له عن المطرب الريفي سعدي الحلي وهو ابن مدينة الحلة وليس ريفها .
كتب حسقيل قوجمان في كتابه : الموسيقى الفنية المعاصرة في العراق :

عن الغناء الريفي أكثر أنواع الغناء الشعبي أنتشارا بين السكان العرب في العراق ، وهو غناء ذو طابع ريفي يجري غناءه بالهجة المحلية في كل مكان يغني فيه ، رغم الطابع الريفي لهذا الغناء فأن غناءه شائع ومنتشر في كافة المدن القريبة من الريف التي مازال سكانها قريبي العهد لنمط الحياة الريفي ومن التي اشتهرت فيه الناصرية و العمارة والسماوة والديوانية وغيرها . وسعدي الحلي والذي يعرفه أبناء مدينته ومعاصريه ، كان معروف عنه حميميته ودماثته ، وهو صديقه الحميم الشاعر الشعبي المعروف محمد علي القصاب وكان قرئ منبري وكتب الكثير من القصائد المغناة لصديقه سعدي ، والمتمتع بصوت شجي وعذب ، وانا أقول ان الزميا الكاتب رياض رمزي احسن الاختيار في الكتابة عن سعدي الحلي واعطاه حقه في المجال الغنائي والاجتماعي ، وبذلك انصح القارئ بمطالعة الكتاب وسيجد فيه المتعة والمعلومة .

 

 * طبيب وكاتب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter