|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الثلاثاء  14  / 9 / 2021                       محمد جواد فارس                            كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

العراق المحتل ... ومهزلة الانتخابات في القرن الحادي والعشرين

محمد جواد فارس *
(موقع الناس)

العراق احتل من قبل بريطانيا بعد انتصارها مع فرنسا في الحرب العالمية الأولى ، حيت تقاسم الإنكليز و الفرنسيين منطقة الشرق الأوسط ، وأصبحت لبنان وسوريا حصة فرنسا ، والعراق والاردن حصة المستعمر الإنكليزي ، لأهمية موقع العراق الجغرافي ، أضافة لوجود نهري دجلة والفرات (وادي الرافدين) و هو بلد الحضارات وفيه الكثير من الاثار من سومر و أكد وبابل و اشور ، إضافة للمعلومات المتوفرة لدى علمائهم حول وجود النفط في العراق بكميات كبيرة و لسنوات ممكن اجراء الكشف والتنقيب و استخراجه ووضعه لخدمة إنكلترا ، وبعد ان هيمن الإنكليز بقواتهم على العراق لم يستكن شعب العراق فحدثت ثورة النجف بقيادة شيوخ ورجال الدين في العراق ، و بعدها انتفض الشعب العراقي في ثورة العشرين عام 1920 كحركة تحرر وطني شارك فيها شيوخ عشائر الفرات الأوسط و المنطقة الغربية و أكراد العراق (كما جاء في وثائق و كتب عن الثورة) هذه الثورة كلفت الإنكليز في معاركها الكثير و كان مطلبها الرئيسي استقلال العراق و إقامة نظام وطني يتولى الحكم فيه شخصيات وطنية عراقية ، و لكن الإنكليز فرضوا فيصل ابن الحسين ، الامير القادم من نجد والحجاز ملكا على العراق ، و كان فيصل الأول يتمتع بإمكانيات تؤهله لقيادة العراق و إقامة دولة عراقية و العمل على لملمة الامة العراقية ، وذلك بإجراء تشريعات للدولة و البدء بتأسيس الجيش العراقي و الاهتمام بالتعليم لأعداد الكوادر في مختلف المجالات ، مثل الصحة و الهندسة و غيرها من الفروع التي تهم بناء الدولة ، و عملت الحكومة آنذاك على تقسيم مهام الدولة في تشريع القوانين و هذا مناط لمجلس نواب منتخب من قبل الشعب و تشكيل مجلس اعيان معين من قبل الدولة يضم شخصيات من العشائر و التكنوقراط ، وفعلا جرت انتخابات لهذا المجلس أي مجلس النواب ممثلين عن قطاعات واسعة من الشعب في الوية العراق و التي سميت لاحقا بالمحافظات ، صحيح ان هذا المجلس هو من صنع المستعمر البريطاني و لكنه كان يتخذ مواقف عراقية و وطنية و التاريخ يحدثنا عن انتحار الشخصية الوطنية المعروفة عبد المحسن السعدون صاحب النصب التذكاري في شارع السعدون والمجاور لساحة التحرير ، وعندما جرت انتخابات في منتصف الخمسينات و رشح عدد من الوطنيين المعروفين من أبناء الشعب حل نوري السعيد البرلمان وجاء بأعوانه من شيوخ و تجار موالين له ولسياسة الإنكليز ، أتذكر كان من المرشحين في مدينة الحلة رجل الدين ونصير السلم الشيخ عبد الكريم الماشطة ، كان برنامجه الانتخابي التالي : من يريد الخبز والعمل والمدارس و المستشفيات و المصانع ، بدلا من القواعد العسكرية و المنشأة الحربية فليصوت للشيخ عبد الكريم الماشطة . هكذا كان الوطنيون يفكرون بالشعب ومطالبه اليومية ومن اجل مستقبل الأجيال ، و بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 التي انهت الحكم الملكي و استبدلته بالحكم الجمهوري ، و أعلنت عن خروج العراق من حلف بغداد الاستعماري وحررت الدينار العراقي بخروجه من الإسترليني ، وسنت جملة من القوانين المهمة منها قانون الإصلاح الزراعي وذلك بتوزيع الأراضي على الفلاحين ، وقانون الأحوال الشخصية الذي اقر حقوق المرأة في الإرث والزواج و الطلاق و قانون رقم 80 في حصر حق العراق بالتنقيب و الاستخراج و بيع نفطه عن طريق شركة النفط الوطنية العراقية ، و وعد بإقامة انتخابات مجلس النواب وتسليم السلطة الى الحكم المدني ، ولكن طال الانتظار ولم تطبق الوعود ، حتى جاء انقلاب شباط عام 1963 ، وتعاقبت حكومات بكل اشكالها و لم تكن هناك مجالس حقيقية ممثلة للشعب عن طريق انتخابات حرة ونزيه .

و في عام 2003 شن جورج بوش وزمرته بالتعاون مع توني بلير الحرب لتدمير العراق بحجة و جود أسلحة دمار شامل وعلاقة النظام مع القاعدة المتهمة بتنفيذ ضربة أبراج نيويورك في الحادي عشر من أيلول ، و اثبت الأيام وعلى لسان المعتدين انهم كذبوا على الرأي العام العالمي خارقين كل الأعراف و القوانين التي أقرتها الأمم المتحدة ، وشاركهم في العدوان وتدمير الدولة عدد من المعارضين في الخارج ودخلوا العراق ، و خطط لهم بريمر رسم خارطة طريق تضمنت الغاء الجيش الوطني العراقي و القوى الأمنية ، و اعد لهم دستوراً يتضمن المكونات الطائفية و الاثنية و العرقية بدلا من المواطنة ، و جرى التصويت عليه من قبل كل الأحزاب المشاركة بالعملية السياسية .

و نحن اليوم ننتظر موعد الانتخابات المزمع عقدها في 10- 10-2021 وشعبنا عانى الامرين من الانتخابات السابقة و التي جاءت بالكثير من مزوري الشهادات العليا وعاقدي الصفقات مع شركات وهمية و ناهبي ثروات البلد ليصبح الكثير منهم اليوم أصحاب الملايين ، على حساب لقمة عيش المواطن الي أغدقوه بالوعود الكاذبة ، وجعوا العراق يشحت من ايران الكهرباء و الغاز ، ولا مستشفيات للمواطن ولا توفير الدواء لمرضى الامراض المزمنة ، و لا مدارس للتعليم وانما تفشت الامية و الجهل في صفوف الأطفال و الكبار بعد ان كان خالياً من الامية ، لا تبليط للشوارع في اغلب مدن العراق و لا تجميل للمدن ولا تخطيط عمراني ، كل هذه الأمور و اليوم يطلون علينا تحت مسميات لقوائم جديدة ، يطلبون التصويت لهم بشعارات زائفة ومنتهى الوقاحة وكما يقال (تدوير النفايات) ، شعبنا لم ينسى ما أقدمتم عليه من قتل وجرح لمنتفضي تشرين الذين كانوا يتظاهرون سلميا ، رافعي شعار نريد وطن و هم يحملون العلم العراقي و وجرى اختطاف الكثير من النشطاء ، قسم غير قليل من شعبنا اليوم يطالبون بمقاطعة الانتخابات ، لأنها منذ فترة ليست بالطويلة و المال الفاسد شغال لشراء الذمم و البطاقات و كذلك السلاح المنفلت .

و اقتبس من كتاب الأستاذ الوطني الدكتور حسن البزاز في كتابه (القوة والقيادة في الدولة الفاسدة) ما يلي : أسحق عدوك كليا – بلا رحمة ، كل القادة العظماء في التاريخ ومنذ موسى ،عرفوا أن العدو يجب ان يسحق بالكامل ، ولم يكن من السهل تعلم ذلك ، فإما بقيت شرارة واحدة مشتعلة ، ومهما تكن من ضعف دخانها ، فإن النار و في نهاية المطاف ستوقد من جديد . قد يؤدي ذلك إلى الفقدان ، ولكن يمكن أن يكون أكثر عند الوقوف في وسط الطريق بدلا من الاستمرار حتى المحق النهائي ، فسيظهر العدو من جديد و سيسعى للثائر ، فأسحقه ليس فقط جسديا ، بل معنويا وروحيا أيضا ومن بين المفاتيح الأساسية : الحل ، لا يمتلك الرحمة ، أسحق عدوك كاملا و بالقدر الذي يحاول فعله بك . فالأمن والسلام الوحيدان اللذان تآلفهما من عدوك هما في النهاية يتحققان بإنهاء وجوده . انتهى الاقتباس .

لذا انني اهيب بأحفاد ثورة العشرين ان لا ينتخبوا من كذب عليهم من الوجوه السابقة و اعوانهم .

 

 * طبيب وكاتب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

          موقع الناس .. موقع لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

             جميع حقـوق الطبع والنشر محفوظة لموقع الناس                                                              Copyright © 2005-2012 al-nnas.com - All rights reserved         

  Since 17/01/05. 
free web counter
web counter