نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد فيادي

saliem200@hotmail.com

 

 

 

 

السبت 18/3/ 2006

 

 



الكل يتحمل المسؤولية

 

ماجد فيادي

إنها التجربة الثانية, التي يمر بها الساسة العراقيون في تشكيل حكومة منتخبة, بعد الإطاحة بالنظام الدكتاتوري على يد قوات الاحتلال, يجري هذا في زمن قياسي لم يمر به شعب آخر على حد علمي. لو جرى هذا في بلد أوربي أو في أمريكا الشمالية أو في دول آسيا المتطورة ديمقراطيا, لكان عامل الخبرة حافزاً للاستفادة من الأخطاء السابقة, الحقيقة أن عامل الخبرة يصب لدى هذه الدول, في مجال الحرص على خدمة الناس,الحفاظ على الواقع الاقتصادي وتطويره, استغلال عامل الزمن, إضافة الى الالتزام بالتعهدات أمام الناخبة والناخب, وفي التاريخ تجارب لمن يريد أن يتعرف كيف تتفاهم الاحزاب في تشكيل الحكومات بأسرع وقت ممكن, مثال ذلك الحكومة الألمانية الحالية.

يعيش الشعب العراقي اليوم مشكلة ناجمة من المفهوم القسري للديمقراطية( إضافة الى الحل العسكري والاحتلال الذي مارسته أميركا وبريطانيا لتغيير النظام وإلغاء دور الشعب في التغيير), حيث تبدلت الديمقراطية من ممارسة اجتماعية متكاملة الجوانب الى مفهوم محدد بإطار آلية الانتخابات, ترتب عليه ظهور ممثلين عن الشعب, يفتقرون الى ابسط مفاهيم الديمقراطية, أو أنهم يصرحون علنا عدم اعترافهم بالديمقراطية, إضافة الى آخرين كانوا بالأمس القريب احد أبواق النظام الدكتاتوري, تحولوا بقدرة قادر الى وطنيين يدافعون عن الديمقراطية المنتهكة على يد زعيمهم الروحاني صدام حسين, وهناك ممثلين عن الشعب ممن مارس الحرب الأهلية ضمن القومية الواحدة, ولم يكن هناك أي شعار لهذه الحرب الأهلية سوى المصالح الحزبية الضيقة, آخرون وصلوا قبة البرلمان لأنهم ينتمون الى عشيرة كبيرة, وعدوا بتقديم الخدمات والامتيازات في حالة وصولهم الى السلطة, آخرون برزوا على الساحة لان الطرف الآخر خيب آمال الجماهير, وبسبب التصريحات الرنانة لبعض المرشحين, حصلوا على أصوات لم ولن يتمكنوا من تحقيق رغبة مصوتيهم, وهناك أعضاء في الجمعية الوطنية حصلوا على أصوات بسبب طرحهم المتوازن أو بسبب تاريخهم المعروف, هذا الخليط من التوجهات وفي عجلة من الزمن أمام تحديات نابعة من رغبة في تعويض الماضي القاسي لهذه النخبة على يد الدكتاتور, أو إعادة ماضي لن يعود, آخرين يحلمون برسم مستقبل مستقل لممثليهم في عراق ضعيف يمكن استغلال ظرفه لفرض مشاريع مستقبلية في جوهرها مشروعة, لكن في استغلال الظرف هي سلوك لا إنساني, آخرين يسعون الى الحصول على مناصب تمكنهم من خطف شيء مهما قل حجمة فهو في الحقيقة كبير(ثروات العراق ليس لها حدود), آخرين يسعون صادقين الى خلق عراق جديد تحترم فيه حقوق الإنسان وسط شعب تعود على انتهاك حقوق الآخر.

كثيرين يحملون قوات الاحتلال مسؤولية هذا الوضع الشاذ, وهم محقين, لكن لماذا ننسى تحمل المسؤولية, ألا يتحمل السيد السستاني مسؤولية الإصرار على إجراء الانتخابات في وضع غير سليم ولشعب لم يتعرف يوما على الديمقراطية, ألا يتحمل السيد السستاني المسؤولية عندما رفض كل الأصوات الداعية لتأجيل الانتخابات لحين تشكيل جيش وشرطة ومؤسسات دولة, حتى انه هدد بإصدار فتوى تأجج الجماهير ويحثها على حمل السلاح ضد الاحتلال, وهو الذي لم ينبت ببنت شفة في عهد الدكتاتور, ألا يتحمل الساسة العراقيون المسؤولية عندما يرفضون التعامل فيما بينهم للخروج من المشاكل السياسية, ألا يتحمل عدد كبير من بنات وأبناء الشعب العراقي المسؤولية عندما يلجئون الى الطائفية والقومية والعشائرية والحزبية الضيقة, ألا يتحمل عدد من العشائر العراقية مسؤولية إيواء الارهابيين, ألا يتحمل الشعب العراقي المسؤولية عندما يجري خلف مخططات المحتل, ألا نتحمل المسؤولية عندما نرمي كل شيء على الآخر. من السهل في مكان أن احمل الآخرين الخطأ, هذا بحد ذاته شعور مريح أن أكون دائما على صواب, لكنه لم ولن يوصلنا الى نتائج ايجابية, بل على العكس سنستمر في الأخطاء المرة تلو الأخرى وفي النهاية يتحول كل شيء الى خراب, ثم نسأل السؤال المعهود, لماذا الغرب أكثر تطوراً منا ولماذا هناك حيث الحضارة تحترم حقوق الإنسان؟؟؟

في عودة للواقع العراقي وعقدة تشكيل الحكومة الدائمة, فإن السيد الجعفري ليس العقدة الوحيدة, بل هي العقدة الآنية, والتي سيلحقها مشاكل أخرى لا تختلف من حيث الجوهر, اعني هنا, بعد الاتفاق على السيد الجعفري أو تغييره, ستأتي العقدة الثانية عدد المقاعد لكل قائمة تدخل الحكومة, ثم من هم نواب رئيس الوزراء ورئيس الحكومة, ما هي صلاحيات رئيس الوزراء ورئيس الحكومة, ما هي الوزارات التي تأخذها القوائم (سادية وأخرى غير سادية), أسماء الوزراء, هنا اعتقد ستكون الجولة أكثر من ماراثونية, بعد تجاوز هذه المرحلة سوف تنتهي الجلسة الأولى والمفتوحة للجمعية الوطنية العراقية ( أطول جلسة لبرلمان في التاريخ).

المشكلة من وجهة نظري تكمن في الثقة المعدومة بين الأطراف السياسية الناجمة عن خبرة لدى أغلب الأطراف في انتهاك القانون وحقوق الإنسان, أما الادعاء في بناء العراق على أساس وطني, فهذا احتمال غير وارد لدى هذا البعض والذي يشكل الأغلبية, هذه الأغلبية نقلت المشكلة الى الشارع وبين الجماهير حتى صارت غول يهدد الجميع بالخطر الكبير, فالحرب الأهلية التي نعيشها اليوم في العراق,إنما نتاج كل الأطراف سابقة الذكر, ومن يدعي أن الحرب الأهلية في العراق لم تقع بعد, أقول له إنك واحد من اثنين, أما جاهل وغبي, أو مستفيد من هذه الحرب, وأسأله بدوري, ماذا تقول عن ألام التي فقدت ابنها والزوجة التي أصبحت أرملة والبنت التي تيتمت والعاطلين عن العمل والنائمين بلا طعام والمرضى في المستشفيات والجهل الذي يعم المجتمع والمليشيات التي تجوب الشوارع مرة بزي الشرطة وأخرى بزي الجيش وثالثة بلباس اسود.

اعتقد أن الحل يكمن في التخلي عن المليشيات التي لا عمل لها سوى تعميق الخلاف, الابتعاد عن الانتماء الى دول الاحتلال أو دول الجوار, قبول وجود الآخر شريك في عراق عرف التنوع منذ أقدم العصور, إلغاء فكرة إمكانية سحق الآخر أو إرهابه, التقدم للحوار بدون وضع خطوط حمراء, تشكيل الحكومة من القوائم الأربعة وفق برنامج يضمن حقوق كل الأطراف حتى التي لم تشارك في الحكومة, العمل بروح الجماعة وبشفافية, تعديل فقرات الدستور وديباجته, توزيع السلطات الى الحد المعقول, القبول بوجود لجان متابعة لأداء الوزراء وتقديمهم للتحقيق والشهادة أمام الجمعية الوطنية, تشجيع والتعاون مع العشائر العراقية في تسليم و تقفي أثر الارهابيين, تقديم الخدمات الأساسية بأسرع وقت, خلق فرص العمل للمواطنات والمواطنين, الاهتمام بأعمار المحافظات العراقية دون التمييز بين واحدة وأخرى, حل قضية كركوك على مراحل, أخيرا احترام الإنسان العراقي كونه إنسان.