| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد فيادي

saliem200@hotmail.com

 

 

 

الثلاثاء 11/3/ 2008

 


غابت المرأة الكردية فأنابت عنها العربية

ماجد فيادي

الحفل الساهر بمناسبة يوم المرأة العالمي, الذي أقامه الديوان الشرقي ـ الغربي بمدينة كولون, لا يمكنني وصفه بغير الرائع, فقد اختفت صفت الحفل الرسمية وحل محلها الجلسة العراقية, بما فيها من رفع للكلفة واختزال المسافات بين الشاعرة والمطرب والمستمع, ضحكات عالية وأحاديث محببة تقطع على الشاعرة المبدعة بلقيس حسن والفنان لطيف علي الدبو والشاعر سامي عبد المنعم والشاعر سامي العامري استرسالهم دون انزعاج, فقد غابت نرجسية الفنان وحل محلها حب متبادل من كلا الطرفين, في هذا الحفل الرائع قدمت الشاعرة بلقيس حسن العديد من قصائدها الجميلة المفعمة بالإنسانية, وهي تتنقل بين شعرها وشعر والدها والمتنبي والشيخ جمال الدين, أضفت على الحفل جو من الحب والود والتقارب حتى لم يشعر احد انه لا يعرف احد ممن في القاعة, فالكل دخلوا الجو الذي رسمته الشاعرة الجميلة بلقيس وأحاطتنا به, وهي تتحدث عن الشهيدة أنسام ( مونوليزا) كيف علمتها حب الناس, نقلتنا الى إسلوب والدها التربوي وهو يزرع في أولاده حب الشعر وحرفية الفنان, لكن أجمل ما فيها عندما تبنت قضية المرأة الكردية ومعاناتها عبر أحداث ومأساة حلبجة وهي التي كتبت قصيدة بهذه المناسبة جعلتها تنتخب عالميا من ضمن مئة وخمسون شاعرة نظمن الشعر لقضايا إنسانية, جمعت قصائدهن في كتاب.
في هذا الحفل الرائع لم تشاركنا المرأة الكردية لأسباب خارجة عن إرادة المنظمين للحفل, فكانت الشاعرة الجميلة بلقيس حسن بالمرصاد للحدث, طرحت معاناة المرأة الكردية دون تمييز عما طرحت فيه معاناة المرأة العربية في وادي الرافدين, ولم يكن الشاعر سامي عبد المنعم اقل وفاء من الشاعرة بلقيس, فقد ألقى قصيدة رائعة عن جريمة حلبجة, هكذا كان الحفل بين عربي وكردي وامرأة عربية رفعت راية الدفاع عن حقوق المرأة العربية والكردية في آن واحد.
خلال الحفل وتألق الشاعرة المبدعة بلقيس, تذكرت العديد من الشبيبة الكردية ممن نشأت بعد تحرير كردستان من قبضة الدكتاتور المقبور, كم منهم تربى على مفاهيم قومية بغيضة في كره العربي, لأنهم لم يسمعوا وللأسف غير قصص في اتجاه واحد, عندما قام جيش العراق العربي ( جيش الدكتاتور ) بقتل الكورد وتهجيرهم وسلب أملاكهم, لكنهم لم يسمعوا كم من العرب ضحوا بحياتهم من اجل العراق ومن اجل الشعب الكردي, من اجل حقوق الإنسان دون تميز, لم تسمع الشبيبة الكردستانية كم من الدماء العربية الزكية روت ارض كردستان, وكم من المناضلين العرب سجن وتعذب بسبب دفاعه عن حقوق الشعب الكردي, كما أن هذه الشبيبة لم تسمع الكثير عن الجحوش ( الأفواج الخفيفة كما سماهم الدكتاتور أو الفرسان) لم يسمعوا عن هؤلاء الخونة من أبناء الشعب الكردي وهم يقتلون الكورد من اجل المال والسلطان, وهم يقتلون المناضلين العرب لأنهم يدافعون عن شعب وارض كردستان.
وفي نفس الوقت تذكرت احد أطفال الجيران في فترة منتصف السبعينات عندما كان يريد إغاظتي, لأنه يعرف أنني كردي القومية ( ولا يريد أن يفهم أن نصفي عربي من طرف والدتي), فيشير لي بيده وبطريقة مقلوبة على أذنه كنوع من الإهانة على أساس أن الكردي غبي, تذكرته عندما استمعت للشاعر سامي عبد المنعم وهو يسطر أجمل الأشعار لبغداد وبلغة عربية ملئها الحزن والألم وهو الكردي الفيلي, فحزنت لحال العرب ممن ينزعج ويغتاظ عندما يسمع بالكورد ويصفهم بالمنفصلين أو القوميين العنصريين, في الوقت الذي ينسى ويتناسى معانات الكورد على يد الدكتاتور ونضالهم من اجل العراق, وهم الذين لم تقم قواتهم ( البيشمركة) بالاعتداء على مدينة عربية, كم يوجد من العرب يمارس العنصرية ضد الكورد وينزعج عندما يمارسها الأجنبي ضده.
عودة الى الحفل الرائع فقد كان عراقيا بامتياز, تنقلت فيه الشاعرة بلقيس بين الجمهور فلم تعد الشاعرة بل هي واحدة من المحتفلين تلقي الشعر مرة وتغني أخرى وتناكد المطرب لطيف علي الدبو في ثالثة, حتى أن أنغام عود الفنان لطيف قد الفت أصوات الحضور فانقلب البرنامج ولم يعد هناك حدود وفواصل حتى راح الجمهور يغني ويطلق العنان لمواهبه فغنت النساء في فقرات منفردة وغنى الرجال أيضا حتى راحت المواهب تتفجر في جو عائلي رائع.
هكذا عرفت العراق, فهل يعود ؟؟؟

                 إذا الشعب يوما أراد الحياة                      فلابد أن يستجيب القدر



 

Counters