| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد فيادي

saliem200@hotmail.com

 

 

 

 

السبت 11/8/ 2007

 

 


طريق الشعب,, قصص الأطفال يحتاجها الكبار

ماجد فيادي

كان لأبي عادة حرمني منها أعداء الإنسانية, فقد كان كل يوم خميس يقرأ لي قصة للأطفال منشورة في الصفحة الأخيرة من جريدة طريق الشعب( هذا إذا لم تخونني الذاكرة), وفي يوم خميس انتظرت أبي ليقرأ لي كعادته المحببة عندي, قصة كل خميس, وإذا به يعتذر, لان الجريدة توقفت عن النشر بأمر من حكومة حزب البعث, يومها فكرت بما قاله لي أبي عن حزب البعث, كونهم مجموعة لا كلمة لهم, لأنهم ببساطة لا يحترمون الآخر, إلا إذا كان أقوى منهم, حينها سألت والدي لماذا تحالفتم معهم؟؟؟

أجاب انه خارج تنظيم الحزب وليس لي أن أحاسبه على الجبهة, اختلطت الأمور في عقلي, كيف يكون أبي غير شيوعيا وهو الذي سجن وتعذب بسبب انتمائه للحزب, هو الذي يواظب على شراء جريدة طريق الشعب كل يوم, هو الذي لم يعترف على احد من رفاقه, هو الذي شجع أخي على الدخول في التنظيم, بقى هذا الموضوع في ذاكرتي سنين طويلة دون إجابة حتى جاء اليوم الذي سقط فيه الدكتاتور وعاد أبي للعمل في صفوف الحزب من جديد, لكن دون أن تتسنى لي الفرصة لمعرفة دوافعه في التوقف عن العمل خلال السنين المنصرمة(منذ عام 1966 بعد خروجه من المعتقل مباشرة, دون أن يثبت الجلادين عليه الانتماء للحزب الشيوعي العراقي الى عام 2003 يوم سقوط الدكتاتور).

أعود الى قصص الأطفال وأتذكر اليوم قصة, لا اعرف للأسف من كاتبها أو كاتبتها, حتى لا أتذكر عنوانها, وعذري أنني لا أتمتع بذاكرة لحفظ الأسماء, على العكس من الصور التي لن تغيب عن ذاكرتي, ولو بعد سنين طوال.

يحكى أن الأرض كانت في يوم من الأيام خياطة ماهرة, فطلبت منها الشمس أن تخيط لها بدلة جميلة تتباهى بها أمام الشموس الأخرى, وتظهر لهن كيف أن احد كواكبها ماهرة في خياطة الملابس, أجابت الأرض أنها ستخيط بدلة تحكى بها وتتحاكى كل الشموس, فعلا قامت الأرض بأخذ مقاسات الشمس وبدأت عملها, وما هي إلا عشرة أيام حتى اكتملت البدلة الجميلة, ارتدتها الشمس في فجر يوم أرسلت فيه أشعتها على أرضنا المعطاء.

في الليل طرق الهلال باب الأرض, فردت الأرض : من الطارق.

أجاب الهلال : أيتها الأرض المعطاء, هل تسمحين بأن تخيطي لي بدلة جميلة, كما هي بدلة الشمس, التي تتفاخر بها أمام الجميع, لحسن جمالها وروعة إبداعها.

قالت الأرض : حسنا دعني اثبت مقاسك أيها الهلال, حتى اصنع لك بدلة, تضاهي في جمالها بدلة الشمس.

وما هي إلا عشرة أيام حتى اكتملت البدلة, ودعت الأرض صديقها الهلال لاستلامها.

البدر : أيتها الأرض ما هذه البدلة, إنها صغيرة الحجم, أنا أريد بدلة على مقاسي, يبدو انك أخطأتي في تسجيل المقاسات, عليك تغيرها.

بعدها سجلت الأرض المسكينة مقاسات البدر, وعادت لورشتها تخيط البدلة من جديد, بعد عشرة أيام انتهت الأرض من عملها ونادت على البدر, يا صديقي البدر لقد أكملت لك البدلة, وهي جاهزة كي ترتديها.

الهلال : أيتها الأرض الغبية هذه البدلة كبيرة ويبدو انك لا تحسنين عملك, أما أن تأخذين المقاسات الصحيحة أو اتركي البدلة فأنا لست بحاجة لها.

الأرض : حسنا حسنا, سأعيد خياطتها من جديد.

وبعد عدة أيام, جاءت الأرض بالبدلة وهي تنادي على الهلال, أيها الهلال الصديق ها هي بدلتك كما طلبتها مني, لكن لا مجيب؟؟؟

اختفى الهلال.

هنا سمعت الشمس بالقصة, فقالت للأرض, كان عليك أن تعلمي أن الذين تتغير أشكالهم ليس لهم كلمة, ولا يمكنك الوثوق بهم.

انتهت القصة

لكن,,, يبدو لي أن السياسيين العراقيين بحاجة الى قرأت قصص الأطفال التي كتب أيام زمان في طريق الشعب, ليتعلموا منها دروس تجعلهم أكثر وطنية والتزاماًَ, فلا الحكومة التزمت بما وعدت به, ولا القوائم عملت على برامجها التي انتخبتها الجماهير عليها, ولا البرلمانيين التزموا بيمينهم الذي اقسموه.

بعد نصيحة الشمس, بقيت الأرض محتفظة ببدلة القمر على أمل أن يعود في دورته القادمة, ويأخذ البدلة التي اتفق عليها, ليعكس ضوء الشمس على الأرض المعطاء عندما تغيب الشمس.

( أتمنى الشفاء لأبي, من مرضه الذي حرمتنا الحكومة العراقية والبرلمان وقوات الاحتلال والإرهابيين والصداميين من توفير العلاج له).