| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 7 / 6 / 2024 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
أم المثقفين - سلوى زكو....
موسى فرج *
(موقع الناس)كان بودي أن اخاطبها بالكبيره لكن والله استحيت أخاف تنظر للموضوع من جنبتها النسويه وترد عليَّ قائلة: يا يمه هازه كاروكك خاله...!؟ رغم أني قد هنأتها قبل 24 يوم فقط بعيد ميلادها التسعين لكني كتبت حينها:
"لستنا العزيزه وعمتنا البرحيه شكابين شبو وجمبذ بمناسبة عيد ميلادها ويا رب تشوف القادم بعد نظام المحاصصه حتى يكمل دورانها حول كويكب العراق بفصوله السعيدي والعبدلكريمي والقومي والبعثي والاسلاموي وما بعد الحداثه". .
أرأيتم ... لا كتبت الكبيره ولا كتبت التسعين ، شجايبني لهل الورطه...
لكن اليوم أجت على بالي شغله... وهي أني في حياتي تعايشت مع أمي وأمهات معارفي أم فلان وأم فلان لكن أم لمجموعة من الناس بس اربع مرات مصادفها:
- أم الهند: هذا فلم شفته بالسينما يوم كنت بالسادس الابتدائي .
- أم المؤمنين وعرفتها بالمدرسه من الكتب.
- وأم البنين عرفتها من القرايات.
- والرابعه أم المناضلين: وهذا اللقب خرط لأن هاي صبحه طلفاح أم صدام وسبعاوي ووطبان أطلقوا عليها اللقب الذي ولد ميتاً من يومه ...
الأولى فلم هندي وهذا يخص الهنود ، الثانيه والثالثه هذني مقدسات ما ألنا دخل بيهن المسلمات ، الرابعه خرط كما أسلفنا ... بهاي الحاله من تستحق فعلاً أن تكون أماً على الأقل لشريحة من العراقيين هم المثقفون...؟ والله ما كو غير أم عمار جديرة بهذا اللقب.
قبل أيام كتَبَت مستعيدة نصاً كتبته قبل سنوات موجه للرجل تعاتبه وتعرض مظلومية المرأة كما لم تعرضها أو يعرضها أحد من قبلها قط فاللاتي كتبن والذين كتبوا في هذا المجال كُثرٌ ولكن من خلال استعراض الحقوق والأوضاع المعيشية والإنسانية أو شجب العنف ضد المرأة والمطالبات المتعلقة بنصوص قوانين الأحوال الشخصية أما تناول الموضوع بطريقة أم عمار فلم أقرأ مثل ذلك قبلاً:
سلوى زكو
هذا الكلام موجه للرجل حصرا
تعال نتخيل معا انك ولدت في لحظة بايولوجية ما انثى بدلا من ان تكون ذكرا.
ولنحاول ان نتتبع مسار حياتك كأنثى
انت الان في السنة الاولى من العمر
وخصلات الشعر بدأت تتكاثف على الرأس الصغير يزينها الاهل بالشرائط الملونة والقراصات ويلبسونك ملابس مزركشة ومكشكشة كي تستعرض جمالك امام الضيوف (لا أحد يفعل ذلك مع الاولاد) ليزرعوا في رأسك فكرة ان الجمال أثمن رأسمال
وقد ترافقك هذه الفكرة طيلة حياتك لتحولك الى انثى جميلة عقلها صغير.
انت الان في العاشرة او اكثر بقليل وسيزوجونك ليلقوا بك في مخدع رجل غريب
عليك ان تتعلم بالتجربة المرة كيف تتعايش معه وترضي رغباته وتربي اولاده. طفلة تربي طفلا وترضعه من ثدي لم يكتمل نموه بعد.
اهلك لا يزوجون بناتهم في هذه السن؟
انت الان اذن في الرابعة عشرة او بعدها بقليل وسوف تتحول الى شبهة تسير على قدمين
انت مشبوه ان ضحكت كثيرا،
ان خرجت وحدك،
ان قرأت كتابا ينمي عقلك،
ان استمعت الى اغنية عاطفية،
مشبوه وبالتالي ينبغي ان توضع تحت الرقابة كي لا تزل قدمك فتلوث شرف العائلة.
انت مرشح دائم لهذه المصيبة.
في هذه السن او بعدها بقليل سوف تتعرض الى التحرش في الشارع.
انت لم تجرب مسألة التحرش هذه فالنساء لا يتحرشن بالرجال.
انت لم تجرب ما الذي يحدث لك اذا امتدت يد غريبة لتلمس جزءا من جسدك.
لم تجرب ذلك الاحساس بالإهانة والعجز والشعور بالخزي وانت في مكان عام.
ستتزوج بعد سنوات قلت ام كثرت
وخياراتك في الزواج محددة بمن يتقدم لخطبتك.
لا يمكنك ان تخطب رجلا اعجبك عليك ان تنتظره كي يتقدم لخطبتك
وان لم يتقدم سوف تتزوج مما هو متوفر امامك تختاره بنفسك او يرضى عنه الاهل والاقارب والجيران.
وانت في القفص الذهبي، سوف تتحول الى ماكنة ست البيت متعددة الاستعمالات
تشتغل من الصباح حتى منتصف الليل او ما بعده حسب الظروف،
تحمل وتلد وترضع وتربي وتعلم الصغار المشي والاكل والسلوك الحسن وتتابع دراستهم
ومع كل هذا تطبخ وتنظف وتغسل الاطباق والملابس وتخدم الضيوف وتجامل الاقارب والمعارف في مناسباتهم الاجتماعية .
بعد عمر طويل او قصير ستموت، وكلنا نموت،
وسيعلقون على واجهة دارك لافتة نعي من قماش اسود كتب فيها "توفيت الى رحمة الله زوجة فلان وام فلان وفلان واخت فلان وعمة فلان ووو"
لن يذكروا حتى اسمك بعد ان تغادرهم
والكم طولة العمر
عندما قرأت ما كتبته سلوى زكو تحسرت وكاد الدخان يتصاعد من عيني فكتبت معلقاً:
سبقتك الى ذلك أم عمار ليس لمرة واحده بل مرات ...والله كنت أشهق وارفع ناصيتي لأحمد الله على النعمة التي انعمها عليَّ ولم يخلقني أنثى چان لعبوا بيَّ طوبه أعمامي وأخوتي ، اتحدث عن المرأة الريفية ولكن ليس اليوم ولا قبل 30 سنه بل جيل الخمسينات والستينات ، كل هذا الذي تتوجعين منه كان ترفاً وأمنيات عند المرأة الريفية أيام زمان ، الريفية أيام زمان لا يقارن حالها إلا بحال السبية الأيزيدية عند داعش ولكن بشكل مستدام ، وقد كتبت عن ذلك مره وقلت: المرأة الريفية أيام زمان حظوتها من وجود أخوة لها يشكَون الحلكَ والا سحقتها سنابك الزلم كل يوم وكل ليله فهي لا تخاطب باسمها أو أم فلان وانما بـ: هيه...!، عود من تخلف ويتزوجون أبناءها عند ذلك الزوج يفقد سطوته والأبناء يسعون الى الجنة التي تحت أقدامها عندها تحترم تزلفاً، والمصيبة ان بعضهن يتحولن بحكم السلطة الجديدة الى دكتاتور مستبد برأس "الچناين" وتنسى الذي جرى ، وذكرت ان خالتي كانت من هذا الصنف فقد توفي أبويها وهي صغيره ولحقهما أخوها الوحيد ففقدت السند والحامي وعمامها سووها فلم هندي حتى انها كانت دائمة النواح على اخيها ليس فقط من حبها له ولكن لأن موته سلبها السند فكانوا يمنعون عليها البكاء تحت لافتة تجنب تعكير الصفو... وحصل مره إن توفى الشيخ ومن عادة الناس في حينه ان الرجال والنساء يذهبون للتعزية لكنهم ينشطرون الرجال تذهب للمضيف والنساء تذهب لبيت الحريم وعند وصول النساء تبدأ ملحمة اللطم والصراخ على الميت وبعضهن تحمل التراب وتضعه على راسها حزنا ، خالتي أمرها مختلف فهي الى جانب الصياح والعويل لا تكتفي بوضع تراب على رأسها وانما تتمرغل وبلهجة الريف تتبرغث بالتراب فتقدمت منها بنت الشيخ قائلة: يخيه هذا امر الله وانت ما قصرتي كفيتي ووفيتي ...رفعت رأسها اليها وقالت: ليش آنا ابچي على أبوچ..؟!
أبوچ حظ دبان ...؟! آنا أبچي على أخوي ، فأُسقط بيد بنت الشيخ الميت وخجلت من نفسها، وقبل وفاة خالتي سألها ابنها إن كانت راضية عنه ، قالت: يمه انت أخوي مو أبني وانت شكَيت حلوكَهم وانا راضيه عليك دنيا وآخره ....في هذه الحالة ألا يتوجب عليَّ ان احمده بكرة وعشيه لأنه خلقني ذكر ولم يخلقني أنثى ...؟ طبعا مع المكانة السامية التي تحتلها الأنثى في حياتي بسبب ثقافتي وبسبب ما رأيته رؤيا العين لما يحصل لها ..
تقديري واحترامي
أم عمار سلوى زكو ...لست بكاتب محترف ولا بكاتب سيره مختص لكني مثقف عراقي ليس أكثر أتشرف أن يعتلي لقب: أم المثقفين العراقيين ناصيتك الوضاءه ....
* رئيس هيئة النزاهة في العراق (سابقاً).