| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

موسى فرج

 

 

 

                                                                                     السبت 7/5/ 2011

     

تعقيبا على ما عرضته الحرة ـ عراق حول المادة 136 / ب :
ليس بالمادة 136 وحدها يتفاقم الفساد ..!

موسى  فرج  
 

تابعت ظهر يوم أمس الجمعة ..
حلقة من برنامج ( بالعراقي ) الذي تعرضه قناة الحرة ـ عراق ، كان موضوع الحلقة : المادة 136 /ب بين الإلغاء والتعديل .. شارك في الحلقة كل من : السيد رحيم العكيلي ـ رئيس هيئة النزاهة ، والسيد جعفر الموسوي عضو مجلس النواب ، والسيد طارق حرب رئيس جمعية الثقافة القانونية ، حصلت مفارقات أثناء الحوار من المفيد الإشارة أليها :

أولا : إن الذوات المشار أليهم .. الثلاثة قانونيون ، فالسيد رحيم العكيلي قاضي سابق ، والسيد جعفر الموسوي رئيس الادعاء العام في المحكمة الجنائية العراقية وكان ذو باع في إرسال صدام إلى المشنقة ..أما السيد طارق حرب فهو المحامي المخضرم وهو صاحب الحضور والأداء الممسرح ذو الإيماءات بالأيادي وبالشفاه ألمميزه .

ثانيا : موضوع النقاش .. هو الآتي : شرع مجلس النواب مؤخرا قانونا يقضي بإلغاء الفقرة ب من المادة 136 من قانون أصول المحاكمات الجزائية .. وأحال مشروع القانون إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه بغية نشره في الجريدة الرسمية والعمل بموجبه .. فوجه مجلس الوزراء كتابا إلى رئيس الجمهورية .

ثالثا : السيدان رحيم العكيلي وجعفر الموسوي كانا إلى جانب إلغاء المادة المذكورة وضد ما ورد في قرار مجلس الوزراء ، في حين كان السيد طارق حرب الى جانب قرار مجلس الوزراء وضد إلغاء المادة المشار إليها

رابعا : حيثيات القضية : 

1: على ماذا استند مجلس الوزراء ..؟..لأن الدستور يقول : إن مشروعات القوانين تعد من قبل مجلس الوزراء وتشرع من قبل مجلس النواب ويصادق عليها من قبل رئاسة الجمهورية .. .

2: هل أن مجلس الوزراء يهمه فقط التقيد بالجانب الإجرائي وهو انه ينبغي أن يكون هو من أعد المشروع وليس مجلس النواب ..؟ أم انه متمسك بالإبقاء على المادة المذكورة ولا يريد إلغاءها ..؟ الجواب : انه متمسك بالإبقاء على المادة المذكورة ولا يريد إلغاءها ...!.

3: ما هو فحوى المادة المذكورة التي يريد مجلس النواب إلغاءها ويتمسك مجلس الوزراء بعدم إلغاءها ..؟.. فحوى هذه المادة هو: لا يجوز إحالة الموظف إلى المحكمة المختصة دون موافقة الوزير ( الوزير المرتبط به الموظف .. ) .. .

4: ما هي الآثار الناجمة عن وجود هذه المادة واستمرار العمل بموجبها..؟ والأضرار الناجمة عن ذلك ..؟.. . أما عن الأضرار الناجمة عنها .. فهي :

- أنها شكلت مانعا قويا في وجه جهود مكافحة الفساد وترتب عليها إعادة المحاكم للعديد من قضايا الفساد وتوقفها عن اتخاذ الإجراءات القضائية ضد الفاسدين ..إما عن الآثار الناجمة عن ذلك ..؟ فهي :

- المساهمة بشكل هائل في استشراء الفساد في أجهزة الدولة وضياع وهدر أموال الشعب ، وأيضا مجانبة العدالة ومبدأ المساواة بين الناس وتعارضها مع الدستور العراقي .. بالإضافة الى إهدار دماء الناس وكرامتهم لأن الأمر لا يتعلق بقضايا الفساد المالي والإداري إنما يتعدى ذلك ليشمل أية جريمة ترتكب من قبل الموظف أثناء تأديته للوظيفة الرسمية .. .

5: السيرة الذاتية للمادة المذكورة .. وجدت قبل أيام تساؤلا على احد مواقع التواصل الاجتماعي العراقية وهو موقع ( نريد أن نعرف ..) بقلم الإعلامي العراقي سعدون محسن ضمد يتساءل عن تاريخ هذه المادة التي بسببها يحصل الاختلاف بين الحكومة ومجلس النواب فكتبت له وتحت عنوان السيرة الذاتية للمادة 136 / ب ..ما يلي :

1. هذه المادة لو أجريت استطلاعا بشأنها فاني على يقين بان عدد الذين يعرفونها من العراقيين هم أكثر من الذين يعرفون قرار مجلس الأمن رقم 242 المشهور، الصادر من مجلس الأمن الدولي والمتعلق بالقضية الفلسطينية ..

2. قبل أسبوعين سُئلت ضمن لقاء على قناة الاتجاه الفضائية شاركني فيه : عضو مجلس النواب عاليه أنصيف وعضو مجلس النواب الاعرجي والخبير الاقتصادي ماجد الصوري وقلت بوصفي شاهد عيان .. .

1 . هذه المادة موجودة ضمن قانون أصول المحاكمات رقم 63 لسنة 1971 وكان الهدف منها حماية بعض الموظفين الموالين للنظام من الخضوع للمساءلة القانونية .. بعد سقوط نظام صدام تم تشكيل لجنه من قبل الحاكم المدني بريمر أخذت على عاتقها إلغاء القوانين والنصوص الجائرة التي شرعت في الحقبة التي سبقت 9 /4 /2003 ، وقد ألغيت المادة 136 / ب من ضمن ما تم إلغاءه بوصفها من النصوص الجائرة التي تنتهك استقلال القضاء وتميز بين الناس .. .

2 . في أوائل عام 2005 وكنت في حينه اشغل منصب مفتش عام في وزارة البلديات والأشغال كنت قد أحلت موظفين بتهم فساد الى المحاكم ومن بينهم مقربين من الوزيرة فواجهت اعتراض حاد وممانعة شديدة من قبل الوزيرة لإحالتي أولائك الموظفين إلى المحاكم .. كان ذلك في حكومة أياد علاوي ..ولم يكن في تلك الحقبة برلمان في العراق بعد وإنما مجلس وطني شكلي وفي حينه كان مجلس الوزراء مخول بإصدار قرارات لها قوة القانون .. الذي حصل أن الوزيرة استنجدت بالسيد برهم صالح نائب رئيس الوزراء في حينه بعد إن نبهها الموظفين المخضرمين في الوزارة بأنه يمكن إبطال مفعول إحالتي أولائك الموظفين، لو تم إعادة العمل بالمادة المذكورة ويمكن ذلك من خلال نفوذ الوزيرة لدى نائب رئيس الوزراء ، ولو صدر قرار بإعادة العمل بالمادة المذكورة فان المحاكم ستعيد تلك القضايا وتشترط موافقة الوزير المختص وعندها تكتب للمحكمة بعدم الموافقة ..! ، بعد أسبوعين أرسلت لي الوزيرة وبطريقة ساخرة مظروفا .. عندما فتحته وجدته يحوي على نسخة من جريدة الوقائع العراقية.. تتضمن مجموعة من القوانين من بينها قرار بإعادة العمل بالمادة 136 / ب من قانون أصول المحاكمات !.. وبالفعل أعيدت تلك القضايا من المحكمة طالبة الموافقة الخطية من قبل الوزيرة لإحالة المتهمين إلى المحكمة المختصة أو عدم الموافقة فتعيد المحكمة الملفات .. فكتبت للمحكمة : لا أوافق .. فأعيدت الملفات وتم غلق القضايا ..! ، لاحقا قمت بإحالة الوزيرة ذاتها إلى المحكمة بتهم فساد ..وفي هذه الحالة لن يكون للمادة المذكورة مفعولا .. فالوزير بموجب قانون انضباط موظفي الدولة ليس موظفا .. والوزير يرتبط برئيس الوزراء والقانون لا ينص على استحصال موافقة رئيس الوزراء أو المرجع إنما ..الوزير ..!. .

3 . من اصدر القرار المذكور ارتكب الفساد السياسي بشكله المزدوج فقد كان إصداره للقرار المذكور ينطلق من بواعث خاصه ، ثم انه كان بإمكانه إصدار عفو خاص عن اولاءك الأشخاص بدلا مما قام به والذي لا ينحصر باولاءك الأشخاص أو على تلك الحالة فقط إنما بات يشمل جميع الحالات المماثلة في الدولة ولزمن غير منظور .. .

4 . حصل إن نقلت من الوزارة المذكورة إلى هيئة النزاهة وفي حينه تشكل البرلمان العراقي (الجمعية الوطنية) وتم تشكيل لجنة للنزاهة في البرلمان وكان رئيسها النائب هادي العامري ونائبه كمال ألساعدي وكانت علاقتنا بهما جيدة وكانا يتضامنان مع تفعيل عمل هيئة النزاهة في مكافحة الفساد .. فأقنعناهما بإعداد مشروع قانون من البرلمان لإعادة إلغاء المادة المذكورة .. وحصل ما رغبنا فيه فقد اعد البرلمان قانونا بإلغاء قرار مجلس الوزراء سالف الذكر الذي أعاد المادة 136 /ب الجزائية الى التطبيق وفي هذه الحالة يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل صدور قرار مجلس الوزراء ، يعني إلغاءها أو عدم العمل بها .. ولم يعترض رئيس الوزراء في حينه ( السيد إبراهيم الجعفري ) بدعوى أن مشروعات القوانين يجب أن تصدر من مجلس الوزراء .. لكن الذي حصل هو أن رئيس الجمهورية في حينه هو زوج السيدة الوزيرة ..فلم يوقع على مشروع القانون .. فأعيد المشروع الى مجلس النواب دون مصادقه ... أعيدت الكرة ثانية وكان زوج الوزيرة صار احد نائبي رئيس الجمهورية ..فامتنع عن التوقيع ثانية .. يقال انه تمت إحالة المشروع للمرة الثالثة لكن رئيس الجمهورية لم يوقعه وهو رئيس الكتلة السياسية التي تنتمي إليها الوزيرة .. .

5 . في عهد المالكي تغيرت الأمور .. فقد باتت رئاسة الحكومة متمسكة بعدم إلغاء المادة 136 / ب وبات رئيس الوزراء يستغلها في الامتناع عن إحالة الوزراء وموظفي الرئاسات إلا في حالة موافقته على إحالتهم الى المحاكم .. وصدرت كتب رسميه من مكتب رئيس الوزراء الى هيئة النزاهة بهذا الشأن ..! قلنا تكرارا أن هذه الصلاحية ممنوحة للوزير لحماية موظفيه وليس لرئيس الحكومة .. ثم أن الوزير بموجب قانون انضباط موظفي الدولة لا يعتبر موظفا و منصبه يعتبر سيادي .. لم يفدنا ذلك .. في هذه المرحلة تحول السيد كمال ألساعدي (عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب من مناهض لوجود هذه المادة الى متمسك بها ..! فالناس على دين ملوكها .. والنواب على دين رؤساء كتلهم السياسية وليس على دين من انتخبوهم ، والبعض لا يجد حرجا في تغيير مواقفه لتنسجم مع رغبات الحكام لمقتضيات المصلحة الشخصية ..). .

6 . يتضح بشكل جلي موقف قمة الهرم في السلطة التنفيذية من الفساد وجهود مكافحة الفساد .. ويتضح أيضا حجم وعمق المعاناة التي يواجهها من يسعى بموقف ثابت لمواجهة الفساد في العراق .. .

7 . في الأيام الأخيرة الماضية حصل تحول كبير في نشاط لجنة النزاهة في مجلس النواب .. وبات اسم السيد بهاء الاعرجي رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب يتكرر كثيرا وهو ما يفرحنا لولا تخرصات القائلين بان الباعث الحقيقي هو الثأر من المالكي وحزب المالكي وتقليم أظافرهم .. ولست ضد ذلك .. لكني أتمنى أن يشمل التقليم كل الأظافر الطويلة .. ويستمر فالأظافر الطويلة عاده غير صحيه ، خصوصا أن في العراق عجاجا وغبار فتتغير لون الأصباغ وتفقد بريقها .. من بين الأمور التي أنجزتها لجنة النزاهة الجديدة في مجلس النواب : إعداد مشروع قانون إلغاء المادة 136 / ب ..والذي أرسلته الى رئاسة الجمهورية فأرسلت رئاسة الوزراء كتابا رسميا الى رئاسة الجمهورية بطلب رفض التصديق على مشروع القانون وعدم التوقيع عليه وإعادته منقوضا الى مجلس النواب .. .

خامساً : ما هي الحجج التي استند أليها الذوات المتحاورون ..؟. .

ـ عضو مجلس النواب السيد جعفر الموسوي يقول : أن طلب مجلس الوزراء من رئيس الجمهورية عدم المصادقة على القانون وإعادته الى مجلس النواب بدعوى وجود نص في الدستور يقول أن مشاريع القوانين يعدها مجلس الوزراء ويشرعها مجلس النواب .. غير ملزم لنا لأن الدستور يشتمل على مادة أخرى تتضمن انه باقتراح 10 من بين أعضاء مجلس النواب أو إحدى لجانه المتخصصة تقدم مقترحات القوانين وهذا يعني أن الدستور نفسه حدد طريقان لولادة القوانين :

الأول : مشاريع القوانين وهذه ترد من مجلس الوزراء ..
والثاني : اقتراح القوانين وقد حدد الدستور ذلك بان يقترح 10 على الأقل من بين أعضاء مجلس النواب أو إحدى لجانه المتخصصة .. .

ـ السيد رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة .. يقول : أن وجود هذه المادة مخالف للدستور لأن الدستور ينص باستقلال القضاء وهذه المادة تنتهك استقلال القضاء ، والدستور ينص على المساواة بين الناس وهذه المادة تنتهك هذا المبدأ بل ولا تساوي حتى بين الموظفين .. الى جانب أن وجود هذه المادة يعطل إجراءات مكافحة الفساد ..

ـ أما السيد طارق حرب رئيس الجمعية العراقية للثقافة القانونية
فقد بدأ هجومه بصولة على غرار صولة الفرسان قائلا : (يمعودين والله خبصتونا باستقلال القضاء .. تفضلوا هذا أوباما رئيس أمريكا أم ألديمقراطيه .. ألم يصدر قرار رئاسي بمنع سماع القضاء الأمريكي من النظر في الشكاوى المقدمة ضد العراق لحماية الأموال العراقية المودعة لدى أمريكا من تلك المطالبات ؟ .. لماذا لا يقولون له أن القضاء مستقل ..؟) .. لقد أفحمهم الرجل .. وواصل أبا حرب دفاعه عن بقاء المادة 136 / ب فيقول : إن إعادة إلغاء هذه المادة سيؤدي إلى إلحاق الضرر بمنتسبي الحكومة ويرفع الحماية عن الطبيب أيضا والعسكري كذلك .. ويشير إلى قضية منطقية وهي .. كم واحد اتهمته هيئة النزاهة وبعد أشهر من التوقيف حكمت المحكمة ببراءته ..؟. .

سادساً : ولأن النقاش يدور بين قانونيون اختصاصهم أصلا .. الحرب بالحجج وتفنيد الحجج ، فقد كان النقاش ممتعا ..

ـ فقد وجه السيد جعفر الموسوي خطافية يسرى إلى حنك السيد طارق حرب عندما قال له : ألست أنت بالذات قد نشرت مقالا في عام 2006 تعترض فيه على وجود هذه المادة وتصفها بأنها تنتهك استقلال القضاء ومبدأ المساواة بين الناس وتؤدي إلى تفاقم الفساد ..؟ فأرتبك السيد حرب أيما ارتباك .. فتعززت في نفسي قناعتي القائلة بأهمية الثبات على المواقف ، في السراء والضراء ، في السر والعلن ، رغب الحاكم أم لم يرغب .. .

ـ أعطي الكلام الى السيد رحيم العكيلي فسحب من ملف أمامه ورقة .. وبدأ يقرأ : إن استمرار العمل بالمادة 136 / ب ينتهك استقلال القضاء وينتهك مبدأ المساواة بين الناس ويؤدي إلى تفاقم الفساد في العراق ..والتفت الى السيد طارق حرب قائلا : هذه مقالتك ..أحضرتها كي تكون من الحجج التي ادعم بها وجهة نظري القائلة بجدوى مصادقة رئيس الجمهورية على مشروع القانون .. ولم ادري بأنك غيرت موقفك وصرت ضد الفكرة .. فوقع السيد حرب بالقاضية وبات صوته الصداح خافتا .. ضحكت كثيرا .. وقلت لنفسي : رغم أني من القائلين بالدعاء .. أللهم أكفني شر الشوك وهي الحروف الأولى من الشهادة والوكالة والكفاله .. والتي تستخدم في المحاكم كثيرا إلا أنني لو أجبرت على مراجعة محكمة فلن أوكل السيد طارق حرب ليمثلني بصفة محامي وان تنازل عن أتعابه ودفع لي فلوسا .. فهو ( ينغلب ، وينلعب ، وحطوه ألجماعه وسطاني .. أيه يا أبا حرب .. مو أنت تعرف موضوع اللقاء هو المادة 136 / ب .. وتعرف أن شركائك في النقاش على غير رأيك .. وتعرف اختصاصهم وشغلهم غير أتحضر أحجاراتك ..! ). .

سابعاً : لو كنت مشتركا معهم في هذا اللقاء لفعلت الآتي : .

1 . اسحب من ملفي نسخة من كتاب مجلس الوزراء الموجه إلى رئيس الجمهورية .. وأقول يا جماعه.. أليس منصب رئيس الجمهورية يفترض اعتباريا أرفع من منصب رئيس الوزراء ..؟ .. أشو .. الكتاب موقع من نائب أمين عام أمانة مجلس الوزراء .. لو كنت بمكان رئيس الجمهورية لأرجعت الكتاب وأنبّتهم بسبب ذلك .. .

2 . رئيس الجمهورية ..هو حامي الدستور فهل من الجائز توجيه أوامر أو توجيهات أو قرارات إذعان من مجلس الوزراء أليه ..؟ أم أن ذلك يكون بإحدى طريقتين : . الأولى : يوجه مجلس الوزراء كتاب توضيح إلى فخامته يلتمس فيه مراعاة حجة مجلس الوزراء بصدد مشروع القانون شكلا أو مضمونا .. ويذيل الكتاب بعبارة .. ولفخامتكم الأمر.. . الثانية : أن ينتظر مجلس الوزراء ما تتخذه رئاسة الجمهورية بالمصادقة على القرار أو رفضه ومن ثم يثير الموضوع أمام المحكمة الاتحادية .. وقد ينقض القانون من قبلها.. . في نفس اليوم كنت أتابع الفضائية المغربية وكانت تعرض مشاركة الملك الشاب في مؤتمر لتشجيع الاستثمار فرأيت رئيس الوزراء والوزراء يقبلون يد الملك .. لكني لم الحظ أن وزيرا قد قبل وجنة رئيس جمهوريتنا..! والظاهر أن رفعة المناصب عندنا ينحصر مفعولها في ضخامة الراتب .. ليس إلا .. .

3 . اسحب من محفظتي أوراقا وأقرأ : أن مجلس النواب ليس هو من يصنع القوانين .. هذا ما يقوله الدستور ..لأنه أي الدستور ينص على أن مجلس الوزراء هو من يعد مشروعات القوانين .. وبالتالي فانه في حقيقة الأمر فان السلطة التنفيذية هي من تتولى مهمة التشريع في العراق وليس مجلس النواب والتفت إلى السيد رحيم العكيلي قائلا : هذه سلسلة مقالاتك التي نبهت بها رئاسة الحكومة فاقتنعت بأنها هي المعنية أولا وأخيرا بإعداد القوانين وان مجلس النواب يصوت فقط.. فلماذا غيرت موقفك ..؟ مجلس الوزراء يستند إلى الجانب الشكلي وهو جانب معتبر بدليل أن أي قرار قضائي .. يبدأ في متنه بالقول بالإشارة إلى توفر الجانب الشكلي في قرار الحكم .. لكنك أهملت عند إعدادك سلسلة مقالاتك وهذه نسخ منها المادة الأخرى من الدستور التي أشار إليها السيد جعفر الموسوي .. والتي تنطوي على انه مثلما لمجلس الوزراء أن يعد مشروعات القوانين التي تتعلق باختصاصاته ويحيلها إلى مجلس النواب فان للمجلس أيضا أن يشرع قوانين بناء على اقتراح من أعضاءه أو لجانه المتخصصة .. أضرب لكم مثلا : لو حصلت الحاجة لتشريع قانون من قبل مجلس النواب .. فهل أن لجنة التربية والتعليم تتقدم بمقترح لتشريع قانون التأمين الصحي مثلا ..؟ أم أنه يقال لهم .. المعنية بذلك هي لجنة الصحة ، فإما أن تشرحون لها وجهة نظركم وتتقدم بالاقتراح هي .. أو لن نتعامل معكم بصفتكم لجنة التربية والتعليم في هذه القضية بالذات .. إنما نتعامل معكم بصفتكم عدد من النواب وعليكم أن تقدموه بهذه الصفة وعلى أن لا يقل عددكم عن 10 من أعضاء مجلس النواب من لجنتكم أو غيرها ..؟.

4 . التفت إلى السيد جعفر الموسوي قائلا : أن السيد رحيم العكيلي يريد من مجلسكم أن يكون محض خياط لمجلس الوزراء .. هو يجلب القماش وهو يحدد لكم مواصفات البدلة : سرا واحد أم سراوين ..؟ فتحة واحدة أم فتحتين ..؟ دكمتين أم 3 دكم .. ويقول لكم .. فصلوا .. هل تقبلون بذلك ..؟ .. هل تقبلون أن يكون دوركم مجرد صياغة لأفكار الحكومة .. ومراعاة النصوص بحيث تكون في شكلها القانوني ..؟ أليست هذه مهمة مجلس شورى الدولة والذي كان يسمى سابقا مجلس التدوين القانوني ..؟.. في حين أن المتبع في بقية دول العالم وتطبيقا للدستور الحالي فان الحكومة تعد مشروع القانون إذا كان يتعلق باختصاصها مثلا إعداد مشروع قانون لوزارة الصحة أو الصناعة وغيرها ويعرضه على مجلس النواب .. أما في الحالات الأخرى فان الأمر منوط بمجلس النواب أعضاء ولجان ولا بأس أن يحيل المجلس مشروع القانون إلى مجلس الوزراء لإبداء ملاحظاته غير الملزمة لأغنائه أو بيان صعوبات التطبيق أو ضرورة إلغاء أو تشريع أو تعديل قوانين أخرى لتسهيل تطبيقه ..

5 . طبعا في هذه الحالة سيقول النائب جعفر الموسوي .. هذا صحيح تماما ومستحيل أن يكون الأمر على غير هذه الصورة ومستحيل أن يقبل مجلس النواب لنفسه أن يكون مجرد خياط لبدلات الحكومة .. أعطي نسخا من مقالات السيد رحيم العكيلي إلى السيد طارق حرب للاحتفاظ بها لمثل هذه المناسبة .. وفي هذه الحالة فان أخونا طارق حرب يرتاح جدا .. لكني مع ذلك ارفض بان أوكله لتمثيلي في أية قضيه وأمام أية محكمة وان دفع لي هو بدلا عن أن يتقاضى مني أتعابا .. .

6 . التفت إلى السيد طارق حرب رئيس جمعية الثقافة القانونية العراقية قائلا : ما قلته بشأن الناس الذين توجه لهم تهم من قبل هيئة النزاهة ويتم توقيفهم وبعد أن تنتهك حقوقهم وحريتهم وكرامتهم تصدر المحكمة قرارات ببراءتهم مما نسب أليهم من تهم ، هذا صحيح .. وقد واجهت ذلك شخصيا ..ولكن لا علاقة للمادة 136 / ب بذلك ..إنما السبب هو : أن صيغ عمل القضاء عندنا قاصرة والوازع الأخلاقي لدى بعض الموظفين في هيئة النزاهة وأيضا بعض الجهات القضائية لا يرتقي إلى مبدأ تحقيق العدالة .. لأن مبدأ تحقيق العدالة ينطوي على عدم إلحاق الضرر بالناس دون وجه حق .. وقد عقدت مؤتمر صحفي عندما كنت رئيسا لهيئة النزاهة اعتذرت رسميا باسم الهيئة لأكثر من 200 عراقية وعراقي تم انتهاك حقوقهم وحريتهم وكرامتهم دون وجه حق .. فقد امضوا في التوقيف بين 3 و6 أشهر وبعضهم أمضى سنة كاملة وأبرأتهم المحكمة بعد ذلك .. رغم إن الاعتذار لا يكفي ومن حقهم إقامة الدعاوى ضد الهيئة ..أما لماذا حصل ذلك ..؟ فأقول لكم السبب .. لأن القضاء عندنا لا يهتم بأمر جوهري في تحقيق العدالة وهو.. التحري .. وكذلك الهيئة .. فبمجرد أن يقدم الملف الى القاضي فانه وبعد أن يكيف التهمة ويتوفر فيها الحد الأدنى لإقامة الشكوى يصدر قراره بتوقيف المتهم في حال توفر عنصر جزائي وفقا للتكيف الذي رسمه القاضي للتهمة .. فان كانت تقبل الكفالة يفرج عن المتهم بكفاله وان كانت من التهم التي لا تقبل كفاله بقي المتهم في التوقيف لحين عرضه على القاضي .. .

7 . في مركز الشرطة يقتصر الأمر على التحقيق وفي المحكمة يقتصر الأمر على التحقيق القضائي والمرافعات.. ولكن أين التحري ..لا يوجد.. الوصفة الجاهزة ألمعتمده للوصول إلى الحقيقة من قبل الشرطة ..هي التعذيب..! فيكون التعذيب بديلا عن التحري .. الأمريكان الذين تشير أليهم يركزون على التحري لأنهم يحترمون حقوق مواطنيهم وكرامتهم ويتقيدون بحقوق الإنسان .. ليس الأمريكان فقط بل أن هذا يحصل في الدول المتحضرة عموما .. عندهم أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته .. من خلال تحري كفوء ومحاكمة أصولية ..عندنا المتهم مجرم حتى تثبت براءته وهو المكلف بإثبات تلك البراءة .. فان لم يتمكن ذهب ضحية سوء تحقيق العدالة .. انظر إلى حجم الضغوط على الحكومة باتجاه الإفراج عن المعتقلين والمحتجزين في العراق .. هل أن تلك الدعوات جميعا واقعيه ..؟ أبدا.. فالكثير منهم قتله ومجرمون ..ولكن هل أنها غير واقعيه ..؟ أيضا أبدا .. فالكثير منهم أبرياء ..أين الخلل ..؟ عدم وجود واعتماد التحري للكشف عن الحقيقة .. هل أن ما تسمونه تحريا ..هو تفتيش المنزل للبحث عن أدله .. لا .. ليس هذا .. رأيت مرة متهما يخرج من مكتب قاضي تحقيق مكبلا مع الشرطة وثوبه مصبوغ بالدم .. سألت محاميه .. كيف يدخلونه على القاضي وهو بهذه الهيئة إلا يخشون من القاضي ..؟ أجابني : لقد كتب القاضي على أوراقه : المحقق ـ للتعمق في التحقيق ..! يعني يأمره بممارسة المزيد من التعذيب .. حصل هذا قبل عام 2003 ..ولكن هل أن تلك الممارسات اختفت بعد عام 2003 ..؟ أبدا .. فقد تعمقت .. .

8 . في عام 2006 كنت نائب رئيس هيئة النزاهة فوجدت أن العشرات من المتهمين في قضايا فساد تبرأ ساحتهم بعد أن يمضون فترة تصل إلى 9 أشهر في التوقيف وعند دراسة تلك الحالة وجدت انه وبمجرد استلام الهيئة أخبار عن المتهم تحيل أوراقه إلى المحكمة المركزية أحيانا حتى بدون تحقيق .. أما موضوع التحري فلا يوجد بالمرة .. أصدرت قرار رسمي بمنع إحالة أوراق أي شخص إلى المحكمة دون القيام بالتحري واستكمال التحقيق أصوليا .. في عام 2007 عندما كنت رئيس هيئة النزاهة كنت متشددا في هذا الجانب ومتمسك بمبدأ : مواجهة الفساد والفاسدين مع ضمان عدم إلحاق الضرر بالأبرياء دون وجه حق.. كان الأمريكان يقدمون خدماتهم إلى هيئة النزاهة ويقبضون عشرات الملايين من الدولارات من وزارة العدل الأمريكية شهريا وهم طبعا يأخذونها من أموال الشعب العراقي الموجودة تحت تصرفهم .. قلت لهم إذا كان ولابد من خدماتكم فاني أريد للهيئة تحري كفوء .. في أمريكا التي تشير إليها وظيفة التحري ارفع وظيفيا بكثير من وظيفة المحقق والتحري عندما يكلف بمتابعة مشتبه به فانه يجيد عمله و يمارس حتى عمل الضفادع البشرية.. في حين أن التحري عندما كان قائما في العراق في حقبة صدام فانه كان موجها إلى قضايا معارضة النظام القمعي فقط وكان العراقيون يتندرون بأنه يكفي لضياع خبر العراقي حرف : ميم وخط منتجي مقرونا بشعار الحزب وختامه .. ودمتم للنضال .. الدول المتحضرة تهتم بالتحري لأنهم يهتمون بكرامة وحقوق مواطنيهم .. ولن يوقفوا شخصا ما لم تكن عناصر إثبات الفعل متوفرة بنسبة كبيرة.. وفي حين كان السيد رئيس مجلس القضاء الأعلى من اشد الداعمين لي في ذلك التوجه ـ طبعا هذا المبدأ لا يفيد في ضمان عدم إلحاق الضرر بالأبرياء فقط .. وإنما التحري لجمع اكبر عدد من الأدلة الدامغة لإدانة الفاسد وبدونه فان النسبة الغالبة من قضايا الفساد تغلق ويفرج عن المتهمين ليس لأنهم أبرياء .. بل لعدم وجود أدلة كافية في ملفاتهم فيطلق سراحه لعدم توفر الأدلة ـ ..! ..كان رئيس دائرة الادعاء العام في مجلس القضاء الأعلى يوجه لي الكتب الرسمية يطلب إحالة الاخبارات إلى المحاكم مباشرة ودون أي إجراء من قبل الهيئة ..! وقد أجبته وبكتب رسميه إن هيئة النزاهة ليست شعبة استعلامات تابعة لمجلسكم .. وإنها مخولة قانونا بسحب أية قضية من الجهات القضائية لتتولى هي التحقيق فيها وليس الجهات القضائية . .

9 . الجهات القضائية كانت تتعامل بمعايير مزدوجة مع قضايا الفساد فإنها في الوقت الذي امتنعت عن الاعتراف بهيئة النزاهة باعتبار أن من أسسها هو بريمر وكما أشرت في أعلاه فإنها لا تبالي أن يكون مجلس القضاء الأعلى مؤسسا بوضعه الحالي من قبل بريمر .. أيضا ..!، هل لأنها لا تعترف بقوانين بريمر ..؟ لا .. ولكن لأنها تجاري السلطة التنفيذية بالضغط على الهيئة أو المسئولين فيها .. وفي الوقت الذي تتعامل به مع قرارات بريمر بوصفها تمتلك قوة القانون فان قانون هيئة النزاهة ينص على تعديل قانون العقوبات بإضافة نصوص تقول بعقوبة مرتكبي أفعال الفساد بالحبس لمدة تصل إلى 10 سنوات وبغرامة تصل إلى 10 ملايين دولار .. اعرض لي قرار قضائي واحد تضمن تلك العقوبة صدر ضد فاسد .. لقد صحت ذات مرة أن معظم القرارات القضائية تحكم بـ الإهمال ..! ، المحاكم كانت ولا زالت كما أظن تشترط حضور موظف قانوني من الدائرة أو الوزارة بوصفها الطرف المشتكي ودور هيئة النزاهة فقط تقديم الملف والقيام بتحقيق يسمونه تحقيق إداري وليس قضائي وبالتالي غير ملزم للمحكمة .. في حين كنت أقول لهم اعتبروا هيئة النزاهة على الأقل تتولى مهمة ادعاء عام نيابة عن الدولة أو الشعب .. ما الذي نجم عن ذلك ..؟ الممثل القانوني للوزارة لا يحضر ..! فيتم تأجيل النظر في القضايا تكرارا .. لو تم تطبيق ما ورد في قانون هيئة النزاهة فان كل من يعيق أو يعرقل جهود مكافحة الفساد يعاقب بالتهمة نفسها التي يعاقب بها مرتكب الفعل .

10 . قرأت قبل أيام قرأت تصريحا لأحدى عضوات مجلس النواب من كتلة رئيس الحكومة تقول أن تطبيق المادة 136 / ب يؤدي إلى إرباك عمل الدولة ويلحق الضرر بالموظفين فيتم توجيه التهم لهم .. لماذا ..؟ ومن الطريف أن السيد طارق حرب وهو المحامي المخضرم ورئيس جمعية الثقافة القانونية يؤكد ذات الحجج .. فان كانت النائبة معذورة لفقر معلوماتها القانونية فهل يعذر رئيس جمعية الثقافة القانونية على ذلك ..؟..إن إلغاء أو إبقاء المادة 136 / ب لا يؤثر في توجيه التهمة أو عدم توجيهها .. لأن المادة تنص على الحصول على موافقة الوزير لإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة وتلك مرحلة لاحقة لمرحلة اتهام الشخص وعرضه على محكمة التحقيق .. وبعد توفر الأدلة تحيل محكمة التحقيق المتهم إلى المحكمة المختصة .. محكمة الجنايات أو غيرها هنا يأتي طلب الحصول على موافقة الوزير .. وهذا يعني انه بعد توفر الأدلة الكافية ( من وجهة نظر محكمة التحقيق وإلا فانه عندما تكون الأدلة غير كافية فان محكمة التحقيق تطلق سراح المتهم ولا تحيله إلى المحكمة المختصة .. ) تطلب المحكمة موافقة الوزير لاحالة المتهم إلى المحكمة المختصة .. وهذا يعني في جوهره أن هذه المادة لا تحمي المتهمين .. بل تحمي الذين تتوفر معطيات كافية من وجهة نظر محكمة التحقيق .. لإدانتهم ..

11 . يتضح مما تقدم بأنه رغم أن الفساد في العراق تسبب في انتهاك حياة وكرامة الإنسان العراقي والشعب برمته وألحق به أفدح الأضرار فانه لا قمة هرم الدولة متفاعلة بشأن مواجهة الفساد وفي عرضي للسيرة الذاتية للمادة 136 / ب ما يوضح هذا الجانب .. ولا الحكومة جادة في تيسير السبل لمواجهته ولا البرلمان برمته متفاعل في هذا الجانب ولا القضاء بمجموع أفراده عازم على ذلك .. والشعب حتى الشعب مشغول بطائفيته وعرقيته عن ذلك .. وإذن ليس بقاء أو إلغاء المادة 136 / ب وحده سبب تفاقم الفساد في العراق .. أما على الصعيد الشخصي فأني أوصي السيد طارق حرب رئيس جمعية الثقافة القانونية العراقية وزملاءه أن لا يغيروا موسميا مواقفهم ..فالإنسان ..موقف ..

 

 

free web counter