موسى فرج
الخميس 3/2/ 2011
حول ربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء .. ما لم يقله الآخرون ...!موسى فرج
تمهيد :1 . أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها المرقم 88 /اتحادية / 2010 بتاريخ 18 /1 /2011 بربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء.. .
2 . جاء ذلك بناء على طلب مكتب رئيس الوزراء المرقم 1086 بتاريخ 2 /12 /2010.. .
3 . أثيرت ضجة حول الموضوع تركزت حول هيئة النزاهة والهيئة العليا المستقلة للانتخابات والبنك المركزي وساهم في تلك الاعتراضات أعضاء من مجلس اننواب وأحد نواب رئيس الوزراء إلى جانب فضائيات عراقية ..وتواصلت الضجة لتدخل مجلس اننواب وصرح رئيس المجلس بان تطبيق قرار المحكمة الاتحادية يعني تدميرا للدستور .. من ثم تم تشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس اننواب لبحث قرار المحكمة الاتحادية وبيان آثاره .. .
4 . ساهم النائب صباح ألساعدي بنصيب واسع من الضجة واصفا القرار بأنه تكريس لسعي رئيس الوزراء لفرض دكتاتوريته .. وبلغت المطالبة بحل المحكمة الاتحادية العليا.. في حين ذهب صباح ألساعدي إلى الحط من مكانة المحكمة والتعرض الشخصي لأعضائها بالقول ومن خلال الفضائيات بأن بعض أعضاء المحكمة الاتحادية لا يتمكن من الوصول إلى شقته لأنه ينسى مكانها.. ولا أدري ..هل يقصد أن ذلك يحصل لأن البعض من أعضاء المحكمة الاتحادية يثمل ..أم بسبب كبر سنه..؟ فان كان السبب الأول فان المختص بمتابعة هذه المهمة رئيس مجلس محافظة بغداد.. والذي عرف عنه متابعته اللحوحة في الفترة الأخيرة لقضايا الخمور .. أما التقدم في العمر فأنه لا يعيق المرء في العمل في بعض الاختصاصات.. وخصوصا في مجلس البحث العلمي والمحكمة الاتحادية ورئاسة الجامعات وعمادة الكليات.. ومجلس النواب..والمحكمة الاتحادية .. وسيتبين لاحقا من هم تحديدا الذين هيئوا لمثل هذا ومن هم الذين قاوموه ومنذ ثلاث سنوات ومن هم الصادقون حقا ومن هم من يركبون الموجة وفي نفوسهم مما يعيب .. .
5 . ذهب آخرون إلى أن رئيس المحكمة الاتحادية وهو يشغل في ذات الوقت منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة التمييز الاتحادية ..كان يشغل منصبا قياديا في القضاء في عهد صدام .. وانه يمثل عقلية النظام البائد ..! في حين أن الرجل يتولى هذه المناصب وغيرها في وقت واحد منذ سقوط نظام صدام ولم يعترض أحد على ذلك.. وسبق إن أشرت في المقالات أو الفضائيات بان المتنفذين في الحكومة أو مجلس النواب إن لم تخضع لمشيئتهم فأنهم يسارعون إلى فتح مجرات مكاتبهم ليثيروا في وجهك اجتثاث البعث وتبعيتك للنظام البائد وولاءك لصدام ..ولكن إن نفذت ما يشتهون فانك تكون المقرب لهم و الولي الحميم .. وإلا فأنهم يعرفون كل تلك التفاصيل ومنذ عام 2003 .. .
6 . ظهر السيد رئيس الوزراء في كلمة متلفزة يقول بان قرار المحكمة الاتحادية بربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء لا رجعة فيه وان عدم تنفيذه يهدد العملية السياسية بالانفراط ..!
صلب الموضوع :
1 . من هي الجهات المستقلة مثار الاختلاف ..؟ وما هي الآثار المترتبة على تبعيتها لرئاسة الحكومة ..؟ .
2 . ماذا يعني الاستقلال ..؟. .
3 . كيف يتم تقويض الاستقلال ..؟. .
4 . هل أن تلك الجهات مستقلة فعلا في الوقت الحاضر..؟. .
5 . هل أن قرار المحكمة الاتحادية موضوعي ..؟. .
أولا: الجهات المستقلة مثار الخلاف والآثار المترتبة على ربطها بمجلس الوزراء: .
1 . هيئة النزاهة : لماذا مستقلة ؟ لأن طبيعة مهمتها رقابية وتحقيقيه، ورقابتها تنصب على السلطة التنفيذية (الحكومة) بالذات باعتبارها تشتمل على العدد الأعظم من دوائر الدولة وهي مساحة عمل الهيئة كون حالات الفساد تتركز في الحكومة فهي التي تبيع وتشتري وتصرف الأموال وتقبض لأموال ..وتعين وتفصل ..وتتصرف بأموال الشعب وثروته ..ومسئولة عن معاشه وخدماته وهي التي تتعامل مع الشعب والإنسان بصورة مباشرة وقد تنتهك تلك الحقوق .. في حين أن السلطة التشريعية لا تمارس كل تلك المهام وبالتالي تكون مساحة عمل هيئة النزاهة فيها ضيقة مع ذلك فهي تمارس نشاطها أيضا على السلطة التشريعية فبإمكانها أن تقول للسلطة التشريعية :أين شهاداتكم الدراسية ؟ وقد فعلت في وقت ما ..وبإمكانها أن تقول لهم إن الأموال التي تقبضونها ليست كلها تتم بوجه حق ..وقد وجهت بالفعل تهم لعدد من أعضاء مجلس النواب .. ومن ضمن مساحة عملها السلطة القضائية أيضا ولكن في الجوانب غير الاختصاصية من عمل السلطة القضائية وهي الأحكام لأن الرقابة القضائية تمارس ذاتيا من قبل المحاكم الأعلى على المحاكم الأدنى.. ولكن معظم اختصاصات هيئة اننزاهة تمارسها على السلطة التنفيذية.. فإذا كانت تخضع لسطوة الحكومة وهيمنتها لن يكون بمقدورها ممارسة عملها إلا بالكيفية والانتقائية التي تريدها الحكومة.. وهو ما يسلب الهيئة عمودها الفقري القادر على تمكينها من الوقوف على طولها ..وفي هذه الحالة تكون من الزواحف ولا تستطيع التعامل بندية مع الحكومة فتفقد مبرر وجودها .. ولذلك قال الدستور باستقلال هيئة النزاهة عن كل السلطات ..ولكن تخضع لرقابة مجلس النواب .. .
2 . ديوان الرقابة المالية : والذي ينطبق على هيئة النزاهة ينطبق عليه فيما يتعلق بتدقيق التصرفات المالية للحكومة وأيضا السلطة التشريعية والقضائية .. .
3 . الهيئة العليا للانتخابات : ما هي طبيعة مهمة هذه الهيئة ..؟ إنها الحكم الذي يتولى تحديد من هو الفائز من المتنافسين على الحكم ..هل أن رئاسة الحكومة تدخل ضمن المنافسة أم أنها بمنأى عنها ..؟..الجواب : تدخل وتنافس غيرها .. في هذه الحالة فإن هذه الهيئة إن ارتبطت برئيس الحكومة.. فإنها تعمل لصالح المنافسين من أتباع رئاسة الحكومة .. في الدول التي تحكمها ملكيات غير خاضعة للمنافسة ويكون الملك فوق الميول والاتجاهات لا يشكل ارتباط هيئة الانتخابات بالملك حرجا.. مع ذلك فقد جرى العرف على أن تكون مستقلة حتى عن الملك كي لا توصل أطراف على حساب أطراف من الشعب ..
4 . هيئة اجتثاث ابعث أو العدالة والمساءلة.. ما هي طبيعة مهمتها؟.. متابعة المشمولين باجتثاث البعث وتطبيق القانون بشأنهم .. هل إن عملها ..يطال بعض المحسوبين على رئاسة الحكومة بأية صفة كانت..؟ ..نعم.. فالكثير منهم من حزب رئيس الحكومة و تربطه بهم صلات : قربى ، صداقه ، جيره ، مذهب ..حزب .. نعم .. وهل من المتوقع حمايتهم دون الآخرين ..طبعا ..وهل تكون شديدة العذاب مع غيرهم ..طبعا.. إذن المنطق يقول باستقلال هذه الهيئة عن رئيس الحكومة ..
5 . البنك المركزي : ما هي مهمة البنك المركزي ..؟ الاحتفاظ بأموال العراق..كل العراق؟ ..طبعا .. وتنظيم السياسة اننقدية في البلد .. ما هي المخاطر المحتملة إن كان تابعا للسلطة التنفيذية ..؟ كلما احتاجوا مالا سحبوا منه .. ما هي المشكلة في ذلك ..؟ لا يبقى احتياطي وبالنتيجة تنهار العملة الوطنية..وأيضا ..؟ صدام أرسل ابنه قصي وسكرتيره عبد حمود وسحبوا كل الدورات من البنك المركزي وحملوا لوريات ..وبعد ؟.. زوجة الزين بنعلي .. سحبت طن ونصف ذهب من البنك المركزي ..
ثانيا : ما معنى الاستقلال ..؟.. .
1 . أشار قرار المحكمة الاتحادية أعلاه بربط الجهات المستقلة بمجلس الوزراء..مع مراعاة الاستقلال المالي والإداري لهذه الهيئات.. فهل أن الاستقلال موضوع البحث هو الاستقلال المالي والإداري ...؟ طبعا لا .. لأن كل دائرة من دوائر الدولة بمستوى شركة أو مديرية عامة ..مثبت في قانون تأسيسها إنها مستقلة ماليا وإداريا ..فماذا يعني الاستقلال المالي والإداري..؟ يعني أنها تصرف الأموال في حدود الموازنة السنوية المخصصة لها .. وتصدر أوامر التعيين والفصل والإقالة دون أن تستحصل موافقة جهة ما .. وتتخذ قراراتها في حدود عملها بصورة مستقلة .. وكما ذكرت إن ذلك يشمل الشركات والوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة .. .
2 . ولكن هل يدخل ضمن ذلك الاستقلال موضوع البحث ؟؟.. لا..هل يحق للوزير مع انه مستقل ماليا وإداريا أن يصرف دينارا واحدا في غير الأغراض المحددة للوزارة ..؟ أبدا ..هل يحق للوزير أن يفصل أي منتسب ؟..وعندما يشكوه المنتسب أمام القضاء أو جهة أخرى يقول الوزير إن ذلك يدخل ضمن الاستقلال الإداري ..؟ طبعا ..لا.. هل يستطيع القاضي وهو المستقل أن يعطي إحدى سيارات المحكمة لأبنه ويقول القضاء مستقل ..؟ لا.. هل يستطيع رئيس مجلس النواب أو رئيس مجس القضاء الأعلى أن يمنع مدققا مخولا من جهة رقابية من أن يمارس مهمته في تدقيق حسابات مجلس النواب أو مجلس القضاء الأعلى ..؟ لا.. فهل يعني ذلك أن أي منهما غير مستقل ..؟ أيضا.. لا .. لأن الاستقلال ليس هذا..الاستقلال هو أن تمارس واجباتك المخول بممارستها بموجب القانون والدستور والمعايير الأخرى دون أن يمنعك أحد ..أو يؤثر في قرارك أحد.. ويدخل ضمن ذلك حتى هواك أو توجهك الشخصي .. وهذا الاستقلال من حق كل مسئول بمقابل ما يسأل عنه.. في عمل حكومي أو غير حكومي .. الطبيب ، المهندس ، الرقيب ، القاضي ، الإعلامي ..الخ.. .
3 . كيف يتم تقويض الاستقلال ..؟ .
أ . بإصدار قوانين أو لوائح ملزمة تختصر استقلالك في أضيق الحدود .. أو يشترط حصولك على إذن من جهة ما لممارسة عملك ، أو يقال لك مارس مهمتك في هذه المنطقة وممنوع عليك ممارسته في تلك المنطقة أو تمارسه على هذا ولا تمارسه على ذاك أو مارسه على هذا بالكيفية هذه وعلى ذاك بالكيفية تلك ..أو يتم تفويض أمرك إلى جهة تسحب كل استقلالك أو بعضه..وهذا ما ينطوي عليه قرار المحكمة الاتحادية موضوع البحث ..
ب . من خلال التهديد والوعيد .. بإلحاق الأذى بك أو فصلك أو عدم تجديد تعيينك .. .ج . من خلال الترغيب .. فان تنازلت عن استقلالك فسأؤثر في تمديد أو تجديد بقاءك في موقعك أو الترقي إلى موقع أعلى ..
د. خلق المتاعب لك من خلال آخرين إن تمسكت باستقلالك . . وحصل إن مارس أطباء في العراق ممارسات جدع الأنف والأذن.. لكن ذلك يشكل نصف الصورة فقط أما النصف الثاني فيتوقف على الشخص (الإنسان) الذي يراد تقويض استقلاله فان كان طري العود .. ناعم الملمس ينظر إلى مصالحه قبل مبادئه كان إلى ذلك ادعى وأقرب.. وان كان ذو مبادئ قاوم محاولات تقويض استقلاله أن كان الأمر يؤدي بجنوحه عن قيم ومبادئ المهمة الموكلة له بشكل متدرج بدأ من عدم التجاوب إلى الاعتراض إلى عدم الانصياع إلى مواجهة المر وان ترتب عليه مواجهة كل المخاطر المشار إليها في أعلاه .. فلن تستطيع قوة في الأرض أن ترغمني أن اقطع لسانا أو اجدع أنفا أو صوان أذن إن كنت طبيبا..وقد يكون آخر الحلول أن أضع حدا لحياتي ..ولن تستطيع جهة ما أن ترغمني على أن أتصرف مع هذا الفعل بوصفه فساد إن كان مرتكب الفعل فلان وصلاحا إن كان مرتكبه علان ..وان كان آخر الحلول أن اترك المنصب إن كنت رئيس هيئة النزاهة ..وهذا ما فعلته شخصيا ..
ثالثا : هل أن الجهات المشار أليها مستقلة بالفعل حاليا..؟ : .
1 . هيئة النزاهة : .
أ. أصدرت الحكومة ومنذ عام 2004 قانونا ربطت بموجبه أحالة الموظف الفاسد إلى المحكمة المختصة بموافقة مرجعه ( الوزير ) ، من خلال إعادة العمل بقانون صدامي كان يراد منه حماية أتباعه من العقوبات القانونية الناجمة عن ارتكابهم أفعال يعاقب عليها القانون .. ولم تكتف الحكومة بالقانون ألصدامي بل وسعت نطاقه وبأوامر رسمية غير قانونيه ليشمل الوزراء أيضا في حين أن القانون يخرج الوزير ومن هو بدرجته من لفظ الموظف (قانون انضباط موظفي الدولة )..ووسعته ليشمل موظفي الرئاسة وموظفي مجلس الوزراء.. .
ب . أصدرت الحكومة بالتنسيق مع مجلس اننواب قوانين حددت من مساحة ونطاق عمل الهيئة عندما شرعت قانون العقوبات العسكري فأسست محاكم عسكرية تختص بجرائم منتسبي الجيش وان لم تكن تلك الجرائم مسلكية.
ج . أسست الحكومة مجلسا تابعا لها جعلته خلافا للدستور يفرض سطوته على هيئة النزاهة .. .
د . أصدرت رئاسة الحكومة وخلافا للدستور أوامر بإقصاء مسئولي الهيئة وتعيين آخرين .. .
هـ . بات بحكم العرف إن رئيس هيئة النزاهة إن رفض الخضوع للمحيطين برئاسة الحكومة تمسكا بالدستور أقيل من منصبه وان خضع وخالف الدستور والمصلحة العليا ..كان من المقربين .. .
2 . ديوان الرقابة المالية : .
أ . لم يناقش تقرير حسابات ختامية لأية سنة من السنوات 2003 ــ2010 باستثناء تقرير سنة 2004 ( نوقش في عام 2008 ) في حين أن الدستور العراقي يلزم مجلس النواب بعدم مناقشة أية موازنة مقترحة إلا بعد مناقشة تقرير الحسابات الختامية للسنة الماضية .. .
ب . أن يكون ديوان الرقابة المالية مره الذي تجاوز 83 سنة وعدد موظفيه الذي يتجاوز الـ 2000 غير قادر على انجاز تقاريره السنوية فان ذلك يصلح لأن يكون نكتة وليس حقيقة .. .
3 . الهيئة العليا المستقلة للانتخابات: .
أ. الهيئة الحالية تضم 8 أمناء تم تعيينهم على أساس المحاصصة حيث كل واحد منهم رشح من قبل حزب محدد.
ب . كان واضحا في الانتخابات الأخيرة أن بعض المشار أليهم وبعض رؤساء الدوائر الأنتخاية يعملون لصالح الأحزاب التي يرتبط بها كل منهم.. .
4 . البنك المركزي : . مورست ضغوط على إدارة البنك المركزي لسحب جزء من احتياطي ثبات سعر الدينار لتمويل الموازنة السنوية .. .
5 . الهيئة العليا لاجتثاث البعث : . أثيرت اعتراضات واسعة ضد الهيئة العليا لاجتثاث البعث باتهامها بالانتقائية في تطبيق أحكامها.. وشمولها بقراراتها أشخاص وغض النظر عن آخرين..في حين أن الوصف القانوني لهم نفسه .. ( يعني ألما عنده عشيره يروح بالرجلين .. و ألعنده عشيره أو يذب جرش مع حزب يكون خارج المسائلة..). .
6 . مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية : . اتهم مجلس القضاء وعلى نطاق واسع بالمسيس وغير الكفوء وغير العادل، وتجري المطالبة حاليا وعلى نطاق واسع بحل المحكمةالاتحادية...
7 . معظم رؤساء الهيئات المستقلة حاليا يخضعون ويخضعون هيئاتهم للحكومة ( السلطة التنفيذية ) لأنها من عينتهم أو جددت تعينهم دون عرض التعيين على مجلس النواب ..بعد إن تخلصت من الذين يتمسكون باستقلالهم واستقلال هيئاتهم.. وفي هذه فأنهم يعرفون إنهم إن مارسوا واجباتهم باستقلالية ودون الخضوع إلى المحيطين برئاسة الحكومة تتم أقالتهم من مناصبهم .. .
رابعا : هل إن قرار المحكمة الاتحادية بربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء..موضوعي ..؟.. . جاء من بين الأمور التي استندت عليها المحكمة الاتحادية في قرارها بربط الهيئات المستقلة بمجلس الوزراء الآتي:
1 . تطبيقا للمادة 80 / أولا من الدستور ونصها ( يمارس مجلس الوزراء أولا : تخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة والأشراف على عمل الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة ) ولأن الهيئات المستقلة تقع ضمن هيكل الدولة وتؤدي مهام تنفيذية ولا ترتبط بوزارة.. ترتبط بمجلس الوزراء ) . . في حين : .
1 . إن كان المعيار الذي استند أليه قرار المحكمة الاتحادية هو مفردة (هيكل الدولة).. فان مجلس النواب ومجلس القضاء أيضا من ضمن هيكل الدولة ولكن هل يصلح ذلك أن يكون مبررا لربط أي منهما بمجلس الوزراء ..؟ ..لا ..طبعا ..
2 . وإذا كان المعيار الذي استند أليه قرار المحكمة الاتحادية مفردتي (غير المرتبطة بوزارة) فان مجلس القضاء الأعلى أيضا لا يرتبط بوزارة فهل يشمله ذلك ..؟ أيضا..لا .. وغير المرتبطة بوزارة هي تلك الجهات التنفيذية غير المرتبطة بوزارة مثل أمانة العاصمة وجهاز المخابرات ، واللجنة الأولمبية .. .
3 . جاء في قرار المحكمة الاتحادية العليا : إن الهيئات المستقلة تؤدي مهام تنفيذية.. في حين أن مهام الجهات المشار أليها ليست تنفيذية والدليل على ذلك نصي وحسي .. فالنصي هو ما جاء في الدستور فقد نصت المادة رقم 102 من الدستور بان هيئة النزاهة هيئة رقابية مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب ومادام إن احد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون أنه : لا اجتهاد في موضع النص.. فان النص الدستوري يقول إنها رقابية وليست تنفيذيه..فمن أين جاءت المحكمة بالتنفيذية ..؟. .
4 . يشير قرار المحكمة الاتحادية إلى أن الدستور لم يشر إلى أن تلك الجهات ترتبط بمجلس النواب.. ومادام كذلك فإنها ترتبط بمجلس الوزراء .. في حين أن الدستور لم يشر أيضا إلى أنها ترتبط مجلس الوزراء..فما هو الجانب النصي الذي تم الاستناد أليه لربطها بمجلس الوزراء ..؟ ثم إن المبدأ القانوني يقول بان الخاص يقيد العام فان قلت ممنوع التجول باستثناء موظفي وزارة الصحة فان الخاص وهو عدم منع موظفي وزارة الصحة من التجول يقيد العام وهو منع التجول ..والدستور خص تلك الهيئات دون غيرها بالاستقلالية .. .
5 . الجوانب الحسية: . قبل عام 2003 كانت الدائرة إذا أريد لها أن تكون مستقلة تم ربطها برئاسة الجمهورية..لماذا ..؟ لأن النظام كان يعتقد انه رأس الدولة العراقية وكلما هو دون الرأس فهو له .. وطبقا لذلك فانه يرى بأنه على مسافة واحدة من كل أجهزة الدولة.. وعندما يرتبط جهاز ما به مباشرة فانه يكون في منأى عن التدخل بشؤونه ..الآن الوضعية تغيرت ..وباتت أجهزة الدولة محاصصة بين أطراف عديدة .. .
السؤال : هل أن رئيس الحكومة فوق الأطراف المتنافسة على الحكم أم واحدا منها..؟
الجواب : انه واحدا منها ..وأذن فان سيطرته أو أي من المقربين منه عليها.. يراد منه الحصول على منافع سياسية له ولحزبه أولا .. على حساب الأطراف الأخرى .. وإذا كان الجهاز مخرجاته فيها ضرر على الأشخاص مثل هيئة النزاهة فانه يسعى إلى حماية نفسه والمقربين من ضرره قبل أن يفكر بحماية الآخرين من ذلك الضرر .. تمام ؟؟.. فإذن رئاسة الحكومة ليست فوق الميول والاتجاهات وإنما احد الاتجاهات وهو احد الأطراف وعندما تربط به جهازا فلا تتوقع أن يكون ذلك الجهاز مستقلا .. بل مستحوذا عليه ... حكاية لابد أن تروى : . قبل سنتين ونصف وكنت اشغل منصب رئيس هيئة النزاهة كنت قد وجهت العمل في الهيئة لمواجهة ملفات الفساد الضخمة وخصوصا سرقة وتهريب النفط في البصرة .. وأصدرت أوامر رسمية باستقدام محافظ البصرة ورئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظتها وكذلك الضابط المسئول عن حماية أنابيب النفط في البصرة للتحقيق معهم وإحالتهم إلى المحكمة بسبب السرقة والتهريب واسع النطاق للنفط في البصرة وكذلك عمليات الاغتيال والخطف لعلماء البصرة وأساتذة الجامعات والأطباء فيها .. والمطلوب استقدامهم جميعا من حزب النائب صباح ألساعدي والذي كان يرأس لجنة النزاهة في مجلس النواب في حينه بل وأن رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة البصرة شقيقه .. وحضر النائب المذكور إلى مكتبي بالفعل لمحاولة ثنيي عما اعتزمت القيام به .. من جانب آخر فقد كنت متوجها إلى الفساد في الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووصفتها بكتب رسمية وفي وسائل الإعلام بأنها بؤرة الفساد في الحكومة العراقية .. وحصلت مشادا كلامية مع مدير مكتب رئيس الوزراء بحضوره وآخرون بسبب قضايا فساد ...
في أحد الأيام اخبرني مدير مكتبي بأن مكتب أمين عام مجلس الوزراء خابره يطلبون حضوري للقاء تشاوري.. عندما حضرت اللقاء وجدت أحد موظفي هيئتي قد سبقني ولم استغرب فقد يكون في مهمة أخرى .. ولكن عندما هممت الدخول إلى قاعة الاجتماع هم الرجل معي فاستغربت وسألته هل جاء لنفس المهمة وهل أني لا أكفي لأن أمثل الهيئة وأنا رئيسها ..؟ فاخبرني انه كان يحضر اجتماعات المجلس كممثل للهيئة بأمر من رئيسها السابق ..سألته : أي مجلس ؟ أجاب : بان السيد رئيس الوزراء سبق وان أصدر قرار بتأسيس مجلس لمكافحة الفساد برئاسة أمين عام مجلس الوزراء ويضم في عضويته رئيس هيئة النزاهة ورئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب ورئيس ديوان الرقابة المالية وممثل مجلس القضاء الأعلى.. سألته مستغربا .. متى حصل ذلك ؟.. قال : قبل التحاقك رئيسا للهيئة .. لماذا لم تخبرني بذلك قبل الآن ..؟ سألته .. تردد في الإجابة وأنا أعرف بان الدافع هو أن يكسب رضاهم ويعلم أني لا أوافق على ذلك .. سألته : كيف يقبل هو ورئيس الهيئة أن يكون مرتبط بموظف يعمل بإمرة رئيس الحكومة في حين أن الهيئة مستقلة بموجب الدستور ..؟ وكيف يمكنها بعد ذلك أن تراقب الحكومة ورئاسة الحكومة وتثير ضدها قضايا وهي مرتبطة بها .. ؟ طلبت منه العودة إلى مقر عمله ودخلت إلى قاعة الاجتماع .. وجدت كل من : النائب صباح ألساعدي رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب ، ورئيس ديوان الرقابة المالية ، ورئيس الادعاء العام ممثلا لمجلس القضاء الأعلى وطبعا أمين عام مجلس الوزراء .. سألت ما الموضوع ..؟ قالوا: أنت عضو في مجلس مكافحة الفساد الذي يرأسه أمين عام مجلس الوزراء ويضم في عضويته كل من : رئيس هيئة النزاهة و رئيس لجنة النزاهة في مجلس اننواب ورئيس ديوان الرقابة المالية وممثل مجلس القضاء الأعلى .. سألت النائب صباح ألساعدي قائلا: كيف توافق وأنت ممثل لمجلس النواب أن تكون بإمرة موظف يرتبط برئيس الحكومة ..؟ أليست العلوية لمجلس النواب على الحكومة..؟ كيف تنازلت عن ذلك ..؟ وكيف يكون بمقدور مجلس النواب أن يراقب الحكومة وهو تابع لها..؟ ثم أليس ذلك مخالف للدستور ..؟ لم يجد ما يجيب به .. أخي أنت رئيس ديوان الرقابة المالية الست مرتبط إداريا بمجلس النواب بموجب الدستور ؟..أليست مهمة ديوان الرقابة المالية التدقيق على الحكومة ..؟ كيف تدقق على الحكومة وأنت تابع لأحد موظفيها ..؟ خاطبت ممثل مجلس القضاء الأعلى : أخي أنت تمثل السلطة القضائية وهي مستقلة بموجب الدستور وبموجب مبدأ فصل السلطات.. كيف يكون الاستقلال وأنت تابع لموظف يرأسه رئيس الحكومة .. أين استقلال مجلس القضاء في هذه الحالة.. كلهم هددوني صراحة بان رئيس الوزراء سيلغي هيئة النزاهة إن لم أوافق..! رفضت ذلك.. وحصلت مشادة بيني وبين أمين عام مجلس الوزراء .. تركت الاجتماع .. قال رئيس ديوان الرقابة المالية : هل ترفض أمرا صادرا من رئيس الحكومة ..؟ قلت له : أرفضه إن كان مخالف للدستور وسيأتيكم الموقف رسميا... عندما وصلت مكتبي .. أصدرت كتاب رسمي بإلغاء عضوية هيئة النزاهة بالمجلس المذكور التزاما بالدستور وتقديرا للمصلحة العامة .. استمرت ملاحقتهم لي بطلب العدول عن قراري سواء من قبل مكتب رئيس الوزراء أو أمين عام مجلس الوزراء لكني لم أتراجع .. أذاعوا في التلفزيون قرار إعفائي من رئاسة الهيئة وجعلي نائبا لرئيس هيئة اننزاهة .. خاطبت رسميا مجلس النواب فلم يرد جواب .. قدمت طلب للإحالة على التقاعد .. وتركت منصبي في هيئة النزاهة .. الصفقة كانت الآتي : رئاسة الحكومة تريد احتواء هيئة النزاهة.. كي لا تقول إن الأمانة العامة لمجلس الوزراء هي بؤرة الفساد في الحكومة العراقية.. النائب ألساعدي يريد التوقف عن موضوع سرقات وتهريب النفط في البصرة ، رئيس هيئة اننزاهة الجديد لا يمانع من الارتباط بالأمانة العامة لمجلس الوزراء.. أين هي العقدة..؟ موسى فرج .. طيب .. الآن ما هي المشكلة ؟.. الجواب : إن المحيطين برئاسة الحكومة يعتبرون الهيئات المستقلة والمفتشيات العامة في الوزارات .. مناصب وزارية ومناصب معادلة لمنصب وكيل وزارة ويريدون الاستئثار بها عن الآخرين هذا الأمر يهدد مصلحة أطراف معينة لأن في تلك الهيئات من هم محسوبون عليهم أو يمنحونهم أفضلية خاصة .. بالإضافة إلى ذلك فان الحكومة تريد احتواء الجهات المشار أليها وضمان عدم وجود مثل موسى فرج يقول أنا التزم بالدستور وأدين للمصلحة العامة فقط... أختلت الصفقة والمحاصصة في هذه الحالة ..! ثارت ثائرة الجماعة . وبات عدم ربط تلك الجهات برئاسة الحكومة يهدد العملية السياسية ..! تحت واجهة أن الامتناع عن تطبيق قرار المحكمة الاتحادية يعني نظام اللاقانون واللادستور .. في حين أن عشرات الحالات المخالفة للدستور لا يتم الالتفات أليها .. والقانون يخرق بكرة وعشيا ولا يتم الاهتمام بذلك .. للمزيد أنظر لطفا..
http://www.alfayhaa.tv/weeks-report/455.html?print
http://www.alfayhaa.tv/alfayhaa-programs/daily-programs/freedome-space/10054.html