موسى فرج
الأثنين 3/1/ 2011
جمع التواقيع لتأسيس كيانات سياسيه : هل هي همهمة العاجزين .. أم عبث الجانحين ..
أم يلهم المرء في أعقابها سمسما.. ؟موسى فرج
قبل أيام استبشرت خيرا بإعلان صادر بتأسيس تيار ديمقراطي في العراق ..أعقب ذلك الإعلان عن مؤتمر للعراقيين في ألمانيا لتأسيس تيار ديمقراطي للعراقيين ، لم أتبين فيما إذا كان دعما للأول أو وجها له في الخارج أم آخر مختلف .. وقبل بضعة أيام انطلق نداء للاتحاد لقيام أئتلاف ديمقراطي ولم أتبين أيضا ..هل للأمر صلة بالذي سبقاه أم انه آخر جديد .. أمس وجدت نداء آخر تحت اسم ( إعلان شيعة العراق ) تبين من حيثياته انه كان قد أطلق بتاريخ 17 كانون الثاني عام 2002 وان من بين من وقعوا عليه من تسلم رئاسة الحكومة لاحقا ومنهم من غدا من أركان النظام الجديد .. بين الفينة والفينة يمرق نداء باسم تيار اليسار العراقي ، في ضوء ما تقدم وتأسيسا عليه أبين الآتي :
1 . إن الأوضاع السياسية والمعيشية والاقتصادية والأمنية في العراق حاليا تؤكد وبما لا يقبل الشك فشل المنظومة السياسية الحكومية في إدارة الشؤون العامة في البلاد وانغماسها في فض التدافع والعراك البيني المستمر والمتجدد بين أطرافها بالذات على النفوذ والثروة وعدم تفرغها ولو جزئيا أو اهتمامها ولو من بعيد بمسؤولياتها في مواجهة المعضلات التي باتت حاكمة و متحكمة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق .. .
2 . والخطير في هذا الفشل انه لم يكن عارضا أو استثنائيا إنما يتعلق بقصور المنهج عن أن يكون منهجا لإدارة دوله بل منهجا لإدارة الصراع على الحكم ، والافتقار إلى فلسفة واضحة أو رؤية مستقرة لإدارة البلاد إنما منهجا للكر والفر على غنائم الحكم .. وبسبب توازن القوى بين الأطراف المتنافسة وبمعنى أدق توازن الرعب بينها فان إطرافها باتوا أكثر واقعية بالتخلي عن رغباتهم في الاستئثار بالغنيمة كلها واعتمدوا سبيلا لتقاسم الذبيحة بينهم .. حتى أن مغادرة العملية السياسية بات التهديد الأقوى الذي تطلقه الأطراف ضد بعضها لأنه لا يعني إتاحة الفرصة لانفراد الآخر بالحكم إنما الانقضاض عليه من الشارع ومن خلال المفخخات والتفجيرات ..
3 . افتقار المنظومة السياسية الحكومية الحاكمة في العراق لأية ستراتيجية سياسية تسعى لاعتمادها الآن أو في المستقبل منهاجا أو شكلا للحكم إنما عملية عبثية تقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية تتحدد ملامحها بتوازن الضغط المتبادل بين تلك الأطراف في اقتسام حاضر ومستقبل العراق دون أن يكون لمصلحة الشعب العراقي أي اعتبار في ذلك إنما تشكل مصالحها الشخصية والحزبية والفئوية المتغير الأساس الذي يتحكم في بقية المتغيرات أيا كانت خطورتها على حاضر ومستقبل العراق ، والبوصلة الوحيدة المعتمدة من قبل كافة أطراف تلك المنظومة ..وعلى هذا الأساس فان موضوع قيام تنظيم سياسي للقوى والشخصيات الديمقراطية في العراق يمثل السهم الأخير المتبقي في كنانة الديمقراطيين الوطنيين العلمانيين في العراق والذي لا خلاف في جدوى تأسيسه بقدر الخلاف في : من يكون وممن يتكون ؟؟ .. وهل يتمكن المثقفون العراقيون من تجاوز الأنا والهمهمة والعبث ..؟
4 . في العراق توجد إمكانات هائلة لإقامة كيانات وتشكيلات سياسيه سواء على صعيد الحاجة الموضوعية لقيامها أو على صعيد تعدد أنماط واتجاهات الفكر السياسي السائد أو على أساس الكم الهائل من المثقفين العراقيين..
5 . وفي العراق تجاوز عدد الكيانات التي تقدمت للانتخابات في مرحلة من المراحل التي أعقبت سقوط نظام الاستبداد 500 كيان وهو رقم لا يشير فقط إلى انه حالة شاذة وغير معروفة في بقية دول العالم إنما يشير إلى عدم النضج السياسي إلى حد العبث وأيضا إلى النزعة الفردية الآنوية .. التي جعلت من بعض المشتغلين في السياسة أو ممن انسلخوا من أحزاب قائمة ديناصورات شبه منقرضة تحبس ذاتها اختياريا في حاويات مغلقة مغلفة بالمرايا أنى أدار الديناصور وجهه فلن يرى غير صورته ولا يسمع إلا صوته .. لا يطيق الآخر إلا تابعا متهجدا ..
6 . في العراق توجد أحزاب عريقة استهلكت ذاتها وفي العراق أحزاب سياسية عريقة استهلكها القائمون عليها ، وفي العراق أحزاب عريقة تجاوزتها الحالة العالمية والعراقية نكوصا ولم تبادر لتجديد ذاتها ،أو أن سعيها في ذلك لا يتناسب على الإطلاق مع التغيير الهائل في ثقافة الشارع العراقي واكرر .. نكوصا.
7 . وفي العراق حصل تغيير هائل في الوعي الشعبي نكوصا وكانت مهمة المثقفين العراقيين الملحة هي : إعادة تشكيل الوعي الجمعي للناس باتجاه تبصيرها بحقوقها ودفعها للتمسك بتلك الحقوق .. لكن المثقف العراقي واجه تلك المهمة بأعلى درجات السلبية فمنهم من ارتضى لنفسه دور الأجير في مزارع الآخرين .. ومنهم من اصطف مع الآخرين في الخندق المناهض لمصلحة الشعب سواء من خلال الانتماء الرسمي إلى الأحزاب الطائفية والعرقية واعتناق منهجها في التعصب والانغلاق والسعي للسلطة وما تتيحه من مال ونفوذ ومنهم من اكتفى بالتذمر والولولة وشتم النجوم والسماء والطارق ، ومنهم من سارع إلى مغادرة العراق حتى باتت الساحة شاغرة..
8 . بالمقابل فان الساحة السياسية في العراق حاليا تتقاسمها الأحزاب النافذة المهيمنة على الحكم مع البعثيين أولائك يستثمرون تدني الوعي الجمعي للناس واللعب على تمسكهم بمعتقداتهم الدينية والمذهبية واستغلال عواطفهم وهؤلاء يستثمرون فشل الأداء الحكومي والسياسي واستشراء الفساد والفقر والشحة وانعدام الخدمات ومتطلبات الحياة ، مع أنهم شركاء أصيلون في السلطة و في صنع الفشل ومستغلين من جانب آخر الطائفية والعرقية بأبشع دلالاتها فهم وليس غيرهم الذين يوصمون غالبية الشعب العراقي بالصفوية وهم وليس غيرهم من تحالف مع إرهابيي القاعدة والتكفير وهم دون غيرهم من استقدم الاحتلال وهم دون غيرهم من أشاع التعسف والتسلط والقمع والدموية حتى بات عدد حقول المقابر الجماعية يفوق بكثير عدد آبار النفط والكبريت في العراق .. لكن المشكلة أن الأطراف التي تشاركهم الحكم وفي ذات الوقت يشنون عليها الحرب لإسقاطها تلك الأطراف ليست بريئة مما يدعون ولكن لست أنا ولست أنت فنحن أبرياء ..
9 . في الأيام التي أعقبت سقوط نظام صدام كانت الأوساط الشعبية المحلية واضحة في توجهها القاضي بطي صفحة الماضي والمباشرة ببناء نظام ديمقراطي مدني تحترم فيه حقوق الإنسان وتحترم فيه إرادة وآمال الشعب وطموحاته وتوظف فيه مقدراته وثرواته لتوفير الحياة الإنسانية والعيش الكريم لأبنائه لكن تلك الأوساط كانت تتلظى بين مطرقة الأحزاب الطائفية والعرقية التي جاءت من أجل أن تحكم وتستأثر بالنفوذ والسلطة والثروة ليس غير ذلك في ذات الوقت الذي تطلق فيه شعاراتها التي تصم الآذان من قبيل البعث الكافر والبعث المجرم والبعث الساقط والاجتثاث الاجتثاث ، وبين سندان البعث الذي كانت ستراتيجيته المعلنة والمعروفة للجميع القائمة على احتواء الأحزاب القابضة على السلطة والتغلغل بين صفوفها وقيادتها إلى كل ما يشين للوصول من خلالها ومن ثم لفظها وإسقاطها .. في ذات الوقت إحكام السيطرة على أجهزة الدولة فهم يعرفون دروب الفساد والرذيلة كلها وأنا وأنت نعافها وهم يتقنون تقديمها على طبق من ذهب إلى أولي نعمتهم الجدد وأنا وأنت لا نقر لغير الشعب ربا للنعمة ونأنف أفعال الفساد والرذيلة .. وهم يجيدون الخضوع والخنوع والمسكنة ولا يعصون أمرا ، وأنا وأنت لا نجيد غير شمائل الشرف والشمم.. فكانوا خدن وربائب لهم وأنا وأنت لا احد يطيقنا من الطرفين مع إننا أنا وأنت لم نقل بصفوية هذا ولا قلنا باجتثاث ذاك .. بل قلنا ما الأمر إلا للشعب فكنا .. خوارجا .. أنا وأنت ومئات الآلاف من أترابنا في الداخل والخارج بتنا طرائدا والمطلك والعاني وربما الضاري ومئات الآلاف من أترابهم شركاء في الحكم والطيور على أشكالها تقع .. وبدلا من أن يكون عنوان المصالحة التصالح مع الشعب وإنصاف ضحايا عهود الاستبداد والفوضى بات الإغداق على البعث ومشاركته عنوانا للمصالحة . لأن موضوع الصراع لم يكن وطنيا ولا صراع مبادئ بل صراع سلطه ..
10 . إمكانات الطرفين هائلة هذا يطبق على مقدرات الشعب وثرواته البشرية والمادية والمالية وذاك يحتكم على ترسانة مالية هائلة مما نهبوه خلال 40 سنة إضافة إلى ما تراكم عليها خلال الأعوام التي أعقبت عام 2003 وأنا وأنت صفر اليدين .. هذا يحتكم على إرادة الملايين من البشر من خلال ما يغدقه عليهم أو ما يعدهم به إن لم يكن في الدنيا فبالآخرة وأنت تبتهل من أجل كفاف يومك.. ليس إلا.. ذاك يعدهم بامتلاك الرقاب فوق الجيوب وأنت تعدهم بعتق الرقاب وتصحر الجيوب .. هذا عمقه دول إقليمية تشكل قطبا وذاك عمقه دول إقليمية تحتل موقعا مناظرا وأنت .. العدو من أمامك والبحر من وراءك.. في النهاية هذا أتفق مع ذاك لقاء السلطة وذاك دخل تحت عباءة هذا لقاء الإقرار له بالتقدم عليه ليعقره ما إن تسنح السانحة وأنت بتّ عدو الطرفين ..عباءتهما المشتركة الدين وليس غير الدين وأنت تجعل من نفسك مناهضا للدين .. هم قتلاهم في الجنة وأنت قتلاك في النار .. أنت تحتج بالحقوق المدنية وتعطيهم صكا بإقرارك أن تلك الحقوق خمرا وميسرة وهم يختصرون حقوقك المدنية بالخمر والميسرة وهي رجس من عمل الشيطان ..هم ينتظرون ثواب وأدها جنات النعيم في الآخرة وتهليل وتكبير من السواد الأعظم في الدنيا .. وأنت تواجه الازدراء في الدنيا.. وفي الآخرة قد تواجه السعير .. والمشكلة انك تركب رأسك بالإصرار على أن الحقوق المدنية هي تلك.. أنت تلوح بمرجعيتك وهي شرعة البيان الدولي لحقوق الإنسان وهم يواجهونك بـ القرآن المجيد ..ويقولون لك : عقيدتنا في العراق هي : مشايخ السعودية + ملالي طهران ÷ 2 وان لم يعجبك ارحل عن ارض الإسلام أو أطع .. أنت تواجههم بالتنكيل بمعتقدات البسطاء من السواد .. أنت تسترحم بنداءات توجهها لهم كما هو نداءك إلى الرئاسات من برلين وقد يحصر بعض العابثون مطالباتهم في السماح بالخمرة وأماكن المجون .. هم يقولون لك جهارا هي الحرب وساحتها صندوق الانتخابات فان لم تعتبر فالشارع ساحتها .. مع ذلك فأنت لا تريد النزول من على سنام الناقة ، ومعروف أن الإصرار على البقاء على سنام الناقة يعني تسرب العطش والجوع والكرى فيسقط المرء من مكان عال ..
11 . فاض بي الكيل وينبغي الاختصار في القول .. وجدت من بين الأسماء الموقعة على نداء برلين أسماء وردت في نداء الاتحاد ، وأسماء وردت في بيان الدعوة للاتحاد وجدتها كانت قد وقعت على نداء البيان الشيعي أشدد ليس هناك من ثمة خطأ مطبعي أنه البيان الشيعي الصادر في السابع عشر من كانون الثاني عام2002 وليس البيان الشيوعي الصادر في القرن التاسع عشر وقد يكون من بينها من وقع على نداء التيار الديمقراطي الصادر في الغري .. سؤال في غاية الوضوح والبساطة : هل توجد ثمة إمكانية بتوحيد النداءات كي تشكل ولو بارقة .. أم أن الأمر مفروغ منه ومحسوم على الطريقة العراقية القائلة : أن نعمل مشتركا يعني أن تكون تابعي .. وان اعمل معك مشتركا يعني أن أكون تابعا لك .. فالشخصية النموذجية العراقية لا تتحمل الأنداد ولا تجد غير سنام الإبل متكئا .
12 . لقد وقعت على معظم النداءات التي وصلتني .. من باب ( خل تكفز من مطي .. بس تحبل ..) باعتبار انه أن لم يكن حصانا فخاله حصان.. ولكن إن كان الأمر مجرد همهمة العنين فلا أجدني إلا جادا ومجرد الهمهمة .. فتلك من شيم العاجزين وقد تلزمهم فياغرا.. في العراق أن تنتخي فأمر يغنيك عن ذاكا ، وان كان الأمر مجرد عبث أو لقاءات جنسية عابرة فاني أعوذ بالرحمن فلم يمسسني بشر قبل ذاك ولم أك بغيا .. نريده إنجابا ونريدها أن تحبل ولكن لا نمانع أن يكون حملها من مطي وقد سبقنا الأمريكان في اعتماده شعارا لأكبر أحزابهم وسبقنا مواطنينا في كردستان .. وقد ذيلت توقيعي على بعض من تلك النداءات بالعبارات التالية : . (قلت وكتبت وناديت بان السهم الأخير في جعبة الوطنيين العراقيين هو قيام تكتل أو أئتلاف أو تحالف يتسع للأحزاب والتنظيمات والمنظمات والشخصيات العراقية في الداخل والخارج من خارج الأحزاب الطائفية والعرقية والبعثية يحفظ لكل خصوصيته الفكرية والتنظيمية ويضمن وحدة الهدف والمنهج بمعنى انه لا يكون أي من الأطراف القائمة حاليا لكنه يكون منها جميعا.. فليس المهم ما يرغبه أي طرف منها بذاته إنما المهم أن يقبله الشارع العراقي .. والشارع العراقي لم يقبل وعلى نحو مطلق أي من الكيانات القائمة حاليا ( عدا القابضة على السلطة حاليا ) ولابد من شئ مختلف .. والمختلف هو هذا.. لا أعني أي من الجهات التي أطلقت نداءات وجمعت تواقيع .. بل اعني اجتماع كل تلك الأطراف في تجمع موحد .. فان بقت الأطراف الديمقراطية كل يغلب منطلقاته الفكرية الخاصة ويغلبها على هذا فأنها تنتهي إلى سهم دون نصل لا يخدش جلدا في حين انه السهم الأخير .. فان كان ذو نصل فانا من طليعة جنوده وان كان بلا نصل فالأولى به أطفالنا يركبونه حصانا في ملاعبهم ..