| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الخميس 30 / 11 / 2017 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
كلام في الحكم الصالح :
العراق دولة فاشله ..لماذا...؟موسى فرج
(موقع الناس)الحكم الصالح Good governance هو نقيض الحكم الفاسد ويقوم على: سيادة القانون، واعتماد الشفافية في العمل الحكومي، وإخضاع الحكام للمساءلة والمحاسبة، والمشاركة السياسية والاستقرار السياسي وتبني الرؤية الاستراتيجية، والعمل على رفع فاعلية الحكومة في القيام بواجباتها، إلى جانب كونه الطريق السليم لمحاصرة الفساد وتجفيف منابعه ووضع حد له.
في العراق بالذات لا يشكل تبني مبادئ الحكم الصالح والإدارة الرشيدة مجرد ترف او لسد نزعة إلى الحداثة وإنما لمواجهة معضلات حقيقية وأزمات متلاحقة عصفت وتعصف بالبلاد، وهو الرد الحاسم على الفساد والمحاصصة والفشل والفوضى السياسية وطوق النجاة لإنقاذ العراق مما هو فيه ..
العراق دولة فاشله..
العبارة موجعة للعراقيين من دون شك ، ليس لأن العراق لا ينطبق عليه هذا الوصف في الوقت الحاضر إنما لأن العراقي يعز عليه أن يؤول عراقه الى هذا المئال ..مع ذلك فإن العبرة لا تكون في التوجع وحسب وإنما في مواجهة الحقيقة والسعي لمعالجتها..
من هي الدولة الفاشلة..؟
هي الدولة التي لا تمارس سيادة كاملة على الأرض والشعب وغير قادرة على التفرد في حق استخدام القوة وعاجزة عن توفير الخدمات ومواجهة الفساد والجريمة. ويتدهور الاقتصاد فيها. وتُعتبر الدولة فاشلة في حالة :
1ـ عندما تفقد السلطة القائمة قدرتها على السيطرة الفعلية على أراضيها أو أن تفقد احتكارها لحق استخدام (السلاح) في الأراضي التي تحكمها.
2ـ وعند فقدانها لشرعية اتخاذ القرارات العامة وتنفيذها.
3ـ وعند عجزها عن توفير الحد المعقول من الخدمات العامة.
4ـ وعند عجزها عن التفاعل مع الدول الأخرى كعضو فاعل في الأسرة الدولية.
5ـ وعندما تفتقر الى إقامة وإدامة أسس الدولة الراعية لمصالح جميع سكان البلاد وليس مصالح فئة أو فئات معدودة منهم.
العراق في المؤشرات الدولية :
أولاً: وفقاً لمؤشرات "معهد بروكينغز" و"فورين بوليسي" الأمريكية للدول الضعيفة :
على الرغم منَ أن العراق يشغل المرتبة التاسعة عالميا في الثروة الطبيعية وتقدر بـ 16 ترليون دولار فإن العراق ، وفقاً للتقارير التي نشرتها مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية حيث جاء فيها: أنه من بين مجموع الدول الأكثر فشلا في العالم توجد 37 دولة في مرحلة الخطر، وكان أبرزها 10 دول مرتبة عدديا من 1إلى10هي: الصومال وتشاد والسودان وزيمبابوي وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان والعراق وجمهورية أفريقيا الوسطى وغينيا وباكستان.
وتشير الصحيفة الى أن هناك إجماع واسعٌ على أن الفساد منتشر في العراق يشكل تهديداً أمام جهود بناء دولة ، والفساد يشكل الإرهاب الثاني في البلاد، ونتيجة لذلك فما تزال البلاد وبشكل متكرر تحتل مراتب هابطة في أغلب مؤشرات الفساد الدولية ،ووفقا لهذه المؤشرات فإن العراق يقع في ذيل قائمة أضعف الدول إدارة لملف مكافحة الفساد في بلادها، وفي أدناه أبرز مؤشرات العراق وفقاً لمعهد بروكينغز وفورين بوليسي :
1ـ الترتيب العام للعراق: رابع أضعف دولة في العالم.
2ـ حصة الفرد من الدخل القومي الإجمالي هي الأقل من مثيلاتها في جميع البلدان المجاورة.
3ـ أدنى درجة في العالم على مؤشر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والاستقرار السياسي وغياب العنف.
4ـ ثالث أدنى درجة في العالم على مؤشر سيادة القانون.
5ـ رابع أدني درجة في العالم على مؤشر فاعلية الحكومة.
6ـ مؤشر البنية التحتية يبين أن معظم السكان يعانون من النقص في المياه النظيفة أو من الصرف الصحي .
7ـ العراق يواجه مشاكل حقيقية في الجوانب التالية:
الحكم، الفساد، سيادة القانون، فرص العمل، الجوانب الاقتصادية.
إجمالاً فإن العراق في كافة مؤشراته يقع ضمن الـ 20% السفلى من الدول التي تضمنتها الوثيقة.
ثانياً: وفقاً لمؤشرات صندوق السلام الأمريكي للدول الفاشلة:
يعتمد التقرير مجموعة من المعايير العالمية من أبرزها: الديمقراطية السائدة في البلد، وتماسكه العرقي والثقافي، والمستوى الاقتصادي والتعليمي، ومدى حرية وسائل الإعلام، وحقوق الإنسان، واحتجاجات وشكاوى المواطنين من أوضاعهم المعيشية، إلى غيرها من المؤشرات وكما يأتي:
أ- مؤشرات اجتماعية : الضغوط الديموغرافية ، تزايد السكان ، النزاعات المجتمعية الداخلية وحصول حالات اللجوء والتهجير للأفراد والمجموعات ، الميراث العدائي بسبب العداء السياسي والمؤسسي مما يجعل الجماعات المظلومة تنتظر الثأر ،هجرة العقول، وهجرة الطبقات المنتجة من الدولة، والاغتراب داخل المجتمع.
ب- مؤشرات اقتصادية : غياب التنمية الاقتصادية المكانية وضعف العدالة في توزيع ثمار التنمية في مناطق الدولة وبين المجموعات السكانية المختلفة ، وعدم المساواة في التعليم والوظائف والدخل، ومستويات الفقر، وتزايد النزعات لهذه الأسباب، التدهور الاقتصادي الحاد، والفساد، وفقدان الشفافية وضعف الاستثمار والتزامات الدولة .
ج- المؤشرات السياسية : فقدان شرعية الدولة بسبب فساد النخبة الحاكمة وغياب الشفافية والمحاسبة والمساءلة وضعف في المؤسسات وفي العملية السياسية والتدهور الحاد في تقديم الخدمات والحرمان من التطبيق العادل للقانون وظهور قوة أمنية توازي الأمن النظامي للدولة والانقسام بين النخب الحاكمة، وتدخل دول أخرى في الدولة والقوات الدولية.
ووفقاً للمؤشرات المذكورة فإن العراق يحتل ترتبيه ضمن البلدان التي تحتل المراتب العشر الأولى من بين الدول الأكثر فشلا من بين 177 دولة في العالم ، حيث كان يراوح بين المرتبة رقم 2 في عام 2007 والمرتبة رقم 11في عام 2013.
ثالثاً : مؤشرات البنك الدولي :
العراق رغم ثروته النفطية الهائلة فقد حل في المرتبة ما قبل الأخيرة من بين اقتصادات 18 دولة في الشرق الأوسط كان لها أداء متميز من حيث النشاطات التجارية على المستوى العالمي..
رابعاً: وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP :
إن “الفساد ما يزال يؤثر على حياة أغلبية العراقيين”، وإن ما يقرب من 6 ملايين عراقي يواجهون الحرمان من الطعام والضعف " و 1,9 مليون عراقي على الأقل أو 5.7 في المئة من السكان هي نسبة المحرومين من الغذاء وليس لديهم ما يكفي من الطعام كل يوم ، وواحد من كل أربعة أطفال يعاني من توقف النمو البدني والفكري بسبب نقص التغذية المزمن.. . خلاصة القول:
بعد إن دفع نظام البعث العراق في لجة التهلكة واورده موارد الردى جاء نظام حكم المحاصصة ليستكمل ما جرى عليه سلفه ولكن تحت ستار حكم النبي وآله...
الحكم الصالح وهو نقيض الحكم الفاسد بات محور الثقافة المجتمعية في معظم دول العالم اليوم ويقوم على مفردات بسيطة: مواجهة الفساد ، سيادة القانون، اعتماد الشفافية في العمل الحكومي، إخضاع الحكام للمساءلة والمحاسبة، المشاركة السياسية والاستقرار السياسي...
العراق أحوج دول العالم لتبني مبادئ الحكم الصالح لمواجهة الفساد والفوضى والمحاصصة وهو طوق النجاة لإنقاذه مما هو فيه ...
فهل يعي المثقف العراقي دوره في نشر ثقافة الحكم الصالح لمغادرة الأنظمة الشمولية والطائفية والعشائرية في العراق ...؟.