|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء  30  / 12  / 2014                               موسى فرج                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 


 

سنوات الفساد .. التي ضيعت كل شئ..

موسى فرج

ـ وفقاً لدراسة أعدتها الأمم المتحدة (UNDP) بالتعاون مع وزارة التخطيط وهيئة النزاهة ونشرتها بتاريخ 20 حزيران 2013 تحت عنوان : نسب الفساد المالي والإداري في العراق في تزايد مستمر.. (*) فأن : 60 % من موظفي العراق يتعاطون الرشوة.. والمواطن يلجأ إليها أربع مرات في السنة..

طبعاً الرشوة من الجرائم المخلة بالشرف (م : 21 قانون العقوبات..) هذا أولاً .

وثانيا ان نسبة 60% تعني أغلبيه .. ماذا يعني هذا ..؟

هذا يعني أن أغلبية موظفي الدولة فاقدين لشرط اشغال الوظيفة الرسمية .. فاتني أن أشير الى أن نسبة الـ 60 % لا تشكل مقطع عرضي من هرم الدولة وإنما مقطع طولي بمعني ان عليك رسم مثلث متساوي الساقين وتحرك مسطره على بشكل عمودي قاعدة الهرم حتى تبلغ النقطة 60 % من القاعدة وترسم خط يبدأ منها صعودا .

في هذه الحالة آنا خايف على قمة الهرم لأنها ستكون بالكامل خارج المتبقي من المثلث والبالغ 40 % ولم تفلح محاولات الدائرة المحيطة برئاسة الحكومة (السابقة) التي اجتهدت بتسويق إدعاءاتها بأن الفساد تختص به حافات الجهاز الحكومي ويمارس من قبل صغار الموظفين ..

(قرأت أمس أن السيدة وزيرة الصحه تنكرت بعباءة نسائية وبوشيه وضبطت موظف استعلامات إحدى المستشفيات متلبساً بالرشوة عندما سمح لها بالدخول لصالة الولادة بعد إن عرضت عليه رشوه ولو كنت أعلم بقيامها بتلك الممارسة لنصحتها بأن تنظر بعيون جيران الجنب في الاجتماع الوزاري لتجد ظالتها بدلاً من تحملها العناء ..

وقرأت اليوم كتاب موّجه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء يشير الى ظاهرة إصطحاب الموفدين من أجهزة الدولة للخارج زوجاتهم وابناءهم في الايفادات الرسمية وأن السفارات الأجنبية تتساءل عن الأسباب الموجبة لذلك ..

وقد علقت على ذلك بقولي : السبب هو مراعاة القاعدة الشرعية التي توجب مرافقة المحرم .. وبالنسبة للعراقيين ليسوا متزمتين ولذلك المحرم عندهم للزوجة والزوج على حد سواء..)..

ـ ووفقاً لدراسة أخرى فإن الوقت المنتج من ساعات العمل اليومية لموظف الحكومة في العراق يتراوح بين 10ـ 17 دقيقة من ساعات العمل اليومي الرسمية البالغة 480 دقيقة يعني ما نسبته 3 % في أحسن الأحوال ..
يعني أن نسبة التسيب والترهل 97 % (طبعاً هذا لا يعني أن الجميع لا يشتغل اكثر من 3 % من ساعات الدوام الرسمي ولكن قد يعني أن 97 % هم عاله على الـ 3 %).

ـ وطبقاً لمؤشرات أخرى فإن القدرة الانفاقية للحكومة خلال سنوات ما قبل انخفاض اسعار النفط كانت لا تزيد عن 40 % من التخصيصات السنوية و60 % من التخصيصات تعود في نهاية السنة الى خزينة الحكومة ..

أما من ناحية القدرة على التنفيذ للمشاريع فلم تكن تتعدى 5 الى 10% من المخطط السنوي .. طبعاَ العراقي كان مطمئناً على فلوسه بالاعتقاد أنه سيعوّض عن فشل الأداء الحكومي بتراكم الفوائض السنوية للموازنات بانتظار مجيئ حكومة مقتدرة فتجد أمامها جبل من ذهب .. لكن صح الباقي .. ماكو... وضاعت الفلوس ..

ـ مئات المليارات من الدولارات أهرقت في آلاف من المشاريع الوهمية واكثر من ذلك في رواتب وهمية للفضائيين في الجيش والشرطة والتقاعد وإعانات الرعاية الاجتماعية ولا تخلو اية دائرة حكومية او برلمانية من الفضائيين بما في ذلك منظمات المجتمع المدني الفضائية.. وسرقة النقود في المصارف والدوائر المالية قائمة على قدم وساق..

ـ تلك المليارات لا تشكل الا صفحة من الأموال المغدورة والصفحة الثانية هي ممتلكات الدولة .. المباني والأراضي التي تم فرهدتها وتبديدها ومن بينها ثمناً للحصول على اصوات الناخبين لمغمورين وجهلة من بطانات الحاكم .. وشركات القطاع الحكومي تمت فرهدتها أيضاً تحت يافطة الخصخصة .. النفط الخام لازال يُسرق ويُهرّب والمشتقات النفطية لليوم تسرق ليتم عوضاً عنها إدخال المخدرات .. النخيل حتى النخيل يُسرق ويُهرّب وبعد بضعة سنوات سينتقل شرف الأولوية في عدد النخيل من العراق الى الأمارات ..

ـ الأخطر من ضياع الفلوس ضياع النفوس فالـ 60 % و17 دقيقه ومئات المليارات .. كان السبب الذي يقف خلف ذلك هو الفساد الاداري الذي يتمثل بإعتناق مذهب التمييز بين العراقيين بديلاً عن المواطنة وعوضاً عن الاخاء والمساواة فقد تم تبني الحزبوية والعشيرة والبطانة.. فلم ينحصر الضرر في غمط حقوق الشعب بالحصول على الوظيفة الرسمية على أساس الاستقامة والمقدرة وانما إنعكس ذلك مباشرة في تخريب الاداء الوظيفي وهزالة مخرجات الوظيفة.. ولو تم استبعاد عبعوب في نهاية الأمر وبعد التي واللتيا فإن 60 % من موظفي الدولة كلهم عباعيب ولازالت الكثير والكثير من تلك النسخ..

ـ والأخطر من ضياع الفلوس والنفوس ضياع الوطن.. فجيش من فضائيين وشرطة ناهبين وجهله وسلاح وعتاد على الورق فقط وقادة لا يصلحون حتى لقيادة قطعان الغنم والجاموس وطبقة سياسية فاسدة ماذا تنتظر منهم غير ضياع الموصل وتكريت وأماكن أخرى ؟..

ـ ولن يقف الأمر عند هذا فسياسة الفوضى الضاربة أطنابها لا تسعف الحكومة في تلمس وظيفتها في إقامة التنمية المكانية المتوازنة بين كل محافظات العراق.. وهي بالاساس لم تمارس دوراً في التنمية أياً كان شكله وبالنتيجة ارتفاع معدلات الفقر ليصل الى 30 % من السكان يرافقه التفاوت المريع في هذا الجانب والناجم عن عدم ممارستها للتنمية المكانية المتوازنة بين مناطق العراق ففي حين أن معدل الفقر في السليمانية ودهوك يبلغ فقط 2 % فإن معدل الفقر في المثنى 54 % من عدد السكان مما يدفع بسكانها يوماً بالفدرلة مع عمان او حتى مدغشقر..

ـ بسبب الفساد ضاعت الموصل وأخواتها وانتهكت أعراض العراقيات من مسيحيات وايزيديات فكان ضياع الأرض والعرض.. وضاع كل شئ .. والفاعل سنوات الفساد ..

ـ هل يمكن تدارك الأمر ..؟ نعم ولكن من خلال إعادة تشكيل الثقافة الجمعية للناس لتغيير أسس وبنية النظام السياسي القائم على المحاصصة والفساد .. ولكن أنّا يكون ذلك والثقافة الجمعية لم تعد ثقافة الستينيات من القرن المنصرم فقد مزقتها الطبقة السياسية شر ممزق .. هل يمكن التعويل على عدد من المحروقة قلوبهم على العراق ..؟ ليس بمقدور عيدان الثقاب تخليص غابة تنز بالمياه الجوفية من الدغل .. ولكن توجد بارقة أمل بتوسيع السيد العبادي خطواته لمواجهة الفساد إذا إنتقل من حاضنته الحالية الى الخيرين من ابناء الشعب وإلتفوا حوله يمكن .. وإلا فليس من المنطق أن تثمر (سياسة المباوك مع حاضنته) في تحقيق نتائج حاسمه ..

 

 (*) شبكة اخبار العراق 20/6/2013 ..

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter