| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 2/6/ 2012 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
رأي في الأزمة السياسية الحالية...
(2)موسى فرج
لو كان السكوت من ذهب لتعففت ...
* من جانب فان مجرد الإطاحة برئيس الحكومة من خلال الدستور يشكل علامة بالاتجاه الصحيح في مسيرة محاولات بناء الديمقراطية في العراق ـ بصرف النظر عن كونه المالكي أو غير المالكي ـ .. لأن ذلك يشكل كسراً لشوكة منهج التمسك بالسلطة .. وهي خطوة لاشك في غاية الأهمية خصوصا في العراق الذي ابتلى شعبه بالاستبداد والدكتاتورية ووباء التمسك بالسلطة وعدم مغادرتها إلا على أسنة الدبابات وأناشيد الانقلابات العسكرية أو التدمير الشامل للبلد كسبيل لانتزاع السلطة من الحاكم..
* ومن جانب فإنها ليست لا في أهدافها ولا في منطلقاتها ولا في نتائجها تمت إلى متطلبات بناء الديمقراطية في شيء .. فهي صراع مجنون ومحتدم بين ساسة المحاصصة على المكاسب والمناصب والسلطة والنفوذ ليس أكثر وهم في صخبهم لم يمروا مجرد مروراً على إصلاح ما أفسدوه في مجالات : قضية بناء الديمقراطية أو وحدة البلاد أو معيشة الشعب، بل بالعكس تماما فقد وظفوا فيها كل ما يزيدها محنة..
* من جانب فان المالكي بالذات ذهب بعيداً في منهجه الذي دفع بصرف النظر عن النوايا لتقويض أي أمل في الديمقراطية والحكم الصالح في العراق.. فقد برع باختزال كل ذلك الأمل في أن يحكم وان يبقى في الحكم لأطول مدة ممكنة ، وبرع في التنقل.. تارة للدستور وتارة عليه ، تارة للفيدرالية وتارة عليها تارة للمذهب وتارة عليه ، تارة للمرجع وتارة عليه ، تارة للائتلاف وتارة عليه ، تارة لإيران وتارة عليها ، تارة لمحيطه وتارة عليه ، تارة للاجتثاث وتارة عليه ، تارة للفساد وتارة عليه.. لقد برع في صنع الخصوم وافتعال الخصومات وبرع في أبرام الاتفاقات والانقلاب عليها ، وبرع في إعادة بعث العشائرية بعد إن قال لها محمد (ص) : اخمدي لصالح الأمة والشعب .. واجتهد بإخضاع الجميع ولكن في زمان الموح وانفلات الجاذبية ..! وبرع في اختزال الشعب العراقي إلى الموالين واختزال المذهب إلى الحزب واختزال الحزب في مجموعة تحيط به.. لقد برع في أمور كثيرة ولكن ليس من بينها الديمقراطية وليس من بينها مكافحة الفساد وليس من بينها حقوق الإنسان ، وليس من بينها احترام مبدأ الفصل بين السلطات وليس من بينها احترام استقلال القضاء وليس من بينها الخضوع لسلطة الشعب ممثلة بالبرلمان وليس من بينها احترام استقلال الهيئات التي يتطلب عملها تأكيد الاستقلال .. وليس من بينها استقطاب الأكفأ والأخلص من الشعب لتنهض الكفاءات في الداخل وتحط الكفاءات المتناثرة في الخارج .. وليس من بينها معالجة القضايا الاقتصادية بعمق ليتحول الشعب من شعب استهلاكي ينتظر إعانات الرعاية الاجتماعية أو يشتغل شرطياً إلى شعب منتج يأكل من يديه ويطعم الدولة مما يفيض ، وليس من بينها تنمية القطاعات الإنتاجية في البلد ، وليس من بينها الزرع والصنع فبدلا من القروض ، الأولى معالجة السياسات التي أنهكت الجميع وخصوصا ارتفاع أسعار الوقود والمحروقات والكهرباء ، وليس منها معالجة الكهرباء حيث عشرات المليارات دون جدوى وهم في الوقت الذي يقولون له أن مجلس النواب هو سبب المشكلة لأنه لا يوافق على قروض لشراء الكهرباء فان معدات يأكلها التراب والتلف والتقادم تكفي لـ 3 آلاف ميكا واط ( معكوطة ) في مخازن الزبير وأم قصر منذ 3 سنوات كما قال أعضاء في مجلس النواب قبل أيام ، وليس من بينها أيضاً حرص المحيطين به أن يكون نصيبهم من الدنيا أقل الجميع كي يكونوا معيارا وكي لا تفلت الأمور فيطلب كل من هفت نفسه بحجة الـ ( أسوة بفلان ..!) ، ليس من المنطق أن 3 و4 أفراد من عائلة واحدة يشغلون مناصب عليا ودرجات خاصه ومئات الآلاف من الكفاءات العراقية إما إن تكون مسحوقة في العراق أو تحمل على أكتافها غربتها في الشتات ..
ليس من المنطق .. ليس من المنطق أن يطالب عراقي سجين سابق أو أبوه أو أخوه أو ابنه شهيد فيُصد ويُرد فلا يحصل على حقه في وقت يحصل عليه وزيادة آخر والفرق كل الفرق أن ذاك موال للعراق بدأ وينتهي على عهده وهذا موال أو بات أو بصم في وقت متأخر ..
ليس من المنطق ..، ليس من المنطق أن تتنقل الكهرباء خلف بنت الوزير أينما حلت فان حلت حلت وان رحلت رحلت ليس من المنطق .. أمور ليست منطقية كثيرة .. ولكن ولكن ولكن ...
* ومن جانب فان خصوم المالكي في هذه الأزمة.. هل أنهم أفضل منه ..؟ هم يعرّفون أنفسهم بعملاء متعددي المواهب ومتعددي الارتباطات ، وهم يصفون بعضهم بأنهم يحملون أجندات خارجية وغير وطنيين ومسلوبي الإرادة ، وهم يقولون عن أنفسهم : احدهم يخطط لتقسيم العراق والآخر عميل والثالث طائفي .. هم يصرخون في قاعة مجلس النواب بأنهم طائفيون وقتله ، وهم بأنفسهم في الفضائيات يقولونها على رؤوس الأشهاد أنهم بعثيون، هم يقبضون ملايين الدولارات من آل سعود وحاكم قطر علنا وأمام الجميع لإسقاط الحكومة وقبضوا قبل ذلك أكثر لغرض الوصول إلى الحكم..
* ومن جانب هل أن محاصصتكم صنعها المالكي ..؟ وهل أن دستوركم سّنه المالكي ..؟ وهل أن طائفيتكم أيقضها المالكي ..؟ وهل أن اختزالكم للشعب العراقي في ذوائبكم أفتى بها المالكي ..؟ وهل أن الفتنة أيقضها المالكي ..؟ وهل أن قوانين امتيازاتكم كنتم في عفة منها ..؟ وهل وهل وهل .. كلكم أيها السادة اشتركتم فأسئتم وكلكم تسلطتم فاستأثرتم وكلكم آذيتم فأمعنتم .. كلكم ظاهرتم الفساد وكلكم ميّزتم بين العباد وكلكم أفسدتم في قوانين الانتخابات والترويج للانتخابات وشراء الذمم في الانتخابات ، كلكم من بنيتم المنهج وركبتموه .. وفصلتم السّنة السيئة وعليكم وزرها ووزر من اتبعها .. وليس من فيكم الذي يحق له أن يرميه بحجر ..
* من جانب فان البديل من هؤلاء ليس أحسن حالا وأكثر عفه .. فليس دائما أن من يبدو لك عظيما هو كذلك ولكن.. لأن الآخر غير ذلك ..
* ومن جانب فان البديل لا يكون بالضرورة من بين خصوم المالكي في أزمته الحالية..؟ نعم ليس شرطاً ..
* من جانب فان الشعب لم ينضج بعد ليقول للمتخاصمين : توقفوا.. فالأمور ليست هكذا .. خصامكم صراعكم لا يعنيني في شيء.. أنتم من كتب الدستور وانتم من عبتموه.. وانتم من قبضتم المال وانتم من بددتموه .. وانتم من أقمتم المحاصصة وأنتم من ذممتموها .. وأنتم من صممتم الفيدرالية وانتم من سفهتموها .. وانتم من سّن الاجتثاث وانتم من على غير البعثيين طبقتموه واتخذتم منهم أولياء من دون الناس .. وانتم من أصر على الطائفية وأشاعها نارا تحرق الناس وانتم من لعنتموها .. انتم من أشاع الفساد وانتم من تشتمونه .. انتم من أعاد العشائرية .. انتم من جعلتم المرجعية حاكمة للقرار وانتم من يقول اليوم يجب أن تبتعد المراجع عن السياسة ..!.. انتم من اختزلتم الناس في قسائم تكتظ بها الصناديق .. انتم أخذتم ما لله وأخذتم ما لنا وأخذتم ما لكم ونحن لم نأخذ من الأمر شيئاً .. لقد قبضتم وفاض.. وتمتعتم دون أن تثملوا.. وحكمتم دون أن تملوا.. وحكمتم فينا السفهاء والفاسدين دون أن تراعوا فينا حرمه.. ضاق رباط خيلكم واجتنيتم حتى فقتم الأولون.. ونظرتم إلينا من فوق المنابر فاستصغرتم قدرنا وبخستم حقنا..
أين أموال العراق ..؟ أين مقدرات العراق ..؟ أين إمكانات العراق ..؟.. ضاعت .. ولكن كيف ضاعت ..؟ أنا أدري ....
* ومن جانب فان هذا يقول أن ذهب المالكي ذهب العراق.. لا .. ليس لهذه الدرجة .. وذاك يقول أن غاب المالكي عن الحكم انفرط عقد المحافظات وبددت ثروة العراق .. وهذا الذي يقول ذلك كان قبل أشهر يقول غير ذلك ...!.
* من جانب فان المالكي أن بقي في الحكم .. كم يعمر ..؟ 20 ؟ 50؟ 100 ؟ وبعد ذلك ..؟ ألستم تقولون أن العراق ضارب في التاريخ ..؟.. فكيف يتوقف العراق على شخص مهما أوتي ..؟ لا وحقكم فان هذا العراق يزدهر بازدهار وعي الشعب ويضمر بضمور ذلك الوعي .. وبناء الحكم الصالح في العراق لو تعلمون أهم من الأشخاص والأحزاب والكتل .. والحكم الصالح استحقاق يستحقه الشعب المثابر الواعي الناضج.. الذي يغادر السباب والشتائم والتكفير والتحقير ويتجه إلى محاسبة الحاكم على المليم وعلى أللفته ويعتبر ذلك قضية مبدأ.. ليترسخ ذلك في الوعي وفي اللاوعي حتى يتخذ منه منهجاً وعرفاً ويبني قواعد ومؤسسات حكم وعندها إن حكم فلان أو غادر فلان فلن يغير في الأمر إلا قليلا ..* ومن جانب فانه إذا كان المتعلمون ، الكثير منهم لا يبتعد عن القطيع فتجده حائراً بين أن يعلن ولاءه لهذا أو يعلن ولاءه لذاك .. فكيف تستقيم الأمور ..؟ عندما قالوها قبل 1400 من السنين : من كان منكم يعبد محمداً فان محمداً قد مات .. ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت .. نرددها اليوم : من كان منكم ولاءه لشخص أياً كان ، فان الشخص مغادر اليوم أو بعد بضعة سنين .. ومن كان ولاءه للوطن وللشعب فليجعل من ذلك بوصله وقبلنامه ومعيار ومقياس ويعاير الأشياء في ميزان الشعب كل الشعب والشعب وحده من اخلص له وحده أحببته ومن بخسه حقه أو واحد منه بغير حق .. قلت : لا .. ولو كان السكوت من ذهب لتعففت عن الذهب.. وما توانيت عن قول ما يجب أن يقال وان كان في ذلك هلاكي ، بعدين هم قالوا عني : هذا يقول الحق سواء وقع على حجر الحق أو وقع حجر الحق عليه.. فهي إذن عادة في البدن ولم يحن موعد مغادرتها بعد ، وبعدين آنا ادخل بالله من الغيبه .. ما أحبها .. أقول للآخر بحضوره وليس عندما يذهب لا سامح الله ...
وبالمناسبه هذه الأزمة لا تخلو من فائدة.. فان استبدلوا المالكي فاني والله يوم تسلم المسؤولية باوسته في حفل عام وقلت له : خير خلف لخير سلف فرد عليّ : شكراً .. وفي نفس الوقت باوسته للجعفري ما زعل الرجال.. غير هي هاي الديمقراطيه ..؟ فلماذا يصعب عليه سماعها ثانية ..؟.. وان تجاوزها وبقي في منصبه فعلى الأقل يتذكر سكرات الموت وعندما يقوله له عراقي : على كيفك ويانه .. يقول له : أستغفر الله.. واحتمال يقول له : آسف...
رأي في الأزمة السياسية الحالية... (1)