| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

موسى فرج

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 29/11/ 2011

     

 قضية : اللامركزية والفيدرالية في العراق

موسى فرج

اللامركزيه .. ماذا تعني ؟.. أهدافها ؟.. شروط تطبيقها..؟ .. واقع الحال ..؟

الفيدراليه .. ماذا تعني ؟.. أهدافها أغراضها ؟.. واقع الحال ..؟

الكونفدراليه .. ماذا تعني ؟.. أهدافها ؟, أغراضها , واقع الحال ..؟

ماذا يجري في العراق ..؟

أولا : اللامركزيه :
اللامركزية في الإدارة تعني تفويض الصلاحيات .. وهي نوعان :

إداريه : ويقصد بها تفويض الصلاحيات إلى المستويات الإدارية الأدنى ..

وجغرافيه : وتعني نقل بعض الصلاحيات من الحكومة المركزية إلى الهيئات المحلية دون أن تفقد الهيئة المركزية رقابتها على السلطات المحلية ودون أن تفقد قدرتها على التوجيه لتحقيق الاتساق والانسجام في حركة الدولة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ودون أن تفقد الدولة وحدتها وترابطها ...

الهدف من اللامركزية :

1 . منع تركيز السلطة بيد الحكومة المركزية .. والحيلولة دون الاستبداد والانفراد بالحكم.. .

2 . تمكين السكان المحليين من إدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ومشاركتهم في صنع القرارات على مستوى البلاد.

3 . تحقيق التنمية المكانية المتوازنة في كافة مناطق الدولة ..
ويقصد بالتنمية المكانية المتوازنة : توزيع ثمار التنمية ووسائل الرفاه الاجتماعي على سكان الدولة بشكل عادل , ودون تركيزها في مكان على حساب حرمان بقية السكان في مناطق أو منطقة أخرى ..

تاريخ المركزية في العراق : .

1 . منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 ونظام إدارة الدولة المعتمد في العراق هو النظام المركزي ..

2 . في الستينات جرت محاولات محدودة لتطبيق الإدارة المحلية من خلال تفويض إدارة الأنشطة البلدية في المدن إلى السكان المحليين.. .
3 . في عام 1969 صدر قانون المحافظات رقم 69 لسنة 1969 وتم بموجبه تأسيس مجالس للمحافظات .. واستحدثت أيضاً وزارة سميت بوزارة الحكم المحلي ترتبط بها المحافظات بدلا من ارتباطها بوزارة الداخلية , واستحدثت أربع محافظات هي : دهوك وصلاح الدين والنجف والمثنى .. لكن سلطة البعث أغلقت الأبواب دون التسرب إلى تلك المجالس واحتكرتها للبعثيين والموالين للحزب واستخدمت تلك المجالس لأغراض تعبوية دعائية للنظام الحاكم.. كما أنها أصدرت قراراً باعتماد الحكم الذاتي في المنطقة الكردية لكنها عملياً أفرغته من مضمونه..

4 . في أواخر السبعينات جرت محاولات لدفع الحكومة باتجاه تبني تنمية مكانية متوازنة وعادلة إلا أن تلك الجهود لم تنجح واستمر توقيع المشاريع عشوائياً حتى أن أضخم تلك المشاريع قد تم إنشاءه قريبا من الحدود مع إيران في البصرة أو قرب الحدود مع سوريا في القائم مثلا.. وهي قريبة من إسرائيل أيضا وبالنتيجة فان تلك المشاريع لم يبقى منها شاخص على الأرض عندما وضعت حرب ألثمان سنوات أوزارها ..
أما توزيع وسائل الرفاه الاجتماعي من مشاريع بلدية وسياحية وخدميه فقد اختصت بها مناطق سكن أركان نظام الحكم دون غيرها تتبعهم أينما حلوا في وقت بقيت فيه مناطق العراق تفتقر إلى أي شئ يسمى بنية تحتيه .. .

5 . لأسباب دعائية سياسية ترمي إلى التمسح بأثواب الاشتراكية حيث كانت الورقة الرابحة في تلك الحقبة فقد توجه النظام إلى إقامة رأسمالية الدولة فكل شئ مملوك للدولة بدءاً بالنفط وانتهاء بالدجاج والماعز ولكل من تلك الحيوانات شركة عملاقة خاصة بها متسيبة ومتسربلة وفاشله.. .

6 . وقد اعتمد التخطيط المركزي في تلك الحقبة لكنه لم يكن التخطيط الشامل .. ومن الناحية المالية تم فصل الموازنة السنوية الخاصة بالمشاريع وسميت بالمنهاج الاستثماري عن تلك المتعلقة بالنفقات التشغيلية للدولة وسميت بالميزانية الاعتيادية , لكن التخطيط لم يكن شاملا أو متسقا أو دقيقا لكنه مظهري ولإسقاط فرض ليس إلا .. واقصد بعدم الشمول انه شمل بعض القطاعات وخصوصا الصناعة والزراعة دون غيرها , أما عدم الاتساق فان خطط القوى العاملة كان يتم إعدادها بمعزل عن العلاقة مع مدخلات ومخرجات الأنشطة ألاقتصاديه , ولكن كانت توجد خطة خمسية وسنوية خاصة بالتنمية الإدارية لإعداد القوى العاملة الإدارية في ضوء الخطة الاقتصادية ...

7 . ومن الطريف مما علق بذاكرتي أن المحافظين ومسئولي الدوائر الزراعية عندما ينعقد المؤتمر السنوي لهم في وزارة التخطيط لتحديد الأرقام المخططة للإنتاج الزراعي السنوي تتصاعد هستريا السعي وراء التصفيق عندهم فان وجد احدهم أن زميله بالغ في الأرقام المستهدفة فاستحق التصفيق فانه يسارع إلى الالتزام بضعف تلك الأرقام كي يبز صاحبه ويستحق تصفيقا أكثر .. ولكن بالنتيجة فان خيرهم لا يحقق 30% من المخطط فتمت معاقبتهم فكان إن تحولوا من المبالغة في التضخيم إلى المبالغة في التقزيم فيراجع أرقام المتحقق خلال السنوات الماضية ويستهدف نصف معدل المتحقق سنويا وعندما يحضر لمناقشة تنفيذ الخطة يكون قد حقق أرقام تفوق المخطط القليل أصلا فيتصاعد التصفيق أيضا.. والأمور تدار بهذا المستوى.. .

8 . وبعد قيام نظام صدام باجتياح الكويت وفرض الحصار على العراق تم التخلي عن كل شئ الخطة الاقتصادية والمنهاج الاستثماري وحتى الموازنة السنوية تم تركها وصارت هبات ومنح الرئيس القائد بديلا عن ذلك .. وعلى اثر انتفاضة آذار 1991 تم إلغاء وزارة الحكم المحلي وتمت إعادة ربط المحافظات بوزارة الداخلية وانتدب لها محافظين ومسئولين لإدارة الوحدات الإدارية ممن بز أقرانه بالدموية والقسوة والعفونة من العاملين ضمن أجهزة صدام الأمنية ...

الأضرار الناجمة عن المركزية :
الأمر الذي تسبب عن نتائج خطيرة اجتماعية واقتصادية وسياسيه .. أهمها : .

أ . اختلال التركيب السكاني في العراق حتى أن ثلاث محافظات هي بغداد والبصرة والموصل تستحوذ على أكثر من نصف سكان العراق في حين يقل مجموع السكان في الـ 15 محافظة الأخرى عن 50 % .. حصل ذلك من جراء الهجرات المستمرة للسكان من مدن ومناطق العراق الأخرى بسبب توفر فرص العمل في المحافظات الثلاث المذكورة بدرجه أفضل نسبيا عما هو عليه الحال في بقية المحافظات وأيضا توفر نسبة أفضل من الخدمات .. لذات السبب حصلت الهجرة الواسعة من الريف إلى المدن.. وخصوصا المدن الكبرى , كل ذلك رافقه الفقر والفقر المدقع في العراق والبطالة التي لم تفارقه يوما وخدمات وجهتها نزولا بدلا من الصعود كي تضمر وتضمر .. .

ب . تدمير الاقتصاد العراقي من خلال إهمال وتحطيم الإمكانات الهائلة التي تشكل عوامل تفوق فيه دون غيره خصوصا الأرض والماء والثروة الطبيعة والموارد البشرية (باستثناء جهود يتيمة بذلت في حقبة مجلس الأعمار) فالأرض تم تسليمها إلى إقطاعيين وأغوات استمرارا لمنهج الحكم العثماني للعراق فأمعنوا في حرمانها من القوى العاملة من خلال ممارسة الظلم والقسوة ضد الفلاحين فهجروها إلى المدن ليشكلوا انطقه من بيوت الصفيح حولها ويعملوا خداما وحدقجيه وزاولوا المهن المتدنية وبعد إصدار حكومة 14 تموز 1958 قانون الإصلاح الزراعي سلمت للفلاحين أرضا خاويه تفتقر إلى البنى التحية ورأس المال فكانت النتائج عكس ما أراده مشرعو القانون ولم تبذل جهود تذكر للإفادة من إمكانات العراق المائية طيلة تلك العقود فكانت نعم دجله والفرات تنقلب إلى نقم وفيضانات سنويه تدمر المحاصيل الزراعية في أوقات الحصاد وفي حين توجهت دول المصدر وخصوصا تركيا وسوريا إلى تعظيم الإفادة من إمكانات النهرين وإقامة السدود فان الحكومات العراقية المتعاقبة كانت مشغولة بالحرب على كراسي الحكم ..
أما فيما يتعلق باستغلال الثروات الطبيعة والمعدنية على وجه الخصوص فان الأمر اختزل بالنفط وحده وبشكل مشوه أيضا إذا اختزل استثمار الثروة النفطية على الاستخراج والتصدير دون التصنيع , وتم إهمال حتى الغاز المصاحب للنفط فضلا عن الكبريت والفوسفات والمعادن الأخرى التي تزخر بها ارض العراق .. وفيما يتعلق بالعنصر الأهم من ثروات البلاد أعني الموارد البشرية فقد تم تدمير إمكاناتها بشكل ممنهج وعنيف وسعت تلك الحكومات إلى تحويل المجتمع العراقي إلى مجرد قطعان يوجهونها ضد بعضها تارة تحت لافتات قومية وتارة تحت لافتات مذهبية وأخرى تحت لافتات عشائريه..
الأمر الوحيد الذي نجحت فيه الحكومات المتعاقبة في العراق هو أنها جعلت من الاقتصاد العراقي اقتصادا ريعيا يعتمد على مبيعات النفط (فان جيّم الأنبوب أو غلق .. يلتفت الحكام على ترجيات العراقيات ومخشلاتهن .. لكن الزمن الذي تمنح العراقيات فيه تراجيهن ليصنع منها صدام تماثيله .. قد ولى , والعراقية اليوم تنزع البابوج وتقول للحاكمين :(ويل لكل همزة لمزه , الذي جمع مالا فعدده ...) هذا هو حال الاقتصاد العراقي وليومكم هذا ..

ج . تسببت المركزية في إغراق المجتمع العراقي بالفقر بالرغم من الثروات الهائلة التي يحتكم عليها العراق إلى جانب الافتقار إلى الخدمات الصحية والبيئية وخدمات التعليم والثقافة ولا تشذ عن ذلك المدن الرئيسية التي تشكل بيوت الصفيح انطقه متتالية تحيط بها من كل الجهات ويلفها البؤس والفقر والجهل والمرض .. .

د . أما في الجانب السياسي فقد أنجبت المركزية في العراق أعتى نظم الاستبداد في المنطقة وأكثرها جنوحاً للطائفية والعرقية والمناطقية حتى انه ولغاية 9/4/2003 فان المسئولين الإداريين والأمنيين في معظم المحافظات قد تم استقدامهم من قضائين من أقضية العراق أو ثلاثه .. .

هـ . وفي الجانب الثقافي والاجتماعي رسخت المركزية مفهوماً غريباً لدى الناس بأنهم عالة على الدولة وان الدولة المالكة لكل شئ مانحة ومتفضلة دون أن تكون مجبرة على ذلك الأمر الذي يجعلها خارج نطاق المساءلة والمحاسبة إنما الشعب هو من يحاسب ومن تتم مساءلته وان طبيعة العلاقة بين الشعب والحكومة إنما هي علاقة ولاء مطلق وأحادي الجانب ويتم وصف أي خرق لهذه القاعدة من قبل الأفراد بأنها خيانة للوطن .. في حين أن الموارد مواردهم والمقدرات مقدراتهم .. .

شروط تطبيق اللامركزية :

1 . اللامركزية تشترط توفر كوادر إدارية وفنية متخصصة وقادرة على النهوض بها ودون ذلك فإنها تتحول إلى مجرد فوضى تتسبب في تبديد الأموال والمقدرات أو يتم سرقتها (وهذا ما يحصل حاليا ..) لأن تحويل الصلاحيات يرافقه بالضرورة تحويل المهام والمسؤوليات فالمسؤولية دون صلاحية جنون لكن الصلاحيات بدون مسؤولية فوضى .. والمسؤولية لا يمكن أن ينهض بها غير الذي يحتكم على ما تتطلبه ممارستها من أدوات معرفية ومهارية عالية يعوض بها عن تلك التي كانت تستخدم في ظروف المركزية من قبل المركز وباتت خارج الاستخدام عند التحول إلى اللامركزية .. .

2 . اللامركزية تشترط أن ينهض بها التكنوقراط وليس غيرهم .. بالمناسبه : التكنوقراط بهذا المعنى لا يقصد به مجرد الحامل لتحصيل علمي أو فني ..لا.. التكنوقراط هم الخبراء الذين لا ينتمون لأحزاب ولا يعملون لحسابها ولا يخضعون لها ولا يتمتعون بحمايتها .. إنما ينتمون للشعب ويعملون لمصلحته ويخضعون لمحاسبته, فالتكنوقراط عندما ينتمي إلى الأحزاب المتصارعة على السلطة يوظف إمكانات الدولة ومقدرات الشعب لمصلحة الحزب الذي ينتمي إليه ويتمتع بحماية ذلك الحزب .. .

3 . واللامركزية لا تلغي دور المركز.. إذ يبقى الدور التوجيهي والتنسيقي والرقابي للسلطة المركزية قائم لأن الوحدة الإدارية المشمولة بالنظام المركزي لا يمكن أن تكتفي ذاتيا بمدخلاتها أو مخرجاتها , وأيضا فهي لا تعيش بمفردها ضمن البلد إنما تشكل إحدى وحداته ولابد أن تتسق في حركتها مع الحركة الإجمالية مع غيرها من الوحدات الإدارية ومع أجهزة الحكومة المركزية الأمر الذي يجعلها تسهم في تخطيط أهدافها ولكن تعتمد توجيهات عامة من المركز ليس بالمعنى الذي ينصرف إليه الحال في التخطيط المركزي والشامل إنما من خلال ما تقوم به الحكومة المركزية من توجيهات أو تخطيط تأشيري .. وهي تخضع لمتابعة ومساءلة المركز إلى جانب ما يمارسه السكان المحليون عليها من رقابة ومساءلة .. .

4 . واللامركزية لا ينبغي أن تفهم بأنها تعني أن تكون الوحدة الإدارية بديلاً عن الحكومة المركزية في تعاملها مع القضايا المركزية التي تعم البلاد بأسرها فالجيش والأرض والثروة والقانون والقضاء ملكيات عامة لجميع سكان البلاد وكذلك الحدود والعلاقات الخارجية أيضاً أمور تدخل ضمن مهمام الحكومة المركزية باعتبارها قضايا سيادية .. .

5 . واللامركزية لا تعني حبة أسبرين تعطى لمرة واحدة إنما تعني التدرج في منح الصلاحيات طبقاً لتطور الإمكانات في ممارسة العملية الإدارية في الوحدات الإدارية .. 

الوضع بعد عام 2003 .. حقبة الفوضى التي لم تكن خلاقه :

1 . فرهود الوظائف ألعامه : فلم ينحصر الفرهود في الممتلكات العامة وأموال الدوائر وأثاثها فقط في الفترة التي أعقبت سقوط نظام صدام إنما شمل الوظائف في الدوائر بشكل أوسع فذاك (خمط) قنفه وهذا (خمط) وظيفة مدير وذاك (حوسم) قاصه وهذا حوسم منصب قائمقام, وذاك فرهد بناية وهذا فرهد منصب محافظ .. وأغلبهم كان متعدد المواهب والاختصاصات عينيه وغير عينيه .. وانتشر الفرهود طولاً وعرضاً وأفقياً وعمودياً .. حتى أن الفرهود لم يقف عند إشباع الواحد منهم لطموحاته الشخصية فحسب إنما بات ينظر بعين العطف والرعاية لطموحات أبناءه وبناته وإخوانه وأبناء عمومته والأقربون من العشيرة .. وبات يتحسب للمستقبل أيضا فيخمط ما طالته يده وفي نفس الوقت تتجه أنظاره إلى فوق دون أن يخشى أن تنكسر رقبته , حتى أن احدهم بعد أن خمط ما طاب له من مناصب المحافظة له ولذويه امتد به الطموح إلى دوائر الدولة العليا في بغداد فاستأمن احد أخوته على منصب محافظ وامسك بجهاز الثريا حيث لم يكن النقال قد عرفته بطاح ما بين النهرين بعد.. ولم يفارقه لحظه .. هلو هلو طالباني .. هلو هلو بحر العلوم .. هلو هلو باجه جي .. يريد يصير عضو مجلس حكم ,أما أخاه الذي أوكل له أمر العباد في المحافظة فقد ألقى خطبة عصماء على أبنائها جاء في مطلعها وفقاً لأبناء المحافظة من رعيته الآتي : راح أسويلكم الماي أيزرج أتزرج..! واسويلكم الكهرباء اتجدح أتجدح ..! وأجا صيف وراح صيف .. والليل بعدو بأولو .. . أما في العاصمة فحدث ولا حرج ... .

2 . أما مسألة التكنوقراط فقد استعيض عنها بالشيعقراط والسنقراط والبعثقراط والعشيروقراط والحزبقراط .. ولغاية تاريخه لازال الجميع يطالب بتحقيق التوازن المحاصصي ، رأيت صالح المطلك البارحه يلطم الخدود ويشق الجيوب مطالبا بالتوازن الطائفي في الوظائف الحكومية فهو بصفته احد أركان الحكومة والطبقة السياسية ينظر للوظيفة الحكومية باعتبارها غنيمة وليست وسيلة لتقديم ما ينبغي تقديمه من خلالها للناس .. ولن يتحقق ذلك من وجهة نظره وزملاءه إلا بعد قذف آخر مسؤول شيعي إلى صحراء لوط لاستعادة الحق التاريخي الذي يراه قد غمط في العراق .. .

3 . أما موضوع التحصيل العلمي والخبرة والجدارة والمعارف والمهارات .. فانه يكفي أن أشير إلى أنه تناهى إلى علمي أثناء عملي في هيئة النزاهة أن احد المحافظين لا يحتكم إلا على شهادة الدراسة المتوسطة وعندما طلبت إحدى دوائر الهيئة من إدارة المدرسة المتوسطة التي أصدرت الشهادة تأييداً بصحة الصدور .. جاء جواب المدرسة يقول : إن مدرستنا خاصة بالبنات وليست بالبنين ..! ومعروف انه في المدارس المتوسطة والثانوية في العراق لا يسمح بالاختلاط بين الجنسين حرصاً على سلوك النشئ خصوصاً وهم في مرحلة عمرية حساسه مثل المتوسطة والثانوية .. لكني قرأت قبل أيام بان وزير التربية قد أصدر أمراً يقضي بنقل التدريسيات في معهد للبنين إلى المعهد المختص بالبنات ونقل التدريسيون من معهد للبنات إلى معهد للأولاد .. تلافياً للأختلاط بين التدريسيين والتدريسيات .. وقد علقت على الخبر بقولي : وماذا فعل بشأن كادر الوزارة ..؟ وهل أن مكتبه الخاص يضم ذكورا فقط ..؟.. .

4 . وأما عن الاتساق ووحدة الهدف بين المحافظات والمركز وبين الوزارات وبين الوحدات التنظيمية داخل الوزارات .. فان أمراً غريباً قد حصل في الدولة العراقية بعد عام 2003 ولا زال من سماته الآتي : .

أ . هذه المحافظة مالكية وتلك مجلسية وهاتيك صدرية وتلكم فضيلية .. ما هو المعيار ..؟
المعيار هو : من يحكم المحافظة ..؟ حزب الدعوة أم المجلس الأعلى أم التيار الصدري أم حزب الفضيلة .. وعندما يزور رئيس الحكومة أو أي من الساسة محافظة يحكمها حزبه يستقبل بالورود والتهليل والتكبير أما في المحافظات الأخرى فإنهم إن تساهلوا معه يتصنعون عدم العلم بمقدمه المبارك (وبس حمايته تفتر وياه ..) .
وقد لاحظت البارحة لقاءً على فضائية الحرة ـ عراق ضمن برنامج حوار مع صالح المطلك نائب رئيس وزراء الحكومة الاتحادية الذي أوشك أن يجهش بالبكاء لأنه قد زار محافظة الديوانية وعقد مؤتمراً ولم يحضره المحافظ .. لأنه لا يتبع له محاصصياً ..! بل بلغ الأمر بمحافظين آخرين أنهم يقولون (إذا يوصل رئيس الحكومة إلى محافظتي أكسر رجله ..) ..
والطريف إن احد شيوخ العشائر كان قد حوسم داراً تعود ملكيتها لوزير التصنيع العسكري في نظام صدام وألت ملكيتها إلى وزارة المالية بعد سقوط النظام والشيخ لم يخل الدار (وجماله يصرح ضد الحكومة والعملية السياسية..!) فأقتحم العسكر الدار واستولى عليها ..
في اليوم التالي عقد مجلس محافظة الانبار التي ينتمي إليها الشيخ واصدر بياناً بحضور الشيخ قرر بموجبه طرد مجالس الإسناد التابعة لرئيس الحكومة من المحافظة والاستيلاء على الأبنية التي تشغلها ..(ووحده بوحده ..والبادي أظلم ..!).. .
أما عن ممارسة المتابعة والرقابة من قبل الحكومة المركزية على المحافظات .. فقد تابعت من خلال التلفاز أن ممثل رئيس الوزراء يخطب في جمع من شيوخ عشائر الانبار قائلاً : هذا منو اللي يطالب بإقليم ..؟ قولوا لي اسمه حتى نحيله إلى هيئة النزاهة حتى تشوف المليارات وين صارت ؟ ..! عندما سمعت هذا الكلام .. حقيقة استحيت بوصفي سبق وان كنت في تلك الهيئة وأعرف أن دورها ليس هراوة يهزها من يريد بوجه من يريد وقتما يريد إنما دورها غير ذلك .. .
وفيما يتعلق بفهم المحافظين للامركزية فيمكن الوقوف عليه من خلال تصريح لأحد المحافظين يطالب بان تسلمه الحكومة حصة محافظته من الموازنة الحكومية وإلغاء أية علاقه بالوزارات أو الحكومة المركزية .. .
هذا ما يتعلق بالمحافظات أما الوزارات فأنت تعرف عائدية الوزارة من خلال الصورة الظاهرة على الجدارية التي تنتصب عند المدخل أو قريباً منه تعود لأي سياسي منهم .. وقد حصل إن زار أعضاء من مجلس النواب ينتمي بعضهم إلى حزب الفضيلة وزارة النفط بعد إن آلت حقيبتها إلى الشهرستاني .. وصادف أن رفع أذان الظهر للصلاة فرفض نواب حزب الفضيلة الصلاة في مبنى الوزارة .. لماذا ؟..
لأنها مغصوبة ..! وفي الوقت الذي كنا نسخر فيه من حقبة صدام حيث صوره تملأ الدوائر الحكومية وبأوضاع مختلفة فان فخامة جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق لن ترى صورة له بإستثناء واحدة معلقة على باب مقر حزبه قرب كراج علاوي الحله (علما بان مبنى مقر الحزب .. أيضا محوسم) وربما فوق رأسه في مكتبه الرئاسي .. وفي الوقت الذي يقوم فيه بزيارات مكوكية إلى معظم دول العالم فان تحركاته في العراق تنحصر في السليمانية ومقر السيد السيستاني في النجف .. .
وفيما يتعلق بالأداء في المحافظات فان معظم المبالغ تصرف على الإعادة والارتداد العكسي للأرصفة .. وعندما تقول الحكومة المركزية سأسحب صلاحيات من بعض المحافظات بسبب فشل إداراتها يردون عليهم : وهل أنكم أفضل حالا منا ..؟..
هذه العوامل جميعا تتلخص في موضوعين رئيسين هما : فشل الأداء الحكومي واستشراء الفساد .. جعل من المواطن العراقي لا ينظر باحترام لا لمنهج اللامركزية ولا لمنهج المركزية في العراق .. وعليه فان البواعث التي ينطلق منها البعض حاليا لتطبيق اللامركزية غير عقلانية .. وان تعلق الأمر بعقلانية المبدأ وهو اللامركزية فانه يصدم بلاعقلانية الوسيلة والمنهج وهما المحاصصه والفوضى .. في حين ان المركزية ألعن درجة وأقسى ..

في الحلقة القادمة سنتحدث عن الفيدرالية وربما الكونفيدرالية ..

فإلى لقاء ... . .

 

free web counter