| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 25 / 12 / 2019 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
قانون الانتخابات وضياع الرؤية في لجة التفاصيل ...
موسى فرج *
(موقع الناس)الأسلم أنك تبدأ بالرؤية وتنتهي الى التفاصيل...لأنك لو بدأت بالتفاصيل فقد تذهب بك الرغبة في اقتناء صالون واسع ومطبخ أوسع لتجد نفسك تنام بالسطح تناجي القمر بسبب محدودية مساحة الدار ولأن تكاليف بناء طابق ثان خارج حدود امكاناتك...
شعارك المركزي "تريد وطن"...وأيضاً تريد برلمان وحكومة يعملان لك وليس لساسة الفساد، وكلا الأمرين في غاية الأهمية والمشروعية لأنك:
1. تريد استعادة وحدة العراق الغارق في الطائفية والعرقية والمناطقية والعشائرية ...
2. ولأن البرلمان طيلة السنوات السابقة كان يمثل ارادة ساسة المحاصصة والفساد ولا يمثلك ويعمل لتحقيق مصالحهم هم ولا تهمه مصلحتك ويخضع لهم ولا تطاله مساءلتك ...
3. ولأنه لم ينتج غير حكومات من الفاسدين والفاشلين...
من أجل هذا تظاهرت وانتفضت ودفعت ثمناً باهضاً من الشهداء والجرحى من اجل أن تستعيد وحدة الوطن ومن اجل أن تحظى ببرلمان يمثل مصالحك وحكومة بناء تتصف بالكفاءة والنزاهة وتخضع لمساءلة الشعب...
السؤال المركزي: هل أن الانتخابات وفق المناطق المتعددة والترشيح الفردي يحقق لك الأهداف الثلاثة المذكوره...؟
الجواب: لا... وللأسباب التالية :
1. لأن الانتخابات على اساس المناطق المتعددة يتناقض مع شعارك المركزي ولا يكرس الطائفية والعرقية والمناطقية فقط بل يذهب بك الى أبعد من ذلك الى القضاء والعشيرة ... وعندما بنيت مطالبتك على النموذج المبني وفقاً للبيئة البريطانية أو الكندية الليبرالية جداً الذي سوقوه لك فإنك قفزت على المشكلة الكأداء في بلدك وتلك هي الوعي الجمعي الهش القائم في معظمه على المذهبية والعشائرية والمناطقية الى جانب المال السياسي والذي سوّق لك النموذج في هذه الحالة كان مثل الصيدلي الذي يصرف الدواء من دون فحص طبي للمريض فقد يتسبب له الدواء بأعراض جانبية أخطر بدلاً من أن يشفيه والصورة القاتمة في قاعة مجلس النواب القائمة على الأبارتيد بين الكرد والسنة والشيعة لن تتغير بل ستزداد عتمه...؟
2. هل ستحصل على نائب مستقل وغير متحزب...؟
نعم شرط أن تنحصر الانتخابات على ساحة التحرير وأخواتها فقط في هذه الحالة ستحصل على نواب 60% منهم مستقلين و40% حزبيين لأن ساحات الاحتجاج بالرغم من ارتقاء الوعي فيها ولكن يشاركك فيها اتباع أحزاب السلطة وليست نظيفة تماماً منهم ...
ولكن لأن الانتخابات متاحة لكل ذكر وأنثى بلغ السن القانوني في المدن والقرى والأرياف ولأن الوعي الجمعي الهش مستحكم في تلك الأصقاع فالولاء الحزبي له حصة والعشائرية لها حصة والبلطجة لها حصة والنفوذ والمال لهما حصة الأسد بل وحتى الناخب الغلبان فإنه يتوقع أن المرشح المسنود هو القادر على اسعاف مطالبه وليس المرشح المستقل الغلبان... وسوف لن تظفر بأكثر من 7-8% نواب مستقلين من مجموع البرلمان...
3. هل ستحصل على مجلس نواب يمثل الناخبين حقاً ويعمل لمصلحتهم ويخضع لمساءلتهم وليس لساسة المحاصصة والفساد...؟
ذلك يعتمد على قدرة الوعي الجمعي الهش في مواجهة الولاء الحزبي والعشائرية والبلطجة والنفوذ والمال السياسي... وستتفاجأ بأن حساب البيدر يختلف عن حساب معادلاتك القائمة على نموذجك المستعار من احياء بريطانيا وكندا وأيضاً بسبب النظرة بعين واحده التي جعلت منها دليلك الوحيد...
4. هل ستحصل على حكومة بناء تقوم على الكفاءة والنزاهة بدلاً من حكومات الفساد والفشل...؟
الجواب تجده في الدستور الذي يقول: أن رئيس الحكومة يتم اختياره من قبل الكتلة الحاصلة على أعلى الأصوات أو الناتجة عن تحالف أكثر من كتلة ومسجلة في أول جلسة للبرلمان ولا يقول بتقدم أي كان للترشح لرئاسة الحكومة ليفوز بحصوله على أعلى الأصوات في البرلمان ...
ومصير نوابك المستقلين في هذه الحالة إما الجلوس على مساطب المعارضة أو يتوزعون على الكتل البرلمانية وفي هذه: "لا رحنا ولا جينا"...
في هذه الحالة يلزمك اختيار احدى البدائل التالية:
- إما أن تهيئ نفسك للقيام بثورة توعوية توازي ثورة ماوتسي تونغ الثقافية المعروفة ولكن في ربوع العراق مع الفارق أن ثورة ماو الثقافية بعد فشلها انجبت القفزة الهائلة التي تسمع عنها في الصين ...
- أو ان تستمر انتفاضة ساحة التحرير وأخواتها وتستمر قوافل الشهداء يوميا لحين الوصول الى حل البرلمان الحالي وتشكيل مجلس تأسيسي يأخذ على عاتقه تكليف حكومة تصريف اعمال والشروع في كتابة دستور جديد وقوانين للانتخابات والأحزاب وهلمجرا...
* رئيس هيئة النزاهة في العراق (سابقاً).