موسى فرج
الثلاثاء 25/1/ 2011
أيتها الحكومه .. أيها البرلمان .. قانون ضرائبكم الجديد :
حرب على الشعب وتوسيع مساحة الفقر في العراق...!موسى فرج
أعلنت الحكومة أنها بصدد تنفيذ قانون التعريفة الكمركية الجديد اعتبارا من 16 الشهر القادم .. والذي جاء بعد توقف منذ عام 2003 باستثناء ضريبة أعمار العراق وهي ضريبة محدودة وهامشية .. ووفقا للمستشار الاقتصادي لرئاسة الحكومة فان الباعث والأسباب الموجبة لتلك الإجراءات هو حماية المنتج المحلي وتوفير الطلب على السلع المحلية ..
ونظرا إلى أن زيادة الضرائب على المنتجات المستوردة بفرعيها الاستهلاكية والرأسمالية لا يحقق هذه الغاية انطلاقا من حقيقة انه لا يوجد في العراق إنتاج محلي لحمايته سواء كان منه السلع الاستهلاكية أو المعمرة ولأن النتيجة من القانون هو زيادة إيرادات الحكومة من جيوب الشعب وحقيقة كون تلك الإيرادات لن تصرفها الحكومة على الشعب فتحقق على الأقل إعادة توزيع الدخل بين أبناء الشعب وللأسباب المشار إليها أبين الآتي : 1 . إن حماية المنتج تفترض أن تكون قبلها عملية خلق المنتج وتنميته ومن ثم حمايته .. ولكن العراق اليوم يستورد 85% من غذاءه و90% من سلعه الرأسمالية لسبب بسيط هو عدم وجود منتج محلي زراعي أو صناعي لتحميه حتى ولو كان بجودة اقل أو لأن المستورد أسعاره قليلة قياسا بالقدرة الشرائية للمواطن . .
2 . وفي هذه الحالة فانك لن تمارس حماية للمنتج المحلي الغير موجود لأسباب أنت خلقتها .. وبدلا من أن تمارس الحكومة واجباتها في توفير شروط قيام منتج محلي ونموه .. فأنها تمارس ملاحقة ظالمة لمدخولات المواطن الشحيحة أصلا ..وتجعل من حياته لا تطاق وتوسع رقعة الفقر في العراق أكثر في حين أن رقمه قياسي عالميا . .
3 . هل أن المنتج المحلي يعاني من منافسة المنتجات المستوردة ؟..لا .. بل يعاني من تقويض الحكومة له من خلال إنفاقها جل الموازنات السنوية على النفقات التشغيلية التي تراوحت نسب المخصص لها بين 80% - 70 % على حساب توجيه الأموال باتجاه إقامة المشاريع الزراعية والصناعية أو على الأقل إنقاذ بقايا القطاع الزراعي والصناعي ..إن المخصص السنوي من الموازنات الحكومية القياسية في المنطقة لم يذهب منها إلى القطاع الزراعي أو الصناعي إلا التفاليس. .
4 . ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أن الحكومة هي من أمات القطاع الزراعي والقطاع الصناعي بسبب حرمانهما من أساسيات النهوض ..وهي الكهرباء والمحروقات ورفع أسعار المحروقات إلى خمسة أمثالها ..ورفع أسعار الكهرباء ستة أمثالها وبلغ سعر الطن من السماد ثلاثة أمثال سعر الطن من المنتوج الزراعي فغادر الفلاح الأرض مجبر أخاك لا مزاجي .. .
5 . والأمر ذاته حصل مع الصناعة المحلية فغادرها أهلها وشجعت الحكومة التجارة فتحول جل الصناعيين إلى التجارة ..واغرق بعضهم الأسواق بكل تالف وردئ ومتقادم من السلع بل من نفايات أسواق العالم وغضت الحكومة النظر عن ذلك ولم تقم أجهزتها الرقابية بواجباتها .. .
6 . إلى جانب ذلك فان الحكومة لم توجه جهودها وأموال الموازنات لمعالجة شحة المياه فكانت معضلة حقيقية أقصت المزارعين وخنق التصحر الأراضي وباتت الصالحة للزراعة منها لا تكاد تذكر .. .
7 . زيادة الضرائب على السلع المستوردة تجعل من المواطن يلتفت إلى السلع المحلية ولكنها غير موجودة فيدفع ذلك بعض وليس كل المزارعين والصناعيين للمباشرة بالإنتاج المحلي وفي هذه الحالة يكون الحال واحد من أمرين إما إن أسعار المنتجات المحلية لا تسد تكاليفها رغم زيادة أسعارها إلى حد قريب من المستوردة فان المستهلك يبقى متجها إلى المستوردة رغم ارتفاع أسعارها عن السابق لأنها تبقى أقل سعرا من المنتجة محليا فيغادر المزارعون والصناعيون ثانية ويقفلون مواقع إنتاجهم ويعودوا تجارا ولن يجني الشعب غير ارتفاع الأسعار الذي يذهب بعضه إلى موازنة الحكومة التي لا تصرفها على الشعب بل على الرئاسات والدرجات الخاصة وبعض من الفرق يذهب إلى جيوب التجار لأن التاجر سيكون أمام مبلغ اكبر من السابق مستثمر فان اعتمد ذات النسبة الأصلية للربح فأنه يكون أمام ربح إضافي من جيب المستهلك .. ولأن الحكومة تقول أنها لن تتقرب إلى تحديد الأسعار باعتبار أنها تدين بدين اقتصاد السوق الذي يفترض الركون إلى المنافسة وحدها وليس غير المنافسة فان المزارع المحلي والصناعي المحلي لن يكون أمامه غير رفع أسعار سلعه كي تسد تكاليف الإنتاج الباهظة وغير المنطقية في العراق بسبب الحكومة وعند ذلك يصطدم بمستوى أسعار المستوردة إلى جانب تدني نوعية المنتجات المحلية قياسا بالمستوردة فتبقى أسعاره مع ارتفاعها لا تسد تكاليف النتاج .. .
8 . من يكون الضحية في هذه الحالة ..؟ المستهلك ..من هو المستهلك ..؟ هو الشعب العراقي .. من هم الحلقة الأضعف ..؟ فقراء الشعب العراقي .. فالذي كان بمقدوره الحصول على كيلو لحم أو دجاجة بالشهر فان عليه أن ينتظر زيارة الأربعينية ليلتقي بغائبه سنويا .. اللحم ..ومن كان يلتقي بالطبيب في موعد نصف سنوي بات عليه أن يتجه إلى الكي ففيه الشفاء ..ولكن أن يتنازل العراقي عن مولدة الكهرباء الأهلية التي تستنزف ثلث دخله فذاك غير ممكن ..لأنه يترتب على ذلك الحرمان من التلفزيون والتلفزيون أهم من الغذاء الصحي بسبب تدني الوعي والثقافة الصحية عند الفقراء ..فبمجرد انه يتنفس هو عايش ولا يغير من ذلك فقر الدم واصفرار الوجه ..معنى هذا توسيع مساحة الفقر في العراق التي هي بالأصل قياسية عالميا .. .
9 . ما هو المردود الفعلي صدقا ..المردود الفعلي زيادة إيرادات الحكومة ..إلى أين تذهب تلك الزيادة ..؟ هل تقوم الحكومة بواجبها في إعادة توزيع الدخول بين الناس وهذا هو الغرض الوحيد من علم المالية والضرائب ..؟ لا ..وإنما ستذهب إلى الجيوب ذاتها فتزيدها ثقلا على ثقل ..الرئاسات ورواتبها الخيالية وامتيازاتها ورواتب قلة من العراقيين وامتيازاتهم ..ومن يقول غير ذلك أقول له : بموازنتك الحالية ماذا تفعل ..؟ أليست تفوق موازنات أربع دول ؟ أليس عدد سكانك لا يزيد عن ثلث تعداد سكان واحدة فقط من تلك الدول ..؟ لماذا الفقر عندك يفوق حاصل مجموع معدلاته في تلك الدول ..؟..
10 . المؤلم أني ناديت طيلة الأشهر السابقة بوجوب توجه الحكومة لإنقاذ فقراء العراق من خلال زيادة المبالغ المخصصة للقطاع الزراعي والقطاع الصناعي وقطاع التشييد من جهة وتخفيف العبء عن الشعب وفقراءه بتخفيف الأعباء عن كاهله بإلغاء الزيادات على أسعار الكهرباء والوقود والضرائب وكانت آخر صيحة لي في هذا المجال قبل أربعة أيام في إحدى الفضائيات العراقية ..فلم يتم إعادة هيكلة الموازنة لتوجيه الأموال لتك القطاعات ولم يتم تخفيف العبء عن كاهل الشعب وفقراءه بل زادتهم الحكومة بالضرائب على السلع المستوردة عبئا على عبء .. .
11 . ومن الغريب أن الحكومات العربية تصدر المراسيم والقرارات العاجلة لتخفيض الأسعار وتأسيس صناديق لمعالجة الفقر في حين أن الحكومة في العراق تنهج عكس ذلك بالضبط .. .
12 . ومن الغريب أن الكويت تضع سقوفا ربما أسبوعية لأسعار بيع السلع وهي جميعا مستوردة بينما يقول المستشار الاقتصادي إن ذلك معناه التدخل بآليات مبدأ حرية السوق ..وكان العراق عرف تلك الآلية قبل الكويت ..وبات متمسكا بها أكثر من تمسكه بالقرءان الكريم والدستور والقانون التي تقضي جميعا بان مصلحة الإنسان الشعب فوق كل اعتبار ... .
13 . ومن المعيب أن ينشغل المثقفون والفضائيات والكتاب العراقيون بأسبقيات دون حياة ومعيشة الشعب .. ولكن من المعيب جدا جدا جدا ..أن يبيت الشعب جائعا ولا يشهر سيفه ...