موسى فرج
الفساد والإعلام وهيئة النزاهة
موسى فرج
البارحة بعيد مغيب الشمس كنت قريبا من جهاز الهاتف النقال خاصتي حيث كنت قبل ذلك غير موجود .. تفحصت المكالمات , وجدت أن 6 مكالمات لم يرد عليها .. مصدرها ذات الرقم ومن خارج العراق , لم أشأ أن أكلف المتصل مؤنه المهاتفة مرة اضافيه فأتصلت به أنا .. فوجئت بأنه الإعلامي في البغدادية السيد عبد الحميد الصائح , أما سبب شعوري بالمفاجأة فهو لأني مقاطع الرجل منذ ثلاث سنوات وحتى اسمه ورقم هاتفه قد أزلتهما من هاتفي النقال ومقاطع بغداديته منذ ما يزيد على السنتين .. لكن الرجل الآن معي على الهاتف رحبت به وحكيت له نكته أضحكته لإضفاء الجو اللازم من المودة.. وسألته : أتفضل أنا تحت أمرك .. قال عندنا اليوم موضوع عن هيئة النزاهة ونريد استضافتك في العاشرة ليلا في أستوديو لنا في كربلاء لأن مقرهم في بغداد مغلق من جراء إجراء حكومي منذ أكثر من سنتين , قلت له : شوف أستاذ عبد الحميد : نحن في العراق من بين ما اعتدنا عليه من قيم محليه انه لو دخل إلى بيتك شخصا بشكل مفاجئ وان كان خلافك معه يتعلق بتسببه بموت أبيك أو أبنك .. فانك ترحب به وتعانقه وتبالغ في التودد إليه إما موضوع الخلاف فانه يؤجل , وأنت قد حاولت مهاتفتي 6 مرات ودون أن يظهر اسمك رفقة الرقم فاتصلت بك دون أن اعرف من المتصل .. والآن أنا معك على هاتفي فكأنك دخلت إلى بيتي بشكل مفاجئ في حين أني مقاطعك وفضائيتك منذ سنوات لأنك أنت وقناتك قد أسأتم لي شخصيا و بشكل متكرر فقد اتصلت بي أنت شخصيا وطلبت حضوري إلى مقركم في بغداد وحضرت وبرنامجكم ينتهي بعد منتصف الليل وفي وقته كان مفروض حظر التجوال في بغداد وعندما سمعت مني عبارة ذممت بها البعث والبعثيين ركنتي حتى انتهى البرنامج وهذه ممارسات بعثية أربأ بك عنها قد تكون متأصلة في الشخص أو أنها مكتسبة من رب عمله .. وبعد مرور سنة اتصل بي الإعلامي السيد عماد العبادي يطلب مني الحضور لتسجيل حلقه من برنامج سحور سياسي ولأنه باكورة عمله مع قناتكم وافقت وكان قد اتصل بي قبل تسجيل برنامجه بثلاثة أيام.. وبعد إن حان الموعد و أكملت استعداداتي ووضعت حقيبة ملابسي في السيارة اتصل بي يخبرني بصرف النظر عن الموضوع .. وقد عنفته بسبب ذلك وكتبت مقالة تحت عنوان ( حول سحور العبادي السياسي ..) وقاطعته من يومها .. وأنا مستاء من جراء ذلك جدا وقراري انه أينما وجدتك .. سأردها إليك , أنت تعرف بحكم انحدارك الاجتماعي العشائري بدليل انك تردد عبارة أصول العشائر أنه في الريف العراقي يوجد أشخاص يسمونهم مدمني مضايف يتواجدون باستمرار في مضيف الشيخ طلبا للشاي والقهوة وان حصلت وليمة يشتركون فيها فذاك فتح وإذا كنتم تظنون فضائيتكم مضايف الشيوخ فأنت قبل غيرك تعرفني .. فانا لست من هذا الصنف , ولا ممن يتقاضى على ذلك إجراً وقد شاهدتك يوما تسلم احد ضيوفك مالا وقبل انتهاء التصوير وذاك لا يندرج في باب أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.. ولكنه قلة فطنة منك ولا مبالاة بالجوانب الاعتبارية للعراقي الذي استضفته .. ولكن أنت اليوم كأنك في بيتي.. فـ تحت أمرك ولكن المسافة بين السماوة وكربلاء لا يمكن قطعها إلا في غضون 3 أو 4 ساعات والآن قد حل الظلام فكيف أصل إليك .. فاعترض على تحديدي للمسافة والوقت اللازم لقطعها في حين أني متيقن من أنه سبق وان قطعها ( بالجتطله وبسبيشن وبسيارات أم ضلوع وقد تكون إقامته في قاهرة المعز قد أنسته ذلك لكني ذكّرته وبطل النسيان )... قال طيب ممكن يكون اللقاء عن طريق الهاتف بس ترسل لي صورة لك تختارها .. قلت له : ماشي .. موعد الحلقة الساعة العشرة ليلا .. كتبت لأصدقائي عبارة على صفحتي في الفيسبوك كمايلي ( حسب السيد عبد الحميد الصائح فاني سألتقي بكم في العاشره على برنامج المختصر .. تابعونا .. والعهدة على الصائح ..) , في العاشرة بدأ البرنامج .. ألقى هو معلقته المعتادة التي تستمر من 5 إلى 7 دقائق ووجه اسئل’ إلى ضيوفه وهم السيد نائب رئيس لجنة النزاهة في البرلمان والسيد عضو اللجنة ولعدة مرات فهمت انه يدخرني لفترة متصل’ كوني أتكلم من خلال الموبايل وهذا معرض للانقطاع بسبب ظروف الشبكة , حاول أن يتصل بمشارك ثالث وطبعا هو سبق أن أعلن عن اسمي مشاركا ولكن لم يجعل الأمر يمشي بل أضاف : انه قد حاول الاتصال بالسيد رحيم العكيلي رئيس الهيئة السابق لكن الرجل اعتذر لأسباب شخصيه .. وعندما سمعت هذه العبارة شتمت القيادة القطرية والقومية وميشيل عفلق ( اللي جر كراع البعث .. ) فتبناه فؤاد الركابي في فيافي الناصريه وقد تكون ريحه قد انتقلت مع طلع النخيل واستقرت حبة منها في خشم صاحبي .. وشتمت محمد سعيد الصحاف الذي أسس مدرسته في العراق فأتت أوكلها بعد غيابه الميمون ... تكلمت وطبعا الكلام في الهاتف ينطوي على صعوبات من بينها أن المتكلم يترك الإنصات للتلفاز ويعتمد على الموبايل وتوجد فاصله بين القول ووصوله إلى التلفاز وعندما تتكلم لا تسمع ما يقوله مقدم البرنامج .. لذلك فان المرء يحاول قول ما عنده بدون مقاطعه على الأقل بما يغطي أحد المحاور .. رأيت شفاهه تتحرك لأنه يقاطع المتكلم ,وهي ممارسة غير سليمه خصوصا عندما تكون المقاطعات متكررة وسريعه..( بالمناسبه : أتذكر انه يوجد في بغداد معهد يسمى معهد التدريب الإذاعي يصقل موهبة المشتغلين في المجال الإذاعي لكن صائحنا العزيز يبدو انه في غنى عن ذلك وماخذ الأمور بزود ربما السيد خشلوك مالك البغداديه ..) .. أشرت إلى أن استقلال هيئة النزاهة قد انتهك من قبل السلطة التنفيذية من زمن أياد علاوي صعودا .. طبعا أنا أعرف انه يتحسس من الإشارة إلى البعث وعلاوي .. وانطباعي عنه وزملاء إعلاميين له يريدون من الآخرين أن يشتموا المالكي ورهطه .. ولكن إذا ذكر البعث أو من يمت له بصله لازم نصيح ( وعجل فرجه وألعن عدوه ...؟..) في حين أننا معشر الديمقراطيين نتمسك بمعيار واحد هو الشعب والوطن .. نعادي من يسيء لهما أيا كان حسبه أو نسبه وان كان مالك النعمة والماء والهواء .. ونقف مع من يصطف معهما عربيا كان أم أعجميا .. شركسيا كان أم تتري .. قطع الاتصال بي .. تبين انه قد هيأ احد موظفي الهيئة وهو حاليا محال إلى القضاء بتهم فساد وصرح رئيس لجنة النزاهة ضده .. وسبق أن أحلته في عام 2007 عندما كنت رئيسا للهيئة إلى التحقيق بسبب سجله الجنائي .. وهذه حالة قد درج السيد الصائح باعتمادها إذ سبق أن هيأ محمد الدايني المتهم بجريمة تفجير في مجلس النواب وهو هارب حاليا ومحكوم بالإعدام .. ليقول ما يريد قوله .. تبين من حركة شفاه الصائح بأنه يطلب مني الإجابة مني بنعم أو لا .. في حين أني لست تلميذا في الابتدائية ولا أمام محقق من محققي ناظم كزار .. قطع الصائح الاتصال بي وتوجه إلى الموظف المذكور لمحاولة دحض ما قاله بشأنه الآخرون .. انتظرت ولكن دون جدوى , قلت للشخص المكلف بمتابعة الاتصالات قل له ليمنحي كم ثانيه لأبين أمرا مهما أغلق الهاتف .. انطحلت .. كتبت هذه الوقائع على صفحتي في الفيسبوك وذيلتها بالعبارة التالية : أصدقائي الأعزاء ارتضيتكم حكما عدلا بيني وبين السيد عبد الحميد الصائح وبما انه صار اليوم صديقي في الفيسبوك فاني أتيح له الدفاع عن وجهة نظره وبخلافه امنح نفسي صلاحية القول له ما يلي :
1 . أنا قرأت أشارة لك تشير فيها بأنك شاعر ورغم أني لم أقرأ لك .. لكن المتنبي فقط انفرد بمدح نفسه أكثر مما يمدح به من يمدحه .. فخفف الوطء يا رجل .. فأنت لست أبا الطيب ولا أبا المحسد مع إن مقامك محفوظ .. .2 . أنا قرأت بعض من أشعار بلقيس حسن فان ظهر إن ما عندك يبلغ كاحل ما عند بلقيس .. فاني مستعد لأن أأخذ السلف مشاي للكلبه جاسي.. 3 . قارن أنت بين موضوع الموظف المتهم بالفساد الذي كرست البرنامج له وبين الآتي :
1 . ما مصير الفرق بين المبالغ المخصصة في الموازنات العراقية وبين المصروف منها فعلا للسنوات من 2004 ــ 2011 ..؟.. وهو مليارات الدولارات إن كنت لا تعلم ..2 . ما هي النتائج المتحققة على الأرض مقابل المصروف فعلا من الموازنات للمدة من 2004 ــ 2011..؟..
3 . هل يمكن الوصول إلى تحديد كمية المستخرج من النفط والمصدر فعلا للسنوات 2004 ــ 2011 ..؟ وكم هو الفرق بينه وبين المصدر فعلا من النفط ..؟4 . أسعار النفط المخمنة بموجب الموازنات السنوية تقل كثيرا عن أسعارها فعلا .. فالأسعار المعتمدة لبرميل النفط تقل عن الفعلية بحوالي 20% كم يبلغ الفرق خلال السنوات 2004 ــ 2011 وما هو مصيره ..؟ وهي فروقات تعادل موازنات دول مجاوره ..
5 . درجت الحكومة على أعداد موازناتها السنوية بعجز وصل هذه السنة إلى 14 مليار دولار في حين أن مثل ذلك العجز وهميا أو لا مبرر له .. لأن القدرة الانفاقية والتنفيذية لأجهزة الحكومة غير قادرة على إنفاق التخمينات قبل العجز فلماذا ترتهن البلد في قروض من البنك الدولي ويؤدي تنفيذ شروطه وضوابطه إلى تدمير دخول الناس ودفع الملايين منهم إلى خانة الفقر بسبب ارتفاع الأسعار الناجم عن إلغاء الدعم الحكومي للمحروقات والسلع الغذائية والكهرباء ..؟
6 . وبشأن التهمة الموجهة لهيئة النزاهة بان فيها نفسها مافيات للفساد فان الأمر غير ذلك إنما الحكومة والأحزاب تدفعها لأن تكون على تلك الصورة .. وهذا ما قاومته بضراوة عندما كنت مسؤولا عن إدارتها فوقفت بوجه محاولة السفارة الأمريكية في السيطرة عليها ورفضت إخضاعها للحكومة ليس استنكافا بل للحفاظ على فاعليتها في القيام بواجباتها وأيضا رفضت خضوعها للأحزاب .. ولكن بعد أن غادرتها تقاسمت النفوذ فيها 4 جهات حكوميه وحزبيه وتبعا لذلك تشكلت خنادق فيها كل خندق يحاول أن ينفذ ما يريده منه الراعي له ويحتمي به والذي يتجنب ذلك من موظفيها يحولون حياته إلى ( مطينه بستين نيله ) .. وتوجهت الهيئة إلى الهامشي من القضايا وإلا ما قيمة رشوه بضعة دولارات تجاه النقاط أعلاه وتجاه الملفات الضخمة ..
7 . والهيئة لا تريد تجاوز خطأين في عملها حاولت تقويمهما وحتى بأوامر خطيه رسميه .. ولكن إداراتها المتعاقبة لا تريد أن تفهم ذلك :
الأول : أن الهيئة جهة رقابية وليست قضائيه .. ليس التقليل من شأنها ولكن لفائدتها فالقاضي غير متاح له أن ينظر في أمور لم تقدم بشأنها وثائق أو معطيات .. لكن الرقابي الاقتصادي يعرف الدورة المالية ويعرف الدورة المستدينة للأموال .. ويركن إلى مؤشرات حتى قبل أن تعرض عليه الوقائع فيذهب إليها مثلا : تعالوا يابه : أشو موازناتكم السنويه تعادل موازنات 4 دول مجاورة , نفوسكم ثلث نفوس واحدة من تلك الدول .. ومعدل الفقر عندكم يعادل مجموع معدلاته في تلك الدول .. شنو الموضوع ..؟.. الرقابي يسمع ويرى من الإعلام من الناس من المسؤولين المتناطحين فيستفيد من ذلك ويتحرك ولأنه ليس قاضي فانه لا يصدر أمر قبض بل يتحرى ويدقق ويحقق .. وبعد التمحيص والوقوف على الحقائق أما أن يترك الأمر إن كان سليما أو يحيله إلى القضاء.. شرط أن يكون مستقلا في عمله ويتذكر انه خاضع للقانون .. وليس لخواطر ومشيئات المتناطحين وما أكثرهم من ساسة العراق ..الثاني : الهيئة ليست جهة تنفيذيه بل رقابيه في حين أني رأيت من على شاشة التلفاز .. أن موظفين من الهيئة ينزعون رتبة ضابط بدرجة عقيد مرور في الشارع ويقيدون يديه .. في حين انه لو أفرغ المسدس في رأس أحدهم فان الحق معه فهو واجب الشرطي وليس الموظف المدني في الهيئة .. ذلك كله لا يقلل من أهمية تضحيات موظفي الهيئة التي سالت دماء زملاءهم وزميلاتهم .. ولكن في أسلوبكم هذا تجعلون منهم ومن سمعتهم ضحايا ..
تحياتي للسيد عبد الحميد الصائح واعتبره نقدا ذاتيا أو أخويا لك ولزملائك من الإعلاميين ..
ونصيحتي هي : أن توجه للاصطفاف مع الشعب دون غيره من العناوين .. فان محموده يغنيك عن النسب .. وإياك يا صائحا وأنا .. لأني ( ذابها على اجتافي, والشرّكت والغرّبت سيان ...)...