موسى فرج
الفساد السياسي .. أبو الفسادات كلها ، والتمكن منه يعني التمكن منها جميعا ...!
(1)موسى فرج
ما دام عنوان التغيير في العراق: مواجهة الفساد .. فليتسلح الشعب بمعرفة أسراره ..تشير إحدى ألواح البردي الخاصة بالفراعنة إن الكهنة كانوا يغشون آلهتهم فيذبحون الأوز كقرابين ويقدمونها للآلهة زاعمين أنها ثيران .. وفي عصرنا وليس في عصر الفراعنة وقفت قبل عقد من السنين على ممارسة في نواحي الحلة حيث تنتشر أضرحة الأولياء .. تجد الكليدار ( الكيّم ) يربط طلي ( وهو الخروف اليافع ) في زاوية ما من المزار ويستقبل النسوه اللاتي كن قد نذرن خروفا للولي وتحققت أحلامهن ومراميهن المشروعة وغير المشروعه ، فوجب عليهن أداء النذور فيعرض عليهن ( الكيّم ) بدلا من شراء طلي يكلف 100 ألف دينار يستأجرن الطلي الخاص به بـ 2 ألف دينار فقط .. عندها يقوم باقتياد الطلي ويدور به على الضريح وهو يصيح : هذا نذرك .. وانعم الله عليك .. وما قصرت .. وبعد انتهاء المهمة تنقده ألزائره الألفي دينار ، فتكون هي قد وفرت على نفسها 98 ألف دينار وهو قد حصل على ألفي دينار فتتحقق أركان الصفقة وفق منهج ( فيد واستفيد الشائعة في ربوع الوطن.. ) وفي حالة كون المرأة قد اشترت طليها الخاص واستصحبته معها ففي هذه الحالة يقدم لها فتوى مفادها : اربطي طليك واستأجري طليي بـ ألفين وعند خروجك بيعيه بـ 105 ألف .. وحطها براس عالم واطلع منها سالم ... أما العالم الجليل فيعود مساء إلى بيته وقد اكتظ جيب زبونه بآلاف الدنانير فيكسب من طليه أضعاف ما يجنيه صاحب اللوري .. وقبل أيام أشرت في إحدى الفضائيات العراقية إلى أن أحدهم يقف في الباب الخارجي للموانئ في ألبصره ولن تغادر اللوريات المحملة بالبضاعة دون أن ينقده السائق 30 ألف دينار.. ولكن عندما يقبض الـ 30 ألف غير يرفع ألعارضه .. كي تمر السياره ..؟.. لا.. يقول للسائق أبرئني ألذمه .. ويصر .. وما لم يقول له السائق أبرأت ذمتك لن يخرج .. فان كان كهنة الآلهة يخدعون آلهتهم وسدنة الأولياء يمارسون الغش والخداع ضد أولياءهم وزوار أولياءهم .. وهذا الحريص على ذمته يضمن إسقاط الذنب وإلا .. فكيف بالساسه ..؟.. وثقافتهم ما انفكت تردد أن السياسة فن الممكن وان السياسة غانية لعوب ..وان السياسة تحتمل الجائز وغير الجائز وان مكيافيللي النبي المشترك للساسة من كل الديانات يبيح من أجل تحقيق الغاية ولوج غير المباح من الوسائل ..؟ .. أبتلى المسكين مكيافيللي على رأي صديقي المثقف العراقي د . جعفر المظفر ..الذي يشير إلى أنهم استخدموه اسما وشعارا ودبغوا جلده مقولات نسبوها له فكان ما أضيف أضعاف ما قاله .. وصديقي على حق ..! فانا أعرف أن طيب الذكر أبو هريره لم تكن مدة خدمته التقاعدية للرسول الكريم تتجاوز مدة خدمة أعضاء مجلس الحكم في العراق مع ذلك نسبوا له ما لا يقل عن 30 ألف حديث مع أن الرجل حتى اجتماعات ميحضر .. فواجباته معروفه.. .
ماذا يعني الفساد السياسي ..؟.. . في هذا الجانب ينبغي التمييز بين حالتين :
الأولى : نظام صدام مثلا : هذه الحالة خارج المعايير ولا يمكن التعويل عليها وهي تبدأ العد من درجة 16 في حين أن مقياس ريختر ينتهي عند الرقم 9 ومن يقول تعالوا نقارن بين عهدي وعهد صدام فمن نافلة القول أن عليه أن يكون مستعدا وعن طيب خاطر لأن يكون مآله المحتمل تلك الحفرة المشهوده .. وإلا .. نقارنك مع مانديلا أو مع هذا المرشح لرئاسة وزراء اليابان واستقال بسبب 40 دولار اتهم بأنه تقاضاها هدية .. ما لازم .. تلك اليابان وضعها خاص .. نقارنك مع مهاتير ..؟ طيب .. نقارنك مع أولمرت ..؟ أيه مو هذا يهودي ..؟.. إلا أقارنك مع حسني أمبارك بدعوى انه من نظرائنا ؟.. بس ترى حسني انتهى به المطاف باللومان وبأبو زعبل.. أوف إذا شفتك بنفس المصير .. أشتري طلي وأوديه لهذا الكيّم الوارد ذكره وأسلمه له من الباب وبراحته يريد يفره يريد يأجره أيريد يبدله .. بكيفه ..
قرأت في الأدب العربي إن أحداهن تزوجت رجل أعمى فاستغلت عماه في التدليس عليه .. كلما تحجي وكالتله آني شويه عن جوليانا جولي .. وهذا المسكين يتحمل شيسوي ما يشوف ؟.. وفي احد الأيام .. زهك .. فقال شوفي ده أكلج : أنتي لو مثل متوصفين مجان خلوج المفتحين .. هذا بالأدب العربي .. ولكن في الحياة العملية قد صادفت مثل ذلك أيضا .. فقد تناهى إلى علمي فحوى شجار حصل بين اثنتين من الموظفات العراقيات في إحدى الدوائر وكانت إحدى الموظفتين زوجها موظف في ذات الدائرة فعيرت زميلتها يوما بقولها : شنو قضيتك أنت تلاحقين زوجي ..؟ فردت عليها الأخرى .. اشلون اشلون آنا ألاحق زوجك ..!؟ خايبه .. لو ألكيه بالزباله زوجك ما أشيله .. لا حرام ..!.. هسا جماعتنا استغلوا رمدنا وثبرونا .. أحنا الديمقراطيين .. أحنا الفيدراليين أحنا وإحنا وإحنا واحنا .. صحيح .. لا تجوز المقارنة مع حقبة صدام لكن مال أنتم.. جوليانا ..؟ لا.. أنتم لا جوليانا جولي ولا جوليانا رزق .. أنتم مثل زوج هذي ألموظفه أم لسان .. أللي طلع رجلها لو يعثرن عليه بالزباله ميشيلنه النسوان ... مع ذلك فيمكن وصف الفساد في تلك الحقبة بشكل مجمل دون الخوض في التفاصيل ، فآنذاك كان ممنوعا التلفظ بكلمة فساد وهي بالمناسبة مفردة نزلت إلى أسواق التداول في العالم حديثا حتى أن بيتر أيغن مؤسس منظمة الشفافية العالمية أشار في كتابه ( شبكات الفساد والإفساد العالمية ) الذي صدر عام 2005 إلى أن الشعوب كانت تخاف من حكامها التلفظ بهذه المفردة في حين لم تهتم الدول الغربية بهذا المصطلح باعتباره ثانويا وتافها وفي نفس الوقت عامل جوهري في سحب المال من دول العالم الثالث .. فهي تعيد تصدير نتائج الفساد إلى تلك الدول ثانية فتعتبر أن ما يتقاضاه الحكام الفاسدون تحميلا على سعر المبيعات .. إلى إن حل يوم 11 سبتمبر عام 2001 حيث تنبه العالم إلى أن الفساد لا يشكل جريمة اقتصادية فحسب إنما أداة للإرهابيين وان أموال الفساد كانت تمول الإرهاب ..فانفجر الاهتمام العالمي بالفساد.. . وما دمنا قد أهلنا التراب على حقبة صدام فان الكلام المجدي اليوم هو مناقشة الفساد على مقاييس النظام السياسي الذي يقوم في العراق حاليا وفي هذه الحالة فان الفساد السياسي يعني : انحراف الطبقة السياسية حاكمة أو (معارضة) عن القيام بواجباتها الموضوعية في السعي لتحقيق مصلحة الشعب والوطن وجنوحها عن القيم الأخلاقية والوطنية بانغماسها في التقاتل لتحقيق مصالحها الضيقة على حساب المصلحة العليا للبلاد.. .
والفساد السياسي يعني استخدام الطبقة السياسية مقدرات البلاد البشرية والاقتصادية والمالية والثقافية والدينية وعلاقات العراق الإقليمية والدولية كأدوات في الصراع للوصول إلى السلطة ، والتمسك بها ، وعدم فقدانها.. . والفساد السياسي يعني التعامل مع السلطة بوصفها نفق لتحقيق النفوذ والثروة وليست وسيلة لإدارة الشؤون العامة للمواطنين وتوفير متطلباتهم الحياتية والمعيشية وتأمين متطلبات الحياة الحرة الكريمة للشعب وتحقيق الرفعة للوطن .. . والفساد السياسي يعني أيضا التعامل مع المنصب الرسمي أو الوظيفة الحكومية بوصفها مغنم وليس وسيله لخدمة المجتمع تنطوي على وجوب التفاني في خدمة الشعب وتفترض في شاغلها الأمانة والكفاءة إلى جانب مواصفات أخرى محدده كي يكون بالإمكان أن يكون الحكم خادما للشعب حقا وليس مستعبدا للشعب . والفساد السياسي يعني جنوح الطبقة السياسية حاكمة أو معارضه عن مبادئ الحكم الصالح والرشيد والذي يقوم على مبادئ توخي أفضل السبل وأكفأها وأكثرها استقامة في إدارة مقدرات الشعب وبما يحقق العدالة والمساواة بين أبناءه في سلوك الدولة وخلافه يلحق الضرر بمقدرات الشعب بشرية كانت أم ماديه أو اقتصاديه أو ماليه أو ثقافيه .. . والفساد السياسي يعني إلى جانب ما تقدم الآتي من الأفعال والممارسات بشكل محدد : .
1. الجنوح عن الشفافية في العمل الحكومي .. .
2 . ويعني رفض الخضوع لمسائلة الشعب .. ،
3 . ويعني حماية الفاسدين .. ،
4 . ويعني إعاقة ملاحقتهم.. ،
5 . ويعني إعاقة تطبيق قوانين مكافحة الفساد .. ،
6 . ويعني عرقلة إجراءات مواجهته .. ،
7 . ويعني التضييق على استقلال أجهزة مكافحة الفساد .. .
8 . ويعني عدم التقيد بالدستور تحت أي مبرر أو حجه .. .
9 . ويعني انتهاك القانون تحت أية ذريعة وبأية صوره .. .
10 . ويعني فرض الحكومة علويتها على مجلس النواب .. .
11 . ويعني الإغارة على استقلال القضاء .. ،
12. ويعني تزوير إرادة الناخبين إن بالرشاوى أو التدليس أوتجييش الطائفية أو العرقية أو التخلف .. .
13. ويعني فساد السلطة والمشرعين في إصدار قوانين مصممه لتحقيق احتكار الحكم وإبعاد الآخرين .. .
14. ويعني فرض السيطرة على الجهات المناط بها تنظيم الانتخابات .. .15 . ويعني التلاعب بنتائج الانتخابات أو التزوير فيها بشكل مباشر أو غير مباشر .. .
16 . ويعني تكميم أفواه وسائل الإعلام .. ،
17. ويعني تهميش وإقصاء منظمات المجتمع المدني .. ،
18. ويعني شرعنة الفساد ..( تنظيم أفعال الفساد بتشريعات قانونيه تشكل مانعا في النظر فيها من قبل القضاء أو خضوع مرتكبيها لطائلة القانون).. ،
19. ويعني منع المواطنين من الاحتجاج السلمي والتظاهر .. ،
20 . ويعني التضييق على حرية التعبير .. . ومن بين الأشكال الخطيرة لأفعال الفساد السياسي ما يتم ممارسته من قبل الفاسدين في ثلاث مراحل : قبل الوصول إلى السلطة ، وعند الوصول إلى السلطة . وبعد مغادرة السلطة وكما يلي : . المرحلة الأولى ـ قبل بلوغ السلطة :
1 . يقوم الفاسد السياسي (فرد أو جماعه أو حزب) باختيار أكثر الشعارات بريقا فيتسلل من تحتها للحصول على قناعات الناس وقبولهم له في حين أن ثقافته السياسية والأيدلوجية مصممة على غير ذلك.. والأفعال غرس الثقافات والقناعات..وأقرب التعابير المحلية الشائعة التي يوصف بها من يمارس هذا النوع من الفساد تعبير (الحقنباز) ..وهو تعبير محلي عراقي يوصف به الشخص الذي تجتمع فيه ممارسات الكذب والتدليس والخداع والفهلوة في آن معا .. فكم حنقباز سياسي .. في هذا البلد ..؟.. أنتم أضبط .. .
2 . يقوم الفاسد السياسي (فردا كان أو مجموعة أو حزب) باختيار اشد أوجاع الناس إيلاما: الفقر والظلم والقهر فيلعب عليها ليستدرج الناس ويحصل على قبولهم وتفاعلهم في حين أن سيرته الذاتية وقناعاته وثقافته تفصح بأنه رب الشويهة والبعير فهو إن أكل شره ، وان حكم ظلم ، وان تمكن قهر ..وذاك النوع من أفعال الفساد يمارسه الحنقباز أيضا .. لا تتوفر إحصائية رسمية عن عدد حنقبازية هذه الحقبة في تاريخ العراق لعدم إجراء تعداد عام للسكان .. .
3 . ويقوم الفاسد السياسي (فردا كان أو مجموعة أو حزب) باستغلال ثقافة المجتمع للعب عليها وتوظيفها للوصول إلى غايته في أن يحكم فيكون عود الثقاب الذي يتسبب في الحريق الطائفي أو العرقي أو الديني أو ألمناطقي أو الجهوي في البلاد ليس لأنه يتبنى ويدافع عن الحقوق والآمال والطموحات المشروعة لتلك الشريحة ، بل يركبها موجة ويتخذ منها مطية للوصول إلى غايته وهي الحكم وهو في هذه الحالة يدرك تماما أن ما يقوم به يؤدي إلى إلحاق أفدح الضرر بالمجتمع والأفراد ، ويتسبب في إحداث الفرقة والتباغض والعداء والصدام بين شرائح المجتمع وفئات الشعب ويهدد السلم الأهلي في البلد .. مع ذلك فهو لا يتورع عن ممارسة تلك الأفعال ولأنه حقنبازي فانه وبمجرد وصوله إلى السلطة يتنكر أول ما يتنكر لتلك الشريحة التي ادعى غيرته عليها.. فيستبدلها ببطانة من الفاسدين والانتهازيين والوصوليين .. بعد إن غرس في النفوس فايروسات لثقافة منحرفة لا تستطيع المضادات الحيوية المنتجة في أرقى مراكز إنتاج الأدوية في العالم من تامين الشفاء منها .. والحالة العراقية باتت بمثابة هيروشيما الطائفية ويجتهد الوطنيون والمتنورون في زحزحتها لكنها كتلة صماء معجونة من خليط من التزمت والتخلف والعصبية والجهل المطبق باتت وباء متوطنا في هذا العراق .. .
4 . يقوم الفاسد سياسيا فردا كان أو مجموعة أو حزب بطبع خرائط طبيعيه وبشريه وإداريه وسياسيه وجيولوجيه للبلد مجسمة وملونه ويهيئ الرسل فيبعثها إلى ملوك ورؤوسا وأمراء ومستشارو وسفراء المحيط الإقليمي والدولي ويعرض على الذوات المشار أليهم انه يتعهد وبكامل وعيه وإدراكه بان لهم وحدهم بعد الله اليد الطولي في مقدرات البلد أرضا وشعبا وسماء وثروات فوق الأرض وتحت الأرض إن هم ساندوه في تحقيق غايته في الوصول إلى حكم البلاد .. مع هامش يقول : أحب من تحبون وابغض من تبغضون والله خير شهيد على ما أقول.. وربما يرفق بها اسطوانة أغنية المطرب المحبوب ( من تحبون أفرح ألكم ..ومن تحزنون احزن ألكم ..أحبكم ..أحبكم .. )..ويوصي المبعوث: كوللهم ..كوللهم ..إذا عدهم ثوره للتصدير فهو قد تدرب طويلا على مهنة تسويق وتصدير الثورات ..!. . المرحلة الثانية ـ مرحلة استلام السلطة : .
1 . نكوص الأطراف السياسية أفراد أو مجموعات أو أحزاب في الإيفاء بديون التزمت بها للشعب بصيغة شعارات تسللت من تحتها للحصول على قناعة الشعب وقبوله وباتت ديونا واجبة التسديد حال وصولها إلى الحكم لكنها تتنكر لتعهداتها وتمارس المماطلة والنكول لأنها (مقرباز) وهو تعبير محلي عراقي لوصف سلوك الشخص الذي تجتمع فيه خصائل الكذب والغش والتدليس ونكران الجميل والنكول والمراوغة ورفض تسديد ديونه في آن معا .. واترك للقراء أن يحددوا فيما إذا كانت حالة المقرباز هي القاعدة أم الاستثناء في عصرهم هذا في بلدهم هذا ضمن طبقتهم السياسية هذه .. .
2 . يقال في التاريخ العربي الإسلامي أن عبد الملك بن مروان كان احد فقهاء مكة فكان كتاب الله يلازمه في الليل والنهار في السر والعلن في الرواح والمجيء وقد كان يتلو ما تيسر له من آيات الذكر الحكيم لحظة وقف بين يديه رسول العاصمة يبلغه بخبر انتقال الحكم أليه وانه بات خليفة المسلمين ورغم أن لقب الخلافة أصلا يتصل بخلافة النبي فقد نظر الرجل مليا بكلمات القرءان وهو دستور رسول الله .. وخاطبه قائلا : هذا فراق بيني وبينك ... يابن ألأيه ..؟ كم هو مرائي ..هذا الخليفة ..؟..، طبعا هذا لا يعني وفقا لقيم تلك الحقبة إن الرجل بات علمانيا .. إنما يعني أن الرجل قد أعلن الافتراق مع القيم النبيلة المعتمدة يوم ذاك .. وبات بلا قيم ..وتحلل من أي التزام أخلاقي سوى ما يتطلبه التمسك بالحكم .. وهذا فساد سياسي..وأي فساد ..! دونه خرط القتاد ..ولو عددتم اليوم كم عدد الذين أعادوا وأعادوا وأعادوا تلك المقولة الشهيرة: (هذا فراق بيني وبينك..) لوجدتم أن عددهم خارج الطاقة على الإحصاء وأول ضحاياهم.. رفاق الدرب وضحايا الدرب فساسة الأحزاب الدينية خصوصا حالما وصلوا كراسي السلطة قفلوا بالقفل والمفتاح على تلك القيم والوصايا .. المتعلقة بالعفة والإيثار والاستقامة والأمانة والذي منه ..والتي لطالما رددوها مصحوبة بالنشيج والذوبان في بحور من الزهد والدروشة رافضين بريق الحياة ونعومة العيش ووثير الفراش..!..فباتوا يتجاهلون أول من يتجاهلون رفاق الدرب وعوائل الذين استشهدوا من رفاقهم وتلك لعمري غاية القسوة لأن الجائزة للمبدئي من أي حزب أو مجموعه هي أن يجد أن ما كافح من اجل تحقيقه بات ملموسا في التطبيق وإلا فانه يشعر بندم على ما فات من عمره وذويه فيكتشف في النهاية أن المقرباز والحقنباز من رفاقه قد سحقها بقدميه دون شفقه .. .
3 . لو عدتم إلى قائمة أنواع الفساد المشار إليها أنفا والتي بلغ عديدها 20 نوع أو صنف أو ممارسة فان الفاسد سياسيا فردا كان أو مجموعة أو حزب يمارسها جميعا وفي آن واحد فهو لا يطيق الشفافية ولا يقر بخضوعه للمسائلة ويحمي الفاسدين ويعيق إجراءات ملاحقتهم ويعيق تطبيق قانون مكافحة الفساد ويعرقل إجراءات مكافحة الفساد ويمارس الهيمنة على أجهزة مكافحة الفساد وينتهك الدستور ولا يأبه بالقانون ويفرض العلوية والهيمنة على نواب الشعب ويضع القضاء تحت إبطه ويجيش الجيوش لحصد أصوات الناخبين إن بالرشوة باستخدام أموال الشعب لهذا الغرض أو بالوعود الكاذبة أو باستنهاض العصبية الطائفية أو العرقية أو القبلية أو بإخضاع الجهة المنظمة للانتخابات أو بتزوير النتائج أو بسن قوانين انتخابات مفصلة على مقاسه أو توظيف وسائل الإعلام لمصلحته دون غيره ومن لا يخضع يقفل فمه ويجند منظمات المجتمع المدني لتنظيم القصائد بحمده ويشرعن الفساد وينظم ممارسته بقوانين ويخنق الأصوات المعترضة ويواجه بالسلاح المتظاهرين ويلغي حق الناس بممارسة التعبير ..كيف يمكنه فعل كل ذلك ..؟ لأن السلطة باتت بيده وبات على كل شئ قدير .. ومن يعترض يقول له أني اسند ظهري إلى الشرعية الدستورية ..بالضبط مثلما يقول علي عبدا لله صالح ..! ، ليس ذلك فحسب بل يجعل من بطانته ملوك التلاعب بأموال الشعب فالموازنة برمتها تحت تصرفهم ويمنحهم شهادات خبرة بالتزوير كتلك التي يمنحها طيب الذكر الخطاط حامد وهو مواطن تركي يمنح الشهادات قديما لمن يتخرج على يديه في ممارسة الخط العربي .. .
4 . والفاسد السياسي فردا كان أو مجموعة أو حزب يكون في غاية الوفاء للمحيط الإقليمي والدولي الذي سنده للوصول إلى الحكم فمسالة أن يمارس أفعال الحقنباز والمقرباز مع شعبه ..؟ ماشي ..بين الأحباب تسقط الآداب ولكن ..مع الأغراب ..؟ لا ..فشله.. وعيب ..كل ما وعدهم به ينفذه على داير مليم بل وينقدهم أكثر ..أرض ، نفط ، آبار ، اصطفاف ، الدوران في الفلك ، تبني المواقف ، تصدير ألثوره ، الحرب بالأنابه..وتشوف الحاكم من هذا النوع من الفاسدين مثل المهرج الذي يفر حول وسطه حلقات من البلاستيك حاير اللي على أردافه تفتر على اليمين الفوكاها شويه ..على اليسار اللي فوكآها.. شاقولي ..وتشوفه 24 ساعه.. طار الغراب ..طرنا وياه ..حط الزرزور ..حطينا وياه ..! أيه مو هي هاي الميكافيلليه ..! أشلووون ..؟ آنا هيجي ميكافيلليه أتسويني بومه ..ما أريدها وان كانت الغاية حكم المشرقين ..!. المرحلة الثالثة ـ مرحلة مغادرة السلطة : . وهنا لا نتكلم عن نظام مثل نظام صدام الذي التزم رسميا بأنه لن يغادر السلطة إلا والعراق تراب وخراب .. لكننا نتكلم عن الأنظمة السياسية الأخرى ومن بينها النظام الحالي في العراق : .
1 . من الناحية المالية فان الفاسد السياسي فردا كان أو مجموعة أو حزب لا يضع في حسبانه على الإطلاق انه مغادر السلطة نهائيا وان كانت الآليات المفروضة والمتفق عليها بموجب توازن القوى بين الأطراف المكونة للطبقة السياسية تحتم عليه أن يسلم السلطة مرغما فان عودته إلى السلطة ثانية تشكل الهدف الذي دونه كل الأهداف والقيم وطنية كانت أم أخلاقيه.. فيستخدم ما جناه من أموال وهي طبعا هائله لشراء الذمم وتحريض الناس وإدامة العلاقات مع المحيط الإقليمي والدولي لمساعدته في استرجاع السلطة .. وعندما يتساءل المرء عن سبب المبالغة في الإيغال بالفساد المالي أثناء وجود ذلك الطرف في السلطة يجد الجواب في هذا ..فهو لا يسعى أثناء وجوده في السلطة على نهب ما يتمكن من نهبه بدافع الإثراء الفردي .. إنما يريد من خلال ما نهبه شراء العودة إلى الحكم ..وهو أمر لا شك يتطلب أموال هائله.. .
2 . انه يوظف ما كان يمارسه من فساد إداري لأغراض العودة إلى السلطة فالذين أوصلهم إلى المناصب والمواقع لا تنقطع خدماتهم له بمجرد مغادرته الحكم إنما يستمرون مدينون له وعليهم تسديد ما بذمتهم وهم لا يأتمنون الجديد لأنه يحمل لهم أنهم من أتباع السابق وإنهم لا يؤتمنون من قبل الجديد وفي نفس الوقت فان الجديد من نفس الطينة أيضا وهو فاسد سياسيا وبالتالي يحتاج إلى ممارسة الفساد الإداري أيضا فهو يسعى لتوظيف أنصاره وبطانته وإيجاد مواقع ومناصب لهم ويعرف انه لن يجدها إلا من خلال إبعاد الموالين للسابق من مناصبهم ومواقعهم كي تكون شاغرة ليملأها بأنصاره ..وتدور عجلة الفساد وفي دورانها تسحق كرامة الشعب بأسنان الفقر والحرمان والبؤس .. .
3 . والفاسد السياسي فردا كان أو مجموعة أو حزب لا يكتفي بتوظيف المقدرات المالية والاقتصادية والوظيفية لأغراض العودة للحكم واسترداد الملك إنما يسعى إلى ما هو أخطر من ذلك فيستغل الواقع الثقافي المتدني للناس والذي أسهم هو بتشويهه وتدنيه فيثير الناس ويستغل النزعات الطائفية والعرقية والعشائرية والجهوية لديهم بما يضمن إثارتهم للمشاكل وعدم الاستقرار وإقناعهم بأنه هو وليس غيره المخلص والعادل والشريف وكلما عداه هم فاسدون وعملاء ومتآمرين وظلمه ..لتعود حليمة إلى عادتها ألقديمه ..وجيب ليل وخذ عتابه ..فتتطور المجتمعات وتزدهر الأوطان وتعمر البلدان وينعم الناس لكن بلد الفساد السياسي في كل يوم ينهار شئ من جرفه ..إلى أ ن يأتي الحل ..والحل هنا هو إصلاح الأمور السياسية جذريا وعلى ذات المنهج الذي حصل في تونس ومصر ..ولكن لا تقوى كل الشعوب على تحقيق ما تحقق في مصر وتونس لن ذلك يفترض قبل كل شئ إرادة جمعية موحده تستند إلى ثقافة المواطنة دون أية مسميات أخرى ... ما هو الفرق بين الفساد السياسي من جهة وبين الفساد المالي والإداري من جهة أخرى؟ .. هذا ما سنناقشه في الحلقة القادمة .. ..