| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الثلاثاء 23 / 9 / 2014 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
افلاس الخزينة في بغداد وانهيار الجيش في الموصل
حالة واحده وذات الفاعلينموسى فرج
بقدر ما كان انهيار حوالي 80 ألف جندي في الموصل وسقوطها بيد بضع مئات من داعش مدوياً وغريباً فان اعلان رئيس الوزراء العبادي عن افلاس الخزينة صاعقاً وغريباً.. . فـ :
ـ فحجم موازنات العراق السنوية طيلة السنوات السابقة يفوق حجم موازنات خمس من الدول المحيطة بالعراق .. وحجم الموازنات في العراق يفوق بسبع مرات حجم الموازنات السورية.. فلماذا لم تفلس خزينة سوريا وأفلست خزينة العراق..؟.
ـ وموازنات العراق للسنوات الماضية لم ينفق منها بسبب الفشل الحكومي أكثر من 48 % في الجانب التشغيلي وأكثر من 10%في جانب الاستثمار وتعاد الأموال الى الخزينة في نهاية كل سنه فاين ذهبت تلك الأموال...؟.
ـ وفي عام 2014 لم تصدر موازنة بالمرة وهذا يعني ان دينار واحد لم ينفق على الاستثمار(المشاريع بما فيها المدارس) .. الذي قيل أنه خصص له حوالي نصف تقديرات الموازنة وبالنتيجة فان تلك الأموال لم يطلق شيء منها بالمرة .. فما هو مصيرها ..؟.
ـ الأموال المطالب بها من قبل اقليم كردستان من الموازنة متوقف صرفها وتخصيصات البيشمركة متوقفة ورواتب موظفوا كردستان مجمده فأين ذهبت الأموال..؟.ـ بعد سقوط الموصل بيد داعش وتوقف النفط في كركوك قالت الحكومة : رفعنا انتاج النفط من البصرة ولن يؤثر توقف النفط في كركوك على حجم العائدات النفطية..واسعار النفط لم تنخفض فاين عائدات النفط ..؟.
ـ قيل ان العمليات العسكرية ضد داعش تكلف الخزينة 7 مليون دولار يوميا ولكن وفقاً لاعلام الحكومة فان تصدير النفط لم ينخفض عن معدلاته السابقة والبالغة 2,8 مليون برميل يومياً وبسعر تصدير لا يقل عن 100 دولار للبرميل يعني 280 مليون دولار يومياً.. فما الذي حصل ..؟
ـ في عام 2008 وبمناسبة مرور 5 سنوات على سقوط نظام صدام قلت في مقابلة مع صحيفة الحياة اللندنية : ان الفساد في العراق يكلف الشعب العراقي 50 مليار دولار سنوياً ولم اترك الأمر على عواهنه انما فصلت فقلت ان ذلك لا يشمل فقط الفساد المالي المتعارف عليه انما يشمل : تبديد المال العام ، فشل الاداء الحكومي في تحقيق نتائج مناظرة للموازنات السنوية وفشل الحكومة في ادارة الثروات الطبيعية ويشمل فشلها في ادارة الثروة البشرية وابعادها العناصر الكفوءة والنزيهة والاعتماد كليا على اتباعها من الفاسدين والفاشلين الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع كلفة الفرص الضائعة.. وقلت ان الفساد في العراق لا يعني فساد صغار الموظفين في حافات الجهاز الحكومي انما عند كبار موظفي الدولة والاطراف السياسية وتشكل امانة مجلس الوزراء بؤرة الفساد في الحكومة العراقية ..
ـ وقلت في حينه أن الرشاوي في حافات الجهاز الحكومي ومن قبل صغار الموظفين صحيح انها مؤذيه ولكن لجيب المواطن وليس لخزينة الدولة ولا علاقة لها بضياع المليارات وان اردتم البحث عن ملياراتكم فدونكم كبار المسؤولين وساسة المحاصصة.. وأمس عرضت داعش تلفزيونيا مشاهد من اكداس الدولارات وسبائك الذهب في أحد بيوت النجيفي.. وغير بعيد عن هذا جيش الفضائيات الذي يمتلكه كل واحد من مسؤولي المحاصصة وتبلغ كلفها التشغيلية الشهرية مئات الملايين من الدولارات بل وصل عدد الفضائيات التي تنسب للمالكي أكثر من خمس فضائيات ..
ـ وفي حينه صدر رد عنيف من مجلس الوزراء نشرته الصحيفة ذاتها تحت عنوان :(مجلس الوزراء العراقي يرد على اتهامات موسى فرج رئيس هيئة النزاهة السابق : لا ننكر الفساد لكن ارقام موسى فرج خياليه..) وطبعاً كنت اعرف تماماً ان ثائرتهم لم تنفجر بسبب ما قلته عن حجم الفساد وانما لأني حددت موقعه بالذات (أمانة مجلس الوزراء) واستُبعدت من هيئة النزاهة وانا غير آسف .. واستجلبوا من ينطبح تحت متطلبات المنصب وينفذ رغباتهم بالادعاء بانه لا يوجد فساد كبير وان الفساد في العراق انما ينحصر في الرشاوي فقط ومعلوم ان ذلك يعني صغار الموظفين فقط وفي حافات أجهزة الدولة فقط وفوق ذلك فإن جرائم الرشوة يصعب اثباتها.. وكان نتيجته تعويم عملية مكافحة الفساد وافراغها من محتواها واستمرت هيئة النزاهة ولاربع سنوات ينحصر عملها في تنظيم استطلاعات شهرية مضحكة لتبين هل ان الرشوة في التسجيل العقاري أعلى ام في المستشفيات أم في المرور..! ومع ذلك لم يتمكن الذي جعل من المنصب هدفاً ان يحتفظ بمنصبه عندما راح من اجل ديمومته يستقوي بطارق الهاشمي ففقد منصبه جراء ذلك.. ولمجرد اطلاقه تصريحات نارية ضد المالكي ثأراً فقد صنع منه الاعلام المزاجي والساذج حد الغباء بطلا وشهيدا ينافس مانديلا...
ـ وعشية انخفاض اسعار النفط في العالم من 100 دولار للبرميل الى 48 دولار كان وزير المالية العراقي يصرح بأن موجود وزارة المالية 101 مليار دولار اضافة الى 100 مليار دولار احتياطي ثبات العملة في البنك المركزي ولكن بمجرد انخفاض اسعار النفط تغيرت التصريحات الى : أنه لا توجد أموال في وزارة المالية وان احتياطي البنك المركزي لا يتجاوز 61 مليار دولار.. كي يغيرون على احتياطي البنك المركزي وفعلوها بالفعل فسحبوا منه 30 مليار دولار ..
ـ وعندما وقف الشبيبي بوجوههم تمسكاً بالمصلحة العليا للبلاد والتزاما بمهنيته أجهزوا عليه وعلى كرامته وسمعته.. ولم يكتفوا باستبداله بمن لا يقول : لا.. انما اخرجوه ايضا وتسلموا هم البنك المركزي ليقولوا: ان رصيد صندوق تنمية العراق الـ DIF فقط 3 مليارات دولار ..! لا فوكَها ولا تحتها...
ـ في ذات السياق فان الذين تسببوا بنكبة الجيش في الموصل وبمحنة 1,8 مليون عراقي لازالوا يختالون مثل الهراتي برتبهم الفلكية دون حساب ..
ـ ولازال المطلك وزملاءه يملأون الفضاء صراخاً ضد قصف مواقع داعش بالطائرات أو الراجمات وكأن الطائرات الامريكية قد تجنبت المدن في عام 1991 والأعوام التي تلت وصولاً الى عام 2003 وما تلاه .. او لكأن الطائرات الفرنسية والامريكية اليوم تطلب من الدواعش تمييز انفسهم باشرطة حمراء ويتجمهروا في حمرين لملاقاتهم .. والجميع يعرف أن دقة التصويب باتت تحسب بالأمتار وليس بالمئات وأن المطلوب الدقة في استمكان الهدف وليس تقديم مئات الجنود في الصقلاوية لداعش لتنحرهم نحراً.
ـ السيد العبادي حالياً في مأزق هذا صحيح .. فهو قيادي ولازال في حزب رئيس الحكومة السابق وبعضهم اليوم يستقتلون من اجل اسقاطه وهو من دولة القانون التي يتبارى بعض من اطرافها باحقيته في ان يجعل من الساحة العراقية والقرار العراقي مثل تلك التي حصلت في ليبيا بعد القذافي ونسي استغلاله لدعوة المرجعية في الدفاع عن العراق ضمن الجهد الحكومي وليس خارجه بل وليس سبيلا لأن يضاف اسمه الى أسماء أمراء الحروب في العراق .. بل ذهب البعض منهم عشية تشكيل الحكومة الى تحريض قطعات الجيش للتمرد في حالة عدم التجديد للمالكي وترك بغداد تستبيحها داعش ..! هذا النمط من الناس لا يخجله التنقل بمواقفه مثل الذباب سعياً وراء مصالحه الشخصية .. في حين يمارس المالكي ضد العبادي نفس ما كان يمارسه ضده طارق الهاشمي مع الفارق بان الهاشمي كان يمارس ذلك وهو في كنف اروغان لكن المالكي يمارسه وهو في كنف معصوم وفي رئاسة الجمهورية.. اما الشركاء السياسيين من غير ذلك في كابينة المحاصصة فانهم ليسوا بأفضل.. ولأن العراق اليوم في محنه وفي مفترق طرق بين ان يكون او لا يكون .. فان أمام العبادي حالين لا ثالث لهما :
* اما ان يكون واجهة لحكم تسيطر عليه مجموعة المالكي بمفاصله الجوهرية : الجيش والمال والسلطة وتتمسك به باسنانها فيخذل نفسه والشعب وفي هذه الحالة فان الشرف الشخصي يفرض عليه الاعتذار للشعب العراقي والانسحاب لأنها ما لم تفضي الى دحر الباطل وإحقاق الحق مضيعة للدنيوي والأخروي ..
* او ان يتحلى بالمبدئية والشجاعة الفائقة فيبعد مجموعة المالكي ويبتعد عنهم وينفتح على الآخرين ولديه ممن لم تتلوث اياديهم بدم الشعب واموال الشعب وبمقدرات الشعب من يعوض واكثر.. وقد قيل سابقاً أن المرء لا يمكن ان يمتطي صهوة حصانين في آن واحد ...