| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 22/5/ 2013 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
من يبني الديمقراطية سفينة نوح أم يوسف العاني ..؟
(1)موسى فرج
أربعة وزراء وأربعة برلمانيون ونائب رئيس وزراء وقضاة (كلهم سابقون والمزيد منهم في الطريق) وأيضاً رؤساء تنظيمات وكيانات سياسية قائمه .. هؤلاء هم المؤسسون للكيان السياسي الجديد الذي أوشك أن يرى النور في أرض الرافدين والذي هاتفني صديقي البرلماني السابق والسياسي المرموق وألح في وجوب حضوري إلى بغداد مدينة ألف ليله وليله ليكون لي الشرف بحمل طرف من الرداء الذي وضعوا كيانهم عليه بانتظار رفعه ووضعه في مكانه المناسب في هيكل العملية السياسية العراقية العتيدة ليكون الرد على التخبط الطائفي العرقي الذي يترنح في دهاليزه الساسة العراقيون..
وبعد إن أطرى مضيفي على خصالي ونوّه إلى أنها ليست قناعته وحده إنما هو الإجماع الذي تمخضت عنه قناعات الآخرين أيضا.. حتى أني ربما فهمت بأني الزرده الناقصة في العمود الفقري للكيان المنتظر ..
قلت لهم : بم يختلف كيانكم المنتظر عما تعج به الساحة العراقية من كيانات ..؟
قالوا : هذا الكيان ديمقراطي وهو الرد على الطائفية والعرقية السائدة في البلد ..
قلت لهم : ما هو دليلكم ..؟.
قالوا : فيه السني وفيه الشيعي وفيه العربي وفيه الكردي وفيه الصدري وفيه الليبرالي وفيه القومي وفيه اليساري ويضم أيضا عدد من الكيانات القائمة بالفعل وقد اندمجت كلها ضمن الكيان الذي أشرق أو كاد.. وهذه هي الديمقراطية التي نرد بها على الانغلاق والفئوية ..
قلت لهم : أهو ائتلافٌ أم اندماجا..؟.
قالوا : بل اندماجاً..
قلت ونائب رئيس الوزراء هل يتعامل معكم وفق صيغة كتف لكتف أم يعتبركم معيته ..؟.
قالوا : هو يرأس كيان حاليا وقبل الاندماج ضمن الكيان الجديد وقلنا له سوف لن نخاطبك بلقب سيادة نائب رئيس الوزراء فقبل منا ذلك وبرحابة صدر حتى انه قَبل إن يكون نائبا لرئيس الكيان وليس رئيسا.. لكن عضو المكتب السياسي لكيانه يخاطبه بـ سيدي ..!.
قلت لهم : يوجد فرق واضح بين سفينة نوح وبين يوسف العاني ..
قالوا : ماذا تقصد ..؟
قلت لهم : سفينة نوح لا تبني الديمقراطية ولكن يوسف العاني يبني الديمقراطية وتشكيلتكم هذه مثل سفينة نوح ، فسفينة نوح لا تغير من طبائع ركابها ، من الناحية السياسية.. السني يبقى سني والشيعي يبقى شيعي والكل يتربص السانحة بالكل في حين لو قال لي أحدكم ماذا تقول بيوسف العاني ..؟ أقول لكم : هذا إنسان ديمقراطي إن كان في صفوف البارتي أو حزب الدعوة أو كان في قائمة متحدون أم في التيار الصدري لأن يوسف العاني بناءه الثقافي المتراكم بناء ديمقراطي وتحول الكم الزمني عنده إلى كم نوعي ، العراقيون بمثل ثقافة يوسف العاني هم المؤهلون لبناء الديمقراطية في العراق أما أشخاص ، أمس كانوا ضمن فئة من بضعة أشخاص يسمون كيانهم أهل العراق (وهذا يعني أنهم يرون في أنفسهم وحدهم أهل العراق وبقية العراقيين ضيفيه ..) هؤلاء بناءهم الثقافي ليس بناءاً ديمقراطيا ولكنهم يركبون السفينة لبلوغ قمة الجودي ..
والأدهى والأمر من ذلك أنهم يتعاملون معك بوصفك معيّه .. وأنا شخصيا لن أقبل بأن أكون معية لأحد باستثناء العراق ..
أضرب لكم مثلاً : في عام 2004 اشتركت في لقاء تلفزيوني على الحرة عراق وكان شريكي في اللقاء المرحوم الدكتور عصام الراوي رئيس جمعية التدريسيين العراقيين وقد جعل من موضوع المطالبة بالحوار محورا لفكرته ، فهو يلح على موضوعة الحوار بين الكتلتين الطائفيتين في العراق باعتبار انه ينتمي إلى إحداهما ويَفترض (من وجهة نظره رحمه الله) أني انتمي إلى الطائفة الأخرى ، في حين أني من جماعة يوسف العاني لا أقيم وزنا إلا للمواطنة..
بالمناسبه : المواطنة لا تلغي مذهبيتك ولا أصلك أو فصلك كل ما في الأمر أنها تجعل من موضوعة العراق تتقدم على ما سواها من مسميات وتجعل من الانتماء للوطن خيمة للهويات الفرعية ، قلت لزميلي نعم نتحاور ولكن بشرط..
قال : ما هو ..؟
قلت له : أن نسير كتفا لكتف .. أما أن تنتظر مني إن أمشي خلقك بخمسة أمتار.. فان ذاك بات من الماضي ليس من تاريخ سقوط نظام صدام إنما منذ آذار عام 1991 لن أكون من معيتك ولا أطلب منك إن تكون من معيتي بل كلانا من معية العراق وهذا يا صديقي ما يسمى بالمواطنة..
بعد حوالي السنة اقتنع المرحوم الدكتور عصام الراوي بفكرة المواطنة وبدأت طروحاته تقترب كثيرا فكان الرد أنهم اغتالوه عند خروجه من منزله في منطقة المأمون ..
أرأيتم أيها السادة ..؟ إن بناة الديمقراطية في العراق هم الذين يعتنقون ثقافة المواطنة حقيقة وليس ركوبا للموجة .. نحن يلزمنا في العراق اليوم الحزب الديمقراطي أيام زمان حزب كامل الجادرجي ..
قالوا : ولماذا لم تنتم إليه ..؟.
قلت لهم : ومن قال ذلك ..؟ في مطلع عام 2004 كنت وحفيد كامل الجادرجي زملاء عمل وتقديرا منه لمواصفاتي كما أنتم فقد بدأ الرجل يضخ عليّ كتبا تتعلق بالجادرجي المؤسس والحزب الوطني الديمقراطي أيام الخمسينيات ، وفي أحد الأيام سلمني وثائق تتعلق بإعادة تأسيس الحزب وطلب مني قراءتها وبيان الرأي بشأن الانضمام للمجموعة المؤسسة وكان اليوم خميس وهو اليوم الذي أغادر فيه بغداد إلى عائلتي في السماوة فقررت إن تكون تلك الوثائق زادي في الطريق وبعد عودتي التقيت بزميل العمل ودفعت له الأوراق قائلا : يابه .. أشو الوالد وأنت وشقيقتك وزوج شقيقتك وصديق العائلة من بيت الرحيم هم الهيئة المؤسسة .. جا آنا إذا صرت وياكم .. أصير صابوب كهوه..؟ هاك هاك.. هذا شركه عائليه مو حزب .. شفتوا ..؟.
أقول لكم :
1. انظروا إلى الناس في الطرقات ، في الأسواق ، في البيوت ، في المقاهي ، على شاشات التلفاز .. ستجدون السؤال الأكثر انتشار هو : إلى أين يتجهون بالعراق ..؟.
قتل يومي ، انهار من الدماء ، اقتصاد تائه ، تبديد للأموال ، فساد مهول ، صراع الديكة بين مجلس النواب والحكومة ، سياسة خارجية محطمه ، سياسة داخلية الكل فيها يجلس في سفينة العراق ويثقب قاع السفينة من تحت مؤخرته ، تعصب ، جهل ، تطرف، الكل يتربص بالكل ، خيرهم لا يصلح لقيادة فخذ عشيره أو شعبه في دائرة فرعية .. ولكن من هم ..؟ هل أنهم الشعب المغلوب على أمره ..؟ لا.. إنهم حفنة من الساسة المتخلفين وليس كل الشعب العراقي ، الشعب العراقي والوطن بات رهينة بأيديهم يدفعون به إلى الهاوية ..
في هذه الحالة فان الانخراط بالعمل السياسي لم يعد مسألة ترف إنما فرض عين لإنقاذ الوطن وإنقاذ الشعب .. خصوصا وبعد إن بات العمل السياسي هو السبيل الموضوعي الوحيد في الكفاح من أجل التغير .. ولم يعد الزمن زمن الانقلابات العسكرية وبعد إن بات حمل السلاح عمل إرهابي ومن أعمال البلطجه..
2 . هل أن السياسة عاهر كما يصفونها ..؟ لماذا اختطفوا هذه العبارة فقط من فم تشرشل وباتت أيقونة يعلقونها على صدورهم ..؟ هل أن الرجل لم ينطق غير هذه العبارة ..؟ وهل أن ميكافيللي قال فقط عبارة الغاية تبرر الوسيلة ومن بعدها أنخرس ..؟ السياسة فعل يمارسه الإنسان والفعل نتاج الفاعل فنفس العضو يمكن إن تستعمله للإنجاب والعلاقة الحميمية المشروعة والممتعة ويمكن إن تستعمله في الزنا .. شفتوا عضو بمفرده يقفز في الشوارع يجلّب بالمستطرق ..؟ لا.. كل الذكور عندهم أعضاء فهل إن كل الذكور زناةً..؟ ليس الأداة هي الشريفه أو المتهتكة إنما الفاعل ، والسياسة ليست عاهراً ، إنما الساسة منهم العاهر ومنهم الشريف ..
في العراق وفي ضوء الظروف الحالية المميتة يوجد سياسي واحد شريف أما الباقون فهم ليسوا فقط عواهر إنما بنات ليل وباعة هوى وكلجيه.. الشريف هو الذي يعتنق المواطنة ليهش بها غنمه وليس لمآرب أخرى .. فهل تتعاطون السياسة لتهشوا بها غنمكم أم لمآرب أخرى..؟ في ظروف العراق الحالية فان الذي يعتنق السياسة لمأرب أخرى هذا كلّجي وبياع هوى ومتمرس في صنعته.. .
3 . أنا عندما أتكلم في هذا الشأن فاني لا أتكلم منطلقا من شخصي فقط .. صحيح آنا مو كلّجي واللي يريدني أصير كلّجي تالي عمري أنطيه الصخونه.. ولكن يهمني عدا ذلك أمران :
الأول : أنتم.. فأنتم أصدقائي وأعرفكم مرموقون وذوو تاريخ مشرف وسيّر مشرقه ويعز عليّ أن أجدكم في درابين الكلّجيه .. ماذا يضطركم لهذا ..؟ مناصب ..؟ فيكم الوزير وفيكم البرلماني وفيكم القاضي وفيكم ذو المنصب صحيح كلكم سابقون ولكن هي ليست من المهد إلى اللحد .. لو نسيتوا شغلة جبر ..؟ الذي لخص حياته بالمسافة الممتدة بين عضو أمه والكَبر ..
أقول لكم : .
1. في العراق .. لا توجد طائفية مذهبية أو دينيه أنما توجد طائفية سياسية والفرق بينهما واضح فالطائفية المذهبية هي ليست بين السنة والشيعة بل بينهما كلاهما من جهة وبين الوهابية من جهة أخرى .. ، وحجر الزاوية في الفكر الوهابي هو تكفير المتمسكين بالأضرحة والمزارات فمن وجهة نظرهم يعتبرون ذلك شركاً ، في هذه الحالة فان أتباع السنة في مشارق الأرض ومغاربها يقدسون أضرحة الأولياء وان كانت تلك الأضرحة لأولياء يصنفون بالقياس إلى الخلفاء الراشدين ربما بالمرتبة العاشرة ومثل ذلك إتباع المذهب الشيعي ونقطة الشروع في الفكر الوهابي هي هدم وتجريف الأضرحة والمزارات وليس المعني بذلك أتباع المذهب الشيعي فقط وإنما أتباع المذهب السني وإلا.. هل يقبل السني تفجير ضريح أبو حنيفة أو ضريح عبد القادر الكيلاني ..؟ لا.. .
2 . فإذن من الناحية العبادية والفقهية لا توجد فروقات تذكر بين السني العراقي والشيعي العراقي وإنما بينهما وبين الوهابية إلا اللهم إذا قال السني العراقي عفت مذهبي السني الذي أسسه أبو حنيفة أو الشافعي أو الحنبلي أو المالكي واعتنقت الوهابية التي أسسها بن عبد الوهاب قبل حوالي 200 سنه في ألدرعيه أو قال الشيعي العراقي عفت ولائي لعلي وتبعيتي إلى جعفر الصادق وصرت زرادشتيا أو مجوسيا ..عندها الأمر آخر .. .
3 . وإذن ما سر الطائفية في العراق ..؟ هو سياسي صرف مفاده من يحكم العراق ..؟ شق من الطبقة السياسية تعتقد إن الحكم والنفوذ طابو صرف ورثته من أسلافها والآخرين يتوجب عليهم الإذعان والشق الثاني من تلك الطبقة تعتقد أنه هي من يحق لها حكم العراق باعتبارها تمثل الأكثرية في البلد .. الوجهين من العملة ذاتها اجتهدا خلال 10 سنوات على إعادة تشكيل الوعي الجمعي بشكل منحرف واستغلا ذوي المصالح غير المشروعة والبسطاء والجهلة من الناس ليصنعوا منهم مجرد قذائف في مدافعهم ليوجهوا نيرانها على الشعب العراقي فيغرقوه بالدم ، وعلى الوطن العراقي ليمزقوه أشلاء.. كل ذلك من أجل إن ينفرد بحكم العراق هذا وحده أو ينفرد به ذاك وحده .. .
4 . والمشكلة إن كلاهما يملأ الدنيا صراخاً لإقناع الناس بأنه يبني الديمقراطية في حين أنكم يجب إن تنتبهوا الى موضوع غاية في الأهمية .. وهو : أن حرمان الإرهابيين من المكان أو من السلاح يعني نهاية الإرهاب في العراق وكلا الأمرين المكان والسلاح لا يملكه الإرهابيون إنما يملكه العراقيون وهم الذين يضعونه في متناول أيدي الإرهابيين فيقتلون الشعب .. ويمشون في جنازته ..
إن الإرهابيين في العراق وان كانوا ليسوا عراقيين فإنما هم مجرد أعضاء في حين أن الزناة هم نفر من العراقيين القتله ليسوا شيعه وليسوا سنه إنما مهووسون بالحكم.. .
5 . أمس كنت أتابع الفضائيات بشأن أحداث السفارة العراقية في الأردن .. الخلاف بدأ بشأن هتاف أشخاص : بالروح بالدم نفديك يا صدام .. هل قالوا : بالروح بالدم نفديك يا أبو بكر أو عمر ..؟ لا.. واليوم تابعت ما يردده المتظاهرون في باب السفارة وهم أيضا يرددون نفس الهتاف : بالروح بالدم نفديك يا صدام .. وليس أبو بكر أو عمر ، فالصراع سياسي يا أخوان وليس مذهبي إنما رُكبت المذاهب لمآرب أخرى .. وهذا تجدونه عند الجانب الآخر أيضا فمقولة مختار العصر وعلي وياك علي ترمي لتحقيق المآرب ذاتها .. الانفراد بالحكم .. .
6 . هؤلاء ذهبوا أبعد في خداع الشعب .. فلكي يقولون له نحن ديمقراطيون دأب كل واحد منهم على الإغارة على حقل الثاني فيسرق منه عدة أنفار ويغريهم لينضموا إلى حقله كي يقول للناس : تفضلوا ألست ديمقراطياً..؟ ألا ترون أن كياني يضم الشيعي والسني والكردي والصابئي..؟.
7 . هذه الكيانات لا تبني الديمقراطية في العراق إلا إذا كنتم تصدقون أن صدام لمجرد أنه ألبس الزيتوني لطه محيي الدين معروف وحجي ماطور صار مناهضا للشوفينية ، أو انه لمجرد إن وضع حسن راهي فرعون عضوا في القيادة القطرية صار مناهضا للطائفية السياسية .. .
8 . الذي يبني الديمقراطية هو الذي يؤمن بالمواطنة حقاً وليس على طريقة الثعالب في خداعهم للدجاج ومثل هؤلاء كثر في العراق فيوسف العاني وأمثاله إيمانهم بالمواطنة أصيل وليس جسرا للوصول إلى غايات نفعيه ، إن كان كيانكم يسعى لبناء الديمقراطية فاسعوا إلى من إيمانه بالمواطنة أصيل وليس مصطنع وسفينة نوح السياسية لا ترفع العلم الذي يتيح لها أن تستوي على جبل الجودي.. .
في الريف ومن تجربتي هناك عبارة شائعه يقولها الريفي عندما يختلف مع قريب له .. يقول له : بالنسبة لك : هل أنا أبن أخت لو أبن عم ..؟.. فان كنت ترى بي أبن عم فتشرفني العلاقة بك ولكن إن كنت تعتبرني ابن أخت فلست بحاجة إلى تلك العلاقة ولن أسعى لها وأرفضها فانا ما خلقت كي أحمل جنطتك وأمشي خلفك.. يا خال..!.
في العراق الذين يصلحون لبناء الديمقراطية هم الذين تقوم ثقافتهم على ركيزة النظر لعلاقتهم مع الآخرين على أساس علاقة ابن العم المتكافئة والندية وهؤلاء بناءهم الثقافي من نمط ثقافة يوسف العاني (المواطنة) أما ركاب سفينة نوح فيرون في مواطنيهم أبناء أخت .. ومن حسن طالعي أن أمي لها شقيق واحد مات صبياً ولم أدمن حمل الحقائب والمشي خلف الآخرين .. .