موسى فرج
متى يكون للديمقراطيين سربهم .. ويخرجون على صيغة حمام الكاظم ...؟
موسى فرج
من بين أكثر المصطلحات تداولا في الشارع العراقي خلال الأشهر التي أعقبت نيسان 2003 كان تعبير: يغرد خارج السرب .. و.. لا تغرد خارج السرب ...! بات ذلك التعبير بمثابة اللازمة في أي حديث أو نقاش : في الفضائيات ، في الاجتماعات ، في المؤتمرات وفي اللقاءات الخاصة أيضا .. لا تغرد خارج السرب ..! ، والمفارقة أنك في تلك الحقبة ولغاية الآن لا تسمع تغريدا .. بل لعلعة .. وأية لعلعه ..! لعلعة استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة المحظورة وغير المحظورة .. الثقيلة والخفيفة .. الكلور والتي إن تي .. المفخخات والهاونات .. اللواصق والكواتم .. لا تغرد خارج السرب ..! .. هو التغريد حلال لو حرام ..؟يقول لك : بلي التغريد حرام .. بس بسربنا حلال .. وبغير سربكم ..؟.. نسميه أتوصوص ..؟! (ما ادري ليش أحنا انكول عليه اتوصوص والمصريين يكولون صوصو .. في حين أن كلانا ينتمي لسرب الناطقين بالضاد ..) ، هذا من ناحية التغريد ..
إما من ناحية الأسراب .. فاني لم الحظ قبل ذلك سربا .. لا طيور ولا طائرات حربيه تنفث دخانا ملونا .. حتى أني في احد الأيام وكان الشهر آذار افتقدت أسراب الطيور التي كنت أراها يوم كنت حدثا فقلت لصاحبي .. هل تذكر انه في مثل هذا الشهر من كل سنه تكتظ سماء العراق بأسراب الطيور المهاجرة من كل نوع .. لماذا اختفت ..؟ أجابني بان ذلك يعود لأسباب مناخيه وانحسار مساحات المياه .. فأجبته : بل انه واغلب الظن إن رب العالمين زعلان علينا زعله .. عند الله خبرها .. وما وراها صلح حتى أننا غير مشمولين لا بجيش عمر ولا بفيالق عزة الدوري .. لهذا السبب فان أسراب الطيور باتت بمجرد أن تعبر أجواء ارضروم فإنها تتجنب أجواء العراق .. ومن رأى منكم سربا من الطيور منذ 30 سنه فليقل .. من ناحية أخرى فان جلال الاوقاتي ومنذرالونداوي وخالد ساره كانت أسماء لامعة تتداولها الألسن لكنها غابت بين طيات الزمن ولفها النسيان .. أول يوم في حزيران عام 67 مما اصطلحوا على تسميته بعام النكسة البيانات تقول : أسراب المقاتلات العراقية تقصف تل أبيب .. ولكن ومنذ مدة طويلة لم نسمع عن أسراب قواتنا الجوية .. أما الأسراب البشرية فقد استمر ذلك قبل وبعد عام 2003 وكانت الأسراب العراقية قد هاجرت في موجات موسمية لكنها استوطنت أصقاع العالم البارد .. السويد ، الدنمارك ، فنلنده ، لندن ، الولايات المتحدة .. ولم تتجه إلى بيئات شبيهة بالبيئة العراقية .. لا لبومباي ولا لزنجبار.. بل كانت تتجه إلى مواطن الطيور التي كانت تأتينا من شمال الكوكب .. وبمرور المدة نسيت تلك الأسراب نومة السطح وارتداء الدشداشة البزمه واستبدلتها بالمعاطف السميكة وأحيانا الفرو وجلود الثعالب.. ونسيت شرب الماء من الكوز والتنكه وباتت تشرب الموبقات.. فهي تغرد خارج السرب ، ونسيت أغاني يوسف عمر وحضيري .. ولم تبقى أسراب في العراق.. مجرد تجمعات متفرقة يغير عليها صكير الفار على مدار الساعة.. بالمقابل كانت الخفافيش تشكل غمامات داكنة بعد الأفول مباشرة .. هذا هو عهدنا بالأسراب قبل عام 2003.. فإذن لماذا يكثرون من استخدام تعبير لا تغرد خارج السرب ..؟..مادمنا قد غادرنا التغريد منذ زمن ومادامت الأسراب سواء كانت البشرية أو الطيور أو الطائرات قد غادرتنا منذ عهد طويل .. . هذا التعبير ( لا تغرد خارج السرب..) من ماذا استوحوه ألجماعه..؟..
اغلب الظن أنهم استوحوه من صيغة الرزمة أو الباكج التي شحنت بها أمريكا ساسة العراق بعد 9 نيسان 2003 ..؟ تلك الرزمة التي لم يكن منشأها واحد .. إنما كان تغليفها في واشنطن وتم إلصاق ليبل عليها مكتوب عليه MADE IN IRAQ .. انحكت الليبلات بعد أسابيع .. طلع الحرّي .. وإذا المواد الأولية تم جمعها وفقا للصيغة التي جمع الله فيها الطين ليصنع أدام .. من كل بقعة حفنه.. فكان من بني آدم : الأحمر والأصفر والأسود والهجين .. والمواد المساعدة تم إنتاجها من قبل شركات متعددة الجنسيات واستجلبت من ما وراء البحار .. لكنها دمغت بدمغة السيطرة النوعية CIA .. في الأسابيع الأولى كانت الناس كلها مثل أم عامر بطلة المايكروفون المفتوح لا تبصر ولا تسمع وكل ما تريده : الكرامة والخبز .. لكن الكرامة والخبز في الحقيقة أصعب منتجين في العالم ولا يجيد صنعهما الفاسد ولا الدكتاتوري ولا الذي صلصاله عجن في مختبرات التخلف والتبعية ولا الذي دمغ بدمغة الـ CIA .. بل يجيد صنعهما المستقيم والنزيه والوطني والديمقراطي .. بعد أسابيع انفرط شريط الباكج .. وإذا السرب أسرابا ..!.. لكنهم لا يمثلون من الشعب غير القليل والقليل جدا .. وقد خاطبهم بريمر في أوائل عام 2004 بقوله : بمجملكم لا تملكون التأثير على أكثر من 10% في الشارع العراقي .. لكن الأسراب فرخت أسرابا .. وتكاثرت الأسراب .. التي لا يجمع بينها جامع إلا الإغارة على الناس سحقا وقتلا وإفقارا وخمطا ونهبا وفرهودا .. بعض الأسراب يهيأ استحضاراته مثل الجراد في الشقوق وتحت حجارة الحقول وبعضها مثل أسراب الذئاب وبعضها مثل أسراب الذباب .. وبات لكل سرب ظله .. فانقسمت الناس ظلالا لتلك الأسراب .. وباتت الظلال أكثر شراسة من الأصل وتمارس الغارات على الناس .. أعادت الأسراب تجميع نفسها في خنادق .. وائتلفت تلك الخنادق على أساس هش لا يجمع بينها من روابط غير الاستماتة على السلطة في خندقين .. خندق طائفي وخندق بعثي ... وكلاهما يتنكر لاسمه وأبوه ويبرز هوية مزوره مكتوب عليها : المشروع الوطني .. همّ مشروع مجاري أخفقوا في انجازه .. يبنون مشروع وطني ..؟ .. لحد قبل ليلتين آنا أكعد 4 مرات بالليل حتى اشغل المولده.. اليوم أيسّت وغيرت الساعة البايلوجية كي أرى نجوم الظهر .. هذا يقول ببناء دولة القانون وذاك يقول ببناء دولة المواطنة .. هذا يستغل الجوانب الروحية لدى سواد الناس وذاك يستغل نزعات العزة الوطنية .. لكنهما كل إلى غايته يسعى .. إزاحة الآخر والاستحواذ على السلطة دون منازع .. هذا هو جوهر المشروع الوطني لكلاهما .. وان قالا غير ذلك .. أي فسيفساء ..؟ أي طيف ..؟ أي مكونات ..؟ أي دولة قانون ..؟ أية دولة مواطنه ..؟.. هم اثنين : واحد صعد على تلة ألطائفيه وواحد صعد على تلة البعث .. وباتا يتعاملان مع الشعب بصيغة القطيع .. نصبوا غلمانهم على مقدرات البلد ورفعوا زبد الموج على أعناق الناس .. أين سرب الديمقراطيون العراقيون ...؟ .. مثقفين ، تكنوقراط .. داخل العراق ، خارج العراق ..؟.. .. منذ ثمان سنوات والمثقف العراقي الديمقراطي يسافر في كل الخلجان دون أن يكون له خليجه .. البعض يسافر وحيدا.. لا تدري متى راحته ؟.. متى غضبه ؟.. متى يضحك؟ .. متى يشتم ؟.. من يُشتم ؟.. من يصادق؟ .. من يعادي ؟.. أنه لا يغرد وأيضا لا يلعلع .. لكنه يلغلغ .. يصب جام غضبه على خندق واحد .. خندق الإسلام السياسي .. لماذا ..؟.. بسبب استيلاءه على السلطه ..؟ من هو رئيس أول حكومة بعد عام 2003 ..؟ علاوي .. من يملك الكتلة الأكبر في البرلمان منذ أول يوم تشكيله ..؟ علاوي .. من ينتمي إلى كتلته أكثر الوزراء ..؟ علاوي .. وهل أن علاوي قدم للأمريكان سيرته الذاتية بوصفه مكافحا البعث ..؟ لا .. بل منشقا على صدام .. ما هو مشروعه ( الوطني )..؟ عودة البعث بلا صدام ..؟.. ما هو ستراتيج علاوي ..؟ استغلال فشل وفساد سلطة يملك فيها حصة الأسد لابعادها عن السلطة والانفراد بها بصفته بعثيا .. واستغلال تبعية أحزاب الإسلام السياسي لحكام طهران ليركب موجة الوطنية .. لكنه ليس خيرا منهم مطلقا ولا عفلق اكثر بركة من رفسنجاني .. ولكن هل انه بعيد عن فشل الأداء الحكومي منذ ثمان سنوات ..؟ أبدا .. هل انه بعيد عن مستنقع الفساد ..؟ مطلقا .. هل انه خارج أوكار الطائفية ..؟ بتاتا .. هل انه الذي يبني الديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية والاستقامة في العراق .. بالمشمش .. ومن يظن ذلك فهو لا يرى غير جفونه .. الخندق الآخر .. أوغل في الاستئثار والتجهيل والتمييز بين الناس والتبعية لإيران والفساد والفشل والتمادي في التعامل مع مصير الشعب ومصالحه وأخلاقه وثقافته وحدوده من اجل السلطة ولا شي غير السلطة .. ما هو موقف المثقف ( الديمقراطي ) عدانا نحن الذين نصبر ونصّر أن الأسماء ليست بيت القصيد إنما المنهج .. وأحزاب الإسلام السياسي ليست سفينة النجاة كما يزعمون .. ولكن البعث أيضا لم يكن يوما سفينة للنجاة بل وكرا للخراب والدمار .. نحن نقول ببناء الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة وكرامة الإنسان ولن نكون في أي من الخندقين المشار إليهما .. ماذا عن بقية المثقفون ..؟ 24 ساعه متواصلة يشتمون أحزاب الإسلام السياسي وباتت قضيته التي ليس دونها قضيه .. لماذا ..؟ بسبب نرجسيتهم .. لأنهم يرون في من يستوطن ذلك الخندق أقل شأنا منهم ، ومدموغ بالتخلف وموصوم بالرجعية .. طيب .. وخندق البعث ..؟ هل هو الفردوس ..؟ الجواب : على الأقل علماني ..! عجيب .. والاضطهاد ؟ والمقابر الجماعيه ..؟ وانتهاك الكرامة والأعراض ..؟ لازم التأمت أثار قناني المشروبات الكحولية ..؟ نسيتها مو ..؟.. أم لأنه لا يوجد في بلاد المهجر من يذكرك بذلك ..؟.. كم منكم صوّت للسيد علاوي ..؟ معظمكم .. انتم من أوصله ولست إنا ...كم منكم ندم على فعلته قبل أن يمر عليها شهر واحد ..؟ جلّكم ... أرأيتم ..؟ لماذا لا يكون لكم سربكم ..؟.. هل تريدني تحت جناح ..أ..؟ لو..ب ..؟ لو ..ج ..؟ لو .......لا تكفي الابجديه ..! خوش .. لعد آنا عندي مقترح .. ليش ما تسمون سربكم : سرب الـ أستغفر الله ..؟ ..بس صيروا على سجه .. مو دخنا .. . أنتم الآخرين .. ما هذه الجلبة بينكم ..؟ .. نحن ضد ما يجري .. حسنا .. كيف تعبرون عن ذلك ..؟ بشتم رفاق الأمس والنيل منهم والتنكيل بهم ..! يعني ما عدكم نيّه للنظر في سرب ..الـ أستغفر الله ..؟ ..لا.. ألا تب ما تفعلون .. وبئس ما تقولون .. يابه : إذا مشتهين .. عمي أتوكلوا .. روحوا .. واعرضوا مواصفاتكم بالسوك .. لكن لازم تفهمون أن الطلب ليس على بضاعتكم .. ولكن .. أن تنالون من كرامتي ومن تاريخي ..؟ فالويل لكم .. ما معقوله ..؟ الواحد يتصرف مثل أجليبة آل رمضان.. دعوني أقول لكم قصة هذه آلـ الجليبه : يوم كنت طفلا كان جدي لأبي واسمه رمضان لديهم كلبه باتت مثلا في القرية تلك الكلبه ( محشومين ) ما إن تخرج من فناء الدار حتى تعلسها الكلاب بعدوانيه.. علس .. لماذا ..؟ لم أكن واحدا منهم فاعرف .. ولم أكن متقمصا لروح أحدهم فأدرك .. لكن المشكلة أن تلك الكلبة تعود مثل الشاهين إلى ربعة أهلها ( مضيف مصنوع من ألبواري والقصب ) وتقضم وتعضعض القصب وتمّلخ ألبواري .. لا هي كاعده وما تطلع ولا هي تحسن الدفاع عن نفسها .. وجماله ما تروح لبيوت أهل الكلاب وتملخها .. تجي على بيت أهلها ..! .. فيقال للشخص الذي يفرغ غله في زوجته أو أطفاله من ينغلب وأيضا الذي يكسر أمواعين المطبخ من ينقهر : ولك أنت مثل جليبة آل رمضان ..الجلاب تعلسها .. تركض على مضيف أهلها تملخه ..!. خلاصة القول .. أتمنى أن يكون للمثقفين الديمقراطيين في العراق سرب اسمه سرب .. الـ استغفر الله.. دون أن يكونوا في سرب آخر .. وقد افلح شباب ساحة التحرير بذلك .. فقد تابعت أمس مظاهرة ساحة التحرير وهي لا تضم سوى العشرات وهم يهتفون : منصوره يا بغداد !.. وبالروح والدم !.. لماذا باتوا عشرات ..؟ لأن الشباب الديمقراطيون لم يقبلوا على أنفسهم أن يكونوا من سربهم .. ولا من سرب احد آخر أيا كان .. سوى سرب الديمقراطيون ...