موسى فرج
دعوة لمواجهة خرق الدستور من خلال القضاء
موسى فرج
كشف تصويت مجلس النواب العراقي قبل يوم أمس على تعيين ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية عن خرق فاضح للدستور العراقي .. ورغم انه لم يكن الخرق الأول للدستور ولا الأول من نوعه ، لكن الأمر مختلف هذه المرة ..لسببين :الأول : ما يجتاح المنطقة العربية من عواصف للتغيير أسست لعصر جديد هو عصر إرادة الشعوب في مواجهة الاستبداد والفساد وصولا إلى إحداث التغيير والذي حقق نتائج عظيمة في مصر وأخرى لا تقل عنها في تونس وليبيا واليمن وسوريا .. وكان الأحرى بالعراق أن يكون كذلك .. .
الثاني : ما انكشف في غضون الأيام الأخيرة وعلى نحو غير مسبوق ودون لبس .. من أن الأطراف السياسية العراقية غير قادرة بالمرة على مغادرة حالة الغرق في معاركها الجانبية و البينية ضد بعضها بهدف إسقاط بعضها البعض على حساب أمن ومعيشة الشعب وحاضره ومستقبله السياسي وحتى كيانه السياسي .. وليس أدل على ذلك مما يلي :
1 . ما يتداوله البعض من خنق العراق بحريا واقتصاديا من قبل الكويت ، أو تجاوز إيران على مصالح العراق ومياهه واتخاذ شط العرب مكبا للنفايات والذي ألحق الضرر الماحق بالزرع والضرع .. دون أن يسمع الشعب العراقي أن الحكومة أو الساسة قد اتخذوا إجراءا ناجعا واحدا لمواجهة تلك المخاطر .. .
2 . ما كشفته عنه الأيام الأخيرة من فساد في المنظومة الأمنية والحكومية في الجانب الأمني وخصوصا فيما يتعلق باختراق الجهات الأمنية وتسريب الأسلحة والمعدات اللوجستية الى المعتقلين من عناصر وقيادات القاعدة والإرهاب الى داخل المعتقلات والسجون والذي مكنهم من إدارة العمليات الإرهابية الإجرامية من داخل السجون وتنفيذهم لمجزرة بشعة وبأسلحة الدولة في سجن التسفيرات في الرصافة تلك الحالة التي أجبرت رئيس الحكومة ولأول مرة بالإقرار علنا بتفشي الفساد .. كما أن ما رشح لحد الآن على لسان رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب ولجنة تقصي الحقائق المشكلة من أعضاء في البرلمان بشأن تهريب عناصر إجرامية تنتمي الى تنظيم القاعدة من السجون العراقية في البصرة ( القصور الرئاسية ) وما صرح به رئيس مجلس النواب في هذا الجانب كشف وعلى نحو فاضح أن الفساد تغرق في مستنقعاته جهات قريبة من مركز القرار في الحكومة .. .
3 . كشفت عملية التصويت على اختيار 3 نواب لرئيس الجمهورية دون سند دستوري بل وخرقا فاضحا للدستور عن إن الأمور تجري في العراق من قبل الأطراف السياسية على أساس : أن الأمر الوحيد المحترم في العراق هو مصالح وأغراض أولائك الساسة .. دون اعتبار وبأية درجة للدستور أو الشعب العراقي أو مصالحه أو همومه .. .
4 . عودة التراشق بين الأطراف السياسية في العراق .. ومبعث الخطر في هذا الجانب إن تلك الأطراف قد عودتنا أن تراشقها ينتهي دائما الى تحريك العناصر الإرهابية لإشاعة القتل والتفخيخ والتفجير لقتل الناس ، وسواء كان الأمر ناجما عن صلة بعض الأطراف السياسية في العراق بجهات الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر ، أو لأن الإرهاب يستغل حالة التراشق تلك فيصعد من العمليات الارهابية بقصد إشاعة الفوضى وتوظيفها لإغراق البلاد في الفوضى .. .
5 . الأيام حبلى بما يشكل سببا مباشرا في تفجير الموقف بين الأطراف السياسية المشار أليها وأيضا يشكل مسوغا للجهات الارهابية لتفجير الموقف .. اعني موضوع الانسحاب الأمريكي من العراق ..إذ أن الجانب الأمريكي يلح على الحكومة في توضيح موقفها : هل تريد فعلا انسحاب القوات الأمريكية طبقا للمعاهدة المبرمة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية..؟ ..أم أنها تريد بقاءها..؟ ..وتطلب أن تكون الإجابة خلال أسبوع واحد .. بعض الأطراف تسعى لاستبقاء القوات الأمريكية في العراق للاستقواء بها وفرض سطوتها على الآخرين ، وبعض الأطراف تسعى لاستبقاء الوجود الأمريكي بقصد استغلاله مبررا لتوطين الإرهاب وتنظيم القاعدة في العراق ، والبعض الثالث يسعى لاستبقاء الوجود الأمريكي لإدامة وصم الحكام في العراق بالعمالة للأجنبي الأمر الذي يسهل عليهم إسقاطهم والوثوب الى السلطة ..
6 . في نفس الوقت فان الساسة في العراق والحكام منهم على وجه الخصوص قد بالغوا في الفساد وتخطى فعلهم في هذا الجانب كل الخطوط الحمراء منها والسوداء على حد سواء .. .
7 . شكل التخلف والجهل بالحقوق والانغماس في مستنقع الطائفية والعرقية الظهير الدائم لأولئك الساسة للإيغال في الفساد فاطمأنوا الى العجز شبه التام للشارع العراقي في أن يرتقي إلا من أنفار ليكون بمستوى نظراءه في المنطقة فيقلب حساباتهم ، وحتى العديد من المثقفين والكتاب لم يتجاوزوا الذي فيه يغرق الشارع فهم كالذي يمشي في الطين عندما ينقل قدمه تنخلع من فردة حذائه التي تبقى في طين الطائفية والعرقية فيعيد قدمه الى فردة الحذاء .. وهو حائر بين أن يمشي حافيا فيتقدم وبين حرصه على أن يكون منتعلا فيبقى مسمرا في مكانه وان بدا وسطه ورأسه يتحركان..فتجده يتكلم بالليبرالية والحداثوية.. ولكنه مع كل فارزة يعيد قدمه الى موضعها الغارق في الطين .. طين العرقية أو الطائفية ..! لأنه لم يألف المشي حافيا ولا.. نغزات العاكول .. وفي نفس الوقت يريد هاته وتلك ..
8 . في مجال الفساد في العراق فانه وفي أغلب الأحيان تثار حجة عدم التمكن من تهيئة أسانيد ارتكابه بما يكفي لإدانة مرتكبيه قضائيا رغم أنها مجرد حجه .. ولكن هل أن تلك الحجة قائمة في مجال خرق الدستور ..؟ لا طبعا .. فخرق الدستور لا يتم إلا بفعل بائن أو قرار أو قانون مخالفان للدستور ..وفي الحالة الأخيرة فان القرار أو القانون هو بحد ذاته سند ودليل قطعي في حالة مخالفته للدستور وهو أيضا ليس سريا فيشكل البحث عنه حائلا ..
9 . وكمثال على ذلك هو : ما تم التصويت عليه في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب باختيار 3 نواب لرئيس الجمهورية .. وفي هذا الجانب أشير الى الآتي : .ـ الموقف الشعبي.. مغيب .. .
ـ إما عن موقف المثقفين فتراوح بين : مقالات التهكم والسخرية التي ( لا تودي ولا تجيب..) .. أو الاعتراض على شخص واحد هو السيد خضير الخزاعي ، وهو أيضا موقف لن يتوقف أحد للمرور عليه أحد .. أو ان البعض يشير الى التكاليف والأعباء المالية المترتبة على وجود تلك المناصب ..وكأن الهدر المالي والعبث بموارد الشعب توقف عند هذا فحسب ..!. .
ـ لا بل أن بعض الكتاب ذهبوا الى ابعد من ذلك .. يرفعون توجيهات المرجعية الدينية قميصا ..فيقولون أن توجيهات المرجعية كانت تقضي بعدم التوسع في مثل تلك المناصب ..فلماذا لا يتقيد الساسة والحكوميون بتوجيهات المرجعية .. ؟!.. وللقائلين بهذا .. أقول : أنت 24 ساعه تطالب بإبعاد المرجعية عن السياسة وبفصل الدين عن السياسة وتسمي الأحزاب الحاكمة بالأحزاب الدينية والمتأسلمة .. فهل أن اعتمادك عدم التزام الساسة بتوجيهات المرجعية كحجة على الساسة يستقيم مع تلك الدعوات ..؟ أم أن الأمر ينبغي أن ينظر أليه وفقا لمعيار آخر ..؟ هو مدى تطابقه أو خرقه للدستور ..؟ الدستور عقد ملزم بينك وبين هؤلاء الساسة وخرقه تترتب عليه مسؤوليات قانونية قد تودي بأحد الطرفين الى السجن .. في حين أن المرجعية دورها نصح وإرشاد والنصح والإرشاد لا تترتب على عدم الأخذ به مسؤوليات قانونية ولا حبس ولا سجن .. والدين كل الدين عقد بين الخالق وعبده وعندما يخرق العبد ذلك العقد وتعترض عليه .. يسارع لأن يقول لك : أنت لست طرفا في العقد .. إنما هو بيني وبين ربي ..! فمالك أنت ..؟.. .
10 . ما الذي يتوفر عندي ..؟ : .
أ : الفعل المشكوك في مخالفته للدستور هو: .
1 . اختيار رئيس الجمهورية ..
2 . اختيار 3 نواب لرئيس الجمهورية .. .
ب : النص الذي احتكم أليه في معايرة الفعل المشكوك في دستوريته مع أحكام الدستور : . المادة (138) من الدستور تنص على الآتي : . (أولا :ـ يحل تعبير (مجلس الرئاسة) محل تعبير (رئيس الجمهورية) أينما ورد في هذا الدستور، ويعاد العمل بالأحكام الخاصة برئيس الجمهورية، بعد دورةٍ واحدةٍ لاحقةٍ لنفاذ هذا الدستور.) .. . (ثانياً : أـ ينتخب مجلس النواب، رئيساً للدولة، ونائبين له، يؤلفون مجلساً يسمى (مجلس الرئاسة)، يتم انتخابه بقائمةٍ واحدة، وبأغلبية الثلثين.).. وفي المادة (69)منه على الآتي : .
(أولاً :ـ تنظم بقانونٍ، أحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية.).. .
( ثانياً :ـ تنظم بقانونٍ، أحكام اختيار نائبٍ أو أكثر لرئيس الجمهورية.).. .ج : مخالفة الدستور : .
ج.1 . لم يتم لغاية تاريخه تشريع قانون خاص بأحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية تنفيذا لما ورد في أولا من المادة 69 ..أعلاه .. ولم يتم لغاية تاريخه تشريع قانون خاص باختيار نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية تنفيذا لنص الفقرة ثانيا من المادة 69 .. أعلاه ..مع ذلك تم تنصيب رئيس جمهورية ونائبين لرئيس الجمهورية .. وحكما البلاد طيلة السنوات الماضية والتي تغطي الدورة الأولى بعد نفاذ الدستور .. وما بني على باطل فهو باطل .. .
ج .2 . تم تنصيب رئيس للجمهورية للدورة الحالية أيضا دون تشريع القانون المذكور تنفيذا للفقرة أولا من المادة 69 من الدستور .. وأيضا تم تنصيب 3 نواب لرئيس الجمهورية دون تشريع قانون تنفيذا لما ورد في الفقرة ثانيا من المادة 69 من الدستور .. وما بني على باطل فهو باطل ..في كل ما ينتج عنه أو يترتب عليه .. .
ج .3 . تم التصويت على 3 نواب لرئيس الجمهورية من قبل مجلس النواب قبل يومين .. فان كان ذلك استمرارا لصيغة مجلس الرئاسة المشار أليها في الفقرة ( أولا ) من المادة 138 من الدستور ..فان الفعل مخالف للدستور لأن المادة 138 ذاتها وضمن الفقرة ثانيا منها حصرت صيغة مجلس الرئاسة بالدورة الأولى بعد نفاذ الدستور فقط ومنع استمرار العمل بها بعد الدورة السابقة وبالتالي فان التصويت على اختيار نواب لرئيس الجمهورية وضمن أي عدد كان يعد مخالفة للدستور.. وفقا لمبدأ الخاص يحدد العام .. في القانون ، فان قلت مثلا : أن الدخول الى المنطقة الخضراء مسموح لشيوخ العشائر من شيخ فخذ فما فوق .. ولرجال الدين من طلبة الحوزة فما فوق على أن يكون عمره 30 سنه فما فوق ..عدا أيام الجمع فان الدخول الى المنطقة المذكورة يكون محظورا .. فان هذا يعني أن الخاص وهو حظر الدخول يوم الجمع يبطل العام وهو الدخول وان توفرت شروطه يعني العمر والدرجة المشيخية والدرجة الدينية ( يوم ألجمعه ممنوع ..والسلام ) ..وقد ارتكب الخرق الدستوري كلا من : المستفيدين الى جانب من صوت من النواب على تعيين أو اختيار أو انتخاب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة لأن الدستور يقول : مجلس الرئاسة ينتهي العمل به بانتهار مرحلة واحدة بع نفاذ الدستور والتي انتهت قبل سنه .. .
ج .4 . في حالة الادعاء بان منطوق صيغة مجلس الرئاسة الوارد في الفقرة أولا من المادة 138 من الدستور إنما ينصرف فقط بشان مشاركة النائبين لرئيس الجمهورية في التوقيع على القرارات بالإجماع حصرا بمعنى أن امتناع أي من الثلاثة : الرئيس أو أي من النائبين عن التوقيع على أي قرار جوهري صادر من رئاسة الجمهورية يجعل منه غير ذات قيمه ، وخصوصا في مجال المصادقة على مشروعات القوانين التي تشرع من قبل مجلس النواب وتحال الى الرئاسة لغرض إجازتها تمهيدها للعمل بموجبها بعد نشرها في الجريدة الرسمية ..ولا ينصرف ما جاء في المادة المذكورة على عدد نواب رئيس الجمهورية أو اختصاصاتهم أو شروطهم .. وان حصر صيغة مجلس الرئاسة في دورة واحدة بعد نفاذ الدستور ( وهي الدورة السابقة ) فانه في هذه الحالة فان أي من نواب رئيس الجمهورية الثلاثة المصوت عليهم ليس من حقه أن يقول : أنا امتنع عن التوقيع بالمصادقة على أي مشروع قانون محال من مجلس النواب الى رئيس الجمهورية ولن يطلب منه التوقيع بل يتم الاكتفاء بتوقيع رئيس الجمهورية ..لأن صيغة (الترويكا) انتهت بموجب الدستور .. وفي هذه الحالة أيضا فان اختصاصاتهم وواجباتهم أمر يحدده رئيسهم لعدم وجود وصف عمل .. ( job desecration ) لهم في الملاك ..وقد يحدد واجباتهم بحمل حقائبه في الايفادات .. وقد يسمي منهم نائبا أول وثان وثالث ..وقد يميزهم بالأرقام على غرار تسمية ألقذافي لعناصر حمايته بـ : عائشه 1 ، عائشه 2 ، عائشه 3 ، عائشه 101 ... ومن حق ومن واجب مدقق ديوان الرقابة المالية عند تدقيق رواتبهم ..تسجيل مخالفة هي : لا يوجد قانون تم الاستناد أليه في تعيينهم مع كتابة ملاحظة تقول نطالب بتضمينهم والآمر بالصرف بما صرف لهم أو عليهم بالتضامن فيمابينهم وفقا لقانون التضمين النافذ ... .
11 . وعليه ومادام الساسة في العراق لا يتورعون عن انتهاك الدستور ، ومادام ضبط تلك الخروقات واضح وظاهر وبائن فيما يصدرون من قرارات وقوانين ، ولأن عبء الإثبات في هذه الحالة أسهل من السهل نفسه فلا يحتاج المرء الى أدلة أو وثائق تثبت الفعل ..أنما مجرد وثيقة القرار أو القانون أو الإجراء المخالف للدستور .. الى جانب تحريك دعوى أمام المحكمة الاتحادية لنقضه .. ولتوفر الخبرة لمثل هذه الممارسة سابقا حيث أقام الخبير القانوني السيد إسماعيل علوان التميمي دعوى على رئيس جلسة السن في مجلس النواب السيد فؤاد معصوم قبل أشهر أمام المحكمة الاتحادية وكسبها بالفعل .. فاني أهيب بالمثقفين العراقيين دعم منظمة المجتمع المدني المختصة بحماية الدستور أو السيد إسماعيل علوان التميمي نفسه والمساهمة في تكاليف ومصاريف الدعاوى التي تقام أمام المحكمة الاتحادية العليا أو أية جهة قضائية مختصة داخل وخارج العراق .. لهذا الغرض مع الطموح بمساهمة المختصين في القانون من المتطوعين العراقيين لحماية الدستور العراقي والذي قد يشكل مدخل مشروع وحضاري وليس فيه أية رائحة لما توصم به المظاهرات من قبل الحكومة من أوصاف ..كما انك عندما تحمي الدستور من الخرق والانتهاك فانه يعني حماية شعبك وحقوقك ..
5 / 2011 ..