موسى فرج
الجمعة 14/1/ 2011
قالها الشابي ونفذها الشعب ..فهل يسرقها الفاسدون ..؟موسى فرج
قبل أكثر من أسبوعين تفجرت قنبلة صغيرة في مدينة سيدي بو زيد التونسية كانت انتحار شاب تونسي احتجاجا على البطالة وعدم توفر فرص عمل .. تناقلت وكالات الأنباء الخبر كطرفة من باب الغرابة أو من باب ممارسات الاحتجاج المدني .. حالات الانتحار أمر شائع في العالم يجري على مدار اليوم فلا يأبه به أحد ..
لكن حالة سالم البوعزيز الذي احرق جسده منتحرا احتجاجا على البطالة والفقر والفساد كانت غير ذلك .. فقد انتفض أبناء مدينته سيدي بوزيد احتجاجا على البطالة والفقر والفساد .. واتسعت الانتفاضة لتمتد إلى مدن تونسية أخرى .. وأخرى واتسع الحريق ليشمل تونس برمتها ، وتنادى مثقفو تونس والتحموا بفقرائها .. وتنادى معهم الذين في الخارج منهم ..
حاول النظام قمعها وألقى الرئيس عبارات الوعيد والتهديد لكن الحريق لم يخمد ولا الجذوة انطفأت .. سقط قتلى .. لم ينثني التوانسه .. تعثر جرحى .. لم يتوقف التوانسه.. أجرى الرئيس تغييرات مخادعة في حكومته .. لكنه لم يفلح في ثني التوانسه عن انتفاضتهم ضد البطالة والفساد والفقر .. البركان التونسي الذي بقي خامدا كل تلك العقود منذ بو رقيبه .. فلم يسمع الناس عن تونس إلا تونس الخضرا .. ذات البيوت البيضاء .. تونس السياحة ومهرجانات قرطاج .. وتونس عليا التونسية ..
ثارت تونس .. كانت لافتاتهم مجرد قصاصات ورق كتبوها كل بنفسه .. نريد خبز وماء .. زين يلا .. بدلا من ان يستكينوا أو ينخدعوا تحول هديرهم إلى طرد الرئيس وإسقاطه .. حاصروا وزارة الداخلية مطالبين بإطلاق سراح الهمام رئيس حزب العمال الشيوعي التونسي الذي احتجزته الحكومة بسبب تصريح قاله للإذاعة البريطانية يوضح فيه مطالب الشعب .. قالت الحكومة ان المنتفضون حاولوا اقتحام الداخلية لإخراج بن همام عنوة .. وقالوا ان بعضهم تسور جدران الوزارة .. صدح صوت بن همام من الفضائيات يقول لقد أطلقوا سراحي قبل ساعة ونصف وكنت ورفيقي في الزنزانات نسمع الهتافات وهتاف زوجتي .. ووجه نداء إلى الشعب بمواصلة الانتفاضة والمباشرة بإقامة مجالس في المدن والقرى من كل الشعب دون تمييز لإدارة شؤونهم وحماية نصرهم من السرقة ..
صدح صوت إسلاميي تونسي يقول ليس لمنظمتنا المحظورة مطالب خاصه مطالب الشعب مطالبنا ولا ندعي وصايتنا عليه .. أعلن ان خبرا مهما سيذاع .. تباطأ الوقت .. أعلن عن هروب الرئيس إلى خارج البلاد .. لقد هرب بحماية ليبية إلى مالطا .. الدكتاتوريون يحمي بعضهم الآخر .. طوال ساعتين والجميع بانتظار خبر هام سيذاع .. توقعته الناس إما استيلاء الجيش على السلطة بانقلاب عسكري وهو ما لا يريده الناس أو تولي رئيس مجلس النواب السلطة للتهيئة لانتخابات تشريعية ورئاسية ..
ظهر ثلاث رجال ليعلنوا الخبر الهام .. خلت الشوارع إلا من الجيش الذي رابط فيها بعد فرض حالة الطوارئ ومنع التجول .. تلا الرجل الذي يقف في الوسط البيان : استنادا إلى المادة رقم 56 من الدستور والتي تنص على انه في حالة عدم تمكن الرئيس من ممارسة صلاحياته بصورة مؤقتة فله ان يفوض صلاحياته بصورة مؤقتة إلى الوزير الأول ( رئيس الوزراء ) وعليه فاني أنا محمد الغنوشي بصفتي الوزير الأول أعين نفسي لتولي صلاحيات الرئيس ..
سرق النصر..! .. لأنها خديعة فالرئيس لم يكن غائبا في اجتماع مؤتمر قمة عربية فيفوض.. ولا يمر بوعكة صحية فيفوض .. الرئيس هارب ولم يعد رئيسا فكيف له ان يفوض .. غدا ومع بزوغ الشمس سيقول التوانسة قولتهم فإما وهو الأغلب أنهم حفظوا عن ظهر قلب قصيدة الشابي وخرجوا صباح غد يهدرون :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر
ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر ..ويكونون عند ذلك قد علموا العالم درسا وخصوصا للناطقين بالضاد ان الشعب ان أراد الحياة فان سالم بو عزيز يكفي لإشعال الانتفاضة على ان يكون المحيط بسالم البو عزيز ليس رطبا ولا ممطورا فلا يشتعل .. وليس مشتتا فيحترق كل بمعزله بعيدا عن الآخر ..
فان 200 ألف يكفي لإسقاط نظام وهرب طاغية .. وان الفساد أبو البطالة وأبو الفقر هو الأوكسجين الذي يمد الانتفاضة بالبقاء ويتصاعد أوارها ..
في بلدي قلت قبل ثلاثة أيام لحكوميين ونقل كلامي من قبل بعض وسائل الإعلام ان معاناة الناس في تونس والجزائر لا تعادل 10% من معاناة الشعب العراقي من الفقر والبطالة والفساد .. ألا تخشون انتفاضة الفقراء والعاطلين عن العمل ..؟ هو درس لأنظمة الطغيان ان لا تأمنوا غضب الشعوب .. ودرس للمثقفين في كل البلاد ان توحدوا .. تكاتفوا .. تقاربوا ..
مرحى لشعب تونس ..
ومرحى لأبي القاسم الشابي ..
ومرحى للمثقفين التونسيين
ولأسم سالم البوعزيز الخلود ..