| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 13/6/ 2012 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
رد ليس الأخير على الأستاذ جاسم الحلوائي
موسى فرج
استأثر الحوار الذي يعود الفضل في إثارته للأستاذ جاسم الحلوائي باهتمام عدد من المثقفين وكتبت عنه مقالات رصينة من بينها مقالة الدكتور رعد عباس ديبس تحت عنوان (تداخل على الحوار بين الأستاذ جاسم الحلوائي والأستاذ موسى فرج ) وأيضا التعقيب المهم والتفصيلي للأستاذ المؤرخ حامد الحمداني والمداخلات القيمة للأستاذ حمودي جمال الدين والدكتور جعفر المظفر إلى جانب تزامنه مع مقالات تناولت الموضوع ذاته بصراحة لم أعهدها سابقاً وخصوصا مقالة الأستاذ حمودي جمال الدين ( الفيدرالية ..هاجسنا.. المرعب ..)
اهتمام المثقفين العراقيين بمثل هذا الحوار في تقديري يعود إلى الأسباب التالية :
1 . لأن موضوع الفيدرالية والقضية الكردية بالذات موضوع مفصلي ويكاد يكون المحرك الرئيسي في الأحداث السياسية في العراق وعامل أساسي ومهم في الأزمة السياسية الحالية ..
2 . غالبية المثقفين العراقيين يهمهم جداً الوقوف على موقف الحزب الشيوعي من هذه القضية .. بعدما كثر اللغط بان الحزب ذهب بعيدا في تأييده الساسة الكورد دون أن يأخذ بنظر الاعتبار التحول الانقلابي في القضية الكردية.. حتى أن موقفه في هذا الجانب بات يفسر ومن قبل أوساط واسعة بالممالأة وبات يخسر من وسطه لهذا السبب بالذات بقدر ما كان يكسب بسببه في الماضي ..
وقبل أن أشير إلى طبيعة التطور الانقلابي في هذه القضية فانه من المناسب التذكير بنقاط جوهرية ذات صله هي الآتي:
2.1. في العراق ومنذ تأسيس الحزب الشيوعي العراقي ولحد تاريخه لا توجد طبقه عامله مكتملة البناء محددة المعالم بسبب الطابع الزراعي للاقتصاد العراقي ومن ثم الاقتصاد الريعي المعتمد على موارد النفط هذا يعني أن الوسط الذي يتحرك فيه الحزب الشيوعي العراقي لم يكن الطبقة العاملة فقط إنما شريحة المثقفين من موظفين وطلبه ونساء وهم الذين شكلوا العمود الفقري للحزب وكوادره وقياداته منذ تأسيسه وأيضا حاضنته وهؤلاء لم تكن قد اجتذبتهم الأيدلوجية بالدرجة الأولى بقدر ما اجتذبتهم مواقف الحزب من القضايا الأساسية التي تهم الشعب ومن بينها الموقف المناهض للدكتاتورية والاستبداد والموقف المناهض للظلم والاستغلال والموقف المناهض للشوفينية عموما والموقف الساند للقضية الكوردية والموقف المساند للمرأة والموقف من الثقافة والفن ..الخ ..2.2 . في الفترة التي تلت سقوط نظام صدام تصدرت القضايا السياسية بقية القضايا بسبب فسحة التعبير عن الرأي وبسبب الفوضى السياسية التي تجتاح البلد .. ولأن الدولة هي المالك للثروة والمال ووسائل الإنتاج فان موضوعة الفقر وتدني الوضع المعاشي لم تعد تربط مباشرة بالصراع الطبقي إنما بسياسات الحكومة كل ذلك أدى لأن يكون الموقف السياسي من القضايا الهامة من قبل الأحزاب والجماعات والأفراد هو البوصلة التي يهتدي بها الآخرون اليها سلبا أو إيجابا .
2.3 . يوجد حالياَ موقفان من الحزب الشيوعي العراقي ..
الأول : موقف مناهض ويمثله المنسلخون من الحزب سواء بصيغة انشقاقات .. أو بصيغة أفراد باتوا ربما سماحات وآيات في أحزاب أخرى ، طبعاً عدا الاعداء التقليديين ..
الثاني : موقف حاضن للحزب وهو هذه الجمهرة العريضة من الديمقراطيين سواء منهم شيوعيين سابقين أو يساريين أو ديمقراطيين أوليبراليين أو علمانيين .. هذه الجمهرة تشكل احتياطي مضمون له ولكن بوصلتها في التعامل سلبا أو إيجابا معه يعتمد على موقفه السياسي ..
3 . الموقف السياسي للحزب الشيوعي من القضية الكردية في الوقت الذي كان يشكل احد العوامل الجاذبة للحزب في السابق فانه في السنوات الأخيرة تحوّل إلى عامل طارد .. فوصف موقفه بالممالئ والتابع للأطراف السياسية الكردية .. وهو ليس انطباع شخصي من قبلي وإنما أوضح من نار على علم .. من هذا المنطلق ولهذا السبب بالذات ربما أردت أن يحدد الأستاذ جاسم الحلوائي بنفسه صفته السياسية والحزبية ليوضح وعلى نحو دقيق موقف الحزب في هذا الجانب وأسبابه ونمارس من خلاله تنبيه الحزب إلى هذه النقطة بشكل غير مباشر.. ولهذا السبب وليس غيره كتبت الآتي : (موسى فرج : شغله ديمقراطي ، وجاسم الحلوائي شغله (يسأل عنه) كي يكون مختاراً بين أن يقول : أنا ديمقراطي وفي هذه الحالة ما يكتبه يمثل رأيه فقط أو أن يقول أنا شيوعي وفي هذه الحالة يكون كلامه ممثلا لوجهة نظر الحزب .. وليس كما عرض صاحبي وصديقي من أني أتجاهل تاريخه السياسي أو أتعامل معه كـ ( نكرة ) حاشاه.. كيف يظنني بهذا الحال من ضيق الأفق ..؟ معقوله ..؟ وكيف يظنني بهذه الغفلة فلا أعرفه .. وعندما أشير إلى أنه من كوادر الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1954 ولازال فانه إقرارا وتعظيما لتاريخه الشخصي وعندما أضيف لها (عفية قرصاغ) فان ذلك يعني تلوين المعلومة كي أجذب الانتباه إليها خصوصاً وان بعض الأصدقاء سبق إن وصفوا طريقتي في الكتابة بأنها تشبه طريقة المرحوم شمران الياسري ..
4 . الآن وقد دخل صاحبي الحمام بقدميه فان دخول الحمام ليس مثل خروجه.. وما دام هو الذي بدأ فكتب مقالا أشار لي فيه صراحة فرددت عليه فكتب هو فرددت فكتب هو وجاء دوري فان قراره بان يكون الرد الأخير.. يشمله هو ولا يشملني لأن دوري كان رد فعل وليس فعل.. وفي الفيزياء التي لم يختص بها صديقي فان رد الفعل لا لوم عليه... فهل ينتظر أن يكون جوابي على إشاحته وغلظته المفرطة أن أقول له :
أبا هندٌ فلا تعجل علينا ... وانظرنا نخبرك اليقينا
بانا نورد الرايات بيضاً ... ونصدرهن حمراً قد روينا
لا .. أنا لا أقول له هذا وان كنت قادر عليه لأن ذاك عمر بن كلثوم في حين أنا ديمقراطي ومبدأي ومن ينازلني فلينازلني في هذا.. لم أتجاوز على صديقي الحلوائي على الإطلاق وان وردت في مقالتي بعض المفردات باللهجة الشعبية فهي طريقتي وقد شبهها بعض من اصدقائي بطريقة المرحوم شمران الياسري كما أشرت وما كتبه ضدي من تجاوز لن يضيرني فبيتي مثل بيت الفيتوري ولكن على صديقي أن يجيب بوضوح ودون تناقض على الأسئلة أدناه فان امتنع فان من مصلحة الحزب الشيوعي العراقي أن ينتدب من يتولى الإجابة لدرء التهمة عنه بالممالأة والتبعية :
الأستاذ العزيز والمرموق جاسم الحلوائي أرجو منك أن توضح موقفك كشيوعي عراقي من القضايا أدناه وبشكل واضح لطفاً :
1 . القضية الكردية تطورت من الديمقراطية للشعب والحكم الذاتي للكورد.. وكان موقف حزبكم في تلك المرحلة متقدما على مواقف الآخرين ويعبر عن الموقف الأخلاقي للأوساط المثقفة العراقية .
2 . تطورت القضية الكردية لتتجاوز الحكم الذاتي وبات مطلبها الفيدرالية والأوساط التقدمية العراقية من غير الكورد احتضنت هذا وتبنته .
3 . في الوقت الذي وضعت النصوص الدستورية مُرحلة من قانون إدارة الدولة الذي صدر قبل الدستور وطبقا لرغبة الساسة الكورد .. فان القائم حاليا على الأرض يتجاوز صيغة الفيدرالية إلى الكونفدرالية .
4 . مع ذلك تطورت القضية الكوردية إلى المناداة بالانفصال عن العراق .. مع وجود واقع على الأرض يتجاوز الفدرالية.. ومع غياب الاضطهاد للقومية الكوردية من قبل النظام السياسي الحالي ..
أنا أسالك بصفتك شيوعياً :
1 . هل أن القضية الكوردية تواجه نفس الظروف التي كانت تواجهها يوم كنا نعتبرها قضية كل العراقيين الوطنيين التقدميين ونهفو إلى حزبكم يوم كان يقف إلى صفها .. أم أنهم اليوم يحكمون أنفسهم ولهم القدح المعلى في حكم العراق ..؟.
2 . مع ذلك يهدد السيد البرزاني يوميا بالانفصال مع عدم وجود الظروف الملجئة لذلك.. وتنادي أنت أيضا ً بانفصال الكورد مع عدم وجود الظروف الملجئة لذلك .. ولم ننكر عليكم ذلك لا أنت ولا السيد البرزاني ونقول لكم انفصلوا يا أخي .
3 . أنت تستشهد بالفيدرالية الأمريكية .. في أمريكا توجد الشرطة الفيدرالية لها العلوية على الشرطة الإقليمية وكذا (الأيف بي آي) وكذا المحكمة الفيدرالية وكذا المدعي العام الفيدرالي وكذا البنك الفيدرالي والجيش الفيدرالي والبحرية الفيدرالية ووو.. هل أن هذا قائم في فيدرالية العراق حالياً..
4 . أنت تستشهد بالفيدرالية الأمريكية لتنكر على المحافظات التمتع بأي نوع من الفيدرالية وان كانت إدارية .. وتعتبره حق تختص به القوميات دون غيرها ..أمريكا كما تعلم بلد مهاجرين وهذا يعني أن كافات القوميات في الكوكب لها وجود فيها فهل سمعت أن الولايات الأمريكية الفيدرالية مقامة على أساس ولاية للقومية الصينية وأخرى للأفريقية وثالثة للايرلندية وخامسة لمن هم من أصول ايطاليه أو اسبانية أم أن الولايات الفيدرالية قائمة عندهم على أساس جغرافي إداري لا علاقة له بالقوميات ..؟. فلماذا تعتبر ذلك كفرا في العراق ..؟
5 . أنت تقول أن الفيدرالية تشمل القوميات فقط ولا تشمل الجغرافيا والإدارة .. الآشوريون أليسوا ورثة الإمبراطورية الآشورية ، الكلدو أليسوا ورثة الإمبراطورية الكلدانية هؤلاء مذاهب أم قوميات ..؟ هم أعلنوا عن طموحهم المشروع في إقامة إقليم ضمن الفيدرالية العراقية يشمل أقضية الحمدانية والشيخان وتلكيف من محافظة نينوى ومناطق عقره وعينكاوه وأجزاء من زاخو ودهوك واربيل.. هل تدعم مطاليبهم ..؟ أعرض عليّ بيان من الحزب يدعم ذلك ويدعم خيارهم في أن يكونا ضمن كردستان أو الحكومة المركزية أو خارجهما معاً ... الست القائل بان جميع القوميات صغيرها وكبيرها لها حق تقرير المصير ..؟.. أليس التركمان قوميه ..؟ البارحة أعلنوا عن رغبتهم في إقامة محافظتين في تلعفر وطوزخورماتو.. أعرض عليّ بيان من الحزب يساند مطالبتهم..
6 . أنت تدعم حق الانفصال للكورد ليس باعتباره درءً للمظالم والتهميش وإنما باعتباره خياراً لتأكيد الذات هل تنفي تعرض عراقيين كلدو وآشوريون وسريان لمصادرة أراضيهم في إقليم كردستان حاليا وفي محافظة نينوى أنقر كما تطلب مني على الحاسوب وفي نفس المواقع التي تنشر فيها مقالاتك لترى بنفسك وقل لي هل أن الفرص متكافئة هناك وعلى أساس المواطنة..؟
7 . أنت تقول أن القوميات التي تستحق تقرير المصير هي التي تقع في أطراف الدول .. فهل أن العبرة بذلك أم العبرة بالاضطهاد والظلم ..؟ وعندما قيل لا يمكن أن تستحق اريتريا الانفصال لأن الحبشة ليس لديها طريق للبحر إلا من خلالها .. هل صمد هذا المبرر ..؟.. أمام استقلال اريتريا..؟
8 . أستاذ جاسم الحلوائي : القضية الكردية تطورت كثيرا عن الوضع الذي كانت تعتبر فيه قضية الوطنيين والتقدميين العراقيين لأنه حتى تقرير المصير بات متاحا .. في هذه الحالة سأقول لك الذي حصل :
أولا : خسر الكورد الجماهير المساندة لهم تقليديا من أوساط الشعب العراق باستثنائك والحزب .. وباتت تلك الأوساط الشعبية تنظر للساسة الكورد بوصفهم جهة ابتزاز ..
ثانياً : أنت والحزب خسرتم قاعدتكم الشعبية وبات ينظر لكم بوصفكم ممالئين وتابعين لبعض الساسة الكورد ..
ثالثاً : بإمكان الساسة الكورد أن يتجاوزوا هذه التهمة عندما يقولون أننا لا نسعى للفيدرالية ولا للكونفيدرالية إنما نسعى للانفصال لكننا لنا أراضي اغتصبها نظام البعثيين من خلال سياسة التعريب وإلحاق وحدات إدارية كردية بمحافظات عربيه .. وأنا شخصيا كمواطن عراقي كتبت في المقالة موضوع الحوار : يمكن اعتماد الحدود الإدارية في عام 1958 وفي حينه لا تعريب ولا محافظات ولا شيء من هذا القبيل .. وعندما يطرح الكورد مثل هذا الطرح ويقولون من هذا اليوم إن أقررتم لنا بذلك سننفصل .. في هذه الحالة لا يمكن وصفهم بالمبتزين ويساندهم كل التقدميين الديمقراطيين.. مثلما ساندوا قضيتهم في مراحلها الأولى .
لا يحق لك أو غيرك أن تتهمني أو غيري بأنني تخليت عن تقدميتي لأني أقول هذا فالتقدمية موقف ومبادئ والتزام قضايا وليس التزام شخوص أو أسماء .
الآن .. براحتك يمكنك التوقف عن الرد أو مواصلته فأواصل ولكن قبل الآن .. لا يجوز فيزياويا فالذي كنت امارسه رداً وليس فعلاً .. لكن الذي اعرفه أيام زمان أن الشيوعيين كانوا يصطنعون المناقشة في المقاهي والقطارات ليحفزوا الآخرين على توجيه الأسئلة لهم ليوضحوا آراءهم .
كل التحايا لكم وللقراء الأكارم ..