موسى فرج
ما لم يغادر الشباب العراقي ثقافة الطائفية ويواجه الفساد ..لن يحقق شيئا..صدقوني !
موسى فرج
نشرت احدى الفضائيات العراقية أمس ان الشباب والاوساط الشعبية الروسية خرجت في مظاهرات احتجاجية في قلب موسكو ..وأطلقت على مظاهراتها : ثورة الغضب ..! انها التسمية ذاتها التي ابتكرها الشباب العربي فلم يعد الشباب العربي مستهلكا بل صار منتجا ..! ولم يعد مستوردا بل بات مصدرا ..!اذن لم يعد بمقدور الاطراف الرجعية والحاكمة والفاسدة العربية بعد اليوم ان ترفع عقيرتها في وجه دعاة التغيير في الدول العربية كما اعتادت ان تفعل طيلة عقود من ان تلك الاطراف تتبنى افكارا مستورده..؟ فقد باتت جذوة الثورة المسجلة براءة اختراعها باسم محمد البو عزيزي والشباب التونسي والمصري واليمني والليبي والسوري والاردني والبحريني والعراقي وحسمت الامر في تونس ومصر وأثبتت نجاحها الساحق وهي تجتاح العالم اليوم وبلغت في بواكيرها ساحات الصين وتضرب اطنابها اليوم في المدن الروسية ليس ذلك فقط بل انها غيرت نظرة الشعب الامريكي تجاه العرب فقد أعلنت نتائج استطلاعات الرأي العام الامريكي ازاء ما حصل ويحصل في الدول العربية حاليا من ثورات الغضب الشعبي فكانت نتائج الاستطلاعات مذهله .. (70% من الامريكيين يؤيدون الانتفاضات والثورات الشعبية في الدول العربية حتى وان تعارضت نتائجها المباشرة مع المصالح القومية الامريكية .. كونها تتيح للشعب الامريكي مستقبلا التعامل مع انظمة حكم ديمقراطية ونزيهة في العالم العربي ..)..
ولأول مرm في التاريخ الامريكي ترتفع اسعار صرف الشعب المصري لتتحدى الغطاء واللوبي الصهيوني المسيطر باحكام على ذهنية المجتمع الامريكي فتتعادل النظرة الامريكية المجتمعية للمصريين والاسرائيليين ، وينظر لهما بنظرة تعاطف متساويه .. .
اثناء ثورة الغضب المصرية كنت قد كتبت مقالا حددت فيه من وجهة نظري المتواضعة الشروط الاساسية الواجب توفرها في ثورة الغضب الشعبية لضمان نجاحها وفي مقدمة تلك الشروط اعتمادا على متابعة دقيقة لمجريات ثورتي تونس ومصر الآتي :
1 . وضوح ووحدة الهدف : فليس من الحرية وضمان العيش الكريم من مطلب تتمحور حوله الارادة الشعبية في أي شعب ومجتمع ودوله ، فالشعب السوي كما هو الانسان السوي يثور في حالتين ..عندما تنتهك كرامته وعندما تنتهك معيشته .. من هو الذي ينتهك الكرامه ..؟ الاستبداد .. ومن هو الذي ينتهك المعيشة ..؟ الفساد ...( ينراد ألها روحه للقاضي ..؟ ..لا.. ). طبعا القاعدة هي ان الشعوب سوية وعاقلة ولكن هذا لا ينفي الاستثناءات فبين طيات الشعوب العاقلة توجد شرائح غير سويه وغير عاقله تجنح بالامور الى ما هو بعيد عن هذا الشرط اقصد وضوح ووحدة الهدف فتثير النعرات الدينية او الطائفية او العرقية مثلما حصل في مصر عندما اغار بعض المتخلفين على كنائس او عندما عمدوا الى تهديم اضرحة او شواهد .. لكن العبقرية الشعبية المصريه تجلت في الوقوف الحازم امام تلك الممارسات وفضحت وعزلت ونبذت مرتكبيها لأن تلك الممارسات تتسبب في وأد الثورة وتفرق الناس .. انت ترى في تلك الأمور مناهضة لواقع التقدم والتطور المعاصر ..؟ فليكن ولكن دون ان تمحق انتهاك الكرامة ودون ان تمحق انتهاك المعيشة لن يتجاوب الناس معك .. وعندها تنحرف عن العدو الرئيسي وهو الاستبداد والفساد لتنشغل بجوانب ثانوية وهامشية لن تتحقق من خلالها نتائج جوهريه او انها تستغرق زمنا طويلا وتصطدم بقناعات من هم رفاقك في الثورة ولكن عندما تمحق العدو الرئيسي الاستبداد والفساد وينعم الناس بالكرامة والعيش الكريم يكونوا طوع بنانك ويتبنون متبنياتك .. كي يحصل التغيير ويتم بنجاح ويستمر عمره عقودا الى ان يترهل.. وعندها تقوم الحاجة للتغيير فيكون هو محل تغيير فاستمرار الحال من المحال ، اما انك تريد لعمر نتائجك سرمديا فهو أمر لم يتحقق للانبياء قبلك فكيف تريده ان يتحقق لك ..؟ فانظر من حولك لو كان الامر غير ذلك لبقيت الموسويه وحدها وما عرفت العيسوية او المحمديه .. رغم ان الثلاثة مدعومة ليس بقرار أممي او من مجلس الأمن .. بل بقرار ودعم الهي ..
نعود الى صلب البحث على رأي قراء المنبر .. انظر صوب البحرين .. انتكست ثورة الشباب فيها وتحولت الى فاجعه ، ليس لأن درع الجزيرة هجم في خسة وهمجية على الثوار فالخسة حالة عامة في نظم الحكم الفاسدة والمستبدة وان لم يكن درع الجزيرة كانت في المشجب دروعا .. ولكن العلة ان الثوار سمحوا باختراق الثورة من قبل الساعين لاجهاضها والمتسببن في وأدها عندما حرفوا اهدافها عن مواجهة الاستبداد والفساد ، الحال نفسه يحصل في العراق ولكن بأدوات أخطر ففي حين كان الاختراق في البحرين تم من قبل الضد وهو النظام الحاكم وامتداده ومن الدخلاء على الثورة باهدافها الاصلية من المحليين أو الاقليميين فان الفيروس في انتفاضة العراق ذاتي وكامن في عقول بعض المنتفضين ذاتهم ..
انا اتابع حوار ونقاشات الشباب العراقي على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي أو الفضائيات والكارثة انه ما ان يبدأ أحدهم حتى تجده بعد لحظات وقد غاص في مستنقع الطائفية او البعثية..! .. ولن تجد في حوارهم غير.. ذاك شيعي صفوي مجوسي وهذا تكفيري وهابي ناصبي..! عجيب ..! أو تجد النواح والأنين على فارس الأمه وفخرها .. عجيبين ..!
طبعا من الموضوعية بمكان الاشارة الى ان جهود مضنية وعظيمة يقوم بها المتنورون وبينهم العديد من الشباب الذين باتوا نجوما لامعة في سماء ساحة التحرير العراقية وسيتوقف التاريخ العراقي يوما عند اسماءهم مليا هؤلاء يستبسلون في مقاومة تلك الثقافة التي لا تسبب المراوحة في المكان دون تحقيق اية نتيجة في مجال التغيير فقط ، انما في توجيه تلك الجهود لوأد بعضها البعض ..
هل ان التغيير عمل عدائي موجه ضد الحكومة او الطبقة السياسية الحاكمة في العراق ..؟ ابدا .. فالتغيير لا يشكل سمة من سمات الحياة فقط انما الفيصل بين الحياة والموت .. فلينظر الحكام الى وجوههم هل هي محنطة ام تتغير ؟ وفي كروشهم هل هي ظامرة أم تتغير ؟ والى جيوبهم هل هي خاوية ام تنتتفخ ..؟ والى عماراتهم هل هي واطئة الكلفة يتيمة ام تتسع وتتفارخ ..؟ والى ذنوبهم تجاه رعيتهم هل هي تتناقص ام تتقيح وتتبشع ..؟ افلا ينظرون الى انها لو دامت لغيرهم ما وصلت أليهم ..؟ وليسمعوا اخبار مثول حسني امام الحساب ووصول جمال وعلاء الى احد السجون المصرية وسوزان مبارك واحدة فقط من فعايلها نهب 145 مليون دولار من حساب مكتبة الاسكندريه .. وأحمد فتحي سرور رئيس حزب مبارك ..
لقد زرت ضمن وفد مصر يوما فارسلونا الى سرور استقبلنا الرجل بسرور ولا زلت احتفظ بمدالية الحزب الوطني التي اهداها لي كان وجه الرجل ولا مواخذة لا يمكن تمييزه عن مومياءات المتحف المصري رغم ابتسامة بلهاء ..
نعود الى بحثنا على رأي قراء المنبر .. فاذن استمرار تمسك الكثرة من الشباب العراقي بالثقافة الطائفية يجعل من امرهم بدد ومن جمعهم محال .. فتذهب ريحهم وتحبط اعمالهم وتموت قبل البلوغ ثورتهم وسيكونون فرجة لاقرانهم من شباب العرب .. اما تمسك البعض بالحنين الى صدام والبعث فمن ناحية صدام لو كان باقي الى اليوم لاشتركت حتى فوركينو فاسو في أي تجمع دولي لمطاردته وتفضلوا اسمعوا الليبيين ماذا يقولون .. انهم يصرخون في مواجهة الكاميرات : ان ظلم ودموية وخسة القذافي مثل ظلم ودموية وخسة صدام .. يعني بات صدام مضرب الامثال في تلك الصفات المنكرة ..! فعلى م التمسك بشبحه وكأنه الموعود المخلص وعلى م النواح على ذكراه وليس فيها الا ماهو منفر ..؟ اما البعث وحل البعث فانظروا ما جرى .. لقد تم حل حزب بن علي وتم حل حزب حسني مبارك ولجان القذافي في سبيلها الى ذلك وحزب بن صالح على وشك فهل ان حل البعث يشكل مصيبة تلطم بسببها الخدود وتشق من جراءها الجيوب ..؟ وبعدين يابه .. ثلثين البعثيين العراقيين نقلوا خدماتهم بناء على طلبهم الى الاحزاب المهيمنة على الحكم حاليا في العراق وباتوا فيها قياديين واضافوا ما استودعه البعث من خبرة فيهم الى احزابهم الجديدة وسيحصلون على شارة الحزب للمرة الثانيه قريبا .. ف على م هذا الحنين ..؟ يا بعض شباب العراق ..؟.. هل بلغكم قول طيب الذكر ابو نؤاس يوم قال :
قل لمن يبكي على رسم درس واقفا ما ضر لو كان جلس ..؟..
غادروا الثقافة الطائفية وانسوا البعث .. تفلحوا.. وتنتقلون من ذيل قائمة الثورات الشبابية الى صدارتها .. لا ادري هل أدمّنا على الذيول .. اشو بالنزاهه احنا بذيل قائمة الشفافية الدولية ! .. بحقوق الانسان احنا في ذيل قائمة الدول !.. بالديمقراطيه ..؟ احنا بذيل قائمة الدول السائرة صوب الديمقراطية على صيغة خطوة الى الامام وخطوتين الى الخلف فما وعينا على انفسنا الا ونحن في اعويريج .. .
2 . الاصرار : الى م تؤول الثورات الشعبية التي اجتاحت المنطقة العربية ..؟ الى اسقاط انظمة الحكم طبعا وليس تجديد البيعة لها .. وقبل ان تؤول الى غايتها فهي ترفع لافتة .. ارحل ..! ولا تصدح باسم القائد .. والرحيل الناجم عن تلك الثورات للحاكم لا يكون مكرما كما حصل مع فاروق يوم ضربت له المدفعية المصرية 21 اطلاقة مدفع في عام 1952 انما يكون على وفق موديل عام 2011 وفيه من الاهانة والاذلال ما يكفي للعاقل ان يرجم السلطة بمقدار عدد الحصى الذي يرجم فيه ابليس في مشاعر منى والمزدلفه .. واذن هل يفكر عاقل بان الحكام يتفرجون على الشباب وهم يمرغونهم تحت الاقدام ..؟ طبعا ..لا.. هل تكرر نموذج سوار الذهب او نيلسون مانديلا في زهدهم بالحكم والسلطه ..؟ ايضا ..لا.. في هذه الحالة هل نتوقع من حكامنا غير الذي حصل في سعيهم لافشال جهود التغيير وخنقها في مهدها وضربها بالقسوة التي شهدتم ..؟ طبعا.. لا .. ولكن فلينظر شباب العراق الى هذه اليمن التي شكلت اعجازا .. الله يا يمن ..الله يا شابات ونسوة اليمن ما اعظمكن .. الله يا شباب اليمن وكهوله ما اروعكم .. الله الله الله .. في الصباح تخرج مظاهرات وفي الزوال تخرج وفي العشية والليل تخرج مظاهرات .. لم يملّوا ولم يكلوا ولم تخمد جذوة الثورة فيهم .. ارحل ..!.. تلكم هي الكلمة السحرية التي ما بدلوا عنها تبديلا .. ملّ النظام ولم يملّوا .. وكلّ الحكم ولم يكلّوا ...
لطالما تمسك المتمسكون بالانساب في بلدي بان أصلهم يعود الى اليمن وهم لا يعلمون ان العرب ثلاثة غسان هاجر الى الشام وتجنس فينيقيا وعدنان وقحطان ساحوا في الجزيرة من باب المندب الى الموصل وكنا نسخر من اهلنا ونسبهم العدناني او القحطاني .. ولكن .. ولكن .. ان كان ناحلي الابدان مقطبي الجباه و المختمرات من بنات اليمن عفيفات الجيوب .. هن وهم من ظهر عدنان وقحطان ..؟ فأكرم بعدنان واكرم بقحطان.. واني معهن أليهم انتسب .. اما أولائك الذين يناهضون الثورة فربما كانوا من بقايا الاسبان او مدغشقر.. وهذا الغسان صنع العجب في بانياس والبيضا وحمص وباب العرب ووقفت نسوة الشام تسد الطريق على كتائب بشار وشبيحته مثلما واجهت بنات اليمن بلاطجة بن صالح وقبلهن واجهن بنات مصر بلطجية حسني .. .
3 . عندما اتغنى بالعرب فأني لا اتغنى بالعاربة منهم والرجعية والطائفية بل بشباب الانتفاضات والثورات ولست على منهج طيب الذكر السياب يوم انعطف من خلال المومس العمياء ولا اقصد بالانتفاضة والثورة تهشيم الممتلكات والاعتداء على مباني ومشيدات الشعب ولا القتل او الاعتداء بل الاصرار على التغيير بأرقى ما يكون عليه التحضر مثل اليمن جموع لا ترى لها نهاية لكنها حتى في مسيرتها لا تعتدي على حق الناس في السير والمرور فتستغل جانبا من الشارع في حين تترك الجانب الثاني فارغا ..
تحية لبنات اليمن وابناءه وتحية لبنات بانياس والبيضا وكل المدن السورية وابناءها ..
وتعظيما للثوار في كل مكان نساء كانوا او رجال ...