موسى فرج
استمرار النمط الريعي للاقتصاد العراقي .. يعني ترسيخا للاستبداد والفساد ...
(1)موسى فرج
في كتابتي لهذه المقالة أدين بالشكر لمقالة للدكتور احمد علوي (الاقتصاد الريعي ومعضلة الديمقراطية ـ تعريب الأستاذ عادل حبه) وصلتني عن طريق صديقي الأستاذ محمد علي الشبيبي من السويد .. فقد لفتت نظري إلى أن جانب مهم من أسباب مصائبنا في العراق هو تمسك الحكومات العراقية المتعاقبة بالنمط الريعي للاقتصاد العراقي وتفاقم الحال إلى ما وصل أليه, ولم نكن قد أولينا ذلك ما يستحقه من اهتمام إنما جاء الحديث عنه عرضا .. فشكرا للكاتب والمعرب والمرسل .. .
الاقتصاد العراقي .. اقتصاد ريعي .. الجميع يقول هذا , والجميع يفسر ذلك بان الاقتصاد العراقي يعتمد على عائدات النفط ( تشكل 98 % من إجمالي إيرادات الموازنات المالية السنوية العراقية ), في حين أن مساهمة القطاعات الأخرى وخصوصا الصناعة والزراعة والسياحة تكاد تكون معدومة إن لم تكن معدومة بالفعل .. إلى هنا والكلام صحيح .. ولكن غير الصحيح أنهم عندما يتكلمون عن مخاطر النمط الريعي للاقتصاد العراقي فإنهم يحصرون تلك المخاطر في الجانب المالي فقط وهذا غير صحيح , وأيضا فإنهم يبوبون الضرر الناجم عن ذلك ضمن الـ .. مخاطر محتمله .. التي قد تحصل وقد لا تحصل .. وهذا غير صحيح أيضا .. . ولغرض إلقاء الضوء على مخاطر استمرار الوضع الحالي للاقتصاد العراقي على ما هو عليه نبدأ أولا بمناقشة موضوع هذه.. الاحتمالية في حصول الضرر الناجم عن النمط الريعي للاقتصاد العراقي من عدمه وقدر تعلق الأمر بالجانب المالي.. .
عند الإشارة إلى هذا الجانب فان الأمر ينصرف إلى القضايا التالية : .
1 . إن النفط ثروة ناضبه .. فماذا يكون مصير البلد عندما تنضب ثروة النفط ..؟. . الحكومة حتى وان لم ترد على هذا فإنها في قرارة نفسها مطمئنة إلى أن النفط في العراق لن ينضب قبل 300 سنه وان آخر برميل نفط في العالم سيكون من العراق .. فلماذا تشغل نفسها طالما تتدفق عليها مليارات الدولارات ..؟. .
2 . انخفاض أسعار النفط عالميا .. ماذا لو انخفضت أسعار النفط عالميا ..؟. . وفي هذا الجانب فان الحكومة مطمئنه أيضا فقد جربت ذلك قبل سنتين عندما انخفضت الإيرادات المالية جراء انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية لكن الإيرادات المتأتية من عائدات النفط كانت كافيه لتغطية رواتب المسئولين ونفقاتهم بل وأنها كانت كافية لتهدئ من روع الحكومة الذي كان محصورا في كيفية تدبير رواتب موظفيها ..! فمساحة التحسب بالنسبة للحكومة لا تتعدى هذا النطاق .. والسبب بسيط , فهي غير ملزمه ببرامج تنمويه لعدم وجود هكذا برامج أصلا .. ثم أن الحل بسيط .. ويكون باستقدام مزيدا من الشركات وإبرام المزيد من عقود استخراج وتصدير النفط , ولا يهم كثيرا آثار وأضرار بنود تلك العقود على مستقبل الاقتصاد والسيادة العراقية , فتوفير مزيدا من الأموال خلال السنة أو السنوات القليلة القادمة هو المهم من وجهة نظر الحكومة .. وبالرغم من إخفاق أجهزة الدولة في تحقيق نتائج تذكر في معالجة المعضلات التي تواجه الشعب العراقي خصوصا في مجالات : الفقر والبطالة والخدمات والتعليم والصحة , فقد بينت شخصيا ولمرات عديدة وعلى نطاق واسع بان الموازنة السنوية العراقية في الوقت الذي تتفوق فيه على مجموع موازنات أربع دول مجاورة للعراق هي : الأردن , لبنان , سوريا , مصر وبالرغم من أن عدد نفوس العراق لا يتجاوز ثلث عدد نفوس مصر وحدها فان معدل الفقر في العراق يفوق حاصل جمع معدلات الفقر في تلك الدول مجتمعة .. .
3 . احتمال نشوب حرب في المنطقة تؤدي إلى إغلاق مضيق هرمز وتوقف تصدير النفط : وفي هذه الحالة فان الحكومة تعتقد أن الأمر مقدور عليه أيضا, طالما أنه لا يشمل نفط العراق وحده إنما نفوط دول الخليج وإيران أيضا, ولما كان الطلب العالمي على نفوط المنطقة طلب غير مرن.. وان العالم وخصوصا أمريكا وأوربا واليابان يعتمد وبنسبة أساسيه على نفوط المنطقة وأنها لا يمكن أن تتحمل انقطاع تدفقه عنها ولو لشهر واحد , فإنها لابد وان تجد حلا ... . في حين أن مخاطر الطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي ليست محتمله فقط .. إنما ماثلة على ارض الواقع , لأنها ليست مالية فقط بل سياسية واجتماعية أيضا.. وفي هذا ضرر على البلد أشد وطأة من الجانب المالي , فالحكومة في نمط الاقتصاد الريعي يكاد ينحصر دورها في الحياة الاقتصادية في كونها قابض للأموال وصارف لها إن توزيعا أو إنفاقا .. وفي هذه الحالة فان وضعها مشابه إلى حد ما لوضع الشخص الذي ورث عمارة وما عليه إلا أن يقبض الإيراد المتمثل في بدل الإيجار الشهري وإنفاقه بمعرفته على معيته دون أن تملك المعية رأيا في طريقة تحصيله أو إنفاقه لأن سند ملكية العمارة باسم الشخص وهو وحده الذي يعتبر طرفا في عقد الإيجار .. ومن بين ما يترتب على ذلك الآتي :
ـ هل يجد الشخص المشار اليه باعثا لتطوير نفسه أو من هم في معيته من الناحية المهارية طالما انه مطمئن لقبضه ذلك المورد دوريا ..؟ لا .. بالطبع .. .
ـ هل يرى جدوى في أن تتسع معارفه لتشمل معارفا في مجالات الإدارة العلمية والتخطيط والإنتاج والتسويق والرقابة والتنسيق وأنماط وأساليب الإنتاج الحديثة ..؟ أيضا ..لا .. فهو لن يحتاج إلى ذلك لأن مهامه محصورة بقبض النقود وصرفها إن توزيعا أو إنفاقا كما أسلفت.
ـ طالما أن سند ملكية العمارة باسمه وانه وحده الذي يجوز التعامل معه في نطاق عقد الإيجار فهو القابض للمبالغ.. فهل انه يقيم وزنا لآراء المعية أم انه يعتبر نفسه ولي النعمة و صاحب القرار وانه يمنح لمن يريد ويحجب عمن يريد ..؟.. لا.. لن يبالي برأي المعية .. .
ـ هل يستطيع أن يقرب له من يرغب ويبعد عنه من لا يرغب ..؟ نعم بإمكانه .. .
ـ وهل يستطيع أن يغدق على البعض أو يقتر على البعض ..؟.. طبعا .. .
ـ وهل تنشأ عنده نزعة تسلطية على المعية ..؟.. مؤكد .. .
ـ هل تنشأ انقسامات ضمن المعية بسبب محاولة كل منهم الحصول على مغانم أكثر من غيره فيقوم الصراع بينهم ..؟.. وهل يقف سعي البشر للحصول على مكاسب أكثر من غيره ..؟ .. .
ـ هل يشجع ذلك على قيامه باستغلال سلطته في أخذ بعض المبالغ لنفسه أو المقربين منه على حساب المجموعة ..؟ ما دام فاسدا .. فنعم ..
ـ هل يشجع المعية على مشاركته في قراراته ..؟.. كلا .. .
ـ أو تدخلهم في تلك القرارات أو الرقابة عليها ..؟ .. لا.. .
ـ هل يحاول شراء ولاء البعض منهم ..؟.. نعم .. ليتمترس بهم ضد الآخرين .. .
ـ هل يشجع على إتاحة السبل لمن يسعى لأن يكون ندا له ..؟ ..هذا مخالف لقوانين الجاذبية .. .
انعكاس النمط الريعي للاقتصاد العراقي على سلوك الحكومة :
فإذا كان هذا هو الحال في حالة الاقتصاد الريعي على مستوى الشخص فكيف هو الحال عندما يكون الأمر متعلقا بشخص أو مجموعة أشخاص يحكمون دولة برمتها ..؟.. المال تحت سيطرتهم والسلطة في خدمتهم والقوة تحت اليد ..؟.. .
آثار الاقتصاد الريعي :
أولا : في الجانب السياسي
ثانيا: في الجانب الاقتصادي
ثالثا: في الجانب الإداري
رابعا: في الجانب الاجتماعيأولا : الاقتصاد الريعي يدفع الى السلطوية والاستبداد :
1 . في الدولة الريعية تكون الحكومة هي القابض للمال وتبعا لذلك فإنها هي التي تتحكم بمصائر الناس فالمال عصب الحياة وفي الدولة الريعية مثل العراق فانه لا يوجد في متناول الناس مالا ، فالمال يأتي من النفط حصرا وهو في متناول الحكومة فقط .. وهي التي تتحكم بتوفر مقومات الحياة للناس من خدمات ذات تماس مباشر بحياتهم اليومية .. مثل : الماء , الغذاء , العلاج , الكهرباء , الخدمات البلدية , والبيئية , والتعليم , وعلى مشيئتها دون غيرها يتوقف تدفق تلك المقومات .. وهي أيضا تتحكم بأسباب المعيشة للناس : الرواتب , الأجور , الإعانات , العطايا , المنح, التوظيف , البطالة .. ومعروف أن التحكم بالأرزاق اشد ضراوة من التحكم بالأعناق .. الأمر الذي يجعل منها سلطويه ومالكة لمصائر الناس وبدلا من أن يكون الشعب مصدر السلطات فان الحاكم وبطانته ينكرون على الشعب حقه ويسومونه أصناف التعسف .. وفي التاريخ العربي مقولات مهمه تفسر هذا الجانب بكل وضوح .. من بينها مقولة عبد الملك بن مروان الذي اعتلى المنبر ليقول للناس في وجوههم : المال مالنا والفيء فيئنا فان رغبنا منحنا وان رغبنا أحجمنا ..! هكذا وبكل بساطة ..!, في نفس الوقت الذي كان ينبح فيه قائد جنده في وجوه الناس.. ومن غريب الصدف أنهم العراقيون بالذات بسبب حظهم العاثر فيقول لهم : أني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها .. وأني لصاحبها ..! , وصدام قال ذلك أيضا دون أن تفعل العصرنة فعلها فتهذب ألفاظه فكان يخاطب الناس من على شاشة التلفاز بقوله : الشعب مثل الشجرة.. على الحاكم بين الفينة والفينة أن يهزها بعنف ليتخلص من الأوراق الذابلة والصفراء ليبقي فقط اليانعه ( وهو يقصد الموالية طبعا )..!, و تناغم معه ابن عمه كيمياوي فقال : عدد نفوس العراق اليوم 25 مليون ..وكان عددهم في السابق 5 ملايين ..خللي يرجع عددهم 5 ملايين .. شنو يعني ؟..!.. أولاد الكلب ( أقصد صدام وابن عمه ومن هم على شاكلتهم ..) .. من يمنحهم هؤلاء المنحطون هذا الجبروت وتلك السلطوية ليقولوا هذا ..؟ الجواب هو: المال والسلطه .. لأن العراق يعتاش على النفط دون غيره وفلوس النفط في أيديهم دون غيرهم .. وبالمال والسلطة يبنون القوة ويقيمون القمع ويشترون الأتباع ويفسدون الذمم.. في حين أنه في حالة الاقتصاد غير الريعي حيث تشكل القطاعات الأخرى الصناعة والزراعة والسياحة أعمدة الاقتصاد.. في مثل تلك الأحوال فان الذي يقبض العوائد هم الأفراد أنفسهم , وهم بالذات من يمد الحكومة بأسباب بقاءها.. فعلى ضرائبهم تتوقف نفقاتها .. عندها تكون السيادة للشعب , وعندها يمتلئ الشعب ثقة بنفسه وعلويته على الحكومة فيراقب أداءها ويحاسبها ويعدل اعوجاجها ..
لقد توصلت البشرية عبر مسيرتها الطويلة ومكابدتها المريرة مع الحكام إلى حقيقة بسيطة للغاية لكنها جوهريه .. فحواها : انه لا ثقة بالحكام أيا كانوا وأيا كانت أقوالهم وشعاراتهم قبل الوصول إلى الحكم ، فهم في النهاية يعملون لمصلحتهم ومصلحة طبقتهم وحواشيهم وهي حكما مناهضة لمصلحة الشعوب .. ولمواجهة طغيان الحكام فقد ابتكرت الإنسانية وبشكل تدريجي استغرق بناءه قرون وأجيال سدا يعصمها من ذلك .. ذلك هو توزيع السلطة ومقاومة تركيزها بيد الحكام فأقامت المجالس المتعددة للجم الحاكم وضمان مشاركتها في السلطة وأقامت التجمعات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني لتمارس الرقابة على الحاكم إن فردا أو مجموعه , وابتكرت الدساتير وسنت القوانين وأقامت المحاكم المتعددة وابتكرت طرقا لضمان الشفافية في عمل الحكام وصيغا مبتكره في إخضاعهم للمساءلة والمحاسبة .. حتى بلغ الأمر إلى حد أننا نسمع أن رئيس حكومة إسرائيل أولمرت يمسحون به الأرض 17 مرة من قبل الشرطة وفي آخر المطاف يطردونه بسبب حفنه من الشيكلات كان قد قبضهن من مقاول لإنفاقهن في حملته الانتخابية قبل وصوله إلى الحكم .. ورئيس جمهوريته كساب.. مرمطوه امام الناس وحكموه بسبع عجاف لمجرد انه تحرش بإحدى موظفاته .. (استدراك : أنا لا أمارس ترويجا لحكام إسرائيل أو للصهيونية إنما أشير إلى وقائع سمعتها بأذني ورأيتها بعيني عبر شاشات التلفاز وأحاول مقارنتها بسلوك للحكام عندنا ..) أعطوني سجلاتكم لأثبت لكم أن مليارات من الدولارات أغتصبت من أموال الشعب العراقي واستخدمت في شراء الحكم .. إما من ناحية التحرش .. فان عندنا الزلم يتحرشون بيهم مو بس النسوان .. (طبعا أنا لا أقصد العراق وحده إنما كل الناطقين بالضاد).. عسى أن يردعهم الذي حصل للأخ القائد ..
فإذا كانت البشرية قد عالجت موضوع الاستبداد من خلال توزيع السلطة وخلق الكوابح فانه من باب أولى أن لا تسمح للمال أن يتركز بيد الحاكم فردا كان أو طبقه فالمال صنو السلطة وآثاره أعمق .. وعندما يكون الاقتصاد ريعيا والأموال تحت سيطرة الحاكم فانه يتعسف في التعامل بها فيكدس القوة والسلاح ليستخدمها لقمع الشعب بفلوسه , ويفرض السطوة عليه , ويشتري الولاءات ليستقوي بها على الناس ويخص بطانته وحاشيته دون غيرهم من أبناء الشعب ويقاوم أية تجمعات شعبية أو كيانات رسمية تمارس الرقابة عليه ويكبح الجهود الرامية لإقامة نظام للمساءلة ويقاوم الثقافة والتعلم والتنوير ويغلق الأبواب دون دخول التكنولوجيا ليبقي الناس عمي صم لا يفقهون ويتطير من الكفوئين والعلماء والمخلصين ويقرب الوصوليين والمداحين وذوي النفوس المريضة والوضيعة.. وغير ذلك كثير ..
ومنه نخلص إلى نتيجة مؤداها : إن التمسك بالنمط الريعي للاقتصاد يمثل البيئة الملائمة والفضلى للاستبداد والفساد ..
ثانيا : الاقتصاد الريعي سبب أساسي في الفوضى الاقتصادية :
لا توجد إحصائية مضبوطة في العراق عن عدد نزلاء السجون والمعتقلات خلال ستة عقود على الأقل في تاريخ العراق الحديث وتشمل المدة الممتدة من مطلع الأربعينات وصولا إلى عام 2003 ولا لعدد الذين اعتلوا المشانق أو قضوا تحت التعذيب .. لكن الثابت أن عددهم يفوق عدد نظراءهم في أي من دول المنطقه .. فليقل لي أي منكم .. لماذا حصل لهم ذلك ..؟ السبب هو الصراع السياسي بين الساعين لإقامة النظام الاقتصادي الاشتراكي وبين المتمسكين بأنماط الاقتصاد الرأسمالي والإقطاعي , هذا هو السبب .. ورغم أن الحكومات التي تولت السلطة كانت تدور في فلك النظام الرأسمالي ، إن عملاء أو متسلطون ، وأنها أمعنت في الفئة الأولى قتلا واعتقالا وتعذيبا .. إلا أن الغلبة من الناحية الأخلاقية والفكرية كانت للفئة الأولى بدليل أن : الجميع كان يدّعي الوصل بالاشتراكية .. البعثيين يجعلون من بناء الاشتراكية هدف مركزي لحزبهم .. لكن واقع الحال أنهم بنوا رأسمالية الدولة ( وتحديدا.. رأسمالية الحزب ) , الأحزاب ذات الصبغة الدينية تقول نحن السابقون في بناء الاشتراكية وترفع أسماء : الإمام علي وأبي ذر وتأميمات عمر لآبار الماء.. بوصفهم رموزا للاشتراكية ، صح الباقي حتى شفاعة أمير المؤمنين يحتكرونها لأنفسهم ويخرجون الآخرين خلو الوفاض وتقاسموا حور العين مقدما ومن اليوم.. وإحنا ..؟ انتم علمانيين ..! ماشي بس إن شاء الله يخصصون لنا كوته .. وتكفي .. لأن العلمانيين يكتفون بواحده .. مو مثلكم إلا 170 .. يريد أن يباهي بهن المذاهب الأخرى .. والقوميون العرب أبدلوا اسم تنظيمهم إلى حركة الاشتراكيين العرب .. والكرد يقدمون جلال الطالباني بوصفه رمزا لكفاحهم المسلح وهو من معتنقي الأيدلوجية الاشتراكية المبكرين في العراق وهو من السابقون السابقون .. تاليها يبوس بخدود وزيرة خارجية الأمبرياليه ..
اليوم... اسمحوا لي أن أحيلكم إلى السيد جلال الطالباني بوصفه رئيسا لجمهورية العراق وعضو بارزا في الاشتراكية الدولية فاسألوه عن ماهية الاقتصاد العراقي .. هل هو اقتصاد اشتراكي ..؟ أم اقتصاد رأسمالي ..؟ أم أنه عديم اللون والطعم والرائحه ..؟ اصنعوا صندوقين واحد مكتوب عليه .. اقتصاد اشتراكي ولكن لا تنسوا أن تكتبوا عليه السمات الأساسية للاقتصاد الاشتراكي .. وصندوق أخر مكتوب عليه : الاقتصاد الرأسمالي .. وأيضا لا يفوتكم أن تكتبوا عليه قوانين النظام الرأسمالي .. وقدموا إلى فخامته الصندوقين وورقة مكتوب عليها : الاقتصاد العراقي .. والتمسوا من فخامته أن يختار الصندوق الملائم من احد الصندوقين ليضع الورقة فيه .. وتابعوا .. أين يضع الورقة ..؟ .. أنا أقول لكم .. سيضع الورقة في جيبه ..! أراهن على هذا ..
أولا : لأن الرجل لا يتدخل فيما لا يعنيه وليس له شأن بجيوب الآخرين ..
ثانيا : لأن الاقتصاد العراقي اليوم .. لا هو اقتصاد اشتراكي على وجه , ولا هو اقتصاد سوق على وجه .. إذ أن لأي من النظامين قوانين محدده .. ولكن لن تجد لأي من تلك القوانين أثرا في الاقتصاد العراقي الحالي فهو اقتصاد غريب الأطوار ويمشي بالقدره ..
انتقلوا إلى السيد نوري المالكي رئيس الحكومة وافعلوا مثلما فعلتم في الحالة الأولى مع تغيير بسيط يتمثل في إضافة صندوق ثالث يمثل الاقتصاد الإسلامي وفقا لرؤية السيد محمد باقر الصدر رحمه الله وقدموا له الصناديق الثلاثة كما في صناديق شكسبير في مسرحية ( شايلوك ) وقدموا اليه ورقة صغيرة مكتوب عليها ( الاقتصاد العراقي ) والتمسوا منه أن يختار واحدا من تلك الصناديق ليسقط الورقة فيه .. وراقبوا ما يحصل : سيرد عليكم بضاعتكم ويقول لكم : هذا اختصاص الحكومة المركزية والفلوس فلوس الحكومة المركزية فما شأنكم أنتم ..؟ وبعد تذكيره بان احد أهم سمات الديمقراطية هي الشفافية في العمل الحكومي وان الشعب مصدر السلطات وفقا لما جاء في الدستور .. وان ألححتم عليه .. سيقول لكم : أحنا : إذا محافظه من المحافظات صاحت تريد أتصير إقليم ننطيهم عدد من المليارات ونتحداهم إذا يكدرون يصرفوها قبل نهاية السنة ألماليه.. ( طبعا ميكدرون يصرفوها .. ليس لأن المحافظات لا تحتاج المال إنما لأن االمسؤولين الحكوميين ليسوا بالكفاءة المطلوبة وهذه إحدى إفرازات الاقتصاد الريعي كما يتم تفصيل ذلك عند الكلام عن الآثار الإدارية للاقتصاد الريعي ..) , وإذا شيخ عشيره يزعل ويخابر جماعته بالموبايل فيسقطوا عدد من مراكز الشرطه نعتذر منه وندفع له 50 أو 100 مليون دينار فصل عشائري .. حسب السانيه المبرمة بينه وبين دولة القانون وإذا أحد أطراف الشراكه الوطنيه يصر على الحصول على منصب قيادي نستحدث له كم منصب وزاري ونعين جماعته فيها فان سكت فبها وان لم يسكت نحتوي جماعته ونجزل لهم العطاء فيحولون انتماءهم إلى دولة القانون .. ونقلبهم عليه فيغادر الحياة السياسية بخفي علاوي .. إما الرئاسات فـ .. يمهم وزير الماليه ويسحبون من يمهم اللي يحتاج مليونين دولار لتغطية إيفاده لمدة أسبوع .. واللي يحتاج مليار دينار لشراء قنفات .. نحن لا نحتكر القرار فلست أنا الوحيد الآمر بالصرف إنما الجميع يشاركني هذه الصلاحية لكني أفضلهم .. لكن المشكله .. ( والكلام لازال للسيد رئيس الحكومة..) : إن الذين يزورون العراق والتقي بهم .. يقولون : هل انتم حكومة واحدة ..؟ أم 16 حكومة ..؟ .. وعندما تسألونه بشأن خطط اقتصاديه أو تنمويه ..؟ سيقول لكم : ما الداعي لذلك وان وضعنا خطط اقتصاديه تقولون عنا في نهاية السنة إن تنفيذكم للخطط لا يتعدى 30 % في مجال المشاريع ..؟ في حين أنكم تتجاهلون أن تنفيذ الحكومة للخطة التشغيلية المتعلقة بالرواتب والأثاث والايفادات يتجاوز 100% ولا تحسبون ذلك لصالح الحكومة واعتقد إن في ذلك شكل من أشكال الكيل بمكيالين .. خلاصة القول أن الحكومة في الوقت الحاضر تستخدم المال في إطفاء الحرائق .. أما رؤية تنموية واضحة الأبعاد محددة المعالم ..؟ فلا ..
في هذه الحالة نواجه حقيقة بسيطه.. وهي أننا لم نخسر أموالنا فقط بسبب الفوضى الاقتصادية والإدارية القائمة على صيغة إطفاء الحرائق بديلا عن رؤية اقتصادية تتبنى فلسفة اقتصادية واضحة المعالم , تترجم إلى خطط وبرامج اقتصاديه, تجد في نهاية المطاف ترجمة لها في موازنات مالية سنويه , وبسبب فساد مالي وإداري بات يشكل السمة الأبرز للأداء الحكومي .. بل إننا نجد أن تلك القوافل من المعتقلين والذين قضوا فوق المشانق أو تحت التعذيب من اجل الاشتراكية قد ذهبت أدراج الرياح .. فلا أقمنا الاشتراكية ولا صفينا على الرأسماليه ...! زين .. يابه عفنا الاشتراكيه وما لازم الرأسماليه عاد هذي الثالثه.. النظريه الاسلاميه..؟ همين ماكو .. خوش .. نريد فقط أن تحددوا لنا توجه الاقتصاد العراقي بشكل واضح من وجهة نظركم أنتم .. حتى نهيئ أمورنا .. فقط حددوا.. طبيعة الطريق الذي تريدون لنا سلوكه .. هل هو .. وحل ..؟ كي نبحث عن أحذية بسرفات .. أم أنه .. زلك ..؟ فيكون الحذاء الملائم بزلاجات..؟.. مال أنتم نتوقع منكم طريق مفروشه بالورود ..؟ لا.. ماكو .. بس كولوا لنا : وحل ..؟ لو ..زلك ..؟ لو نشوف شوارعنا ونقيس عليها أضبط ..؟...
للحديث بقيه ..