موسى فرج
السبت 12/2/ 2011
ثورة مصر .. وفرت على انتفاضة العراق نصف الطريقموسى فرج
1 . أهداف واضحة وعامة وبسيطة .. تشكل مطالب عامة الشعب :ــ إسقاط الفساد : لتوظيف أموال الشعب لتوفير العيش الكريم لأبنائه .. .
ــ توفير فرص العمل للمواطن لتوفير لقمة العيش .. .
ــ إسقاط كبت الحريات وسطوة الأجهزة القمعية واحترام حقوق الإنسان وإطلاق حرية التعبير وحرية الرأي .. . ــ إسقاط الاستبداد : وبناء الديمقراطية مثل بقية دول العالم المتحضرة.. .2 . وحدة الهدف والمطالب : .
ــ لم تظهر مطالبات أو شعارات طائفية أو عرقية أو دينية تشتت الجمع أو تتسبب في الاحتراب أو الاحتكاك أو التناقض .. .
ــ لم تظهر شعارات تخون أو تشكك بارتباط شريحة ما من الشعب بالأجنبي : ولم يقل المسلمون للأقباط انتم أقباطا وقد يكون ولاءكم غربيا ولم يقال لهم إن البابا شنوده ممالئ للنظام ، ولم يقال للإسلاميين إنكم تسعون لإقامة نظام إسلامي يضطهد غيره من أتباع الأديان الأخرى ولم يقال للعلمانيين انتم تسعون لإشاعة التحلل ولم يقل العلمانيون لغيرهم انتم لا تسعون لإقامة المجتمع المدني .. ولم يسمع الأقباط توجيهات البابا ولم يكترث المسلمون بنداءات الأزهر .. .
ــ لم يرفع أي من المتظاهرين صورة رئيس حزب ولم يقل احد المتظاهرون انه من الحزب الفلاني .. .
ــ لم يرفع احد المتظاهرون صورة رمز سياسي منمقة وآخر يرفع صورة رمز سياسي بشكل كاريكاتوري .. .
ــ لم يرفع أحد المتظاهرون صورة لشخص يعتبره رمزه الديني .. .
ــ لم يدعي شخص أو جهة بأنه المخطط والمفجر والمنفذ حتى المؤتمر الصحفي الوحيد واليتيم الذي ظهر فيه شاب من شباب ميدان التحرير فانه لم يذكر اسمه أو اسم جهة ينتمي أليها .. .3 . نظافة الوسيلة والممارسة : .
ــ لم يحصل اعتداء من قبل الثوار على معلم وطني أو متحف أو مرفق للشعب ، ولم يحصل اعتداء على محل بقاله أو نهب محتوياته أو إلحاق الضرر به .. .
ــ ولم تحصل حادثة اعتداء من قبل المتظاهرون على أي منهم .. ولم تحصل حادثة تعرض جنسي واحدة رغم إن المتظاهرون شباب ورغم أن الاختلاط بين الجنسين كان على أشده ..طيلة 18 يوم .. .
ــ لم تفلح السلطة القمعية الفاسدة بإلحاق أي ضرر بسمعة المنتفضين رغم محاولاتها المستميتة من خلال توظيف عناصر تلك الأجهزة القمعية بالتنكر والاعتداء على المتحف المصري أو حرق أبنية أو نهبها .. أو قيام السلطة بفتح السجون أو تسهيل خروج السجناء من مرتكبي القضايا الجنائية وإطلاقهم ليعيثوا في مصر فساد لتشويه صورة الانتفاضة .. أو استئجار السلطة الفاسدة المستبدة لحثالة المجتمع البلطجية وإطلاقهم على المتظاهرين .. كل تلك المحاولات والممارسات من قبل النظام المستبد لم تتمكن من تشويه نظافة المنتفضين .. أو تسحب بعض منهم للانجرار لمحاكاة تلك الممارسات .. .
ــ لم يشتم احد منهم الدين فتفقد الانتفاضة تعاطف شرائح واسعة من الشعب ..ولم يشتم احد منهم الديمقراطية باعتبارها منهجا غربيا غريب عن ثقافتهم فيضن بهم التطرف والانفلاق .. لم يهاجم احد منهم سياسة دولة مجاوره أو في المنطقة أو في العالم ..وأعلنوا أنهم مصريون وليس غير ذلك ..ولم يتطرقوا ألبته إلى السياسة الخارجية مع إن هذا الموضوع يتصف بالحساسية الشديدة في مصر بالذات بحكم العلاقة القلقة والحرجة تجاه إسرائيل .. .
4 . الحضور الإعلامي المكثف : .ــ كان إعلام النظام معادي بالمجمل لهم ولانتفاضتهم .. .
ــ ومنع النظام فضائيات من العمل وضيق على أخرى .. .
ــ وهددت عناصر السلطة مراسلين أجانب وعرب وبات تحرك البعض الآخر عليه متعذرا .. .
ــ ومنع النظام خدمة الانترنت والفيسبوك ، وحتى الهاتف النقال ضيقت على بثه ..لكن ذلك لم يفت من عضد المنتفضين بل زادهم إصرارا . ذلك جعل النظام المستبد مكشوفا أمام العالم وممارساته عارية مفضوحة ..الأمر الذي جعل من يده مغلولة .. ولا يخاطر بممارسة ممارسات سبقه إليها حكام مجرمون آخرون مثل صدام أو بينوشيت .. .5 . موقف الجيش : .
ــ الجيش المصري والشرطة المصرية كلاهما مصريا ..ولون البدلة لا يغير في الأمر شيئا ..ولكن المختلف هو ما تحت البدلة .. في عقول وضمائر والتربية المهنية لكل منهما وتكوين كل منهما ..وكان النظام يختصر رعايته للحرس الجمهوري ولو أطلقه لكان اشد ذئبية من الشرطة .. .
ــ ورشا النظام الجيش أثناء الثورة فرفع من الرواتب ..لكن الجيش المصري لم يأبه بالرشا وكان بعض من ضباطه يترددون على ميدان التحرير يحملون الزاد من بيوتهم لبني شعبهم .. لأن الجيش المصري ليس جيشا عقائديا كما جيش صدام ..وجله يقضي ضريبة الوطن ويعود إلى صفوف الشعب ..وليس جيش أجراء .. .6 . الثبات والإصرار: .
ــ قتلت الشرطة بعضهم بدم بارد وعلى مراى من زملاءهم ..فزاد ذلك زملاءهم إصرارا .. .
ــ دهست سيارات السلطة عمدا وبالجملة زملاءهم أمام أعينهم فزادهم ذلك إصرارا ... .
ــ قذف عليهم بلطجية السلطة الحجارة وقنابل المولوتوف المشتعلة ..فلم يغادروا مواقعهم .. .
ــ سحقـت حوافر خيول البلطجية وجمالها أجسادهم ولم يغادروا ميدان التحرير .. .
ــ وجهت عناصر السلطة خراطيم المياه بعنف عليهم في الجسر فسجدوا يصلون ..حتى الذي لا يصلي منهم سابقا كي يفضحوا النظام ويستقطبوا مشاعر شعبهم أولا وشعوب العالم .. .
ــ طالت المدة عليهم وعرقل وصول الغذاء والماء واشتاق البعض منهم لزوجته حديث العهد بها ..واشتاق آخرون إلى عوائلهم ..وقدم الدكتاتور تنازلات جوهرية الواحدة تلو الأخرى ..وتعالت صيحات إن ارحلوا هذا يكفي .. لكنهم صنعوا درسا في الثبات والإصرار على تحقيق كامل غاياتهم وأكثرها صعوبة ..إسقاط رأس النظام ورحيله.. .تحية لشعب مصر وشباب مصر وثورة مصر ..التي قشعت عن جباه مصر درنا بقي عالقا لزمن طويل على غرر الشعب المصري حتى بتنا نحسب أنه بات جزءا من تكوينه .. لكنهم قالوها أخيرا : شعب مصر أهوه..ومصر أهي ..! لقد وفر المصريون على انتفاضة العراقيين المرتقبة نصف الطريق ..فهل يفلح العراقيون في تعلمه لانجاز النصف الآخر ..؟ أم يتعثرون في المطبات والأوحال التي قفز فوقها شباب مصر فصنعوا تاريخهم وتاريخ مصر المستقبل ..؟ لقد كتبت على صفحتي على الانترنت هذا ..
وأرجو أن أكون مصيبا ..( ثورة مصر ..بوحدة أهدافها وثبات ثوارها ونظافة وسائلها ..وفرت على الانتفاضة العراقية المنشودة نصف الطريق ..فلتكن الانتفاضة العراقية ضد الفساد ضد الفقر ضد المحاصصة و الطائفية وفساد الحكم ..من اجل توفير العيش الكريم للشعب وتوظيف كل الموارد للشعب ومن اجل استعادة وحدة الشعب وبناء ديمقراطية حقيقية في العراق ..)..