| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 12 / 9 / 2014 موسى فرج كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
قرارات تصريف الأعمال ذرة في جبل الركام أمام العبادي
موسى فرج
تداولت وسائل الاعلام مسعى اطراف من التحالف الوطني لالغاء 370 قرارًا غير قانوني اصدرها المالكي خلال فترة تصريف الأعمال عين بموجبها عدد من مقربيه في مواقع حكومية خطيرة ومنح عدد آخر منهم امتيازات خاصة..
وفي تفصيل لبعض تلك القرارات اشارت الى ان المالكي قد أصدر قرارات بتعيين مستشاره الاعلامي مديراً عاماً في وزارة الخارجية وعلي الشلاه رئيسًا لهيئة أمناء شبكة الاعلام العراقية ، كما عيّن أمين عام مجلس الوزراء علي العلاق المنتمي لحزبه محافظاً للبنك المركزي ، وعيّن مدير مكتبه حامد خلف أحمد أمينًا عاماً جديدًا لمجلس الوزراء خلفاً لعلي العلاق بعد تعيينه محافظاً للبنك المركزي.
الى جانب ذلك أصدر المالكي أمراً بتوزيع أراضٍ وسط العاصمة بينها مخصصة لإنشاء متنزهات عامة على قادة أمنيين في مقدمتهم وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي تبلغ قيمة كل منها حوالي مليار دينار (حوالي مليون دولار اميركي) الى جانب منح قطع اراضٍ ونقل اثاث حكومي وتمليك منازل في المنطقة الخضراء وتوزيع منح مالية من دون سندات قانونية.. وبصدد ما تقدم أبين الآتي :
1. رغم الاحباط واليأس من حصول تغيير جذري في منهج واساليب حكم المحاصصة الذي دفع بالعراق الى مهاوي الفوضى والفشل في كافة المجالات فان الأمانة والوطنية تقتضي عدم الاستسلام بل بالعكس الاستمرار وبوتائر أعلى وبعزم أشد لمواجهة الفساد والانحراف واستثمار انتقال السلطة الى السيد حيدر العبادي والطرق على الحديد قبل أن يبرد وتلتف شبكة الفساد العنكبوتية ذاتها على الرجل وعندها تضيع فرصة جديدة على تدارك الأمور..
2. رغم ان قطار النظام السياسي في العراق بمناهجه وآلياته وشخوصه متداخل وبعضه يؤثر ويتأثر بالبعض الآخر في الإتجاه والديناميكية إلا أن الرأس يبقى مؤثر جداً والمفهوم الشعبي القائل من أن الوحدة بآمرها لا ينطبق على المجال العسكري فقط وانما في كل المجالات التي تشكل ارادة الانسان محور مهم من محاورها ولذلك لا ينبغي اليأس من فعل ملموس يحدثه السيد العبادي مثلما لا يمكن التعويل عليه كلياً فالتغيير والبناء ثقافة شعب أولاً واخيراً ولكن في مراحل الانتقال يلعب القادة دوراً خطيراً في المضي أو النكوص أو الانحراف..
3. قرارات فترة تصريف الأعمال في حكومة المالكي رغم فجاجتها واستهجانها من قبل اوساط واسعة فإنها لا تشكل أكثر من حبة من ركام الفشل والفساد الذي أنطوت عليه الحقبة السابقة ولا يمكن تحقيق تغيير ملموس او المباشرة في بناء جدي دون التوجه وبارادة حقيقية وصادقة وشجاعة لازالتها من الطريق.. اما البناء فوقها وبنفس المنهج والممارسات فانه يعني مزيدا في الركام لا أكثر ولا أقل مع كل ما ينطوي عليه ذلك من تهشيم لبنية العراق وتصعيب لحياة الناس فيه والمضي بوتائر أكبر في منحدر الفشل وهو أمر لا يقبله لنفسه الانسان العادي فكيف بمن يتصدى لقيادة بلد وفي ظروف بالغة الصعوبة مثل العراق ويقبل بل ويتعهد بأن يكون منقذاً مثل السيد العبادي. .
4. بعضهم يأخذ على الحالة العراقية أن كل حكومة تأتي تلعن سابقتها وتبدأ من الصفر بدلاً من مواصلة استكمال ما بدأته السابقة.. وهو في عموميته قول سليم ولكن في خصوصيته العراقية غير سليم فالعراق لم يستكمل فيه بناء نظام المؤسسات ولا حتى تاسيسها بشكل سليم انما بشكل منحرف وفوضوي وليس من المنطق أن تواصل الفوضى ولا بالمضي في الطريق المنحرف فكل خطوة لاحقة تبعدك عن الغاية وينتهي بك المطاف الى الخراب.. ولو كان الأمر على غير ذلك لما واجه العراقيون ساسة أو أوساط شعبية موضوع ابعاد المالكي عن السلطة بارتياح مشهود . .
5. في مستهل مسيرة السيد العبادي وفي الجلسة الأولى لمجلس الوزراء اصدر المجلس اربع قرارات من بينها : (قرار تفعيل اجراءات الردع الصارم بحق حالات الفساد ..) ورغم ان ذلك ينم عن اهتمام واضح في هذا الجانب فأنه يبقى مجرد شعار يضاف الى كم الشعارات التي أطلقها المالكي على مدى 10 سنوات ما لم يُستتبع بقرارات واجراءات في مقدمتها فك أسر هيئة النزاهة من سطوة الحكومة واختيار عناصر مستقلة وشجاعة لقيادتها لتمكينها من التصدي للفساد.. .
6. وما ينطبق على هيئة النزاهة ينطبق على كل الهيئات المستقلة التي جعلها المالكي مجرد أدوات مكبَلة وعديمة الجدوى تدار من مكاتب أمانة مجلس الوزراء. .
7. وما يقال عن الهيئات المستقلة فإنه من باب اولى ان يقال بشأن جهاز القضاء بدءاً بالمحكمة الاتحادية نزولاً الى أجهزة القضاء الأخرى.. ومعروف ما هو الدور الذي لعبته المحكمة الاتحادية من تكبيل لمجلس النواب ومنعه من القيام بواجباته التشريعية ومحق استقلال الهيئات المستقلة بموجب الدستور وجعلها أسيرة لرئيس الحكومة والمقربين منه وإفراغها من محتواها .. اما فيما يتعلق بالمحاكم واجهزة القضاء فيكفي ان أشير الى الأعداد الهائلة من الموقوفين التي لم تحسم قضاياهم على مدى سنوات وباتت تلك القضية السلاح الأيديولوجي البالغ الخطورة بيد داعش ومصانع الارهاب في العراق للدلالة على مظلومية (مكون) أٍساسي من سكان العراق والادعاء بطائفية نظام الحكم وجوره.. (نقل لي أحد السادة القضاة أن استطلاعاً اجرته إحدى المنظمات الحقوقية الأجنبية قبل اسابيع سؤل القاضي العراقي عن عدد القضايا التي ينظرها في اليوم الواحد فإستحى أن يقول 40 فشطرها وقال 20 فأجابته القاضية المستطلعة بان في بلادها لا ينظر القاضي في أكثر من 5 أو ربما قال اثنتان..) وعندما تسأل لماذا يحصل هذا والعراق حالياً يزدحم بالمتخرجين من كليات القانون ..؟ يقال لك : لا توجد أبنيه.. في حين أن معظم المحافظات يوجد فيها جامعات وبناية كلية واحدة تكفي لأن تكون مجمعاً للقضاء في كل محافظه (لا أقصد التقليل من أهمية التعليم العالي ولكن الحاجات الملّحة تتقدم ). .
8. وما يقال عن القضاء فانه من باب أولى ان يقال على أهمية احداث التغيير الجذري في بناء الجيش والداخلية والاقتصاد والمالية والصحة والتعليم وكل مجالات الدولة.. الجميع يتطلب الفحص والتمحيص والاصلاح الجذري ولكن أن تبقى الأمور على حالها ويتم الاتجاه الى الحلول الترقيعية ومجرد إطفاء الحرائق فذاك لن يبني الدولة المنشودة. .
9. كما أن تعميم الحالات الخاصة على العام يؤجل تفجير المشكلة ولكن لن ينهيها بل يفاقمها.. فاستحداث الحرس الوطني إجراء أريد منه معالجة مشكلة التخصيصات للبيشمركه وتأكيد استقلالها انسجاما مع الوضع الفعلي القائم لإقليم كردستان ولكن تعميمه على بقية المحافظات يعني نفس المطب الذي تم بمقتضاه النص في الدستور على أقاليم المحافظات في حين أن المطلوب من النص الدستوري معالجة وضع قائم في كردستان دون غيرها .. وغدا تطلب منك ديالى والناصرية وبقية المحافظات ان يكون الحرس الوطني فيها بذات التسليح والامكانات والمنهجيات والصلاحيات التي يكون عليها حال البيشمركه ومثلما تم التعامل مع فكرة الأقليم سيتم التعامل مع فكرة الحرس الوطني وعند عدم التكمن من تطبيقها على غرار كردستان سترفع رايات الادعاء بالتهميش والاقصاء وفوق ذلك فان الظروف في كردستان مختلفة عنها في المحافظات فالبيشمركة في كردستان جيش لدولة قائمة أو في أقل الأحوال مشروع دوله ولكن في بقية المحافظات سيكون ميليشيات عند كل خلاف بين مراجعها يرافقه توجيه فوهات المدافع لبعضها وليس بعيدا أن تشترك تلك القطعات في الخلافات العشائرية .. وقبل أسابيع تابعنا بذهول صور من المعركه على سواتر الجبهة بين عشيرتين من عشائر البصرة وأخرى في نزاع بين عشيرة من الشطرة مدعومة معنويا من قبل ابو مجاهد الركابي وأخرى من قلعة صالح بشأن أحقية كل منهما برتبة قضاء.. .
10. نعم الحالة الآنية في المحافظات الغربية قد تستدعي مثل هذه الحالة التي سببها في الأساس سوء اختيار القيادات الأمنية وفلتان السلوك والانضباط عند الأفراد والذي كان حصاده في النهاية فضيحة مدوية هزت العالم .. لكن الحل الصحيح هو إعادة بناء الجيش والقوات المسلحة على أسس المواطنة والعقيدة العسكرية والانتماء للعراق وحده . .
11. السيد رئيس الوزراء العبادي وكما اعلن في الأيام الأخيرة أنه احال تعيينات المالكي في فترة تصريف الأعمال الى مجلس النواب للتصويت عليها وهو اجراء توفيقي وغير موفق لأنه يعني تبنيها من قبل مجلس الوزراء في حين كان يتوجب الأمر بايقاف تنفيذها واحالتها الى لجنة تحقيقية عليا تتولى فتح كافة ملفات الحقبة السابقة .. .
12. من بين قرارات فترة تصريف الأعمال إقالة عبد الباسط تركي بحجة اشغاله للمنصب لمدة تفوق المدة القانونية المحددة في قرارات سلطلة الإئتلاف لمناصب الدرجات الخاصة والبالغة مدتان كل منها 4 سنوات لكن البديل شغل المنصب منذ مطلع 2004.. (المعلومات المتسربة تشير الى أن عبد الباسط تركي حوّل 500 مليون دولار الى فرع البنك المركزي في الموصل لتستولي عليها داعش) وباتت بفضل تلك الملايين لا تحتاج الدعم المالي القطري فلماذ يتم لفلفة الموضوع دون أية مساءلة ..؟ مثل تمكين قادة المالكي العسكريين لداعش بان تستولي على ترسانة من الاسلحة بما فيها الطائرات والتي تكفي لتسليح جيش كامل لمدة 4 سنوات كما بات ذلك معروفاً وأيضاً تم لفلفة مسؤولية القادة الأمنيين دون أية مساءلة بل بالعكس يُكافأون بتوزيع متنزهات الملك العام كقطع سكنية عليهم بما فيهم سعدون الدليمي الذي يقول أمام مجلس النواب بشأن ضحايا سبايكر بان الجندي يوم تطوع في الجيش يجب أن يعرف بأنه بات مشروع للموت في حين انه يغفل أن الجندي لا يحارب بالراتب وانما تلزمه قيادة وتلزمه تجهيزات وتدريب وقياداته قد تخلت عن رتبها وملابسها العسكرية وربما التحقت بداعش .. نفس الحجة التي أستخدمت لابعاد تركي عن منصبه استخدمت سابقاً لابعاد الشهواني لكنها لم تستخدم بشأن العلاق والمحمود وغيرهم .. .
خلاصة القول : ان 80 % من مدة اشغال المالكي لمنصبه رئيساً للحكومة تشكل جبلاً عظيماً من التراكم لن يفلح العبادي في تحقيق نتائج ملموسة دون إزاحته عن الطريق وفي المقدمة من ذلك الفاسدين وعديمو الكفاءة والشللية التي تغرق أجهزة الدولة . . وواحدة من اهم عوامل الجذب للمقدام أن تكون هناك مشكله يراد منه تجاوزها لأنها تشكل التحدي لارادته ومبدئيته وقد اتيحت امام السيد حيدر العبادي .. اما غير المقدام فان الماء والخضراء والوجه الحسن بعض من دوافعه وهي متاحة أمامه ايضاً...