| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الثلاثاء 7 / 8 / 2007

 

 


لا حل الاّ بانهاء نظام المحاصصة الطائفية !


د. مهند البراك

بعيداً عن اعادة وتكرار ماحذّر منه وناقشه عديد من السياسيين والمراقبين والمحللين، حول المخاطر المميتة لنهج المحاصصة الطائفية، وبعيداً عن تكرار ذكر احداث زمان الدكتاتورية ومواقف الجوار والقوى العظمى من قوى معارضتها آنذاك، التي ادّت الى نتائج طائفية متنوعة، قامت دوائر كثيرة بتوظيفها في محاولة لأمتصاص وتوجيه الأحتقان الهائل الذي كان يتزايد ضد الدكتاتورية و يهدد بانفجار قد لايمكنها التحكم به بتقديرها ....
وحتى سقوط الدكتاتورية الشمولية بالحرب، واعلان السفير بريمر الأحتلال وتشكيل مجلس حكم على اساس المحاصصة الطائفية لـ ( انعدام وجود مكونات يمكن الأعتماد عليها ) ؟! الذي ادى الى ان تأخذ الطائفية ابعاداً مؤسساتية قانونية ودولتية خطيرة، تزداد خطورة في ظل استمرار هيمنة المنطق الموروث عن حكم الدكتاتورية، المتلخص باتباع سياسة وتكتيك " حافة الهاوية " واحراج المقابل لأبتزازه الذي اخذ يسود تعامل اوسع المكونات العراقية التي ارتدت والتي اخذت ترتدي المسوح الطائفي . .
واخذت تزداد حدة بسبب ردود افعال واصداء واقع الأحتلال وعصابات الأرهاب ومواقف دول الجوار، وبسبب المعاناة الهائلة الناتجة عن انعدام الأمن، وشيوع الفساد الأداري واللصوصية، تزايد منطق المليشيات والأبتزاز والسوق السوداء .
واذ تمرّ السنة الخامسة على سقوط الدكتاتورية … تلاحظ اوسع الأوساط ان الوقت لم يزكيّ صواب سياسة المحاصصة الطائفية لاداخليا ولا اقليمياً ولادوليا، فيما تنتظر الأدارة الأميركية ايلول 2007 لتقرير مدى ونوعية بقاء قواتها في البلاد، وتتهيأ ادارات وحكومات ايران وتركيا والسعودية لأدوار يبدو انها ستكون اكثر تشدداً من السابق، بتقدير خبراء ومحللين دوليين متخصصين.
حيث اخذت اطراف المحاصصة ذاتها، تشهد تصدعات ومواقف متضاربة، من تفتت قائمة الأئتلاف المهيمنة، التي تعاني من انشقاقات لاتنتهي، فيها وفي كل مكون منها، الى ماتشهده حكومة السيد المالكي من انسحاب : وزراء كتلة الصدر، وزراء " التوافق"، اضافة الى تعليق " العراقية " لوزرائها . . الأمر الذي يهدد بسحب الثقة عنها اصولياً .
واذا ما سعت حكومة السيد المالكي لمد الجسور مع اي تجمعات تؤيدها، او لتمهيد الطريق لها للأصطفاف معها بغض النظر عن طائفتها . . فان ذلك يعزز القناعات في ان ابناء الطائفتين السنية والشيعية يتوزّعون على تكوينات وفعاليات ذات مطالب سياسية وليست طائفية، مطالب فشلت سياسة المحاصصة في تفسيرها وبالتالي في حلّها على اسس وخلفيات طائفية، وبالتالي لم تتمكن من اللحاق بالمشاريع السياسية الجادة والقادرة على الخروج من الواقع العراقي المأساوي الدموي . .
فيما تتزايد المعاناة الشعبية على اصعدة كثيرة التنوّع، فاضافة الى الأمن، ادى انسحاب الدولة عملياً من تأمين الكهرباء في اهم المحافظات، في وقت تتصاعد فيه اسعار المحروقات وبنزين السيارات تصاعداً خيالياً، ثم موقفها المتشدد من ادوار منظمات المجتمع المدني و نقابات العمال وخاصة عمال النفط، الى شلل وتذمّر اوساط تتسع، بعد ان وصلت المحاصصة الطائفية الى انشاء الجدران العازلة، والى حمل الهويات الطائفية التي تفاقمت مؤخراً الى ضرورة الحصول على تأشيرات " فيزة " !! بعد تقديم طلبات، تجيز الزيارة من منطقة (طائفية) الى اخرى …!!
حتى اخذ الرفض الشعبي لسياسة المحاصصة الطائفية يتجسّد بالتفجّر الواعي والعفوي الواسع للدعوة الى أحياء الأنتماء الوطني للعراق بكل اطيافه والى التضامن الواسع من اجله، كما حصل في ردود الأفعال الجماهيرية العراقية الواسعة في الداخل والخارج، لتحية منتخب العراق المتنوع الأطياف الذي حقق الفوز بكأس آسيا، متحدية استهدافها بالمفخخات التي راحت اعداد جديدة ضحايا لها . . وشكّلت تصاعداً هائلاً لما جرى اثناء دورة كأس الخليج، ثم اثر فوز العراقية شذى حسون في مسابقة ستار اكاديمي .
ويتساءل كثيرون بان اذا كان كلّ مايجري لايخلق ادراكاً لدى سياسيي الطوائف بخطورة مناهجهم، الا يشعرون بأن الدعوة الى رفض الطائفية واعتماد الهوية الوطنية تزداد طردياً مع تزايد مآسي الانقسامات الطائفية المدمرة ؟ التي لاتعزز الاّ الأدراك بان علة المآسي تكمن في اعتماد الاصطفافات الطائفية والعرقية وتكريسها، فضلا عن الصراعات على السلطة والنفوذ و للاستحواذ على اكبر قدر من اموال الشعب العراقي بكل اطيافه .
يعزز ذلك نتائج استفتاءات تجريها جهات متنوعة ذات طابع محايد، تفيد بأن هناك تحول جدي عن الأحزاب الدينية الطائفية بشكل خاص، اضافة الى تصريحات متنوعة بنفس المعاني لعدد يتزايد من الوجوه الدينية والسياسية والأجتماعية الفاعلة في مؤسسات الحكم من المنتمين للطائفتين السنية والشيعية، التي تذكّر بأن الدكتاتور كان يعتمد على من طاعه وامن به شخصاً . . عربيا كان او كوردياً، سنياً اوشيعياً، مسلماً او غير مسلم، وانه سلّم مفاتيح السلطة الأساسية لأبنائه وابناء عشيرته ….
التي تعبّر عن ان معادلة حكم العراق بظروفه كلها، الداخلية والأٌقليمية والدولية والنفطية . . لاتستقيم مع سياسة المحاصصة الطائفية الصماء، وان الوضع المأساوي المهدد اكثر، لايمكن البدء بمعالجته الاّ باعادة تشكيل الحكومة اولاً لتكون حكومة تكنوقراط على اسس الكفاءة والنزاهة، وعلى اساس الأنتماء الوطني للعراق، تراعي التنوع العراقي . . وليس المحاصصة الطائفية.
ووفق برنامج محدد يستهدف : توفير الأمن، المصالحة الوطنية على اساس تنازلات متبادلة مؤلمة لابدّ منها، ايجاد حل مناسب للبدء بالتنفيذ الفعلي للمادة (140) من الدستور الخاصة بكركوك، اعادة البناء اللوجستي للبلاد، حل الضائقة المعاشية لأوسع الفئات الكادحة . . من اجل انقاذ البلاد ولوضع الأسس الناجحة لبناء دولة عراقية فدرالية برلمانية موحدة، قادرة على مواجهة التحديات . . من اجل انقاذ البلاد من تدهور اكثر هولاً ودماراً !

7 / 8 / 2007