| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    السبت 30/6/ 2012



اين كانت " دولة القانون" عند خطف البرلمان ؟

د. مهند البراك           

يبدو للبعيد و كأن قول رئيس الوزراء بأن " لا استجواب، ولا سحب ثقة إلا عندما نصحح وضع المؤسسة التشريعية. . بعد اختطاف البرلمان " يبدو و كأنه قول لمصلح او سياسي يبذل الجهود في سبيل تصحيح مؤسسات الحكم لصالح الشعب، او أنها هي السبب في ماتعيشه البلاد . . و ليس بسبب سياسة و اجراءات حكومته، و هيمنة كتلته البرلمانية على البرلمان ذاته من خلال " التحالف الوطني " الكتلة الاكبر فيه . .
و كأن المواطن العادي بمعاناته اليومية لا يعرف ان المؤسسة التشريعية المقصودة هي ذاتها التي اوصلت المالكي بقراراتها الى رئاسة الوزراء، وسط اجراءاته الفردية ـ كرئيس وزراء الدورة السابقة لإنتخابات الدورة الثانية ـ و تهديداته حينها سواء بقطع الانتخابات و باتهامه مفوضية الانتخابات المستقلة بالتحيّز و الرشوة عند ميلان الكفة لصالح منافسيه، وسط تأكيدات و تهديدات رئيس الجمهورية الإيرانية نجاد علناً، بضرورة فوزه هو . . ليدافع المالكي بعد ان ضمن موقعه بتوافق الكتل، عن قرارات المفوضية رغم اعتراضات كتل هامة على عملية الانتخابات و اتفاق المحكمة الدستورية معها بعد ذلك، بقرارات . . ثم بممارسة اعضاء من حزبه و رجاله تهديدات واغراءات متواصلة، سواء خلال عملية الانتخابات التشريعية ذاتها او في تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر بعدئذ.
و فيما يرى كثيرون في ذلك القول خروجاً عن الدستور الذي بقي يدعو الى الالتزام به الى قبل ايّام، فانهم يتساءلون امن المعقول انه لم يلاحظ الاّ الآن، ابتعاد مسيرة الحكم عن الحياة اليومية الصعبة للمواطن، التي يتحمّل هو مسؤوليتها الاولى كرئيس للحكومة ـ و حزبه الذي تمارس قيادته دور الحزب الحاكم ـ ؟ الا يلاحظ نتائج ما قامت و تقوم به التهديدات و العطاءات من خزينة الدولة لتجميع المؤيدين التي تثار عليها انواع التساؤلات بسبب السرقات الفلكية و غض النظر ؟ و قرارات صادمة لتقريب المؤيدين وصلت الى الاعتراف بالشهادات المزورة كأمر واقع . . فيما يواجه المطالبين بحقوقهم الطبيعية في الخدمات و الاصلاح بالرصاص الحي . .
بعد تصاعد سياسة حكومته في اتباع سياسة "حافة الهاوية" ـ عليّ و على اعدائي ـ بتهديد الكتل المتنفذة الاخرى بكشف ملفات غسيلها، حتى صارت التهديدات متقابلة، و صارت لا تهدد الاّ بسقوط معادلة الحكم بالمحاصصة. فيما يرى مراقبون انه يستند في سياسته تلك على النجاحات التي حققها في دورته الاولى في تحسين الامن و كسب بها ود الأمريكيين و الساسة الايرانيين حينها، و وظّفها ـ باتفاقات عليا لم تعلن ـ لضمان فوزه في الدورة الحالية مدعوماً بشكل ثابت من ساسة ايرانيين، مادام نهجه كرئيس الحكومة و القائد العام للقوات المسلحة يفيد السياسة الايرانية . .
فيما تصعّد حكومته، بمناصبها اللادستورية التي غلب على وزراءها العسكريين و الامنيين و مدرائها طابع الـ "الوكيل" . . تصعّد ممارساتها في كتم الافواه، و تهمل التنبيهات المخلصة و مشاريع الاصلاح بل و تلاحق المطالبين و المعترضين دستورياً على اجراءات، بالسجون و التعذيب ـ وفق بيانات تتواصل للمنظمات و المؤسسات القانونية و الانسانية، الداخلية و العالمية ـ ، فيما يطلق سراح و يقرّب مجرمون و ارهابيون معروفون.

و يرى خبراء انه و مقرّبيه، بمراهناتهم الصمّاء على قرارات حكومة نجاد الايرانية و قرارات دوائر الغرب فقط و محاولتهم توظيفها له، دون الانتباه للدور الاساسي للمصالح النفطية و الامنية المتغيّرة في رسم السياسات . . و دون الاهتمام حقاً بحقوق شعبه بالحياة و الحرية، و تدنيّ درجة مقبوليته بين اوسع الاوساط الشعبية، و تغيّر التوافق الذي اوصله . . يعكس فهما قاصراً حتى لمحاولة تقليد قبول الادارة الاميركية فوز زعيم الاخوان المسلمين السيد مرسي بالرئاسة المصرية، المرتبطة بظروف مصر و حركاتها و قواها الشعبية و مؤسستها العسكرية . .

و لابد من التذكير هنا، ان حب السلطة و الانفراد بها هو الذي دفع الدكتاتور صدّام الى تحطيم حتى قيادات حزبه و الى مسخه ليسبّح بحمده، لضمان وصوله الى الرئاسة و الاحتفاظ بها عائلياً، فكبّد شعبه و المنطقة خسائر فادحة. و هو ذات الحب الكريه الذي اوصل هتلر الذي جاء بانتخابات برلمانية، الى فكرة الرايخ الثالث و "جئنا لنبقى"(1) لمحاولة السيطرة على النظام الاقتصادي العالمي ـ بدفع من رؤوس الاموال الباحثة عن اسواق (2) ـ و كبّد بذلك العالم و البشرية خسائر هائلة، بعد ان دمج السلطتين التشريعية و التنفيذية بيده بالعنف و الاموال، بتوظيف التناقضات المحتدمة الجارية آنذاك ليكون هو اعلى الجميع " الفوهرر" (وفق القانون؟).

و فيما يرى متخصصون، ان قيام حكم اسلامي في البلاد على غرار ايران 1979، لن يكون ممكناً، لجملة من الظروف العالمية و الاقليمية التي جعلت من نظام ولاية الفقيه الايراني ذاته، سبباً في حدوث أنواع الازمات و الآلام للشعوب الإيرانية و المنطقة من جهة . . و بسبب فشل نظام المحاصصة الطائفية و العرقية القائم الذي صار يدور في حلقة لايتمكن من الخروج منها حتى ان توفرّت النية في اصلاح اوضاع الشعب، في غياب ضامن للتوازن المدني . . كالمؤسسة العسكرية المصرية في ظل فوز الاخوان المسلمين بالرئاسة هناك، بمنظور الستراتيجيين الاميركان، مثلاً.

يرى آخرون بانه رغم القليل الذي تحقق، فان السيد المالكي قد ذهب بعيداً في فرديته و اجراءاته المنافية للدستور .. من ضرب المتظاهرين بالرصاص، اضطهاد الصحافة و الصحفيين، استخدام ملفات الأمن و النزاهة كسلاح لمواجهة المنافسين و كسب الأتباع داخل و خارج كتل البرلمان، الى السيطرة على الهيئات المستقلة و القضاء و غيرها . .
حتى صارت دعواته للحوار مع مخالفيه لايمكن الركون اليها بسهولة، لسرعة انسحابه مما يتفق عليه ان وجد ما يحقق له هو مكسباً اضافياً للاستئثار بالحكم، بل ان سلوكه آنف الذكر ابعد المرجعية الشيعية العليا عن تأييد حكومته، بعد ان صار سلوكه السياسي معروفاً طيلة تجربة 6 سنوات على حكمه كرئيس وزراء . . و يتساءل آخرون بانه قد يرى ان سلوكه هو الصحيح (!) في اطار فكره و ايديولوجيته الداعية لقيام حكم و دولة اسلاميتين، والاّ لماذا يدعو الى حل البرلمان و الى اجراء انتخابات جديدة؟ كجواب على و هروب من المساءلة الدستورية الأصولية كما يجري في البلدان الدستورية، و وفق بنود الدستور العراقي، الذي اقسم على حمايته؟ اليس ذلك اكثر ايلاماً من رفض الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ؟؟


29 / 6 / 2012


(1)
لاحظ تعبير (ما ننطيها) للمالكي باللهجة العراقية، بانه لن يسلّم السلطة لأحد غيره .
(2)
لاحظ الصراع العنيف لرؤوس الاموال الاقليمية الباحثة عن اسواق في جعل العراق اسواقها، لتصريف بضائعها المتخلفة و الكاسدة : الايرانية المحاصرة، التركية، الخليجية و العربية، اضافة الى صراعات النفط بين الكواسر الدوليين الكبار من غربيين و شرقيين . . التي تبحث عمّن يحقق لها اهدافها من الكتل العراقية المتنفذة، مهما كانت خسائر الشعب .

 


 

 

free web counter