| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 2/10/ 2012



جديد في صراعات المنطقة !
(1)

د. مهند البراك           

قيل و كتُب و دار الكثير و يدور . . ليوضح ماهية عالم اليوم، و يبيّن الأهمية المتزايدة للشرق الاوسط بثرواته و دوله، و شعوبه بقومياتها و اديانها و مذاهبها، للعالم اجمع . . شعوبه التي تزداد وعياً بحاجتها الى حريتها و تعطشها لحقوقها. الأمر الذي يجعل من الشرق الاوسط اليوم مسرحاً لصراعات الدول العظمى و القوى الدولية الصاعدة في مجالاتها المتعددة . . في العالم المترابط المتناحر وفق محاور صراع و توازنات و توافقات مرحلية او مؤقتة، لإدامة و اقتسام جديدين لمصالح، قسم منها معروفة و اخرى جديدة و ثالثة تبرز حديثاً . .

و يرى محللون ان تلك التطورات تؤديّ الى اوضاع جديدة، سواء في دول او مكوّنات الشرق الاوسط الديموغرافية او في اعادة اصطفافها وفق تلك التطورات . . في ظروف تعدد القطبية، استمرار و تواصل الثورة التكنولوجية . . و هيمنة الاحتكارات الكبرى و انفلاتها من القرارات السياسية لحكومات و ادارات و قوانين دولها الكبرى ذاتها .

اضافة الى ظهور احتكارات من نوع جديد تشكّل قوى عسكرية ضاربة مستعدة لشن حروب، و تحمل أسماء متنوعة من (شركات الحماية الخاصة)، (وكالات عسكرية خبيرة) يقودها عسكريون كبار (متقاعدون) بصفة خبراء، الى ميليشيات محلية تدار من خارج، وغيرها . . من التي تتحرك الى الان بمظلة قوات نظامية لبلد او بلدان او بمظلّة مُكوّن من مكوّنات في بلد من تلك البلدان، في عملياتها . . وافراد تلك القوى غير خاضعون لدساتير دول او لقرارات المنظمات الدولية المعروفة كمنظمة الامم المتحدة مثلاً، باعتبارها مشاريع خاصة (غير حكومية) .

و فيما يصف محللون ان ما يجري هو صراعات بين دول الخليج النفطية و ايران، على محاور النفط و الطائفة، و صراعات اديان يجري تسعيرها . . و يرى آخرون بكونها جزءاً من صراعات الشرق و الغرب (الثقافية) التي يجري تغذيتها بأنواع المؤسسات و المفاهيم . . الاّ انها تخفي صراعات احتكارات متعددة الجنسيات شرقية ـ غربية، تحاول بصراعاتها تلك ان تطغي على الصراع من اجل الحرية و العدالة الاجتماعية و التحرر القومي و التقدم الذي تنشده شعوب المنطقة، بشعارات الدين و الطائفة . . لتجييش الحشود لإمرار مشاريعها .

يرى مراقبون ان الإدارة الاميركية . . بعد تجربتها من تواجدها السابق في السعودية و ما احدث من ردود افعال شعبية، و بعد تجربتها الدموية و المريرة في احتلال العراق . . التي وظّفت نتائجها لخلق مناخ دولي و اقليمي اكثر توتراً و تفجراً . . يسير حتى الآن على نهج الإبقاء على حدود دول المنطقة بمكوّنات تتنازع . . و اوكلت مهام ذلك الى دوائر خارجيتها و مخابراتها اضافة الى استعداداتها العسكرية، وفق بياناتها .

فيما تحاول الإحتكارات (التغيير) و الاحتفاظ بعلاقات مع كل اطراف النزاعات الحادة . . عن طريق المعلومات و الخِبَرْ و تحريك الغير او السكوت المتغيّر عنه . . فالادارة الاميركية لا تسعى ولا تريد انحلال وتحطّم الدولة السورية مثلاً، و لذا كان ولا يزال التدخل الاميركي محدود والمخابرات المركزية ( سي اي اي ) تحتفظ بعلاقات مع الثوار كـ ( الجيش الحر ) وتزوده بمعلومات دقيقة عن انتشار وتحرك قوات الجيش النظامي السوري، لكنها لا تزوده بالأسلحة . و هي تدعم المساعدات المقدمة للمعارضة المنتفضة، من الدول الخليجية، مثل السعودية و قطر، و تتقاسم الرغبة معهم في انهاء التحالف السوري ـ الايراني .

من جهة اخرى تعتبر روسيا ان سوريا اخر معاقلها في منطقة شرق المتوسط ـ بعد ان خسرت تواجدها في ليبيا ـ فتعتبر دوائر روسية ان سوريا هامة جداً لها، لديمومة بقائها في المنطقة، سواء بما لديها من قواعد عسكرية فيها من جهة، و لكونها تعتبر نفسها حامية الكنيسة الارثدوكسية الشرقية في المنطقة (*)، في ظروف تصعيد و تسعير الصراع الديني في المنطقة، الذي طال الصراع الديني داخل اسرائيل .

و يشير اقتصاديون الى اهمية العامل الاقتصادي الكبير المتمثل بالبروز الحاد لقضية الغاز الذي يزداد الطلب عليه في الغرب لأنه اقل تلويثاً للبيئة من النفط . . حيث برز الصراع حوله في سوريا مؤخراً كعامل شديد الخطورة على اقتصاد روسيا بتقدير دوائرها، تمثّل بالخطة القطرية لإمداد انبوب الغاز من منابعه العملاقة فيها الى البحر المتوسط عبر سوريا، الأمر الذي سيسهّل وصوله الى اوروبا، بتأييد بيوتات دولية كبرى و خاصة في الغرب .

لأنه سيسبب ضربة اقتصادية كبيرة لروسيا المصدّر الرئيس للغاز الى اوروبا الآن . . ضربة يقارنها فريق من الاقتصاديين بانها ان تحققت فانها ستكون بمستوى الضربة التي قام بها الغرب حين خفّضت الاحتكارات الدولية اسعار النفط تخفيضاً حاداً في اواخر ثمانينات القرن الماضي، و اجبرت بذلك الاتحاد السوفيتي عشية تفككه على الرضوخ لشروط قروض الغرب، و كانت الضربة التي عجّلت بالتفكك المؤسف للاتحاد السوفيتي .

و فيما تشعر روسيا بمحاولات الغرب عزلها و التضييق عليها سياسياً و اقتصادياً و عسكرياً، التي ازدادت وضوحاً بسبب موقف الناتو وتدخله العسكري في ليبيا الذي كان خديعة لها بتقدير دوائرها . . اضافة الى ان قيام الناتو ببناء خط الدفاع الصاروخي وأجهزة الرادار في القسم الشرقي من تركيا، الذي تعتبره روسيا تهديدا جديّاً ا لأمنها القومي .

و على ذلك و غيره، ترى دوائر روسية بتقدير متابعين . . ان اعداء نظام الاسد هم اماّ عملاء لدول الخليج او يعملون لصالحها، الأمر الذي يؤدي الى تزايد تقارب روسيا من الموقف الإيراني في صراعه مع الادارة الاميركية. و يصل الى اصرارها على موقفها الرافض للتدخل العسكري الدولي لعدم ثقتها به، و لتهديده لمصالحها المباشرة كما مرّ . .

من جهة اخرى فإن الصين ورغم محاولتها الحفاظ على مبدأها في " عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول " من اجل ان تستمر معدلات نموها الإقتصادي و غيرها من المصالح المتعلقة بالمنطقة التي تجعل منها قريبة لأطراف الصراعات بمجموعها حتى الآن !! و ترفض الموافقة على قرارات مجلس الأمن الداعية الى التدخل العسكري في المنطقة كما حدث في ليبيا و كما يدور الآن في سوريا . . يرى اقتصاديون و سياسيون ان الأهم في سياسة الصين الآن في المنطقة، هو اكمالها لمشروع الخط الحديدي " خط بكيّن ـ المتوسط " الذي لابد ان يمرّ في سوريا الى البحر .

 (يتبع)

1 / 10 / 2012

 

(*) الذي يذكّر بمحاولتها لدعم ميلوسوفيج و الجيش الصربي عسكرياً، بواجهة انتماء الصرب للكنيسة الارثدوكسية في الاحداث الدموية في البلقان، التي اخذت رداءً دينياً طائفياً . .
 

 

free web counter