| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 24/5/ 2011



الجماهير بين الآمال و بين المتنفذين !

د. مهند البراك 

من المعروف ان كل حزب يعتمد الجماهير في تحقيق مشروعه، او يسعى لكسبها و الحصول على دعمها، لابدّ و ان يسعى ليكون طليعة و قدوة لها في تمثيل طموحها و تحقيق مصالحها، الأمر الذي يجعل الجماهير و خاصة اوسعها الكادحة . . يجعلها مؤيدة له و حامية و مطيعة لقراراته و مادّة ايّاه بخيرة ابنائها و بناتها .

و ذلك ما عاشه شعبنا و هو يقدّم الكثير من التضحيات التي لاتعد و لاتحصى في النضال ضد الدكتاتورية، و عاشته كل الشعوب التي نجحت في تحقيق طموحاتها في ازمان مختلفة، مبرهنة المرة تلو الأخرى على ان . . تحقيق " المعجزات " تمّ و يتم حين تتطابق مصالح اوسع الجماهير الكادحة مع نضال و طموحات الأحزاب التي قادت و تقود الثورات و التغييرات الكبيرة في بلدانها و مواطنها، و وصلت بها الى نجاح.

و فيما فشلت احزاب في تحقيق مشاريعها، لفشلها في تمثيل تلك المصالح و القِيَمْ ، فإن احزاباً ثورية مجربة فشلت ايضاً حين استلمت السلطة و انغمست وجوهها و ممثليها في الكسب الشخصي و المغانم الفردية . . و باشكال من الطرق سواء كانت محوّرة ضمن دستور، او ضمن دستور و على ادّعاء (المصلحة العامة) او (المصلحة الوطنية)، او بالتراضي مع من يحكم معها و بغضها النظر بعضها عن بعض . . على اساس تفسير مصلحي ارادوي ضيّق لـ (انما المؤمنون اخوة)، او بتطبيق مشوّه للتوافق و على اساس المحاصصة الضيّقة الطائفية .

و بتراكم ذلك و على مراحل، و حين لا يعد يكفي حتى وجود و سعي فئات و شخصيات مخلصة لقضية الشعب في صفها . . تفترق طرق السلطة عن طرق الشعب بداية، ثم تتقاطع حين تتواجه المصالح متعارضة في الشارع و مواقع العمل . . ليهون كل شئ امام الجماهير في سبيل تحقيق آمالها و حياتها و مصالحها . . حين لم يعد من مثّلها يوماً يمثّلها، و حين تبحث عن آخر يمثّلها، او تخلق ممثلاً جديداً لها يدافع عن مصالحها و يسير على طريق آمالها . . كما خلقت في السابق .

و يشدد الباحثون على ان تمثيل مصالح و آمال اوسع الفئات و الطبقات الكادحة ليس خالداً او وقفاً و حكراً لحزب ما . . بقدر خلود مصالح اوسع فئات الشعب الكادحة و قيَمْها و آمالها في حياة افضل ، و مدى تعبير ذلك التمثيل السياسي لها و مواصلته الدفاع عنها وصولاً الى البدء و الإستمرار بتحقيقها .

ذلك هو الذي يجري اليوم في " ربيع الشرق الأوسط " بتقدير اوساط واسعة . . حين واجهت الجماهير و تواجه و بشتى مكوناتها العرقية و القومية و الدينية و المذهبية و الفكرية، حكومات و احزاباً عبّرت عن ارادتها يوماً ـ او استطاعت تصوير ذلك لها في لحظة و لفترة ما ـ ثم سارت في طرق ادّت بها لأن تصبح دكتاتورية فردية بعد ان صفّت حتى رفاقها القريبين . . . في تعبير لايخفى عن التناقض الدائم بين المحكومين و الحكّام حين يباتون يفكّرون و يعملون في وديان اخرى غير وديان الشعب الكادح بكل مكوّناته .
 
و فيما يؤكّد متخصصون على ان تلك العلة كانت هي السبب الرئيسي للإنهيار المؤسف للحزب الحاكم و دولته في الإتحاد السوفيتي السابق، رغم تحقيقه ثورة عظمى غيّرت التأريخ . . يؤكّد مراقبون بأنه في محاولة للوقاية من تلك العلة، تشكّل " تجمع المحافظين الجدد " الحاكم في الولايات المتحدة من رجالات الديمقراطيين و الجمهوريين لتخفيف الأزمات الداخلية و لمواجهة العالم الجديد اثر انهيار عالم ثنائية القطبية .

و كانت السبب في تشكيل " الجبهات الليبرالية ـ الإشتراكية ـ المحافظة " و تجمعات " الوسط و يسار الوسط " في انتخابات دول اوروبا . . التي فازت بعد ان حققت الكثير من مطالب الأوساط العمالية و الكادحة في عقد التسعينات الماضي . و حيث يدور ذات الجوهر في صالوناتها و بين جماهيرها و هي تتهيأ لأنتخاباتها القادمة .
 


23 / 5 / 2011
 


 


 

free web counter