| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الأربعاء 15 / 11 / 2006

 

 

اي تعديل وزاري ننتظر ؟ ! *

 

د . مهند البراك

يدور الحديث عاليا الآن عن ضرورة اجراء تعديل حكومي . . في ظروف تجمّعت المآسي بها ووصل الأقتتال الطائفي فيها الى حد اقتتال المناطق ومحلاّت السكن، ووصلت الوحشية فيها الى لجوء اوساط تتسع من العراقيين نساءاً ورجالاً الى خط (حفر) اسمائهم وارقام تليفونات اهاليهم على اجسامهم خوفا من ان يمثّل بجثثهم ان ذُبحوا !!
وبعيداً عن تسمية احزاب واشخاص ومؤسسات بعينها، فان ذلك الواقع المريع لايمكن وصفه وبأسف الاّ بعدم استطاعة الحكومة من كسب الشعب باطيافه . . ولا باثبات ان اولوياتها و اهدافها وجدولة نشاطها، هي ليست جدولة واولويات الأدارة الأميركية التي تنطلق من مصالحها، سواء في الوجود في البلاد او في جدولة وشكل تواجدها وانسحابها .
في ظروف ترى اوسع الفئات فيها، ان الجدولة التي تحتاجها البلاد تقوم على اسس : أمن البلاد، التزام البلاد بالسلم في المنطقة ، حياد العراق في الصراع الأميركي ـ الأيراني، وعلى اساس ان استقراره وبالتالي رفاهه لابد ان ينطلق من واقعه الموجود هو، بالتعاون والتناسب والأنطلاق من واقع المنطقة ـ الذي يثبت ان لاجدوى من القفز عليه ـ والتعاون معها على اساس احترام سيادة العراق وعلى اساس المنافع المتبادلة .
الأمر الذي يثبت مجدداً وجود خللٍ هائل في وحدة ارادة وعمل الحكومة (الطبقة السياسية الحاكمة)، وخللات واضحة بين وجهة ممثلي القوى الفاعلة في المجتمع وواقع حال ومعيشة ابناء تلك القوى ذاتها بكل اطيافها وقومياتها، الذي يستوجب وبالحاح انهاء نهج (المحاصصة الطائفية والعرقية) الذي اسس له السفير بريمر، النهج الذي لايمكن بدون حلّه، التوصّل الى حكومة عراقية موحدة قادرة على اساس كفاءة ممثلي مكوناتها، على الدخول في صراعات من اجل قضيّتها العراقية، قضية حياة ومصير الأطياف العراقية التي تمثلها . .
ان على التعديل الوزاري، ان يقرّ بالواقع الفعلي لقدرات الحكومة القائمة واسبابه (1)، لتوضيح ماهية اولوياتها وجدولتها واسبابها لأختيار التعديل من جهة، ومن جهة اخرى لتثبيت حاجتها وحاجة العراق الأستثنائية (2) الى الدعم الدولي والأقليمي الآن ومداه . . على طريق تحقيق الأنتصار على التكفيريين والصداميين والقوى الأجرامية المتنوعة، وكضمان للألغاء الفعلي للميليشيات الطائفية السنيّة والشيعية، ومن اجل تنفيذ حكم المحكمة الصادر بحق الدكتاتور صدام وكبار مجرميه وضمان فاعلية ونجاح اعلان العفو العام والمصالحة، ومن اجل نجاح مسيرته .
تعديل، يضع الأدارة الأميركية الحالية على محك التغييرات الجارية ـ المعلنة وغيرها ـ في سياستها سواء كانت تكتيكية ام ستراتيجية ام فنية وعسكرية، التي بدأت بحسمها علناً نتائج الأنتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، وعلى اساس التحالف الستراتيجي الجمهوري ـ الديمقراطي الأميركي الغني عن التعريف. النتائج التي لعب فيها واقع الحرب في العراق والخسائر الأميركية فيه دوراً واضحاً كما تناقلت مختلف وسائل الأعلام الدولية والأميركية والأوربية . .
من اجل الأنطلاق لأشراك الأتحاد الأوربي والصين وروسيا واليابان في حل المعضلات والسير على طريق بناء البلاد . . . وعلى اساس الدعم الأقليمي المالي والأمني والأداري من اقطاب المنطقة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وجمهورية ايران الأسلامية، الدعم الضروري لها ايضاً وفق سياساتها المعلنة .
تعديل، لايسمح بخلط الأوراق ويستمر في اقرار حق الشعب الكوردي في تقرير المصير، وعلى اساس ان التعامل بقضية الفدرالية الكوردستانية لاينفصل عن مسيرة وحالة الديمقراطية والأستقرار في عموم البلاد (3)،(4) وبضوء وروحية تطبيق شعار" الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان " الذي قد يحمل مرونة في امكانية العودة اليه، الشعار الذي ناضل الشعب العراقي بمكوناته من اجل تحقيقه عقود طويلة، نال خلالها اعتراف حكومات عراقية متتابعة، اضافة الى تفهّم وتأييد ابرز اقطاب المنطقة، في ظروف صاراتباع المرونة فيها امر حتمي على جميع المكونات، لتكوين موقف وحكومة عراقية قوية فاعلة، والاّ فان وقائع مؤسفة متنوعة تشير الى ان ما حققه الشعب الكوردي في العراق حتى الآن، يبدو هو الآخر مهَدداً بالألتفاف عليه، لأنه مهدد بحالة وواقع الكل العراقي الذي هو جزء منه، في وقت يشهد الكلّ العراقي فيه تحركات جهات اميركية ومنطقية تدفع بجهات عراقية معروفة بمواقفها المتصلبة من القضية الكوردية، بدعوى الموازنة ؟! (5)
تعديل يتطلّب، الأعلان والبدء ببذل جهود عراقية ميدانية عاجلة للتحقق مما وصله الحال العراقي اليه، للقيام بأجراءات عاجلة من جهة، ومن جهة اخرى لتحديد نقطة بدء عملي جديد في تطبيق واعادة صياغة ماهية وسمات، وبالتالي ادوات الديمقراطية التي تحتاجها البلاد وصولاً الى تحسين خطاب قابل للتطبيق للسير على طريق " عراق ديمقراطي برلماني موحد " على اساس حكومة مسؤولة في المركز وتوسيع اللامركزية في الحكم .
تعديل وزاري، يتطلّب وبكل احترام، ان توضّح المرجعية الشيعية العليا الممثلة بمكتب آية الله العظمى السيد علي السيستاني موقفها من التصريحات التي تُعلَن من قبل مراجع وآيات في امور مصيرية، التي يفهم منها كما لو انها صادرة عن مكتب سماحته، والتي ادّت وتؤدي الى الخروج عن الدورالأساسي للمرجعية الذي عبّر عنه مكتب سماحته، الذي اشار الى مظلومية الشيعة والسنه، والذي يمكن ان يُفهم منه ان الدكتاتور صدام لم يكن طائفيا بقدر ما انه عاقب واساء لكل مكونات الشعب العراقي وطوائفه التي لم تتفق معه، والتي بفعل عوامل متعددة ـ لايتسع لها المجال هنا ـ تسببت بآلام أشدّ بين ابناء الطائفة الشيعية . . وتحذير مكتب سماحته من عدم الأنجرارللمخططات والفتن الطائفية المتصاعدة في المنطقة (6).


* لمزيد من التفاصيل راجع مقالَيْ الكاتب " عراقنا بين الفدرالية، النظام الشمولي والتقسيم " 1 و 2 ، في 23، 25 / 10 / 2006 . . . اللذين نشرا في الصحافة العراقية والعربية وكثير من المواقع الألكترونية ، والموثقين في الصفحه الألكترونية للكاتب في موقعي : " الحوار المتمدن" www.rezgar.com ، " الناس" www.al-nnas.com .
1. رغم اقرار عدد من اعضاء الحكومة بالثغرات وبنتائجها الخطيرة، الاّ ان اوساطاً نافذة عراقية ومنها حكومية واخرى اميركية اعتبرته . . تقديرات شخصية ؟!
2. حاجة العراق الأستثنائية، بمعنى بعيداً عن قيود وشروط الدول المانحة والبنك الدولي، وبشكل مؤقت باعتبار ان حالة العراق حالة فائقة الأستثنائية، تستدعي الدعم الأنساني الى حين تحقق حالة استقرار انساني واقعي، وفق الشروط الأنسانية المنصوص عليها في لوائح الأمم المتحدة .
3. لابد من التذكير ان قوى معارضة صداّم كلّها كانت قد اتفقت قبل سقوطه على حق الكورد في بناء فدراليتهم ضمن عراق برلماني موحد .
4. بمعنى ترابط الواقعين، كمؤثرَين ومُتَأثرَين احدهما بالآخر. راجع استخلاص التجربة والعبر من احاديث وخطب القائد الكوردي الفقيد ملا مصطفى البارزاني في مؤلف " البارزاني والحركة التحررية الكوردية " ، تأليف الرئيس الكوردستاني الأستاذ مسعود البارزاني، بالعربية .
5. للتأكد من ان تحرّك الأدارات الأميركية تمليها مصالحها الداخلية وليس وعودها ، راجع كتاب " سنوات في البيت الأبيض" ، هنري كيسينجر، الفقرات التي تتعلق بالأنهيار المؤلم للحركة الكوردية عام 1975 ، خطب الرئيس الأميركي الموجهة للشعب الأميركي طيلة العام الماضي، مانشر من تقرير لجنة جيمس بيكر حتى الآن .
6. تزداد قيمة المطالبة بالتوضيحات . . اثر صدور كتاب السفير بريمر " عام قضيته في العراق " ، دار الكتاب العربي ـ بيروت . ووصفه شبه الموثق لدورها منذ سقوط الدكتاتورية.