د. عبدالخالق حسين
الجمعة 16 /2/ 2007
الإسلام بين التفخيخ والتفخيذ...!
د. عبدالخالق حسين
قال النبي محمد (ص): "بدأ الإسلام غريباً وينتهي غريباً". كما وقال الإمام الشيعي الخامس، محمد الباقر(ع): "أخاف على أمتي من أئمة ضالين". أعتقد إن الإسلام يقترب الآن من هذه المرحلة، أي مرحلة الاغتراب والخطر. ولكن يا للمفارقة، فإن الإسلامويين يسمون هذه المرحلة بـ(الصحوة الإسلامية). وفي رأيي، إذا كانت هذه صحوة، فهي صحوة الموت وذلك بفضل الإسلامويين أنفسهم. فألد أعداء الإسلام اليوم ليس الليبراليون وغير المسلمين كما يدّعي الإسلاميون، بل هم دعاة الإسلام السياسي أنفسهم الذين يعملون على هدم الإسلام كدين وتحويله إلى آيديولوجية لا إنسانية في مواجهة دموية مع العالم المتحضر تغذي الإرهاب، لا تختلف كثيراً عن آيديولوجية الفاشية والنازية إن لم تبزهما. فإذا كانت حركات الفاشية والعنصرية تميِّز بين البشر على أساس عنصري، فالإسلام السياسي أخطر من الحركات الفاشية العنصرية لأنه يميّز بين البشر على أساس ديني مع إضفاء القداسة على هذا التمييز، ويبشر أتباعه بالجنة إذا ما قاتلوا في سبيله. وهنا يكمن خطر الفاشية الدينية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول مهدي عاكف، مرشد حزب الأخوان المسلمين في مصر، إنه " يفضل ماليزي مسلم رئيساً لمصر على القبطي المسيحي المصري." كما وطالب زعيم الإخوان المسلمين السابق مصطفي مشهور بأنه: " يجب إخراج الأقباط من الجيش المصري وأن يدفعوا لنا الجزية وهم صاغرون " علماً بأن الأقباط هم سكان مصر الأصليون وبناة حضارتها العريقة. والأدهى والأنكى من ذلك أن التمييز في الإسلام السياسي لن يتوقف ضد الأديان الأخرى فحسب، بل ويتعداها إلى التمييز بين المذاهب من داخل الإسلام نفسه وبذات القوة. ولتحقيق هذه السياسة الفاشية يعمل الإسلام السياسي على تحويل أتباعه إلى مفخخات وعبوات بشرية ناسفة لقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء بسبب هذا التمييز الديني والمذهبي، لخلق سايكولوجية الرعب. وقد نجحوا في ربط اسم الإسلام بالرعب والإرهاب، وهم يعتمدون في إرهابهم على النصوص الدينية مثل: " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم."(الانفال60).
لا شك أن هذه المحنة التي يمر بها الإسلام هي من صنع رجال الدين المسلمين المسيَّسين أنفسهم عندما زجوا بدينهم في السياسة ودفعوا الشباب المحروم من الثقافة ومتع الحياة إلى أعمال انتحارية ضد الأبرياء. فكما هو معروف، هناك إرهاب إسلامي يفتك بالعالم مستخدماً تكنولوجية التدمير من المتفجرات الناسفة وتفخيخ السيارات والبشر وحتى الحيوانات بالعبوات الناسفة لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين الأبرياء بأسم الله والإسلام. ويتلقى هذا العمل الإجرامي، المباركة من رجال الدين من أمثال القرضاوي وعشرات غيره الذين يصدرون فتاوى التحريض بدعوى الجهاد ضد الكفار، كأقصر طريق لدخول الجنة والتمتع بحور العين والولدان المخلدين.
والسؤال هو، كيف نجح دعاة الإسلام السياسي في تحويل أتباعهم إلى مفخخات؟ يجيب الدكتور رياض عبد في بحثه (سايكولوجية الإرهاب) على هذا السؤال قائلاً: "هناك بدايات لبعض النظريات التي طرحها بعض علماء النفس الغربيين والتي تحاول تفسير عملية التغيير السايكولوجي التي يمر بها الفرد لكي يصبح إرهابياَ. وتبدأ عملية التغيير هذه بإختزال هوية الآخر إلى هوية أحادية مسطحة (خائن، عميل، كافر...الخ) تليها اختزال هوية الذات الى هوية أحادية بسيطة (مجاهد، مقاتل، شهيد...الخ) وبعد ذلك يتم انتزاع صفة الآدمية عن العدو ليصبح بعدها العدو في نظر الشخص كائناَ لا قيمة له لا يستحق الشفقة ولا يستحق الحياة. والمرحلة الأخيرة هي إضفاء صفة الشر المطلق على الضحية أو الضحايا (demonisation) وإنكار أية صفات خيرة أو حميدة لها." وهذا ما يجري فعلاً في العراق ومناطق أخرى من العالم على أيدي المجاهدين الإسلاميين. هذا فيما يخص التفخيخ.
أما التفخيذ، فقد سمعت به لأول مرة عندما قرأت كتاب (تحرير الوسيلة) للمرحوم آية الله العظمى الإمام روح الله الخميني، زعيم الثورة الإسلامية في إيران في حق الرجل بممارسة الجنس مع الزوجة مهما كان فارق العمر بين الزوجين. فيحق للرجل الزواج من طفلة وحتى الرضيعة على أن يتجنب ممارسة الولوج بها قبل أن تبلغ "الزوجة" التاسعة من العمر. ولكن يحق له ممارسة التفخيذ معها أي مع الرضيعة!! والتفخيذ عملية جنسية يندى لها الجبين، يمارسها الشواذ مع الأطفال القصر وحتى مع الريضعة في عمر السنتين. والغريب هنا هو أن أفتى بصحة هذه العملية وأباح بها وناقشها في كتابه المشار إليه أعلاه إمام شيعي وزعيم الثورة الإسلامية في إيران ألا وهو الإمام الخميني.
إذ يقول الإمام الخميني في "- مسألة 12- لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواماً كان النكاح أو منقطعاً، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى مع الرضيعة،..." (الإمام الخميني، تحرير الوسيلة، ج2، ص216، دار المنتظر، بيروت- لبنان، ط2، 1405هـ-1985م). فالإمام يبيح الزواج من الطفلة في التاسعة من العمر، كما ويبيح سائر الاستمتاعات الجنسية الأخرى مثل الضم والتفخيذ حتى مع الرضيعة!
قد يعترض قارئ فيقول أن هذه الممارسات الجنسية موجودة حتى في الغرب، فلماذا الإعتراض عليها عندما يصدر رجل دين مسلم حكماً بإباحتها؟ الجواب كالتالي: نعم تحصل هذه الممارسات ضد الأطفال في الغرب ومعظمها من قبل أولياء أمورهم أو أقاربهم، وهنا الكارثة. ولكن هذه الأعمال تعامل في الغرب كجرائم أخلاقية فظيعة مخلة بالشرف وتصبح عناوين بارزة في الصحف وغيرها من وسائل الإعلام، ويحال مرتكبوها إلى المحاكم التي تنزل بحقهم أشد العقوبات. وحتى عند انتهاء مدة عقوبتهم يعتبرون خطيرين ويوصمون بتسمية الشبق الجنسي بالأطفال (paedophile) توضع أسماءهم في سجلات خاصة.
أجل، في الغرب وكافة الدول المتحضرة، تعتبر أية ممارسة جنسية مع الأطفال اغتصاب جنسي (child abuse) يعاقب المرتكب عليها بقانون، ولا أعرف أي قانون هذا يسمح بالزواج من طفلة رضيعة وممارسة الجنس معها تفخيذاً قبل التاسعة من عمرها ودخولاً بعد هذا العمر؟ فلو أباح أي إنسان هذا العمل في مقال أو كتاب، أو مارسه، وعرفت السلطات الحكومية عنه، يحال إلى لجنة من الأطباء الأخصائيين في الأمراض العقلية ليتأكدوا من صحته العقلية، وهل هو سليم العقل أو مصاب بلوثة عقلية. فإذا كان مصاباً بلوثة عقلية يرسل إلى مصح عقلي للعلاج. أما إذا كان سليم العقل، فيحاكم ويدخل السجن. والغرض من كلتا الحالتين هو حماية المجتمع من شرور هذا الإنسان الشاذ في جميع الأحوال. ولكن ماذا نقول لو أباح رجل دين وزعيم أمة يقود ثورة دينية من وزن الإمام الخميني الزواج وممارسة هذا النوع من الجنس حتى مع الرضيعة؟
أرجو من القراء من أتباع الإمام الخميني أن ينظروا إلى الأمر بجدية ومن منطلق إنساني وعقلاني وفكري، وليس من منطلق الولاء للانتماء الطائفي وفق مبدأ (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً). المطلوب من هؤلاء أن يتجنبوا الصراخ والعويل والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور، فما ذكرته من فتوى السيد الخميني تبيح الزواج بالطفلة الرضيعة ممارسة الجنس معها تفخيذاً ليس افتراءً مني، معاذ الله، بل حقيقة ذكرها الراحل في كتابه (تحرير الوسيلة) المشار إليه أعلاه.
فما أباحه الإمام الخميني هو اغتصاب جنسي بعينه وجناية كبرى بحق الطفولة البريئة التي هي بحماية أبويها والمجتمع والسلطة، بشقيها الديني والسياسي. فإذا أصدر زعيم ديني-سياسي مثل الخميني حكماً بإباحة هكذا عمل فعندئذ نقرأ على الإسلام السلام. لذا أرى من واجبي ككاتب أن أثير هذه المسألة الخطيرة إلى الرأي العام وألفت إليها انتباه أعلى المراجع الدينية والسياسية ومنظمات حقوق الإنسان والطفولة بما فيها منظمة الأمم المتحدة.
الاغتصاب في الإسلام
وطالما نحن بصدد الاغتصاب في البلدان التي يطبق فيها حكم الشريعة مثل السعودية وإيران والسودان، أو المرشحة لهذا الحكم، مثل العراق ومصر وفلسطين وغيرها، أرى من الضروري أن أذكر أنه من الصعوبة بمكان، إثبات جريمة الاغتصاب الجنسي أو الزنا وفق الشريعة الإسلامية. فالمطلوب في إثبات هكذا جريمة وفق الشريعة وجود أربعة شهود عدول ذكور، على أن يكون كل منهم قد شاهد العملية الجنسية بالكامل أي الولوج penetrative sex أو ما يسمى باللغة الدينية (الميل بالمكحلة). فالملامسات الجسدية بقصد الشهوة الجنسية بالقوة لا تعتبر اغتصاباً في الإسلام ما لم يرافقها ولوج جنسي يشهده أربعة شهود (ذكور) عدول. وقصة المغيرة بن شعبة، والي الخليفة عمر بن الخطاب في البصرة معروفة مع المومس أم جميل ومفادها أنه بينما الوالي كان يمارس معها الجنس في كوخ من قصب أو سعف النخيل (صريفة)، هبت عاصفة وطارت الصريفة فافتضح الوالي وهو في وضع مشين شوهد من قبل أربعة أشخاص بالغين كانوا مارين بالصدفة. فرفع هؤلاء الأمر إلى الخليفة عمر الذي دعاهم مع الوالي إلى المثول أمامه في المدينة المنورة. وجرت المحاكمة وقدم ثلاثة من الشهود وصفاً دقيقاً للعملية بما فيها (الميل بالمكحلة). أما الرابع فأيد معظم ما ذكره الشهود الثلاثة إلا إنه قال بأنه لم يشهد منظر الميل بالمكحلة. وهنا أمر الخليفة بجلد الشهود الثلاثة الأوائل وبرأ ساحة الوالي وأعاده إلى وظيفته في البصرة. وهذه الرواية مذكورة بأدق تفاصيلها في كتاب (تاريخ الطبري). ومن هنا نعرف أنه من المستحيل إثبات جريمة الاغتصاب أو الزنا في الإسلام. ويدَّعي رجال الدين أن الإسلام فرض هذه الشروط الصعبة على إثبات الزنا أو الاغتصاب من أجل الستر. ولكن ماذا عن الاغتصاب؟ وأين حقوق الضحية؟ قد يعترض أحد فيقول أن جاء في الإسلام أن النساء مصدقات على فروجهن. ولكن في هذه الحالة، لماذا لا يمكن إثبات جريمة الاغتصاب في الدول التي تطبق فيها الشريعة الإسلامية وسأذكر مثالين أدناه.
المثال الأول، أتذكر قصة مأساوية قرأتها في الصحف، حصلتْ في السعودية في التسعينات من القرن الماضي حيث وقع اعتداء جنسي من قبل جماعي (gang rape) على تلميذ في مدرسة متوسطة من قبل المعلمين، وكان المجني عليه ابن أستاذ جامعي من إحدى الدول العربية. ولما قدم والد الطفل شكوى إلى السلطات المسؤولة ولم يستطع تقديم أربعة شهود وفق متطلبات الشريعة الإسلامية، عوقب هو بالجلد بتهمة الكذب والافتراء.
المثال الثاني، مأساة النساء في باكستان. ففي مقابلة بثتها إذاعة بي بي سي قبل شهرين مع محامية في منظمة نسائية تدافع عن حقوق المرأة في باكستان. قالت أن جرائم الاغتصاب شائعة جداً في هذا البلد، ومعظمها على شكل اغتصاب جماعي من قبل شباب ما أن يروا فتاة تسير لوحدها في مكان خال حتى وانقضوا عليها كالذئاب على الفريسة واغتصبوها. وفي معظم الحالات تبرئ المحاكم ساحة الجناة وتحكم على الضحية بالسجن لعدم إمكانها جلب أربعة شهود ذكور. وقالت المحامية أنه خلال 25 سنة الماضية استطاعت المحاكم إدانة حالتين فقط بجريمة الاغتصاب. فهل يعقل في بلد مثل باكستان، البالغ شعبه 170 مليون نسمة أن تقع فيه خلال ربع قرن جريمتان فقط في الاغتصاب الجنسي؟ بينما هناك أعداد كبيرة من النساء حكمت عليهن المحاكم بالسجن في مثل هذه القضايا بدعوى الافتراء. وكما أفادت المحامية أن كثير من الضحايا ينتحرن لشعورهن بالخزي ونظرة المجتمع القاسية إلى الضحية.
وأخيراً، وتحت ضغوط دولية، نجح الرئيس برويز مشرف في تغيير القانون والاعتماد على نتائج الفحوصات الطبية والمختبرية عن طريق الـ (DNA) لإثبات أو نفي الجريمة. وكالعادة في مثل هذه الحالات، ثارت ثائرة رجال الدين ضد القانون الجديد لأنهم يرفضون الاعتماد على العلم، وقالوا أن هذا القانون يدعو إلى الإباحية... فتصور!! فهل هناك مهزلة أكبر من هذه؟
ورحم الله الإمام الشيخ محمد عبده حين قال قبيل وفاته :
ولستُ أبالي أن يُقال محـمد أبلّ أم اكتظت عليه المآثــم
ولكن ديناً قد أردتُ صلاحه أحاذر أن تقضي عليه العمائم
لا شك أن هذا الدين مهدد، ولكن من قبل الإسلاميين السياسيين وليس من قبل غيرهم.