د. عبدالخالق حسين
الأحد 12 /2/ 2006
حول تكريم الزعيم عبدالكريم قاسم
د.عبدالخالق حسين
أذاعت وكالات الأنباء، بياناً من مكتب السيد رئيس الجمهورية العراقية، الأستاذ جلال طالباني، بمناسبة بمرور الذكرى الثالثة والأربعين المشئومة لاستشهاد قائد ثورة 14 تموز عبد الكريم قاسم جاء فيه:
"في مثل هذا اليوم، التاسع من شباط، استشهد أول رئيس للوزراء في العراق الجمهوري الفريق الركن عبد الكريم قاسم قائد ثورة 14 تموز 1958 الذي أسدى خدمات جليلة لبلادنا. وغدا اغتيال الأيادي الغادرة لعبد الكريم قاسم إيذانا بحلول عهد التصفيات الدموية وإقامة النظام الدكتاتوري الذي تكرس في أبشع صوره بهيمنة صدام حسين على السلطة مواصلا الآثام التي اقترفها الجناة الذين قتلوا عبد الكريم قاسم من دون مساءلة أو محاكمة." وأضاف البيان "وتكريما للرجل الذي عمل على إرساء صرح عراق جديد قرر فخامة رئيس الجمهورية تخصيص راتب قدره خمسة آلاف دولار شهريا تصرف لأسرته من المخصصات الرئاسية، إيفاء لجزء من دين في عنق العراقيين حيال الأماجد من أبنائهم الذين غيبتهم أيادي الغدر."
بدءً، وكأحد محبي الزعيم الشهيد، إذ ساهمت مع غيري من العراقيين الشرفاء في إنصافه والذود عنه أدبياً، حيث ضحى الرجل بحياته من أجل الشعب ودون أي مقابل، وبعد مناقشة مع أحد أفراد عائلة الزعيم وهو الصديق حسين حامد قاسم، ابن شقيق الزعيم، وأصالة عن أنفسنا ونيابة عن أسرة الزعيم، نود أن نتقدم بالشكر الجزيل للسيد الرئيس جلال طالباني على مبادرته في تقييم ورد الاعتبار للشهيد الزعيم عبدالكريم قاسم والذي في نفس الوقت هو تقييم ورد الاعتبار لرفاق الزعيم من الشهداء الأبرار.
إن هذا التقييم الرسمي ولو جاء متأخراً من الحكومة العراقية، ويستحق كل التقدير والثناء، إلا إننا نؤكد أن الزعيم بقي حياً في وجدان الشعب وخاصة الفقراء منهم، لذا فقد هبت الجماهير الشعبية بعد أيام من سقوط الفاشية مباشرة يوم 9 نيسان 2003، وتوجهت إلى رأس القرية في شارع الرشيد وأطاحت بتمثال أحد الجناة الذين شاركوا في محاولة اغتيال الزعيم الفاشلة في ذلك المكان وهو المجرم عبدالوهاب الغريري الذي قتل إثناء المحاولة، وأقاموا مكانه تمثالاً للزعيم الشهيد وسموا الساحة باسمه. كما أقامت الجماهير وبمختلف أطيافها وانتماءاتها القومية والدينية والسياسية مجالس الفاتحة والتكريم لذكراه العطرة الخالدة في ضمير وذاكرة الشعب العراقي.
وفي الوقت الذي نؤكد فيه شكرنا للسيد الرئيس على مبادرته الكريمة، وبما إن الزعيم لم يترك زوجة ولا ورثة من صلبه، لذا لا نرى مبرراً إلى "تخصيص راتب قدره خمسة آلاف دولار شهريا تصرف لأسرته من المخصصات الرئاسية". فالشعب العراقي وفي ظروفه الحالية الصعبة، يحتاج إلى هذا المبلغ، أما أسرة الزعيم فهم في حالة مادية لا بأس بها ولا يحتاجون إلى هذا الراتب ولا يمكن تقييم الزعيم بمبالغ مادية مهما بلغت، الزعيم الذي عاش حياة الزهد وعمل الخير، وكان يصرف معظم رواتبه على الفقراء، واستشهد وهو لا يملك حتى مسكن ولا رصيداً في البنك، بل ممكن تعويضه معنوياً وذلك بما يلي:
1- بناء مدارس ومعاهد وشوارع وأحياء سكنية ومؤسسات خيرية في مختلف المدن العراقية تحمل اسم الزعيم عبدالكريم قاسم،
2- إعادة طبع خطب الزعيم ومنجزات ثورة 14 تموز المجيدة في كتب توزع على المدارس وتباع بأسعار زهيدة على الجماهير، ليطلع عليها أبناء الشعب العراقي من الأجيال التي جاءت بعد كارثة 8 شباط 1963 حيث حاول الجناة تغييب رموزنا الوطنية من الذاكرة العراقية وتشويه تاريخنا في عملية سطو كبرى سميت بـ(إعادة كتابة التاريخ)، الجريمة التي أرادوا بها تزييف التاريخ وتشويه الحقائق وتضليل أبناء الشعب العراقي.
3- رد الاعتبار إلى رفاق الزعيم الذين استشهدوا معه وهم يذودون عن حياض الوطن من الفاشية في انقلاب 8 شباط 1963 الأسود، وتخصيص رواتب من خزينة الدولة إلى عائلاتهم.
4- تبني عَلَم وشعار الجمهورية العراقية الأولى (جمهورية 14 تموز)، وهما يعكسان تاريخ ورموز ومكونات الشعب العراقي والتخلي عن الرموز المستوردة التي لا تمت إلى العراق بأية صلة. كذلك تبني النشيد الوطني لجمهورية 14 تموز.
5- جعل يوم 14 تموز عيداً وطنياً ويوم 9 شباط من كل عام يوم الشهيد العراقي.
6- نقترح فتح صندوق خيري باسم الزعيم لجمع التبرعات وبمشاركة الدولة، تخصص وارداته لبناء دور للأيتام والعجزة ومساعدة الفقراء في مختلف المدن العراقية.
وبذلك يمكن تقييم وتكريم شهيد الوطنية العراقية الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم.